استغراب فلسطيني لـ {الصمت الدولي} على الانتهاكات الإسرائيلية

رداءة الطقس لم تمنع اعتداءات الجيش والمستوطنين على المدنيين

الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية في محيط القدس القديمة والأقصى (وكالة وفا)
الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية في محيط القدس القديمة والأقصى (وكالة وفا)
TT

استغراب فلسطيني لـ {الصمت الدولي} على الانتهاكات الإسرائيلية

الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية في محيط القدس القديمة والأقصى (وكالة وفا)
الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية في محيط القدس القديمة والأقصى (وكالة وفا)

رغم العاصفة الثلجية وما رافقتها من انهيارات في البنى التحتية وأضرار فادحة للمواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة، لم تهدأ عمليات الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية المحتلة وهجمات المستوطنين، التي أسفرت عن أكثر من 100 إصابة وعدد من الاعتقالات. وتخللتها عملية فتح سدود إسرائيلية أدت لإغراق المزروعات الفلسطينية في قطاع غزة وقطع الكهرباء عن بلدة مجاورة لمدينة أريحا. وقد أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في رام الله، أمس الجمعة، بيانا قالت فيه إن استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، صفعة للمجتمع الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.
وأعربت الخارجية الفلسطينية عن استغرابها من صمت المجتمع الدولي على تلك الانتهاكات التي تحرم الفلسطيني من أبسط حقوق الإنسان الأساسية. وأدانت، إقدام سلطات الاحتلال على قطع التيار الكهربائي عن منطقة أبو العجاج في قرية الجفتلك شمال مدينة أريحا، واعتبرته إمعانا في ممارسة أبشع أشكال العنصرية والكراهية، خاصةً أن ذلك سينعكس على جميع نواحي حياتهم الصحية واقتصادهم وزراعاتهم.
وقالت الخارجية: إن قطع التيار الكهربائي عن المواطنين شمال مدينة أريحا، وإغراق مئات الدونمات الزراعية بمياه الأمطار، عقب فتح العبارات شرق مدينة غزة، وغرق خيام المواطنين في حمصة في الأغوار بعد هدم مساكنهم وتشريدهم في العراء، مشاهد تظهر عنصرية الاحتلال، ضمن قائمة طويلة من الانتهاكات والجرائم اليومية المتواصلة، هدفها ابتلاع وسرقة الأرض الفلسطينية، وتهجير وطرد المواطنين، وإحلال المستوطنين مكانهم. وناشدت المجتمع الدولي وقف الصمت عن هذه الجرائم والانتهاكات «تواطؤا مع دولة الاحتلال أو خوفا منها»، ودعت إلى تطبيق الشعارات التي تتغنى بها الدول حول حقوق الإنسان، والكف عن الازدواجية في المعايير والكيل بمكيالين في التعامل مع القضايا الدولية.
وكانت القوات الإسرائيلية قد فتحت سدود مياه الأمطار الآتية من المستوطنات باتجاه أراضي المواطنين شرق مدينة غزة، مما يهدد بإتلاف المزروعات وتدمير الحقول الزراعية وتكبيد المزارعين خسائر فادحة. واعتبرها الفلسطينيون «أعمالا تخريبية مقصودة للحكومة الإسرائيلية». ودعوا المواطنين المتضررين بتقديم شكاوى لمحكمة الجنايات الدولية لممارسة صلاحياتها على الأراضي الفلسطينية كما تم مؤخراً، وملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات والتصرفات بحق الزراعة والبيئة الفلسطينية وتقديمهم للمحاكمة. وناشدت وزارة الزراعة الفلسطينية والجمعيات التعاونية والمؤسسات الدولية لمساعدة وتعويض المزارعين المتضررين عن الخسائر التي لحقت بأراضيهم ومحاصيلهم التي أتلفت بسبب هذا العمل الجبان.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر أن طواقم الإسعاف والطوارئ التابعة لها، عالجت أمس الجمعة، نحو 100 حالة وإصابات. وجاء ذلك من جراء الإصابات العديدة التي وقعت في صفوف الفلسطينيين. فقد اقتحمت مجموعة من المستوطنين بدراجات نارية كسارة فلسطينية قرب منطقة عين سامية شرق كفر مالك، وأحرقوا الشاحنة الموجودة هناك، مستغلين عدم وجود أحد من العمال. وقال المواطن إياد أبو شيخة، صاحب المركبة، إن قيمة خسارته تقدر بنحو 120 ألف شيقل (37 ألف دولار)، وأكد أن الكسارة مقامة على أراضي طابو منذ أكثر من عام، وأن جمعيات استيطانية هددته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لإجباره على تركها. واقتحم عشرات المستوطنين خان اللبن جنوب قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس، بحماية قوات كبيرة من جنود الاحتلال.
وفي كفر قدوم، أصيب شاب بعيار إسفنجي بالقدم، وأصيب مواطنون بعشرات حالات الاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال قمع جيش الاحتلال المسيرة السلمية الأسبوعية المناهضة للجدار والاستيطان، والمطالبة بفتح الشارع الرئيسي المغلق للقرية منذ (18 عاما). وفي أراضي قرية بيت دجن شرق نابلس، أصيب مواطن بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، بعد صلاة الجمعة، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسيرة سلمية احتجاجا على إقامة بؤرة استيطانية فوق أراضيهم.
واعتقلت قوات الاحتلال، ثلاثة مواطنين من محافظة جنين، شمال الضفة الغربية وأربعة شبان من البلدة القديمة في الخليل.
يذكر أن نحو 10 آلاف مصل، تمكنوا من إقامة صلاة الجمعة في رحاب المسجد الأقصى المبارك، رغم انخفاض درجات الحرارة وغزارة تساقط الأمطار، وسط إجراءات الاحتلال المشددة على مداخل الأقصى والقدس القديمة. وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، إن آلاف المصلين توافدوا منذ ساعات فجر اليوم لأداء صلاة الفجر في رحاب المسجد الأقصى المبارك وصلاة الجمعة، متبعين كافة الإرشادات الوقائية. وفد انتشر الحراس والسدنة والمتطوعون في ساحات المسجد وعلى الأبواب لتوزيع المواد المعقمة على المصلين، وحثهم على التباعد أثناء الصلاة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».