التوافق السياسي في العراق.. لعب صعب على توازنات قلقة

الانسجام الحالي بين الرئاسات الثلاث كان غائبا في عهد المالكي

صورة من موقع رئاسة الجمهورية العراقية لاجتماع الرئاسات الثلاث مساء الأحد الماضي
صورة من موقع رئاسة الجمهورية العراقية لاجتماع الرئاسات الثلاث مساء الأحد الماضي
TT

التوافق السياسي في العراق.. لعب صعب على توازنات قلقة

صورة من موقع رئاسة الجمهورية العراقية لاجتماع الرئاسات الثلاث مساء الأحد الماضي
صورة من موقع رئاسة الجمهورية العراقية لاجتماع الرئاسات الثلاث مساء الأحد الماضي

طبقا للبيان الصادر عن اجتماع الرئاسات الثلاث في العراق (الجمهورية والوزراء والبرلمان) مساء الأحد الماضي فإن هناك اتفاقا على أن تكون هناك اجتماعات شهرية للرئاسات. أما الهدف الذي حدده البيان الصادر عقب الاجتماع فهو «استثمار التوافق السياسي في تعجيل الإجراءات التنفيذية والتشريعية».
إجرائيا، فإن اجتماعات الرئاسات الثلاث باتت تحضرها كل الأطراف من خلال عناوينهم ومسمياتهم، وهذا لم يكن ممكنا في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، لا سيما في ولايته الثانية، إذ لم يكن ممكنا عقد أي لقاء يجمع بين المالكي أو إياد علاوي أو أسامة النجيفي وبالأخص ما بعد سنة 2012 عندما اتفق النجيفي وعلاوي مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على سحب الثقة من المالكي، وهو الأمر الذي أحبطه الرئيس العراقي السابق، جلال طالباني، لصالح المالكي وبناء على ضغوط إيرانية.
المفارقة الأكثر لفتا للنظر أن المالكي وعلاوي والنجيفي، وثلاثتهم نواب لرئيس الجمهورية الحالي فؤاد معصوم، كانوا زعماء الخط الأول في العملية السياسية لكنهم أصبحوا اليوم خطا ثانيا بعد صعود 3 من أبرز قيادات الخط الثاني في الكتل الرئيسية الثلاث (الشيعية والسنية والكردية) وهم معصوم (القيادي الكردي الذي كان يشغل منصب رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي لدورتين متتاليتين)، وحيدر العبادي (القيادي في حزب الدعوة ورئيس اللجنة المالية في البرلمان الذي أصبح رئيسا للوزراء)، وسليم الجبوري (الذي كان أحد القيادات الشابة في الحزب الإسلامي قبل أن يدخل الانتخابات الأخيرة ضمن قائمة «ديالى هويتنا»، علما أنه كان آخر الداخلين إلى الانتخابات بسبب مطاردته من قبل القضاء وأصبح رئيسا للبرلمان.
هؤلاء الزعماء الثلاثة الجدد الذين يحمل كل واحد منهم شهادة الدكتوراه في تخصص مختلف (معصوم في الفلسفة والعبادي في الهندسة الكهربائية والجبوري في القانون) لم يعملوا على إقصاء القيادات التقليدية ممن كانت سببا في أزمات المرحلة الماضية وإنما أوجدوا مناخا جديدا من العمل السياسي أجبروا بموجبه قادة سياسيين وزعماء أحزاب وكتل، مثل المالكي والنجيفي وعلاوي، على شغل مواقع ثانوية وبلا صلاحيات ومع ذلك يواظبون على حضور الاجتماعات والانسجام مع هذا الجو في إطاره العام على الأقل.
وفيما يبدو النجيفي وعلاوي أكثر انسجاما مع الجو السائد، فإن المالكي الذي يعتقد أنه الخاسر الأكبر بعد أن وجد نفسه وحيدا باستثناء الدبابات التي حركها إلى القصر الرئاسي لإجبار معصوم على تكليفه بتشكيل الحكومة لكنه سرعان ما اضطر إلى التراجع بعد أن وقف بمواجهته المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني الذي أفتى بضرورة اختيار رئيس جديد للوزراء.
وتوقع المالكي أن توليه منصب نائب رئيس الجمهورية يجعله في الواجهة ويعرقل بفضله أية إجراءات مضادة له أوجد لنفسه توصيفا لا وجود له وهو منصب «النائب الأول لرئيس الجمهورية». لكن شخصية سياسية بارزة ومقربة من الرئيس معصوم أوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، أنه «باستثناء الدورة الرئاسية الأولى التي كان فيها مجلس الرئاسة مكونا من 3 أسماء لكل واحد منهم حق الـ(فيتو) وهم الرئيس جلال طالباني ونائباه آنذاك عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي فإنه لا يوجد في الدستور التوصيف الذي أوجده المالكي لنفسه»، مشيرا إلى أن «الدستور أعطى الحق لرئيس الجمهورية في اختيار نائب واحد له أو أكثر لكن التوافقات السياسية والتوازنات هي التي أدت إلى تعيين 3 نواب لرئيس الجمهورية ليس فيهم أول أو ثاني أو ثالث».
وردا على سؤال بشأن منصب نائب رئيس الجمهورية لشؤون الأمن الوطني الذي يشغله أسامة النجيفي أو لشؤون المصالحة الوطنية الذي يشغله إياد علاوي قال المصدر: «هذه المهام هي تكليف من قبل رئيس الجمهورية ولا يوجد في الدستور شيء من ذلك».
ويرى مثال الآلوسي، عضو البرلمان عن التحالف المدني الديمقراطي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «من الأهمية بمكان أن يتولى كل العقلاء استثمار هذه الأجواء الإيجابية ودعم توجهات العبادي في كل الميادين لأنها مهمة ويمكن أن تؤسس لشيء باستثناء أن السيد المالكي لا يزال يعمل على عرقلة كل الخطوات الإيجابية التي يقوم بها العبادي، وبالتالي أرى أنه أصبح خطرا على الأمن الوطني العراقي»، مضيفا أن «جو التوافق السياسي لا يزال يعمل كثيرون، ومنهم جماعات مسلحة وميليشيات، على إفشاله، لكن يبدو هناك إرادة لا تزال هي الأقوى في استمراره وهو ما يتطلب تفعيل القانون وأول فقرة في ذلك هي استعادة القصر الجمهوري من المالكي لأن هذا القصر هو رمز هيبة الدولة وهو مقر رئاسة الوزراء».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.