أهالي ضحايا انفجار المرفأ يطالبون بعدم تحييد «الرؤوس الكبيرة»

مدّعٍ عام سابق قال لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يستبعد تعرُّض المحقق الجديد لضغوط

جانب من مظاهرة أهالي ضحايا انفجار المرفأ أمام قصر العدل (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة أهالي ضحايا انفجار المرفأ أمام قصر العدل (إ.ب.أ)
TT

أهالي ضحايا انفجار المرفأ يطالبون بعدم تحييد «الرؤوس الكبيرة»

جانب من مظاهرة أهالي ضحايا انفجار المرفأ أمام قصر العدل (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة أهالي ضحايا انفجار المرفأ أمام قصر العدل (إ.ب.أ)

يتابع أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت سير التحقيقات بترقب وحذر شديدين بعد تنحية القاضي فادي صوان محققاً عدلياً جديداً، فهم لا يريدون العودة بعد أكثر من ستة أشهر إلى نقطة الصفر، كما يقول المتحدث باسم لجنة أهالي الضحايا إبراهيم حطيط، ويطالبون بعدم تحييد أي متورط، ومن ضمنهم «الرؤوس الكبيرة» إذا ظهرت مسؤوليتها في التحقيقات، وعدم الاهتمام لأي حسابات سياسية أو طائفية.
ومن المفترض ألا يعود القاضي البيطار بالتحقيقات إلى نقطة الصفر، حسبما يرى مدعي عام التمييز الأسبق القاضي حاتم ماضي، الذي أوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه يُفترض أن يبدأ قاضي التحقيق الجديد من حيث وصل سلفه مع كامل الحقّ له بأن يعود إلى إجراءات معيّنة يرى أنّه كان يجب القيام بها أو استكمال إجراءات سابقة يرى فيها نواقص.
ويشرح ماضي أنّ أوّل خطوة سيقوم بها المحقق العدلي الجديد هي الاطلاع على أوراق الملف ومنها الشهادات والإفادات والمحاضر ليكمل العمل، معتبراً أنّه يجب ألا نكون متفائلين ولا متشائمين في الوقت الذي ستستغرقه التحقيقات مع القاضي الجديد فذلك يعتمد على الاستراتيجيّة وخطة العمل التي يرسمها القاضي بعد الاطلاع على الملف. ويرى ماضي أنّه من الضروري جداً للقاضي الجديد التفرّغ للملف كلياً وليس جزئياً.
وفي حين رأى ماضي أنّه من الأفضل اتباع استراتيجية قائمة على الأولويات من الأهم إلى الأقل أهميّة مع مراعاة عامل الوقت، لم يستبعد أن يصطدم المحقق العدلي الجديد بعقبات قد تعيق عمله، ويقول: «كلّ محقق عدلي يستلم ملفاً حسّاساً معرّض لضغوط معيّنة» وعليه أن يكون مهنياً ومحترفاً.
ورأى ماضي أنّه يجب ألا يقع المحقق العدلي الجديد في الأخطاء الذي وقع فيها صوان لجهة عدم اتّباع الإجراءات القانونيّة لا سيّما لجهة التعاطي مع النوّاب وعدم طلب رفع الحصانة واتّباع سياسة انتقائية في الاستدعاءات.
وكان صوان قد ادّعى على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ووزير المالية السابق علي حسن خليل، ووزيري الأشغال السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، ما أثار اعتراض جهات سياسية عدّة اتّهمته بالاستنسابية بالنظر إلى أن الرسالة التي وجهها إلى البرلمان تضمنت شخصيات أخرى، لكن الادّعاء اقتصر على الأشخاص الأربعة.
وتقدّم كل من زعيتر وخليل بمذكرة أمام النيابة العامة التمييزية طلبا فيها نقل الدعوى إلى قاضٍ آخر، متهمَين صوان بخرق الدستور بادعائه على وزيرين سابقين ونائبين في البرلمان، فيما يتمتع هؤلاء بحصانة دستورية ويُفترض أن تمرّ ملاحقتهم بمجلس النواب.
هذا المسار القانوني الذي يُحاط عادةً بتعقيدات سياسية، لا يكترث له أهالي الضحايا الذين يصرون على إنجاز التحقيقات بسرعة وإدانة المتورطين، وألا تكون هناك أي حسابات سياسية أو استثناءات أو تحييد لأي متورط من أي وزن كان.
ويقول المتحدث باسم لجنة أهالي الضحايا إبراهيم حطيط، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنّ الأهالي سيعطون فرصة للقاضي الجديد تحت عنوان «السرعة وعدم التسرّع» وأنّهم سيتابعون عمله ويقفون إلى جانبه حين يصيب ويرفعون الصوت اعتراضاً حين يخطئ، موضحاً أنّ اللجنة تسعى حالياً للقاء القاضي البيطار قبل بدء عمله، كما قابلت القاضي صوان، وذلك بهدف إيصال رسالة واضحة مفادها أنّه يجب عدم تحييد أي متورط، ومن ضمنهم «الرؤوس الكبيرة» المسؤولة عن الانفجار إذا ظهرت مسؤوليتها في التحقيقات، وعدم الاهتمام لأي حسابات سياسية أو طائفية.
وكان أهالي ضحايا انفجار المرفأ وفور إعلان تنحية صوان قد نفّذوا اعتصاماً أمام قصر العدل في بيروت، رافعين صور أبنائهم الضحايا ولافتات منددة بالسلطة السياسية، ولم يتركوا الشارع قبل تلقي وعد من وزيرة العدل ماري كلود نجم، والمعنيين في مجلس القضاء الأعلى بتعيين قاضٍ جديد فوراً.
ويلفت حطيط إلى أنّ الأهالي ونظراً إلى ضخامة الملف، طالبوا أيضاً بتعيين مساعد للمحقق العدلي، وذلك لاختصار الوقت، مشيراً إلى أنّ اللجنة تحضّر لتحركات قاسية وغير تقليديّة ستقْدم عليها في حال شعرت بأي مماطلة أو عدم جديّة في استكمال التحقيقات، فهي حالياً «تراقب السير بالملف ليُبنى على الشيء مقتضاه» لا سيما أنّ الأهالي أصحاب حق ولا يريدون غير العدالة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.