بيدرسن يجري «محادثات عسكرية وسياسية» في موسكو قبل زيارة دمشق

اتصالات روسية مع الجانبين التركي والسوري بعد اجتماع سوتشي

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والمبعوث الأممي غير بيدرسن خلال لقائهما في موسكو أمس (أ.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والمبعوث الأممي غير بيدرسن خلال لقائهما في موسكو أمس (أ.ب)
TT

بيدرسن يجري «محادثات عسكرية وسياسية» في موسكو قبل زيارة دمشق

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والمبعوث الأممي غير بيدرسن خلال لقائهما في موسكو أمس (أ.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والمبعوث الأممي غير بيدرسن خلال لقائهما في موسكو أمس (أ.ب)

نشطت موسكو اتصالاتها مع الأطراف المعنية بالشأن السوري، بعد اختتام مفاوضات البلدان الضامنة «مسار آستانة» في سوتشي، ومع انتقال المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن لإجراء محادثات في وزارتي الخارجية والدفاع تستبق زيارته المرتقبة إلى سوريا، أجرى الرئيس فلاديمير بوتين اتصالاً هاتفياً مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، أطلعه خلاله على نتائج المحادثات في سوتشي، وتطرق الطرفان خلال المكالمة، فضلاً عن الشأن السوري، إلى ملفّي الوضع في جنوب القوقاز وليبيا.
وقبل ذلك كان وزير الخارجية سيرغي لافروف أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره السوري فيصل مقداد، تركز البحث خلالها على نتائج لقاءات سوتشي، والزيارة المرتقبة لبيدرسن إلى دمشق. وأفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية بأن الوزيرين تبادلا «وجهات النظر حول تطورات الوضع في سوريا، مع التركيز على نتائج لقاءات صيغة (آستانة) حول سوريا التي عقدت في سوتشي، ومهام تعزيز التسوية السياسية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254، وعمل اللجنة الدستورية».
وأشارت الوزارة إلى أن لافروف أكد احترام موسكو المطلق «لسيادة ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية، وحق السوريين المشروع في تقرير مستقبل بلادهم».
وحسب البيان؛ فقد تطرق الوزيران إلى «العقوبات الأحادية غير المشروعة والأساليب المسيسة في تقديم المساعدات الإنسانية لسوريا، والوجود العسكري الأجنبي غير الشرعي على أراضيها».
وتم تأكيد التزام موسكو ودمشق بتعزيز العلاقات الثنائية، بما في ذلك المساعدات الروسية في القضاء على الإرهاب في سوريا، واستعادة البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية، ومكافحة وباء (كورونا)، وعودة اللاجئين والنازحين.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن نائب الوزير ألكسندر فومين، أجرى جلسة مباحثات مع بيدرسن سبقت لقاء الأخير مع الوزير لافروف. وأفادت وزارة الدفاع بأنه «جرى خلال اللقاء تبادل وجهات النظر حول الوضع في الجمهورية العربية السورية، في سياق التسوية السياسية وأعمال اللجنة الدستورية السورية».
وشدد بيان الوزارة على «أهمية المشاركة النشطة لهياكل الأمم المتحدة المهنية في المساعدة في إعادة إعمار سوريا بعد الحرب، وخلق ظروف معيشية طبيعية في المناطق المحررة من الإرهابيين». وكانت الجولة الـ15 من «مفاوضات آستانة» اختتمت أعمالها، أمس (الأربعاء)، في مدينة سوتشي الروسية، وجرت بمشاركة وفود من الأمم المتحدة والبلدان الضامنة روسيا، وإيران، وتركيا، ووفدي الحكومة السورية والمعارضة.
ميدانياً، بدا، أمس، أن موسكو نشطت تحركاتها العسكرية في إطار ما وُصف بأنه «مواصلة التحركات ضد الإرهابيين» بالتوازي مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه في سوتشي في شأن «المحافظة على حال الهدوء على الأرض في إدلب». وأعلن ناطق باسم القوات الروسية في سوريا أنها استهدفت مخبأ لمقاتلي تنظيم «داعش» في محافظة حمص، ونفذت عملية أسفرت وأوضح الناطق أنه «نتيجة لعمليات الاستطلاع والبحث التي قامت بها القوات الحكومية السورية مدعومة بطائرات دون طيار تابعة للقوات الجوية الروسية، تمكنت القوات السورية من قتل 4 مسلحين كانوا يستقلون سيارتي شحن صغيرتين تحملان مدافع رشاشة من العيار الثقيل، ويبدو أنهم كانوا مكلفين بحماية مخزن للأسلحة».
وأشار إلى العثور على «كمية من الأسلحة والذخيرة بما فيها أسلحة مصنوعة في بلدان حلف شمال الأطلسي، ونحو 40 كيلوغراماً من المتفجرات، وأدوية ومواد غذائية».
وأفاد الناطق بأنه «منذ بداية العام ازداد نشاط المسلحين في المنطقة بشكل كبير، ومن الأسباب المحتملة لتحركهم في المنطقة الصحراوية توافر فرصة أمامهم في اللجوء إلى منطقة التنف التي يسيطر عليها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وفصائل المعارضة السورية المسلحة».
بالتزامن، أعلن المركز الروسي للمصالحة في سوريا أنه رصد 32 عملية قصف من قبل تنظيم «جبهة النصرة»، في منطقة إدلب لوقف التصعيد شمال غربي سوريا. ويُعدّ هذا أوسع تحرُّك للمجموعات المسلحة في هذه المنطقة منذ أسابيع.
وقال نائب مدير المركز الروسي فياتشيسلاف سيتنيك إنه تم رصد 15 عملية قصف داخل محافظة إدلب، و10 في اللاذقية، و3 عمليات في محافظة حلب، و4 في حماة.
وفي وقت سابق، أعلنت القوات الروسية في سوريا عن تدمير مستودع للأسلحة تابع لمسلحي تنظيم «داعش» في محافظة حمص السورية، والقضاء على 4 عناصر للتنظيم، مشيرة إلى أن العملية نفذها الجيش السوري بدعم من القوات الروسية.
على صعيد آخر، تجنبت الأوساط الحكومية ووسائل الإعلام في روسيا التعليق على إعلان مديرية مرفأ طرطوس، في شأن تعيين مدير روسي للمرفأ، واكتفى بعضها بالإشارة إلى أن هذا «رابع مدير يتم تعيينه في هذا المنصب خلال العام الأخير».
واللافت أن المدير الجديد للمرفأ لم يسبق له أن زار سوريا، وأعلن عن توجهه إلى هناك مباشرة بعد صدور قرار تعيينه، في حين أن المدير السابق كان أمضى نحو خمسة شهور فقط في منصبه.
وكانت موسكو ودمشق وقعتا في أبريل (نيسان) 2019 اتفاقية بشأن استثمار موسكو لمرفأ طرطوس لمدة 49 عاماً.
ومنذ ذلك الحين، عملت موسكو على توسيع حضورها في المرفأ، ونظمت دورات لتعليم اللغة الروسية، لتمكين موظفي المركز من التعامل بشكل أسهل مع إدارته.
واستندت اتفاقية استثمار مرفأ طرطوس قانونياً، على الاتفاقية الموقعة مع روسيا عام 2017، التي نصت على توسيع مركز الإمداد المادي والتقني التابع للأسطول الحربي الروسي في طرطوس، والذي تحول خلال السنوات الثلاث الماضية بعد عمليات التوسيع إلى أكبر قاعدة بحرية روسية خارج البلاد.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.