انتقادات واسعة لباسيل وسجال بين «التيار» و«القوات»

قناة تلفزيونية محسوبة على بري تصفه بـ«الفيروس السياسي»

انتقادات باسيل شملت الأطراف اللبنانية كافة باستثناء «حزب الله» (أ.ف.ب)
انتقادات باسيل شملت الأطراف اللبنانية كافة باستثناء «حزب الله» (أ.ف.ب)
TT

انتقادات واسعة لباسيل وسجال بين «التيار» و«القوات»

انتقادات باسيل شملت الأطراف اللبنانية كافة باستثناء «حزب الله» (أ.ف.ب)
انتقادات باسيل شملت الأطراف اللبنانية كافة باستثناء «حزب الله» (أ.ف.ب)

أثار كلام رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، يوم الأحد، مزيداً من ردود الأفعال السياسية أمس (الاثنين)، علماً بأنه لم يوفّر في هجومه أي طرف باستثناء حليفه «حزب الله».
وبعدما ردّ عليه «تيار المستقبل»، معتبراً أنه يتحدث وكأنه الناطق باسم عهد الرئيس ميشال عون ويفرض على الرئاسة «الإقامة الجبرية» ويستمر في العرقلة، وصفته قناة «إن بي إن» التابعة لـ«حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، بـ«الفيروس السياسي»، بينما اعتبر رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، أن الاستماع إليه «مضيعة للوقت».
وكان باسيل لاقى طرح حليفه «حزب الله» لتشكيل الحكومة الجديدة، عبر ما وصفها بـ«المبادرة» لتكون من 20 أو 22 وزيراً (علماً بأن الرئيس المكلف سعد الحريري يريدها من 18 وزيراً)، نافياً مطالبته بـ«الثلث المعطل» في الحكومة، ومتحدثاً عن محاولات لإسقاط رئيس الجمهورية ميشال عون. كما شنّ باسيل هجوماً على الرئيس سعد الحريري وقيادات مسيحية اتهمها بعدم الدفاع عن «حقوق المسيحيين».
ورفض فرنجية أمس التعليق على ما ورد في كلام النائب باسيل في مؤتمره الصحافي الأحد، مكتفياً بالقول لموقع «مستقبل ويب»، «لم أسمعه ولا أريد سماعه»، واصفاً كلامه بأنه «تضييع للوقت».
وفي مقدمة نشرتها، شنّت قناة «إن بي إن»، التابعة لبري، هجوماً على باسيل، وقالت إن ولادة الحكومة الجديدة تبدو بعيدة المنال في ظل الوقائع القائمة، و«جديدها ما زال طازجاً وابن اليوم، وكان على شكل مواقف محصنة بدشم ومتاريس التعنت والمصالح والمطامع والمطامح الضيقة، ومحاولات تبرئة النفس من دم ذاك الصديق». وأضافت «كان كثيرون يراهنون على مضامين ما سيسمعونه من النائب جبران باسيل في مؤتمره الصحافي، معللين النفس بمبادرة منه تسهّل التأليف الحكومي. لكن رئيس (التيار الحر) واصل حملته على الرئيس سعد الحريري، متهماً إياه بممارسة الفوقية والسلبطة والمس بحقوق الآخرين، وأصر في كلامه على مدى ساعة تقريباً على أن رئيس الجمهورية والرئيس المكلف شريكان متساويان في التشكيل، فمعاً يجب أن يتفقا على كل شيء».
كذلك اعتبر المكتب السياسي لـ«حركة أمل» في بيان «أن الأوان قد حان لوقف المتاجرة بالمواقف ورهن الوطن للمصالح والأهداف الموهومة»، مجدداً رفض الحركة للثلث المعطل لأي طرف في الحكومة. وأكد البيان، أنه «من نافل القول أن البلد يحتاج في هذه اللحظة الصعبة إلى حكومة توقف الانهيار الكارثي الذي تتدحرج كرته على اكتاف المواطنين، حكومة خارج لعبة الشروط ومحاولات التذاكي عبر ابتكار عوامل تعطيل بدلاً من التسهيل، وجعل الدستور مطية عرجاء لتفسيرات (همايونية)، واللعب مجدداً على أوتار الطوائف والمذاهب والحقوق، بدلاً من التقاط الفرصة للخروج من الوضع المأزوم