كتاب نادر عن رحلة لم تكتمل لأم كلثوم

إضاءة على نظرة العالم لـ«كوكب الشرق» قبل 40 عامًا

كتاب نادر عن رحلة لم تكتمل لأم كلثوم
TT

كتاب نادر عن رحلة لم تكتمل لأم كلثوم

كتاب نادر عن رحلة لم تكتمل لأم كلثوم

وحدها الصدفة تستطيع أن تجمع المناسبات في لحظة واحدة، تقرب التاريخ وتطابقه ربما بعد مرور 40 عاما أو أكثر، فمع تزامن مرور 40 عاما على وفاة كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، يقع في يديك كتيب أحمر صغير تحت عنوان «أم كلثوم في الاتحاد السوفياتي» بمحض الصدفة كان بصحبة كتب أخرى كثيرة قديمة ونادرة يعرضها سوق الأزبكية الأشهر في مصر في بيع الكتب المستعملة والقديمة، ضمن فعاليات معرض القاهرة للكتاب المقام حاليا.
الكتيب الذي يُزين غلافه الأحمر (نسبة إلى الحقبة الشيوعية) صورة كوكب الشرق بفستانها الأسود ومنديلها الأبيض، يبدأ بتقديم عن مناسبة صدوره باسم «أم كلثوم»، قائلا: «يسر الإعلام الخارجي لوزارة الثقافة بالجمهورية العربية المتحدة (الاتحاد السابق بين مصر وسوريا في ستينات القرن الماضي) أن يصدر هذا الكتيب بمناسبة زيارة السيدة أم كلثوم للاتحاد السوفياتي في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) 1970 وفقا لبرنامج نظمته وزارتا الثقافة بالاتحاد السوفياتي والجمهورية العربية المتحدة».
وكان من المقرر أن تحيي كوكب الشرق 4 حفلات في الاتحاد السوفياتي (سابقا) لصالح المجهود الحربي، وهو النشاط الذي بدأته بعد نكسة يونيو (حزيران) عام 1967. وضم البرنامج كما ذكر الكتيب حفلين في موسكو لقصائد «ومرت الأيام» كلمات الشاعر مأمون الشناوي ولحن الفنان محمد عبد الوهاب، و«ألف ليلة وليلة» كلمات الشاعر مرسي جميل عزيز ولحن الفنان بليغ حمدي، ثم حفلين آخرين في طشقند (عاصمة أوزبكستان حاليا) لأغنية «ألف ليلة وليلة» مرة أخرى، وكذلك قصيدة «أراك عصي الدمع» لأبي فراس الحمداني.
وبعيدا عن الكتاب، يحكي السفير وفاء حجازي في أحد اللقاءات الصحافية أنه كان مساعدا لوزير الخارجية المصري في الاتحاد السوفياتي آنذاك، وكان المفوض بالإشراف على ترتيب زيارة أم كلثوم حتى عودتها إلى القاهرة. وحين طلبت وزارة الثقافة الأغاني التي ستقدمها لترجمتها إلى الروسية، كانت قصيدة «أراك عصي الدمع» ضمن الأغاني التي ستقدمها في طشقند، وفشل مترجمو الوزارة من السوفيات في ترجمة معاني عبارة «أراك عصي الدمع»، وأحضرت السفارة المصرية مبعوثا مصريا كان يدرس في موسكو لترجمتها.
ولما سئلت أم كلثوم بعد ذلك عن سبب اختيارها لهذه الأغنية رغم صعوبة معانيها، قالت: «إنها تناسب ذوق الجمهور المسلم في طشقند، والجمهوريتين السوفياتيين الأخريين اللتين سيتم فيهما إحياء الحفلات».
لكن تلك الحفلات لم تكتمل بعد أن تلقت السيدة أم كلثوم نبأ وفاة الزعيم المصري جمال عبد الناصر وهي في موسكو، فما كان منها إلا أن قطعت رحلتها وعادت إلى القاهرة وفكرت في اعتزال الغناء تعبيرا عن حزنها، لكنها استجابت للنداءات الكثيرة من محبيها وعاشقيها بمواصلة الغناء. فعادت وغنت قصيدة «رسالة إلى الزعيم» من تأليف الشاعر الكبير نزار قباني وألحان رياض السنباطي، ترثي بها عبد الناصر بعد وفاته.
الكتيب الذي يضم مقدمة عن حياة أم كلثوم باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية والروسية، وكذلك يعرض رحلتها الفنية منذ البداية حتى تربعها على عرش الغناء العربي، ومقاطع من تعليقات الصحف العالمية عنها مثل مجلة «تايم» الأميركية التي قالت عنها آنذاك «إن أسطورة أم كلثوم تكبر وتستمر منذ 32 عاما. وليست هناك أي علامة على أن كوكب الشرق تتأثر بالزمن - لأن العرب يؤمنون بأنه يزيدها قوة ويضيف إلى صوتها غنى وصفاء.. وفي الشرق الأوسط هناك شيئان لا يتغيران ولا ينال منهما الزمن.. أم كلثوم وأهرام الجيزة».
أما جريدة «أوبزرفر» البريطانية فتقول: «إن أم كلثوم هي نجمة الغناء العربي التي تجمع كل العرب حول أجهزة الراديو في الخميس الأول من كل شهر خلال موسمها ابتداء من الخريف حتى مطلع الصيف. بينما المحظوظون هم الذين يستمعون إليها مباشرة في القاعة».
كما يضم الكتيب عرضا مفصلا لمقال نشر في جريدة «لوس أنجليس تايمز» في 24 يوليو (تموز) 1970 بقلم وليان توهي تحت عنوان «أم كلثوم هي كروان النيل». يقول في جزء منه: «يطلق عليها أحيانا اسم (اديث بياف الشرق)، أو (سوبر – كالاس) /نسبة إلى ماريا كالاس مطربة الأوبرا العالمية/.. ولعل ما يتسم بمزيد من الدقة وصف أحد النقاد الموسيقيين لها إذ يقول إن (الحفل الذي تحييه أم كلثوم هو بمثابة حدث من أحداث الشرق الأوسط).. وانطلاقا من ذلك فهي تعتمد على التجاوب الوثيق مع مستمعيها، وهذا التجاوب الغنائي وليد صوتها الذي يعيد إلى ذاكرة الغربيين شهرة بيس سميث ومارلين ديتريتش».
وقبل النهاية، نهاية حياة كوكب الشرق وعرض الكتيب لرحلتها الفنية، يخصص جزء كبير لدورها العظيم بعد حرب عام 1967. حيث قادت حملة موسعة لجمع التبرعات والغناء لصالح المجهود الحربي ضد إسرائيل. وخلال السنتين الأوليين بعد الحرب جمعت أكثر من مليون جنيه مصري، قدمها الجمهور لها باختياره لصالح البلاد، وأحيت الكثير من الحفلات في باريس ولبنان والسودان وليبيا وتونس والمغرب وكانت تقيس نجاح كل حفلة لها بمقدار المساهمة التي تسفر عنها لصالح مصر.
وكانت أم كلثوم تقول دائما بعد كل حفل «إنني مجرد مواطنة مصرية.. لم أعمل شيئا أستحق عليه كل هذا النجاح. إن بلدي مصر هي صاحبة الفضل الأول في نجاحي».
وعندما كان يردد الجمهور لها الهتافات المدوية، كانت ترد: «إن كل هذا الحب لمصر.. كل هذا الهتاف من أجل مصر؛ وليس من أجلي».



مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.