حفتر ينفي إصداره تعليمات بمضايقة رئيس الحكومة الليبية

الحاسي يعترف رسميا بفقدانه السيطرة على الميليشيات المسلحة

مقاتل ليبي من قوات فجر ليبيا خلال اشتباك بالعقربية في جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
مقاتل ليبي من قوات فجر ليبيا خلال اشتباك بالعقربية في جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

حفتر ينفي إصداره تعليمات بمضايقة رئيس الحكومة الليبية

مقاتل ليبي من قوات فجر ليبيا خلال اشتباك بالعقربية في جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
مقاتل ليبي من قوات فجر ليبيا خلال اشتباك بالعقربية في جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)

نفى اللواء خليفة حفتر، قائد «عملية الكرامة» ضد المتطرفين في شرق ليبيا، أمس، بشكل قاطع إصداره أي تعليمات بالتعرض لزيارة رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني إلى مدينة بنغازي خلال اليومين الماضيين. وقال حفتر في تدوينة له على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «ننفي بشكل قاطع تعرض أو إمرة أحد بالتعرض لزيارة الثني إلى بنغازي خلال اليومين الماضيين».
وأضاف حفتر في تغريدة لاحقة: «كما أننا لا ننوي ولا ندعم مطلقا القفز على المؤسسات الشرعية التي اختارها الشعب الليبي واعترف بها المجتمع الدولي سواء مجلس النواب أو الحكومة». وكان حفتر يرد بهذه التغريدات، على تقارير تحدثت عن محاولة جنود موالين له منع الثني من زيارة مدينة بنغازي يوم الأحد الماضي، حيث زعم وزير ومسؤولون عسكريون أن أفرادا بالجيش حاولوا منع إعطاء إذن لطائرة الثني بالهبوط، وأوقفوا قافلته لفترة وجيزة في وقت لاحق أثناء الزيارة.
وقال وزير الداخلية الليبي عمر السنكي إنه بينما كانت طائرة الثني تقترب من بنغازي جاء ضابط وقال إنه لم يصدر لها إذن بالهبوط، مشيرا إلى أن الثني تمكن من الهبوط رغم هذا وعقد اجتماعا لمجلس الوزراء في بنغازي بعد أن زار قادة عسكريين.
وأكد مسؤول كبير رافق الثني في الزيارة لوكالة «رويترز» أن مجموعة مسلحة من 70 جنديا أوقفت قافلة السيارات التي كانت تقل المسؤولين عندما حاولت مغادرة المرج، وهي مدينة قريبة من بنغازي توجد فيها قاعدة التأييد الرئيسية لحفتر. وقال السنكي: «أثناء مغادرة الحكومة للمدينة تعرض الموكب لمضايقات من قبل مجموعة مسلحة حاولت منعنا من الاستمرار». وأضاف: «لا يوجد مجال للشك بأن هذه المجموعة تتبع اللواء حفتر، ويبدو أن الأمر كان استعراضا للقوة؛ إذ قامت المجموعة بإطلاق بعض الأعيرة النارية في الهواء، ولكن موكب الحكومة كان تحت حماية مشددة، وتمكنا من الاستمرار في طريقنا». وتابع: «لا أعرف ما سبب تعرض الموكب لهذه المضايقات»، مؤكدا أن «الحكومة عازمة على بناء جيش وطني وشرطة مهنية».
وأكد مسؤولون ليبيون لـ«الشرق الأوسط» أن الخلافات بين الثني، وهو رجل عسكري أيضا شغل في السابق منصب وزير الدفاع، واللواء حفتر وصلت إلى شبه طريق مسدود. ورغم محاولات وساطة جرت أخيرا بين الطرفين لاحتواء التوتر الذي نشب في العلاقات بينهما العام الماضي، بعدما اعتبر الثني أن ما يقوم به حفتر هو بمثابة انقلاب عسكري، فإن مصادر ليبية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن كل هذه المحاولات باءت على ما يبدو بالفشل الذريع.
والتقى الثني أخيرا مع مبعوث من حفتر، لكن اللقاء لم يسفر عن تحديد موعد للقاء كان يفترض عقده بشكل مباشر بين الطرفين. وقال مسؤول مقرب من رئيس الحكومة الليبية لـ«الشرق الأوسط»: «نعم صحيح أن حفتر يحارب الإرهاب، لكنه ما زال يصر على أن يعمل بشكل مستقل عن الحكومة ومن دون تنسيق معها». وأضاف المسؤول الذي اشترط عدم تعريفه: «ومع هذا، الحكومة دعمته، والبرلمان عين اللواء عبد الرزاق الناظوري رئيسا لأركان الجيش الليبي على الرغم من أنه من مجموعة حفتر حتى يحصل على الشرعية أمام العالم». وتابع: «كان لا بد أن يدخل اللواء حفتر تحت لواء الحكومة ويعمل تحت إشراف وزارة الدفاع حتى يكون محميا عالميا من أي ملاحقات أو دعاوى قانونية»، مشيرا إلى أن الحكومة دعمت الحرب ضد الإرهاب في بنغازي بنحو 200 مليون دينار وأكثر على الرغم من نفى حفتر حصوله على دعم مالي للجيش.
في المقابل، اتهم محمد حجازي، المتحدث باسم حفتر، الثني بزيارة بنغازي من دون إذن، وقال: «نحن مستاءون من زيارة الثني لبنغازي، لعدم طلب الإذن من قيادة الجيش أو رئاسة الأركان أولا. وثانيا، اجتماعه مع أمراء المحور هذا ليس من شأنه ولا يحمل صفة عسكرية حتى يجتمع معهم». وأضاف حجازي أن رئيس مجلس النواب هو وحده المسموح له بتفقد القوات بصفته قائدا أعلى، وقال: «السيد عقيلة صالح رئيس مجلس النواب من حقه الاجتماع معهم لأنه يحمل صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة». واستطرد مشيرا إلى الثني: «المفروض كان من أولوياته الاطلاع على الأمور الخدماتية لمدينة بنغازي وترك الأمور العسكرية للعسكريين، ونعتبر اجتماعه بأمراء المحور هو شق صف الجيش، وعليه ستتخذ القيادة العامة ورئاسة الأركان الإجراءات بخصوص هذا التجاوز». وتشير هذه الواقعة إلى انقسام محتمل في ولاء الجيش بين حكومة الثني وحفتر بعد أشهر من إطلاق هجوم ضد مقاتلين إسلاميين في بنغازي وسط الاضطرابات التي لا تزال تعصف بليبيا بعد 4 سنوات من سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي.
من جهته، اعترف علي الحاسي، رئيس ما يسمى «حكومة الإنقاذ الوطني» الموازية، بأنه لا يمتلك أي سيطرة على الأرض في ما يتعلق بالميليشيات المسلحة التي تنتمي إلى ما يعرف باسم «قوات فجر ليبيا» التي تهمين بقوة السلاح على العاصمة طرابلس منذ شهر أغسطس (آب) الماضي. وقال الحاسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، ويترأس حكومة لا تحظى باعتراف المجتمع الدولي، في تسجيل مسرب بثته قناة «الدولية» الليبية مساء أول من أمس: «لا سيطرة لدي على الميليشيات وهم يطاردون ميليشيات الزنتان بهدف إبادتهم»، مضيفا: «أنا لم أعط أمرا ببدء الحرب، ولا أملك الآن أن أطلب منهم وقفها».
وأوضح أن حكومته كانت تسعى لدمج ميليشيات الزنتان التي خسرت المواجهات العنيفة العامة الماضي في معركة مطار طرابلس، في الجيش والشرطة، وإلحاق عناصرهم بالجامعات في الخارج أو الحرس الوطني بهدف استيعابهم. وتابع: «أنا جئت مع (قوات فجر ليبيا) بهدف إنقاذهم، لكن السيطرة عندي أنا محدودة ولا أملك أي شيء الآن».
ولم تكشف القناة التي تبث من خارج ليبيا كيفية وصول هذه المقاطع المصورة للحاسي، إليها، كما لم يصدر هو أي بيان لنفيها أو توضيح ملابساتها.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة النفط والغاز في حكومة الحاسي أن ما وصفته بالاعتداء الذي تعرض له «حقل المبروك» الذي يدار من قبل المؤسسة الوطنية للنفط الليبية وشركة «توتال» الفرنسية بالمنطقة الوسطى، الذي نفذته مجموعة مسلحة مجهولة، قد أدى إلى مقتل 4 أفراد من حرس المنشآت النفطية التابعين لـ«كتيبة الشهيد عبد القادر حلوم» بعد مقاومتهم السيارات الثلاثين المهاجمة. وقالت المؤسسة العامة للنفط إن العاملين في الحقل الواقع جنوب مدينة سرت بمسافة 170 كيلومترا، قاموا بتطبيق خطة الإخلاء من الحقل ووصلوا إلى نقاط التجمع سالمين. وأشارت إلى أن حقل «المبروك» متوقف عن العمل بسبب إعلان حالة القوة القاهرة على ميناء السدرة قبل نهاية العام الماضي، وأنه لا يوجد به إلا الحد الأدنى من العاملين. وأضافت: «منذ أن انسحب العاملون من الحقل، لم تعد لدينا أي اتصالات بالحقل ولا أي معلومات عما حدث به من أضرار أخرى».
وقال مسؤولون إن مسلحين قد ينتمون إلى متشددين إسلاميين هاجموا الحقل وسيطروا عليه في ثاني هجوم كبير من نوعه تشهده البلاد خلال أسبوع.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.