بورتريهات تنطق بالموسيقى البصرية مصدر إلهامها حفلات «كوكب الشرق»

TT

بورتريهات تنطق بالموسيقى البصرية مصدر إلهامها حفلات «كوكب الشرق»

«عَظَمة على عَظَمة يا سِت»، مقولة لطالما رُددت بصوت معروف بين الجمهور الحاضر في حفلات «كوكب الشرق» السيدة أم كلثوم، في إشارة إلى عظمة صوتها وروعة أدائها... لكن مَن صاحب هذه المقولة؟
السؤال لطالما تردّد في ذهن الفنان التشكيلي اللبناني درويش الشمعة، ومعه اتجه للبحث عن إجابته، ليجد أنه المصري سعيد الطحان، الشهير بـ«مجنون ثوما»، ذلك الرجل الشهير بجلبابه الريفي الذي كان مهووساً بأم كلثوم ووصل هوسه لدرجة الجنون حيث أنفق أمواله لحضور حفلاتها. وهي القصة التي تأثر بها التشكيلي اللبناني ليقرر رسم بورتريه لهذا الريفي المصري، ومن بعده استلهم بورتريهات أخرى من وحي جمهور حفلات كوكب الشرق، وأعضاء فرقتها الموسيقية.
وهي الأعمال التي عكف «الشمعة» على إنتاجها على مدار الـ3 سنوات الماضية، واختار أن يعرضها في مصر لكونها منبع الفكرة، ومن ثمّ جاء معرضه «عَظَمة على عَظَمة»، الذي يحتضنه غاليري «الكحيلة» بالقاهرة حالياً.
يقول الشمعة لـ«الشرق الأوسط»: «كانت بذرة هذا المعرض بورتريهاً للمصري سعيد الطحان وهو مندهش بأداء أم كلثوم، ومن بعده بدأتُ أرسم الشاعر أحمد رامي، الذي كان أيضاً جزءاً من جمهورها وليس شاعرها فقط، ثم كان التوسع في رسم بورتريهات لوجوه من بين الجمهور لرجال وسيدات غير معروفين، بعد أن جذبتني انفعالاتهم وتعبيرات وجوههم خلال الحفلات لكي أرسمها، ومن بعدهم رسمت بورتريهات لأم كلثوم مع أعضاء فرقتها وعلى رأسهم الموسيقار محمد القصبجي».
يضم المعرض 30 لوحة بأحجام كبيرة ومتوسطة، نُفِّذت بأسلوب الـ«ميكسيد ميديا - mixed media»، الذي يعتمد على جمع الكثير من المواد معاً على سطح اللوحة، فالفنان يلجأ إلى قصاصات من الصحف مكوّناً بها وجوه أبطال لوحاته، مبتعداً بها عن البورتريه التقليدي، ومقترباً من خلالها من محاكاة التجريدية، حيث نرى نأي الفنان بالبورتريه عن حمل خصائص الصورة الفوتوغرافية المباشرة إلى ما هو أبعد من الواقع، مانحاً المتلقي رؤية أبطال البورتريه بزاوية جديدة وقراءة ملامحهم برؤية تشكيلية جمالية.
وحسب الشمعة، فإن لجوءه إلى قصاصات الصحف تحديداً جاء ليعطي أكثر من مغزى، «فهي تعطي إشارة إلى الحديث عن زمن ماضٍ بما يرسم حالة من النوستالجيا، كما أننا دائماً نجد من يصف كلام الصحف بأنه لا يقدم ولا يؤخر، لكنّي هنا أحببت أن أحوّل هذا الكلام من حالة عدم النفعية إلى تقديمه في قالب مفيد».
يعتمد الفنان على أن تكون مساحة الوجه كتلة متفجرة، تنطلق من القصاصات، فيما تأتي المساحات من حول الوجه دون إغلاق، عبر اختيار الخلفية البيضاء في غالبية اللوحات، ليسمح بمزيد من هذا التفّجر التشكيلي، وللإحساس بهذا الأسلوب التجريدي يتوجب على المتلقي أن يرجع أمتاراً للخلف حتى تتضح رؤية البورتريه أكثر وأكثر أمام العين، بينما مع الاقتراب نجد المساحة التجريدية هي الغالبة، حيث تتماهى القصاصات الورقية بعضها مع بعض.
ويبرر الشمعة هذا الأسلوب قائلاً: «حاولت نقل رؤيتي للبورتريه بأنه ليس مجرد وجه فقط، وكان ذلك تحدياً صعباً أمامي، فمن ناحية أعمل على فكرة التجريد، ومن ناحية أخرى أحاول أن تخرج تلك الأفكار في صورة بورتريه، الذي هو هدفي الرئيسي، ولحل هذه المعادلة تعاملت من اللوحة من الجانب البصري مع محاولة تقديم سيمفونية لونية وضبط الإيقاع والمساحات والكتل، ليكون البورتريه في النهاية هو محصلة كل ذلك».
يعتمد صاحب المعرض على الباليتة اللونية الترابية، التي يفضلها دوماً في أعماله، لذا نرى اللون البني ومشتقاته تنعكس على سطح اللوحات، وهو ما أعطى مزيداً من الإحساس بالزمن الماضي الذي عاش فيه أبطال البورتريهات، مع تعمد كسر هذه المجموعة اللونية ببعض الألوان الساخنة في عدد من اللوحات، وهو ما جعل الأعمال تحتوي على موسيقى بصرية تنطق بالجمال، تتقاطع مع تلك المعزوفة من أم كلثوم وفرقتها الموسيقية.



