الأكراد يتوقعون مواجهة جديدة مع «داعش» في الحسكة.. والشروط ستختلف

مسؤول كردي في سوريا: ليست لدينا موانع في التعاون مع أي جهة تريد محاربة الإرهاب

قناص كردي يطل على كوباني (عين العرب) السورية بعد أن حررت القوات الكردية غالبية المدينة من «داعش» (أ.ب)
قناص كردي يطل على كوباني (عين العرب) السورية بعد أن حررت القوات الكردية غالبية المدينة من «داعش» (أ.ب)
TT

الأكراد يتوقعون مواجهة جديدة مع «داعش» في الحسكة.. والشروط ستختلف

قناص كردي يطل على كوباني (عين العرب) السورية بعد أن حررت القوات الكردية غالبية المدينة من «داعش» (أ.ب)
قناص كردي يطل على كوباني (عين العرب) السورية بعد أن حررت القوات الكردية غالبية المدينة من «داعش» (أ.ب)

بعد الهزيمة التي ألحقها الأكراد بتنظيم داعش في مدينة كوباني (عين العرب)، قد تكون محافظة الحسكة مركز الإدارة الذاتية لكانتون الجزيرة في المستقبل القريب موقعا لمواجهة جديدة بين «قوات حماية الشعب والمرأة التابع لحزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي في سوريا ومسلحي «داعش»، حيث يؤكد الأكراد استعداداهم لهزيمة «داعش» في هذه المحافظة أيضا.
قال شيرزاد اليزيدي، عضو لجنة العلاقات الخارجية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، من إقليم كردستان العراق، إنه من المحتمل أن يشن «داعش» هجوما واسعا على الحسكة، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المواجهة بيننا وبين (داعش) في كوباني لم تكن المواجهة الأولى، فمنذ 3 أعوام ونحن في (كردستان سوريا) في حرب ضروس ومفتوحة ضد المجاميع المتشددة، لذا ليس من المستبعد أن يحاول (داعش) من أجل حفظ ماء وجهه، أن يفتح جبهات أخرى مثل جبهة جديدة في الحسكة، رغم أن هناك اشتباكات بين الحين والآخر في مناطق سري كاني والجزعة في الحسكة، بين قوات حماية الشعب ومسلحي (داعش)». ويتابع بقوله: «لربما يخطط التنظيم لإعادة الكرة كما فعل في كوباني، وأن يشن هجوما واسعا على الحسكة. ورأينا في الأيام الماضية كيف هاجم هذا التنظيم كركوك بهدف الانتقام لهزيمته النكراء في كوباني، ونحن في الإدارة الذاتية الديمقراطية متحسبون لهذا الخطر، فقوات حماية الشعب والمرأة في الخندق الأول للحرب الدولية على الإرهاب».
وعن مدى توفر طريق مباشر لتقديم المساعدة والإسناد من قبل قوات البيشمركة في إقليم كردستان لقوات حماية الشعب، في حال فتح «داعش» جبهة جديدة في الحسكة، قال اليزيدي: «كانتون الجزيرة له حدود مباشرة مع إقليم كردستان عبر معبر سيمالكا، وهذه تفاصيل عسكرية قد يكون الحديث عنها حاليا ليس في أوانه، لكن بلا شك هناك تعاون وتنسيق بيننا وبين إقليم كردستان، خاصة على الصعيد العسكري».
من جانبه قال فيصل يوسف، رئيس حركة الإصلاح الكردية المنضوية في المجلس الوطني الكردي في سوريا، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأوضاع في الحسكة هادئة الآن، ولجان السلم الأهلي تسعى بكل ما أوتيت من قوة لوأد أي حالة فتنة بين أبنائها من مختلف القوميات والأديان، وهذا المسعى يلاقي التأييد من قبل أوساط واسعة من القوى السياسية والدينية والاجتماعية، والنتائج إيجابية». وأضاف أنه «بسبب الأوضاع العامة السيئة في البلاد وبسبب تعدد مراكز السيطرة والهيمنة من قبل الكثير من المجموعات، لا يمكن التنبؤ بعدم افتعال حوادث ومشاكل هنا وهناك وفقا لمصالحها وفي مناطق التعدد القومي والديني، ويسهل ذلك الثقافة الشوفينية والتعصب الذي عمد النظام لإذكائه بين السوريين لأنها تصب في مصلحته».
