مجلة «الثقافة المغربية»: الشعر والفلسفة... ائتلاف أم اختلاف؟

سيراً على عادتها في «مواكبة السياقات الثقافية الحديثة»، وما يجري في الثقافة المغربية والعربية والكونية من تصورات ومفاهيم، ومن قضايا ثقافية وإبداعية، خصصت مجلة «الثقافة المغربية»، التي تصدر عن وزارة الثقافة والشباب والرياضة، ملف عددها الـ41، لعلاقة الشعر بالفلسفة، تحت عنوان «الشعر والفلسفة ائتلاف أم اختلاف؟»؛ وذلك لما لـ«علاقة الفلسفة بالشعر من جوار»، ومن «قدرة على الحوار والتصادي»، وعلى «فتح آفاق المعرفة والإبداع، وخلق المفاهيم، وبلورة التصورات والنظريات القمينة بتوسيع مساحة الشعر من خلال الفلسفة، وتوسيع مساحة الفلسفة من خلال الشعر».
ومما جاء في تقديم العدد الجديد «حين نفتح هذا العدد على طبيعة العلاقة التي تجمع الشعر بالفلسفة، فنحن نكون فتحنا أفقاً آخر للتأمُّل والاكتشاف، وهو أفق السؤال والرغبة في المعرفة، أفق الإنسان الأول، الذي كان الشعر عنده، وكذلك الفلسفة، حتى في أشكالها البدائية الأولى، هو ما شرع به في معرفة من هو، وفق الشِّعار الشهير الذي كان قرأه سقراط على مدخل معبد دلفي (اعرف نفسك بنفسك). فما لمن دخل الشِّعْر والفلسفة من هذا الباب، بالذات، سنكون أخطأنا الطريق، ليس إلى الشعر والفلسفة، بل إلى معرفة الإنسان، معرفته، أولاً في نفسه، من هو ومن يكون، وما عنده من طاقات وقدرات على الخلق والإبداع والإضافة، ومعرفته، ثانياً، للآخرين، من خلال القبول بهم، وتبادل المعارف والعلوم والابتكارات معهم، ثم، ثالثاً، أن يكون هذا الإنسان، هو نفسه، في لغته وثقافته، وفيما ينتجه من رموز ودلالات، وما يكون به هو، لا أن يكون صدًى، بل الصوت في انفتاحه وانشراحه».
وساهم في هذا الملف، الذي قدم له صلاح بوسريف بنص حمل عنوان «الشعر والفلسفة، إبداع القلق»، مجموعة من المفكرين والباحثين في الفلسفة والنقد والشعر. ومن المواضيع المنشورة «جسور ممتدة بين الفلسفة والشعر» لعز الدين الخطابي، و«الشاعر الغامض» لإدريس كثير، و«بيان من أجل رسم مدار الحوار الممكن بين الفلسفة والشعر» لمحمد طواع، و«في شعرية الفكر، اللعب البلاغي في نثريات بلقزيز» لمحمد نور الدين أفاية، و«الفلسفة والأدب» لعبد الهادي مفتاح، و«إشكالية الفلسفة والشعر، ارتباطهما بميلاد التراجيديا» لحسن أوزال، و«الوجود الأصيل بين الشعر والفلسفة» لعبد الحميد شوقي، و«علاقة الشعر بالفلسفة، جدل التنافر والاحتواء» لمحمد رمصيص، فضلاً عن نص «أنا مأهول كلياً بالشعر»، لألان باديو من ترجمة عبد الرحيم نور الدين.
وسعت المجلة في باب «مغرب الأمس، مغرب اليوم» إلى مقاربة المعمار المغربي في ماضيه وحاضره من خلال التحولات السوسيو ثقافية، وما للمعمار والعمارة من تأثير في المجتمع وفي الإنسان، وذلك في حوار مع المهندس المعماري رشيد الأندلسي؛ وذلك رغبة في «تقريب القارئ من بعض أهم هذه التحولات التي غالباً ما لا ننتبه إليها في ثقافتنا».
وضمن باب «كتابات في الفكر والنقد»، نشرت المجلة قراءات ومقاربات للشعر المغربي بتنوع تجاربه واختلافها، ساهم فيها إبراهيم الحجري تحت عنوان «مؤشرات الشعرية الكوكبية في الشعر المغربي المعاصر»، وعبد اللطيف الوراري بموضوع «هـويات الشعر المغربي الحديث في الشعر المغربي المعاصر»، واحساين بنزبير بمقالة «فـي البحث عن قساطل القصيدة»، ورشيد بلعربي بدراسة عن «شعرية الخيال نحو إبدال الرؤية إلى الدال المخنوق»، وسليمان حجاجي بـ«بنية التجريب في ديوان «للحلمَة وترَة سادسة» للزجال المغربي يونس تهوش، وعمر العسري بـ«المكان تمثلاً ودلالة في الشعر المغربي المعاصر».
وفي باب «مقاربات فنية»، عملت المجلة على الاقتراب من التجارب التشكيلية الجديدة، في معرفة ما تشتغل عليه وتقترحه من رؤى فنية جمالية، من خلال «ممانعة المقايسة للوجوه من أجل مديح الهامش عند الفنان حسن حشان» لحسن لغدش؛ و«فوتوغرافيا الاستشراق الجديد وشاعرية الفضاء روي بيريز» لعز الدين بوركة، و«من يتحكم في عالم الفن؟» من ترجمة وتقديم نجيب مبارك، و«جوردن جراهام ومسألة الفن» لنعيمة البخاري. وخصصت المجلة «فصوص الغائب»، لاستحضار الراحلين من الفنانين والكتاب والمبدعين المغاربة، من خلال تجربتي كل من الفنان محمد القاسمي والشاعر أحمد الجوماري، ونصوص «السفر الاستثنائي لمحمد القاسمي» لنور الدين فاتحي و«أحمد الجوماري (مبعثر المعاني)» للعياشي أبو الشتاء. وفي الشعر، نقرأ «مزولة في ظلمة النزول» لعلال الحجام، و«الشاعر» لأمل الأخضر، و«الأحد وصوت القطار» لمحمد حجي محمد، و«إنكار» لعبد الصبور عقيل، و«قبعة المجاز» لمحمد عرش، و«اطو الصفحة تلقاني» لأحمد لمسيح، و«السجن أحياناً» لمحمد بلمو. وفي القصة: «خيمة الزهر» لعبد اللطيف النيلة، و«ما مصير الشجرة؟» لغادة الصنهاجي، و«المحطة الأخيرة» للحسن باكور، و«تواطؤ» لأحمد الوارث.
وضمن هدية العدد، رواية للمختار السوسي، تحت عنوان «بين الجمود والجحود»، كانت نشرت متفرقة بين سنتي 1957 و1958.