دواء جديد لاضطراب ما بعد الصدمة

اضطراب ما بعد الصدمة يصيب الأفراد بعد تعرّضهم لحدث صادم (جامعة ولاية واشنطن)
اضطراب ما بعد الصدمة يصيب الأفراد بعد تعرّضهم لحدث صادم (جامعة ولاية واشنطن)
TT

دواء جديد لاضطراب ما بعد الصدمة

اضطراب ما بعد الصدمة يصيب الأفراد بعد تعرّضهم لحدث صادم (جامعة ولاية واشنطن)
اضطراب ما بعد الصدمة يصيب الأفراد بعد تعرّضهم لحدث صادم (جامعة ولاية واشنطن)

أعلنت شركة «بيونوميكس» الأسترالية للأدوية عن نتائج واعدة لعلاجها التجريبي «BNC210»، لإظهاره تحسّناً ملحوظاً في علاج العوارض لدى المرضى المصابين باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

وأوضح الباحثون أنّ النتائج الأولية تشير إلى فعّالية الدواء في تقليل العوارض المرتبطة بالحالة النفسية، مثل القلق والاكتئاب، ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «NEJM Evidence».

واضطراب ما بعد الصدمة هو حالة نفسية تصيب الأفراد بعد تعرّضهم لحدث صادم أو مروع، مثل الكوارث الطبيعية أو الحروب أو الحوادث الخطيرة. ويتميّز بظهور عوارض مثل الذكريات المزعجة للحدث، والشعور بالتهديد المستمر، والقلق الشديد، بالإضافة إلى مشاعر الاكتئاب والعزلة.

ويعاني الأشخاص المصابون صعوبةً في التكيُّف مع حياتهم اليومية بسبب التأثيرات النفسية العميقة، وقد يعانون أيضاً مشكلات في النوم والتركيز. ويتطلّب علاج اضطراب ما بعد الصدمة تدخّلات نفسية وطبّية متعدّدة تساعد المرضى على التعامل مع هذه العوارض والتعافي تدريجياً.

ووفق الدراسة، فإنّ علاج «BNC210» هو دواء تجريبي يعمل على تعديل المسارات البيولوجية لمستقبلات «الأستيل كولين» النيكوتينية، خصوصاً مستقبل «النيكوتين ألفا-7» (α7) المتورّط في الذاكرة طويلة المدى، وهو نهج جديد لعلاج هذه الحالة النفسية المعقَّدة.

وشملت التجربة 182 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 18 و75 عاماً، وكانوا جميعاً يعانون تشخيصَ اضطراب ما بعد الصدمة. وهم تلقّوا إما 900 ملغ من «BNC210» مرتين يومياً أو دواءً وهمياً لمدة 12 أسبوعاً.

وأظهرت النتائج أنّ الدواء التجريبي أسهم بشكل ملحوظ في تخفيف شدّة عوارض اضطراب ما بعد الصدمة بعد 12 أسبوعاً، مقارنةً بمجموعة الدواء الوهمي.

وكان التحسُّن ملحوظاً في العوارض الاكتئابية، بينما لم يكن له تأثير كبير في مشكلات النوم. وبدأ يظهر مبكراً، إذ لوحظت بعض الفوائد بعد 4 أسابيع فقط من بداية العلاج.

وأظهرت الدراسة أنّ 66.7 في المائة من المرضى الذين استخدموا الدواء التجريبي «BNC210» عانوا تأثيرات جانبية، مقارنةً بـ53.8 في المائة ضمن مجموعة الدواء الوهمي.

وتشمل التأثيرات الجانبية؛ الصداع، والغثيان، والإرهاق، وارتفاع مستويات الإنزيمات الكبدية. كما انسحب 21 مريضاً من مجموعة العلاج التجريبي بسبب هذه التأثيرات، مقارنةً بـ10 في مجموعة الدواء الوهمي، من دون تسجيل تأثيرات جانبية خطيرة أو وفيات بين المجموعتين.

ووفق الباحثين، خلصت الدراسة إلى أنّ دواء «BNC210» يقلّل بشكل فعال من شدّة عوارض اضطراب ما بعد الصدمة مع مؤشرات مبكرة على الفائدة.

وأضافوا أنّ هذه الدراسة تدعم الحاجة إلى إجراء تجارب أكبر لتحديد مدى فعّالية الدواء وتوسيع تطبيقه في العلاج، مع أهمية متابعة التأثيرات طويلة المدى لهذا العلاج.