من جهته، قال إدريس نعسان نائب رئيس الهيئة الخارجية للإدارة الذاتية في كوباني: «وحدات حماية الشعب قادرة على مواصلة التصدي لتنظيم داعش الإرهابي إذا ما توفرت لديها الأسلحة والإمكانيات العسكرية، وهي الآن مستمرة في مقاومتها لـ(داعش) في المرحلة الثانية من تحرير كوباني عن طريق استعادة السيطرة على الريف، والآن حررت العشرات من قرى المدينة والعملية العسكرية مستمرة». وتابع بقول: «الوضع في الحسكة يختلف تماما عن الوضع في كوباني، فهذه المدينة تمتلك حدودا مباشرة مع إقليم كردستان العراق، ولا توجد فيها سوى قوات حماية الشعب والمرأة وقوات أخرى تابعة للنظام السوري».
وعن حلفاء قوات حماية الشعب في الحسكة لمواجهة «داعش»، قال نعسان لـ«الشرق الأوسط» إن «استراتيجية الإدارة الذاتية الديمقراطية تقوم على أنها تعمل على حماية مكوناتها ضد أي تهديد، سواء أكان هذا التهديد من جماعات إرهابية أو جهات أخرى، وبالتالي ليست لدينا أي عوائق أو مشاكل في التعاون والتنسيق مع أي جهة تريد محاربة الإرهاب، بشرط أن يصب في مصلحة شعبنا. ولدينا الآن تنسيق مع التحالف الدولي وقوات البيشمركة لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، لذا يجب أن يشارك الجميع في هذه المعركة أيا كان موقعه وأيا كانت قناعته، لأنها معركة إنسانية بامتياز».
وكان إقليم كردستان العراق أرسل بعد تعرض كوباني لهجوم «داعش»، قوة إسناد من البيشمركة عبر الأراضي التركية إلى كوباني، واستطاعت هذه القوة أن تغير من موازين المعركة عن طريق أسلحتها الثقيلة التي لا تمتلكها قوات حماية الشعب في كردستان سوريا. لكن التساؤل يثار حول ما إذا كان الإقليم سيعيد إرسال قوة جديدة من البيشمركة إلى الحسكة إذا تطلب الأمر، على غرار كوباني.
الناطق الرسمي لوزارة البيشمركة في إقليم كردستان العميد هلكورد حكمت، أكد في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «البيشمركة قوة وطنية، إذا صدرت الأوامر من قبل رئيس الإقليم والقائد العام لقوات البيشمركة بتحركها نحو منطقة أخرى في كردستان سوريا، فإنها لن تتوانى عن ذلك أبدا، والآلية ستكون مثل المرة السابقة؛ إذ يجب أن يكون هناك طلب رسمي من الأطراف السياسية في كردستان سوريا بهذا الخصوص، ليتم إرسال قوة من البيشمركة إلى تلك المنطقة». ويضيف حكمت أن «طريقة توجه القوات إلى الحسكة في حال تطلب الأمر ذلك مستقبلا، فسيكون مرتبطا بالآلية الموجودة في ذلك الحين، وبالقوة المتوجهة».
وأشار حكمت إلى أن «فتح التنظيم لجبهة جديدة في الحسكة، سيؤدي إلى دخول الحرب مع (داعش) في مرحلة جديدة، تختلف فيها الخطوات والتحليلات العسكرية ونوع المساعدة التي سيقدمها التحالف الدولي، ومستوى التعاون والتنسيق مع الإقليم، واستعداد التحالف لهذا التنسيق، وقد يتطلب تدخل قوات برية من التحالف الدولية فيما إذا اتخذت الأحداث هذا المنوال».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».