مؤتمر بالقاهرة لـ«حوكمة رشيدة» في إدارة الأراضي العربية

أشتية أكد أهمية تسوية الأراضي الفلسطينية في مواجهة التوسعات

مؤتمر "الحوكمة الرشيدة" في القاهرة (الشرق الأوسط)
مؤتمر "الحوكمة الرشيدة" في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مؤتمر بالقاهرة لـ«حوكمة رشيدة» في إدارة الأراضي العربية

مؤتمر "الحوكمة الرشيدة" في القاهرة (الشرق الأوسط)
مؤتمر "الحوكمة الرشيدة" في القاهرة (الشرق الأوسط)

أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية أهمية مشروع التسوية الشاملة للأراضي الفلسطينية، وتثبيت ملكيتها، في مواجهة توسعات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة، مشدداً على أن الأراضي الفلسطينية ليست مجرد مشروع عقاري، يتم التعامل معها باعتبارها فرصاً استثمارية فقط، بل هي «لب الصراع مع الاحتلال».
وشارك أشتية افتراضياً، الاثنين، عبر تقنية الفيديو، في «المؤتمر الثاني للأراضي العربية»، الذي تستضيفه القاهرة، على مدار 3 أيام، تحت رعاية وزير الإسكان المصري، بالتعاون مع الأمم المتحدة، والبنك الدولي، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، وغيرها من الشركاء.
وخلال جلسة «إدارة الأراضي في أوقات الأزمات»، قال أشتية إن «شعبه يواجه استعماراً يسيطر على الأراضي الفلسطينية، ولذلك فإن إدارة أرض الدولة لها طبيعة مختلفة، فالأراضي في فلسطين ليست مشروعاً عقارياً، بل هي لب الصراع مع الاحتلال». ولفت إلى وجود عدة تحديات أمام تسوية الأراضي الفلسطينية، أهمها تحديث القوانين المختلفة التي تتضمن قوانين منذ العهد العثماني، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل حالياً على مشروع تسوية شامل للأراضي الفلسطينية، سوف يلغي كل التصنيفات الإسرائيلية، ويعزز تملك الإنسان الفلسطيني لأرضه.
ويسعى «المؤتمر الثاني للأراضي العربية» إلى وضع خريطة طريق نحو إرساء إدارة جيدة للأراضي في المنطقة العربية، من خلال التركيز على أولويات مبادرة الأراضي العربية، وتعزيز التطوير وتبادل المعرفة؛ وتنمية قدرات الأفراد والمنظمات؛ ودعم تنفيذ البرامج والتدخلات المتصلة بالأراضي.
وقالت الممثلة المقيمة للأمم المتحدة، إلينا بانوفا، في كلمتها بالمؤتمر، إن «إدارة الأراضي تتضمن حقوق المجتمعات الضعيفة»، لافتة إلى كثير من التحديات في البلدان العربية. بدوره، أكد مدير إدارة البيئة والإسكان والموارد المائية في جامعة الدول العربية، السفير جمال الدين جاب الله، أن المؤتمر يستهدف «بناء مرجعيات جديدة بمشاركة الحكومات وكل أصحاب المصلحة»، لافتاً إلى أهمية إدارة وحوكمة الأراضي في الدول العربية، في ظل تداخل التخصصات المؤسسية وعدم تكييف البرامج مع الحاجات المتغيرة لإدراج وحوكمة الأراضي.
ولفت إلى تأثر المنطقة على مدى السنوات الماضية بشكل متزايد بالنزاعات العنيفة؛ ما أدى إلى احتياج 50 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية ونزوح أكثر من 15 مليون شخص، قسراً. وأسباب هذه النزاعات لا تقتصر على إدارة الأراضي، فحسب، ولكن تظل الإدارة الجيدة للأراضي أهمية في لعب دور لضمان استقرار المجتمعات ووضع أنماط مستدامة وشاملة الاستخدام وفق الجلسة النقاشية.
وبحسب أوراق المؤتمر، فإن ما يقرب من 60 في المائة من سكان المنطقة يعيشون في مراكز حضرية ويعيش أكثر من ربع سكان المدن - نحو 82 مليون شخص - في أحياء فقيرة، ما يزيد من قابلية التعرض لانتشار الأمراض المعدية مثل «كوفيد 19». وكل ذلك يدعو إلى التحضر وتجديد الجهود لإتاحة إسكان ميسور التكلفة وتعزيز الوقاية والارتقاء بالأحياء الفقيرة.
من جهته، قال الممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في الدول العربية «الهابيتات»، الدكتور عرفان علي، إن عدد سكان المنطقة العربية، يبلغ نحو 436 مليون نسمة، ومن المتوقع أن تقفز الأرقام بحلول عام 2050 إلى 646 مليون نسمة، سيقيم أكثر من 75 في المائة منهم في المدن، ما يستدعي زيادة الاهتمام بطريقة إدارة وتوزيع الأراضي والموارد القائمة على الأرض لصالح الجميع حيث تحدث التغيرات بشكل أسرع. ويؤدي التوسع الحضري جيد التخطيط إلى تحسين حياة واقتصاديات المجتمعات الحضرية وشبه الحضرية بشكل كبير في العقود المقبلة.
ولفت عرفان إلى أنه على مدى السنوات الماضية، اهتزت المنطقة بسبب الصراعات العنيفة والحروب والاضطرابات الاجتماعية، وبالتالي وجود الحاجة لعمل إنساني متعدد الأوجه وطويل الأمد، وخاصة مع ارتفاع معدل النزوح واسع النطاق وحركة السكان داخل الحدود وعبرها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.