لا تظهر أي علامة على انحسار الاحتجاجات والإضرابات اليومية التي شلت كثيراً من الأنشطة الحكومية في ميانمار ضد الانقلاب، رغم تعهدات المجلس العسكري بإجراء انتخابات جديدة، ومناشدة موظفي الخدمة المدنية العودة إلى العمل، والتهديد باتخاذ إجراء ما لم يعودوا. واستهدف قراصنة إلكترونيون مواقع الحكومة، الخميس، بعد أن كثّف الجيش بدوره الضغط على المعارضة، عبر حجب خدمة الإنترنت ونشر الجنود في أنحاء البلاد. وفرضت السلطات قيوداً شديدة على القدرة على الوصول إلى الإنترنت لليلة الرابعة، وفق ما أفادت مجموعة «نتبلوكس» البريطانية لمراقبة انقطاع الإنترنت في العالم، وذلك حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، الخميس، بالتوقيت المحلي. وأشارت المجموعة إلى أن الاتصال عبر الإنترنت تراجع إلى 21 في المائة فقط من المستويات المعتادة، وأعيد بعد ثماني ساعات قبيل موعد بدء يوم العمل في ميانمار. وأفادت «نتبلوكس» على «تويتر» بأن «الممارسة مضرة بالنسبة للسلامة العامة، وتثير الإرباك والخوف والمعاناة في فترة صعبة». وأصدر المجلس العسكري مذكرات اعتقال بحق 6 من الشخصيات الشهيرة؛ بينهم مخرجون وممثلون ومغنٍّ، بموجب قانون مكافحة التحريض لتشجيعهم موظفي الخدمة المدنية على الانضمام إلى الاحتجاج. ويمكن أن تصل عقوبة هذه الاتهامات إلى السجن عامين.
ولليوم الثاني على التوالي، كما جاء في تقرير رويترز، أغلق أصحاب السيارات في رانغون الطرقات بسياراتهم، إذ تركوا أغطية المحركات مرفوعة وكأن المركبات معطلة، لمنع قوات الأمن من التنقل في أنحاء كبرى مدن ميانمار. وأظهرت لقطات مصورة، حافلات وسيارات متوقفة حول جسر في شمال داغون صباح الخميس، حيث هتف المتظاهرون «لا تذهبوا إلى المكاتب، اتركوها وانضموا إلى حركة العصيان المدني». وكُتب على لافتة حملها راهب ارتدى الزي البرتقالي التقليدي: «نحتاج من الجيش الأميركي إلى أن ينقذ الوضع لدينا». وأمس الخميس، عادت حشود كبيرة إلى معبد سولي بوسط يانغون، وتدفقت حشود أخرى على موقع احتجاج ثانٍ عند تقاطع بالقرب من الحرم الجامعي الرئيسي. واتسمت مسيرات الشوارع بالسلمية، مقارنة بتلك التي تم قمعها بشكل دموي على مدار نصف قرن من حكم الجيش، لكن كان للاحتجاجات وحركة العصيان المدني تأثير كبير على الكثير من الأعمال الحكومية.
وتأتي الهجمات الإلكترونية بعد يوم من تظاهر عشرات الآلاف في أنحاء البلاد. وعطلت مجموعة أطلقت على نفسها «قراصنة ميانمار» مواقع على الإنترنت بما فيها موقع المصرف المركزي والصفحة الدعائية التابعة للجيش وشبكة «إم آر تي في» الرسمية للبث وسلطة الموانئ وهيئة الغذاء والدواء. وأفادت المجموعة، على صفحتها في فيسبوك: «نقاتل من أجل العدالة في ميانمار... الأمر أشبه بتظاهرة شعبية حاشدة أمام المواقع الإلكترونية التابعة للحكومة». ورأى خبير الأمن الإلكتروني مات وارن من جامعة «آر إم آي تي» أن الهدف على الأرجح هو لفت الأنظار إلى الحراك.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «نوع الهجمات التي يقومون بها هو الحرمان من الوصول إلى الخدمة أو تشويه المواقع الإلكترونية، في إطار ما يطلق عليه القرصنة الحقوقية». وأضاف: «سيكون تأثير ذلك محدوداً في النهاية، لكن ما يقومون به هو التوعية».
وسيرت الشرطة عشرات الدوريات في محيط تقاطع ميانيغون، حيث أغلق السائقون الطرقات أيضاً. وقال سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 30 عاماً: «جمعنا نحو خمس سيارات أجرة وادعى أحد سائقيها أن سيارته تعطلت وأغلقت الطريق. أحاط به البقية. لكننا لم نمكث طويلاً. أغلقنا الطريق لمدة نحو ثلاثين دقيقة». وأضاف: «نقوم بذلك للتسبب بصعوبات بالنسبة للشرطة. إذا قدموا وكان الوضع متوتراً بعض الشيء، نغادر». وقالت بائعة متجولة تدعى ثان ثان إن الأزمات المرورية تصعب الأمور عليها بعض الشيء، لكنها تؤيد الحملة. وأفادت المرأة البالغة 50 عاماً لوكالة الصحافة الفرنسية: «اضطررت للسير لمدة 40 دقيقة تقريباً، لأن السيارات كانت تغلق الطريق أثناء عودتي إلى المنزل بعد ظهر أمس، قبل أن أتمكن من الصعود على متن حافلة». وارتفع منسوب التوتر خلال الليل في ماندالاي، ثاني كبرى المدن، عندما فرقت الشرطة والجيش تظاهرة عطلت حركة القطارات. وتم توقيف أربعة سائقي قطارات شاركوا في العصيان عبر تهديدهم بالسلاح وأجبروا على القيادة باتجاه مدينة ميتكيينا شمالاً، بحسب «هيئة مساعدة السجناء السياسيين». كما ذكرت المجموعة أنه تم توقيف ما يقارب من 500 شخص منذ الانقلاب. وفي الساعات الأولى من صباح الخميس، تم توقيف 11 مسؤولاً في وزارة الخارجية لمشاركتهم في أنشطة العصيان المدني. وقال شرطي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن 50 موظفاً مدنياً على الأقل من عدة وزارات اعتقلوا خلال الأيام الأربعة الماضية. وبرر الجيش انتزاعه للسلطة عبر حديثه عن تزوير واسع النطاق شهدته انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) التي حقق فيها حزب سو تشي فوزا كاسحا. ودانت قوى غربية والأمم المتحدة الانقلاب. وتم توجيه اتهامات لسو تشي بحيازة أجهزة اتصال غير مسجلة وإجراء تجمع انتخابي، العام الماضي، أشارت المؤسسة العسكرية إلى أنه خرق قيود احتواء «كوفيد - 19».
ولم يتمكن محاميها خيم ماونغ زاو من لقاء موكلته وأعرب عن قلقه حيال خصوصية محادثاته معها، إذ لا يسمح له بالتحدث معها سوى عبر الهاتف أو الفيديو قبيل جلسة استماع 1 مارس (آذار).
معارضو انقلاب ميانمار يتحدون الجيش إلكترونياً وعلى الطرقات
«قراصنة» يعطلون موقع البنك المركزي وصفحة الجيش
معارضو انقلاب ميانمار يتحدون الجيش إلكترونياً وعلى الطرقات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة