«كلوب هاوس»: لماذا يخافون من الكلام...؟

«كلوب هاوس»: لماذا يخافون من الكلام...؟
TT

«كلوب هاوس»: لماذا يخافون من الكلام...؟

«كلوب هاوس»: لماذا يخافون من الكلام...؟

ثمة إعصار جديد قادم، مهما تم إحكام الأبواب وسد النوافذ فإنه سيجتاح منظومات اجتماعية وثقافية راكدة، سيهزها ويقلب عاليها سافلها، ثم يمضي لسبيله مخلفاً أثراً سيبقى دهراً طويلاً من الزمان!
إنه تطبيق «كلوب هاوس» الذي ينمو سريعاً وهو يجتذب ملايين الشباب الباحثين عن فرصة للتعبير عن آرائهم. أهميته تضاهي «تويتر» وبقية شبكات التواصل الاجتماعي. كل تلك الوسائل وفرت الفرصة أمام الملايين من الناس للحصول على منصة للتعبير عن أفكارهم، ساوت بين الغني والفقير، وبين أصحاب السلطة والنفوذ والمهمشين... ألغت احتكار المؤسسات والحكومات لوسائل الإعلام وتوجيه الرأي العام، ساهمت في سرعة تدفق المعلومات، والأفكار، ومعها تحول المستخدمون إلى كائن معولم، يرتبط ويتأثر ويؤثر ليس في بيئته ومحيطه بل في القضايا العالمية. كل صاحب صوت أصبح تأثيره بمقدار ما يصل صوته.
هل تحرر الإنسان مطلقاً؟ هل تخلى عن أدوات القمع الذاتية والخارجية؟ هل أصبح أكثر قوة وتأثيراً وخالياً من وسائل البرمجة؟ هل امتلك الإنسان فردانيته واستقلاله أم مجرد صورة «رقمية» للقبيلة الثقافية التي ينتمي إليها...؟ كل هذه الأسئلة مباحة، وأكثر أيضاً، بل على رأي الروائي والفيلسوف الإيطالي أمبرتو إيكو، «إن وسائل التواصل أتاحت لجحافل الأغبياء أن يتحدثوا وكأنهم علماء»، أصبح لفريق عريض من السطحيين صوت وعلى رأي إيكو «بات لهم اليوم الحق عينه في التعبير كشخص حاز جائزة نوبل... إنه غزو الأغبياء»!
لكن النهر العظيم يجدد نفسه، والماء الراكد يصبح آسناً، وأمام السيل الهائل من مستخدمي وسائل التعبير الإلكتروني هناك قارئ يعي ويبصر ولديه القدرة على المقارنة والاختيار، ولا توجد وصاية على أفكار الناس وخياراتهم.
اليوم استفقنا على «كلوب هاوس»، وهي منصة توفر للمستخدمين عقد غرف للكلام فيما بينهم، يتولون تنظيم حوارات هم يختارونها، ويتبادلون الرأي في قضايا جوهرية أو سطحية، المهم أن لا أحد يفرضها عليهم.
حرية الكلام، خصوصاً بالنسبة للشباب، مقرونة بحرية التعبير، هي مهمة لأنها تصقل شخصياتهم، تقوي قدرتهم على المخاطبة والإقناع وتجعلهم قادرين على سكب أفكارهم في أوعية مناسبة، ومحادثات «كلوب هاوس»، مهمة لأنها تجعل الشباب يتحدثون فيما بينهم، تربطهم الفكرة أكثر من الانتماء والميول والروابط الأخرى، تسقط هيبة الوصايات الفكرية المهيمنة عليهم، كل شخص يمتلك صوتاً ويعبر عنه مباشرة، ويقول ما يريد ثم يمضي.
لماذا الخوف من الكلام...؟ لماذا يريد بعضنا أن يمارس دور الأخ الأكبر في مراقبة المحتوى، وماذا يقول الناس وماذا ينطقون...؟ لماذا يشعر بعضنا بالقلق والخوف من الأصوات الخارجة عن حدود الرقابة والتوجيه...؟ لقد استقبِلَتْ هذه المنصة كغيرها من المنصات بالشك والريبة والخوف على ما يعتبره الخائفون منظومة القيم وتقاليد المجتمع وغيرها... ولكن وصل عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية وحدها 25 مليون مستخدم، يمثلون نسبة 72 في المائة من السكان، ولم تخدش تلك المنظومة ولم تتهاوى... بل أصبحنا أكثر قوة وثقة وتأثيراً.
التواصل مهم مهما تنوعت أساليبه، والحوار صورة للعقل... وقديماً قال سقراط «تكلم حتى آراك»، وقال الإمام علي: «الرجال صناديق مغلقة مفاتيحها الكلام»، وقال: «تكلموا تعرفوا، فإن المرء مخبوء تحت طي لسانه»، وقال زهير بن أبي سُلمى:
لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادُهُ
فلمْ يبقَ إلا صورة اللحمِ والدمِ



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.