من خلال الإسراع بتأليف حكومة مَهَمّة ترتكز على إيجابيات مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري بمندرجاتها الوطنية التي تؤسس لحكومة لا أثلاث ولا أرباع ولا حصص فيها لأي طرف، حكومة بأجمعها هي حصة كل الوطن، تنطلق بمهمتها الإنقاذية والإصلاحية بوزراء أكْفاء قادرين على وضع بيان وزاري مرجعيته إطلاق رزمة إصلاحات اقتصادية ومالية تبدأ من التدقيق الجنائي في كل مؤسسات الدولة، لتعيد لبنان إلى خريطة القدرة على إنتاج ما يؤمّن العيش الكريم للمواطن، ويوحي بالثقة للبلدان الصديقة والشقيقة التي تحاول أن تساعد لبنان شرط أن يبدا بمساعدة نفسه أولاً».
كما صدر أيضاً موقف لرئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة حول كلام رئيس «الوطني الحر»، حيث قال في حديث تلفزيوني، إن «من يسمع كلام باسيل اليوم يختلط عليه الأمر إن كان يسمع التيار من ميرنا الشالوحي (مقر الحزب) أو مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية». واعتبر أن باسيل آذى موقع رئاسة الجمهورية وسحب منها «عنصر الحيادية والموضوعية والحكم بين الأفرقاء»، كما أنه اعترف بأنه لا يجاريه بمواقفه إلا «(حزب الله) والنظام السوري ومن يمارسون الوصاية في لبنان». ورأى في كلام باسيل «لعباً على الوتر الطائفي، وهذا الأمر لم يعد مجدياً؛ لأن اللبنانيين توافقوا على اتفاق الطائف وليس هناك منة لأحد في ذلك»، معتبراً في الوقت نفسه أن «هناك عقدة خارجية تُمارس عبر (حزب الله) الذي يتلطى خلف رئيس الجمهورية وهي ورقة للتفاوض مع الولايات المتحدة».
وأثارت تصريحات باسيل أيضاً مواقف عدد من النواب في «حزب القوات اللبنانية» برئاسة سمير جعجع الذين انتقدوا رئيس «التيار الحر» بشدة، وهو ما استدعى هجوماً مقابلاً. وفي هذا الإطار، شنّ النائب جورج عطالله هجوماً على «القوات»، وكتب عبر «تويتر» قائلاً «منذ منتصف الثمانينات ودور جماعة جعجع مجرد ممسحة يستعملها الحكام الفعليون لضرب الدور المسيحي»، مضيفاً «عند كل مواجهة يقوم بها (التيار) يظهر البديل الصغير».
وكان عدد من نواب «القوات» انتقدوا كلام باسيل بعنف، وعلّق النائب جورج عقيص في سلسلة تغريدات على حسابه عبر «تويتر» قائلاً «هاجم باسيل في مؤتمره الصحافي كل اللبنانيين، وبالأخص المسيحيون وأحزابهم، ولم تكن منه التفاتة مودّة سوى إلى اثنين فقط (حزب الله) وبشار الأسد». وأضاف «إن حقوق المسيحيين لا تتأمّن - يقول لنا باسيل - سوى عبر التحالف مع هؤلاء، الرسالة هذه برسم المسيحيين». وختم «أنا نائب عن القوات اللبنانية، والمسيحيون الذين أمثّلهم يبحثون عن دولة، عن مؤسسات، عن مستقبل، لا عن حصص وعنتريات في دولة العدم والانهيار والانعزال عن العالم والارتماء في محور الممانعة، أما القول: أعطونا إصلاحاً وخذوا حكومة، فنسألك تجاهه: لقد كانت لك الحكومات طويلاً، فماذا أصلحت؟».
كذلك، قال النائب في «القوات» عماد واكيم عبر «تويتر»، «كل مرة يتحفنا جبران باسيل بمطالعات عن الفساد والإصلاحات ويضع شروطاً إصلاحية افتراضية! في الوقت عينه لم يتطرق ولو لمرة عن الفساد وسوء الإدارة في وزارة الطاقة علماً بأنه يمسك بقرارها منذ 10 سنوات والكهرباء وحدها أهدرت فوق 30 مليار دولار عدا السدود والمحروقات... عن أي إصلاحات تخبرنا؟».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.