«الحراك الجنوبي» يوافق على الحوار مع الحوثي.. لكن بشروط

انشقاقات في صفوف المعتصمين في عدن

«الحراك الجنوبي» يوافق على الحوار مع الحوثي.. لكن بشروط
TT

«الحراك الجنوبي» يوافق على الحوار مع الحوثي.. لكن بشروط

«الحراك الجنوبي» يوافق على الحوار مع الحوثي.. لكن بشروط

تعيش المدن الجنوبية حالة من الترقب لما ستؤول إليه الأوضاع في العاصمة اليمنية صنعاء لتحديد مصيرها المستقبلي، في ظل أنباء عن فشل الحوارات التي يجريها المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر للخروج من الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد بعد استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الكفاءات برئاسة خالد بحاج في منتصف الشهر الماضي، في حين أبدى الحراك الجنوبي موافقته على الحوار مع جماعة الحوثي لكن بشروط.
ووصف المجلس الأعلى للحراك الثوري السلمي لتحرير واستقلال الجنوب، الدعوات الصادرة عن زعيم الحوثيين السيد عبد الملك الحوثي لحل قضية شعب الجنوب حلا عادلا ومنصفا بأنها مرفوضة تماما، مؤكدا أنه مع الحوار من حيث المبدأ ولكنه اشترط عدة شروط منها إجراء المفاوضات بين ممثلين عن البلدين، في إشارة إلى أن الجنوب بلد مستقل تماما عن الشمال، كما اشترط أن تكون المفاوضات تحت إشراف إقليمي ودولي وأن تكون المفاوضات في بلد محايد يرتضيه الطرفان المتفاوضان، مبررا بأن المفاوضات بين الطرفين هي إحدى السبل المثلى والحضارية لحل النزاعات بين الشعوب.
ويعد المجلس الأعلى للحراك الجنوبي أحد المجالس التي تم تشكيلها في الساحة الجنوبية حيث يضم عددا من الفصائل وأنخرط في ساحة الاعتصام التي يقيمها أنصار الحراك الجنوبي في مدينة عدن منذ الــ14 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وما زالت الانشقاقات تؤرق ساحة الاعتصام وقد تؤدي به إلى الخروج خالي الوفاض، حيث نفى المجلس الأعلى للحراك الجنوبي في بيان أصدره أمس مشاركته في المفاوضات التي يجريها المبعوث الأممي جمال بنعمر مع بقية المكونات السياسية في العاصمة صنعاء، قائلا بأن من ينخرطون في تلك الاجتماعات باسم الحراك الجنوبي لا يمثلون إلا أنفسهم فقط، كما قال بأن إشهار الهيئة الوطنية لتحرير واستقلال الجنوب، الأسبوع الماضي، برئاسة المناضل عبد الرحمن الجفري رئيس رابطة أبناء الجنوب العربي الحر لا يمثلهم، في حين أكد عضو اللجنة التنفيذية في حزب الرابطة ومدير مكتب عبد الرحمن الجفري، القيادي فضل ناجي لـ«الشرق الأوسط»، بأن هناك انشقاقات في صفوف الحراكيين رغم الجهود الكبيرة التي تبذل لتجاوزها.
وأبدى القيادي فضل ناجي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أسفه أن تحدث انشقاقات في صفوف الجنوبيين، قائلا إن أعضاء المجلس الأعلى للحراك الجنوبي عدد كبير ومن مختلف المديريات وهم في الهيئة الوطنية لتحرير الجنوب يكنون لهم العز والتقدير، مضيفا أنهم يناضلون بطريقتهم ولهم رأي خاص ولهم اتجاهات أخرى ومن حقهم التعبير عن رأيهم. وأكد فضل ناجي أن السيد عبد الرحمن الجفري يدعو الناس إلى إنهاء الخلافات وأن يتوحد مناضلو الساحة الجنوبية في هيئة واحدة حتى يستطيعوا بناء دولة كاملة السيادة قائلا بأنه تم تشكيل هيئة مؤقتة لرسم الطريق إلى المؤتمر الجنوبي الجامع الذي سيعقد قريبا وسوف يوحد الجميع، رغم أن البعض أصبح ضد كل شيء جميل.
وواصلت اللجان الشعبية الجنوبية من فرض سيطرتها على مدينة عدن حيث أكد قيادي في اللجان لـ«الشرق الأوسط»، أنهم يعملون جنبا إلى جنب مع القوات الأمنية وبتنسيق كامل مع اللجنة الأمنية لإقليم عدن، وأوضح المسؤول الأمني للجان في مطار عدن الدولي، المكنى بأبو ذر اللودري لـ«الشرق الأوسط»، أنهم يعملون تحت قيادة الدكتور مداح محمد عوض، قائد اللجان الشعبية الجنوبية، وقد تم توزيعهم في مطار عدن الدولي حيث قال إنه وبعد سيطرة ميليشيات الحوثي على العاصمة صنعاء واستقالة الرئيس هادي وحكومة الكفاءات توجهوا إلى مدينة عدن لحمايتها من تلك الميليشيات التي تنتهج المنهج الشيعي، مؤكدا أنهم تواصلوا مع عدد من المشايخ والعلماء في اليمن والسعودية وأوضحوا لهم أن الوقوف ضد من يحملون الفكر الشيعي واجب ويعتبر جهادا في كل الحالات بالإضافة إلى كونهم سيدافعون عن بلدهم الجنوب بكل الوسائل.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.