الذكاء الصناعي لا يفرق بين الشطرنج والعنصرية

رقعة شطرنج (رويترز)
رقعة شطرنج (رويترز)
TT

الذكاء الصناعي لا يفرق بين الشطرنج والعنصرية

رقعة شطرنج (رويترز)
رقعة شطرنج (رويترز)

بعد النجاح الباهر الذي حققه المسلسل التلفزيوني «كوينز جامبت» أي «خدعة الملكة»، الذي تدور أحداثه في عالم بطولات الشطرنج العالمية، اكتسبت لعبة الشطرنج اهتماماً كبيراً وأصبحت محل حديث دائم على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولكن دراسة أجريت مؤخراً أثبتت أن البرامج الخاصة برصد حديث الكراهية أو الحوارات التي تضم عبارات عنصرية مسيئة قد تخلط بين الحوارات التي تتعلق بلعبة الشطرنج والأحاديث بشأن قضايا العنصرية.
وأرجعت الدراسة التي أجراها باحثان من جامعة كارنيغي ميلون الأميركية السبب في هذا الخلط إلى أن الحديث عن ألوان قطع الشطرنج التي تختلف ما بين الأبيض والأسود قد يتم تفسيره بواسطة أنظمة الذكاء الصناعي الخاصة برصد العبارات المسيئة على مواقع التواصل باعتباره حديثاً عنصرياً يتعين حجبه، بموجب القواعد التي تعمل بها هذه المنظومات.
وأشار الموقع الإلكتروني «تيك إكسبلور» المتخصص في التكنولوجيا إلى حجب قناة لاعب شطرنج كرواتي يدعى أنطونيو راديك على موقع «يوتيوب» لعرض مقاطع الفيديو العام الماضي بزعم أنه يتضمن محتوى «ضار وخطير».
ويقول الباحث أشقر أر. خودابوش من معهد تقنيات اللغات في جامعة كارنيجي ميلون إن الحديث بشأن «الأبيض» في مواجهة «الأسود»، هو ما أدى إلى حجب القناة لأن البرنامج الذي يستعمله الموقع الإلكتروني قام بتفسير هذه العبارات تلقائياً باعتبارها عنصرية.
وأضاف: «لا نعرف البرنامج الذي يستخدمه موقع يوتيوب، ولكن إذا كان الموقع يعتمد على منظومة للذكاء الصناعي لرصد العبارات العنصرية، فإن هذه النوعية من الحوادث قد تقع»، مشيراً إلى أنه إذا كان هذا الحادث قد حدث مع شخصية شهيرة مثل راديك، فمن الممكن أن تحدث لآخرين دون أن يعرف بهم أحد.
وفي إطار الدراسة، اختبر خودابوش وزميله روباك ساكر برنامجين لرصد العبارات العنصرية في مواقع التواصل، حيث تم عرض أكثر من 680 ألف عبارة من خمس قنوات متخصصة في لعبة الشطرنج على موقع «يوتيوب» على هذين البرنامجين، ثم قام الباحثان بفحص مائة عبارة قام البرنامجان بتصنيفها باعتبارها مسيئة، ولكن بعد الدراسة تبين أن 82 في المائة من هذه العبارات لم تكن مسيئة على الإطلاق، وإنما كانت تتضمن كلمات مثل أبيض وأسود وهجوم وتهديد وغير ذلك من الألفاظ الدارجة في عالم الشطرنج.


مقالات ذات صلة

بطلة شطرنج روسية تحاول تسميم منافستها باستخدام الزئبق (فيديو)

يوميات الشرق بطلة شطرنج روسية تحاول تسميم منافستها باستخدام الزئبق (فيديو)

بطلة شطرنج روسية تحاول تسميم منافستها باستخدام الزئبق (فيديو)

اعترفت بطلة الشطرنج الروسية، أمينة أباكاروفا، بمحاولة تسميم منافستها خلال بطولة شطرنج أقيمت في مدينة معج قلعة بجنوب روسيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بطل الشطرنج النيجيري توندي أوناكويا خلال المباراة (أ.ب)

لعب 58 ساعة دون توقف... نيجيري يحطم الرقم القياسي لأطول ماراثون شطرنج

حطم بطل شطرنج نيجيري الرقم القياسي لأطول ماراثون شطرنج بعد أن لعب مباراة دون توقف لمدة 58 ساعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
رياضة عالمية الشطرنج الصيني (غيتي)

فضيحة تهز عالم الشطرنج الصيني

يشهد عالم الشطرنج الصيني بلبلة بسبب إشاعات الغش وفضيحة سلوك سيئ أدت إلى تجريد البطل الوطني من لقبه بعدما انتهى احتفاله بالفوز بتبرزه في حوض استحمام فندق.

«الشرق الأوسط» (شنغهاي)
رياضة عربية شاهين (يمين) مع عمدة مدينة إدنبره (الشرق الأوسط)

جلال شاهين يضع الشطرنج الليبي على الخريطة العالمية

شاهين يؤكد أن شعبية الشطرنج تتسع عربياً وإدراجها ضمن البرامج الإلكترونية زاد من رقعتها.

«الشرق الأوسط» (ادنبرة)
رياضة عربية المصرية نور الشربيني من أبرز اللاعبات في العالم (الاتحاد الدولي للشطرنج)

نور الشربيني وفرج يتوجان بكأسي باريس للإسكواش

أحرز المصريان علي فرج ونور الشربيني لقبي بطولة باريس للإسكواش بعد الفوز على دييغو إلياس ونوران جوهر السبت.

«الشرق الأوسط» (باريس)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».