الإعلان عن «مؤتمر وطني» لإنقاذ تونس من أزمتها السياسية

تونسيون يحتجون أمام محكمة العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين خلال التظاهرات الأخيرة (إ.ب.أ)
تونسيون يحتجون أمام محكمة العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين خلال التظاهرات الأخيرة (إ.ب.أ)
TT

الإعلان عن «مؤتمر وطني» لإنقاذ تونس من أزمتها السياسية

تونسيون يحتجون أمام محكمة العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين خلال التظاهرات الأخيرة (إ.ب.أ)
تونسيون يحتجون أمام محكمة العاصمة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين خلال التظاهرات الأخيرة (إ.ب.أ)

كشف حسام الحامي، المنسق العام لـ«ائتلاف صمود» (معارض)، عن التوجه لعقد «مؤتمر وطني شعبي للإنقاذ» خلال شهر يوليو (تموز) المقبل على أقصى تقدير، وذلك بعد الانتهاء من المؤتمرات الجهوية والمحلية كافة، وتنظيم ورشات تهم الجانب الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، بتعاون مع منظمات وطنية، وجمعيات وأحزاب سياسية، بهدف الخروج بمقترحات عملية قابلة للتنفيذ لحل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد.
جاء ذلك خلال الجلسة التأسيسية للمؤتمر الوطني الشعبي للإنقاذ، التي عقدت أمس في العاصمة، والتي قدّم فيها عدد من ممثلي الأحزاب والجمعيات والمنظمات تصوراتهم الأولية لتنظيم هذا المؤتمر، الذي دعا إليه «ائتلاف صمود» منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وموقفهم من مختلف القضايا التي سيناقشها، والإصلاحات الممكنة للخروج بتونس من الأزمة الراهنة.
وقال حسام الحامي لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر «فضاء سيجمع مكونات المجتمع المدني كافة، من أحزاب ومنظمات وجمعيات، لتقديم مقترحاتها حول القضايا الرئيسية التي تهم التونسيين، والعمل على إيجاد توافقات تاريخية، والضغط من أجل تطبيقها من قبل السلطة التنفيذية والتشريعية... وإيجاد حلول للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد»، معتبراً أن هذا المؤتمر «يمثل فرصة للأحزاب والجمعيات التي تعمل منذ مدة على وضع برامج إصلاحية، لتفعيل تصوراتها في إطار مجموعة من التوافقات». وشهدت الجلسة التأسيسية للمؤتمر مشاركة عدد من الوجوه السياسية والحزبية، معظمها من التيار اليساري، وعدد من نواب البرلمان، بالإضافة إلى شخصيات وطنية ونقابية وممثلي كثير من الجمعيات.
وعلى صعيد متصل، دعا عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حركة النهضة (إسلامية)، إلى إجراء حوار سياسي، يقوده رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتشارك فيه الأحزاب والمنظمات لمحاولة تجاوز حالة الانسداد السياسي، الذي تعرفه البلاد نتيجة الخلاف الحاد بين رأسي السلطة التنفيذية. وأبرز الهاروني، وهو أحد القيادات التاريخية في حركة النهضة، أن هذه الخطوة «باتت ضرورية في حال عدم تفعيل مبادرة الحوار، التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)»، والتي قال إنها ستتم تحت إشراف الرئيس قيس سعيد.
ومن ناحيته، قام المشيشي بإقرار تعديل وزاري شمل 11 حقيبة وزارية ليقطع الطريق أمام تحالف رئيس الجمهورية مع اتحاد الشغل، ما خلّف أزمة دستورية بعد رفض الرئيس لهذا التعديل، وعدم قبوله بأداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمامه.
في غضون ذلك، شهدت مدينة قبلي (جنوب) أمس محاولة اقتحام لمقر الولاية (المحافظة)، وذلك بعد تنظيم مظاهرات في وسط المدينة، ومحاولة عدد من المطالبين بالتوظيف اقتحام المقر الحكومي. كما عمد المحتجون إلى منع موظفي الولاية من الدخول إلى مقر عملهم، ما أرغم قوات الأمن على استعمال الغاز المسيل للدّموع لتفريق المحتجّين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم