أول زيارة لوزير مصري إلى إسرائيل منذ 5 أعوام

فلسطين ومصر توقعان مذكرة تفاهم لتطوير حقل غاز غزة

توقيع اتفاقية تطوير حقل غاز غزة بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا
توقيع اتفاقية تطوير حقل غاز غزة بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا
TT

أول زيارة لوزير مصري إلى إسرائيل منذ 5 أعوام

توقيع اتفاقية تطوير حقل غاز غزة بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا
توقيع اتفاقية تطوير حقل غاز غزة بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا

اتفقت إسرائيل ومصر على توسيع رقعة التعاون في مجال الطاقة، خلال زيارة قام بها وزير البترول والثروة المعدنية، طارق المُلا، لإسرائيل.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في أثناء استقباله المُلا: «هذا يوم مهم يمثل التعاون المتواصل بيننا في مجال الطاقة، وفي مجالات كثيرة أخرى. نعتقد أن عصراً جديداً من السلام والازدهار يسود حالياً بفضل اتفاقيات إبراهيم». وأضاف: «هذا الأمر بدأ بطبيعة الحال باتفاقية السلام التاريخية التي وُقِّعت بين مصر وإسرائيل، ولكنه يتحول الآن إلى ما يمكن له أن يحسّن الأوضاع الاقتصادية عند جميع شعوب المنطقة. نعتقد أن هذه فرصة هائلة لتحقيق تعاون إقليمي بين مصر وإسرائيل والدول الأخرى».
وتابع نتنياهو: «نحن نشكّل مركزاً إقليمياً للطاقة. معاً نستطيع توفير ليس احتياجاتنا فحسب، وإنما احتياجات دول كثيرة أخرى أيضاً، مع هذه الروح من الصداقة والتعاون والسلام والازدهار أرحب بكم في إسرائيل».
ووصل المُلا إلى إسرائيل، أمس، في أول زيارة علنية لوزير مصري لتل أبيب، منذ خمس سنوات. وكان لقاؤه مع نتنياهو بحضور رئيس هيئة الأمن القومي مائير بن شبات، ووزير الطاقة يوفال شتاينيتز، ورئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية مجدي جلال، وسفيرة إسرائيل لدى مصر أميرة أورون، والسفير المصري لدى إسرائيل خالد عزمي.
ورحب وزير الطاقة الإسرائيلي، بالضيف، قائلاً له: «صديقي وزير الطاقة المصري طارق المُلا أهلاً بك في إسرائيل. هذه هي الزيارة الأولى من وزير مصري، ليس مسؤولاً عن الخارجية، لإسرائيل منذ عقود».
وركزت زيارة المُلا على مشروع مد خط أنابيب يربط إسرائيل بشبه جزيرة سيناء في مصر، إضافةً إلى تطوير حقول الغاز، بما في ذلك التعاون في التنقيب عن الغاز، إضافةً إلى الترويج لمنتدى الغاز الإقليمي.
كانت مصر وإسرائيل واليونان وقبرص وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية، قد أطلقت منتدى غاز شرق المتوسط ومقره القاهرة، منظمةً حكومية متعددة الأطراف، خلال مراسم افتراضية استضافتها القاهرة في سبتمبر (أيلول) 2020، وانضمت إليه الإمارات بصفة مراقب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتسعى مصر من أجل التحول إلى مركز إقليمي للطاقة في المنطقة، عبر المنتدى الذي يهدف لإنشاء سوق إقليمية للغاز وترشيد تكلفة البنية التحتية وتقديم أسعار تنافسية.
وبدأت مصر استيراد الغاز الإسرائيلي في مطلع 2020، وصرح الوزير المصري نهاية الشهر الماضي، بأن استيراد بلاده الغاز الطبيعي من إسرائيل «جاء للحفاظ عليه من الهدر، لأن عدد السكان في إسرائيل، قليل، وبالتالي لديها فائض كبير من الغاز»، مؤكداً أن هذا الغاز سيمرّر إلى محطات الإسالة في مصر، بهدف إعادة تصديره للأردن. وأضاف المُلا، في كلمة له أمام مجلس النواب، أن مصر تستهدف التحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول البترول والغاز الطبيعي، ليس فقط بسبب موقعها الجغرافي، وإنما بحكم الاستكشافات المستمرة للطاقة داخل حدودها، مشيراً إلى أن «بلاده نجحت في جذب المزيد من الشركات العالمية للاستثمار، جراء عوامل الأمن والاستقرار في مصر خلال الفترة الأخيرة».
وفي رام الله وقعت مصر مذكرة تفاهم ما بين الأطراف الشريكة في حقل غاز غزة، الفلسطينية والمصرية، للتعاون في مساعي تطوير حقل غاز غزة والبنية التحتية اللازمة. وقد وقع المذكرة عن الجانب المصري، رئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، مجدي جلال، وعن الجانب الفلسطيني، مستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني، محمد مصطفى.
وأكد الوزير طارق الملا، موقف مصر الثابت والداعم للحقوق الوطنية الفلسطينية، بما فيها حق الشعب الفلسطيني في استغلال موارده الطبيعية وسيادته على هذه الموارد، وفي مقدمتها ضرورة التسريع في تطوير حقل غاز غزة. وقال، إن تطوير حقل غاز غزة سيكون له أثر كبير على قطاع الطاقة في فلسطين.
ووصل الملا إلى رام الله قادما من إسرائيل، والتقى في رام الله الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال عباس بعد توقيع الاتفاق الفلسطيني المصري: «سعداء جداً بهذه الخطوة التي تأتي استكمالاً لخطوات عميقة بيننا وبين مصر، ونشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يرعى العلاقات الفلسطينية – المصرية، وهو الذي دعم هذا الموضوع، وخاصةً منتدى المتوسط للغاز». وأكد عباس، أهمية التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، والاستفادة من الموارد الطبيعية التي تتمتع بها فلسطين، وضرورة تبادل الخبرات في مجال استخراج الغاز والاستفادة من التجربة المصرية في هذا المجال.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.