اليمن يدعو مجلس الأمن لوضع حد لتصعيد الحوثيين في مأرب

تنديد عربي بسلوك الجماعة وتحذيرات من انهيار 90 مخيماً للنازحين

الدكتور أحمد بن مبارك لدى لقائه السفير فلاديمير ديدوشكين في الرياض أمس (سبأ)
الدكتور أحمد بن مبارك لدى لقائه السفير فلاديمير ديدوشكين في الرياض أمس (سبأ)
TT

اليمن يدعو مجلس الأمن لوضع حد لتصعيد الحوثيين في مأرب

الدكتور أحمد بن مبارك لدى لقائه السفير فلاديمير ديدوشكين في الرياض أمس (سبأ)
الدكتور أحمد بن مبارك لدى لقائه السفير فلاديمير ديدوشكين في الرياض أمس (سبأ)

وسط تنديد عربي بسلوك الجماعة الحوثية المتنافي مع مساعي السلام وتحذيرات حقوقية من انهيار نحو 90 مخيما للنازحين بسبب هجمات الجماعة المكثفة غرب مأرب وشمالها الغربي، دعت الحكومة اليمنية أمس(الأربعاء) مجلس الأمن الدولي لوضع حد لتصعيد الجماعة التي قالت إنها «لا تكترث لضغوط المجتمع الدولي».
وقال وزير الخارجية في الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك في تصريحات رسمية خلال استقباله في الرياض السفير الروسي لدى بلاده فلاديمير ديدوشكين إن «ما تقوم به الميليشيات الحوثية يعد رسائل واضحة بأنها غير معنية بالسلام وهو ما يستلزم ممارسة أقصى الضغوط عليها لوقف اعتداءاتها والتعامل الإيجابي مع جهود إحلال السلام».
وشدد الوزير اليمني عشية اجتماع مرتقب لمجلس الأمن بشأن اليمن على «أهمية اتخاذ المجلس الإجراءات الكفيلة بوضع حد للتصعيد العسكري الحوثي والانتهاكات المتكررة وإجبار الميليشيا على ضبط سلوكها ووقف اعتداءاتها وتماديها في زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة».
وذكرت المصادر الرسمية أن بن مبارك أشار «إلى أن الخطوات التي اتخذت لتنفيذ اتفاق الرياض وعودة الحكومة إلى عدن الهدف منها هو إرساء دعائم السلام وتحقيق المصالحة الوطنية».
وأضاف «ذلك التوجه ومنذ اليوم الأول لعودة الحكومة قابلته ميليشيا الحوثي بعدوانية ورغبة جامحة لعرقلة الجهود الرامية لإنهاء الحرب في اليمن وآخرها الهجوم على مدينة مأرب وقصف المناطق السكنية بالصواريخ الباليستية وتصاعد الانتهاكات في مدينة الحديدة وتدمير مسجد القاسمي في حي المنظر بالصواريخ، واستهداف الأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية بشكل يومي، وعدم الاكتراث لدعوات المجتمع الدولي لإنهاء الحرب وتحقيق السلام».
وفيما تكثف الجماعة هجماتها باتجاه مأرب للأسبوع الثاني على التوالي على نحو غير مسبوق حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، من مغبة هذا التصعيد محملاً الميليشيا الانقلابية، المسؤولية الكاملة عن تدهور أوضاع اليمنيين وإطالة معاناة الملايين جراء استمرار الصراع.
وأكد أبو الغيط في بيان أمس أن «ميليشيا الحوثي استفادت من تغيرات معينة على الساحة الدولية، وتسعى لتحقيق مكاسب سياسية عبر تصعيد عسكري يستهدف مناطق مأهولة بالسكان» مشيراً إلى أن هذا التصعيد الخطير «يجعل استئناف العملية السياسية أصعب وأبعد منالا».
وشدد الأمين العام للجامعة العربية، على أن الحل السياسي يقتضي ابتداءً وقفاً فورياً للعمليات العسكرية، داعياً ميليشيا الحوثي إلى الالتزام بوقف كامل لإطلاق النار على الجبهات كافة، بما في ذلك وقف الهجمات التي ما زالت تباشرها ضد أهداف على أراضي المملكة العربية السعودية.
وجدد أبو الغيط، تأكيده أن قوات تحالف دعم الشرعية أظهرت الالتزام والمسؤولية اللازمين حيال خفض التصعيد، مشيراً إلى أن الأزمة الإنسانية في اليمن تُشكل مصدر قلق للجامعة العربية.
ومع اشتداد الهجمات الحوثية وسقوط صواريخها بالقرب من مخيمات النازحين في مأرب دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان و33 منظمة حقوقية يمنية في خطاب مشترك الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل لحث الاتحاد الأوروبي على التدخل العاجل لوقف التداعيات الإنسانية الخطيرة الناتجة عن هجوم جماعة الحوثي على المحافظة المكتظة بالنازحين.
وقالت المنظمات في خطابها إنّ جماعة الحوثي صعّدت في الأسبوعين الأخيرين من حملتها العسكرية للسيطرة على مدينة مأرب، وزادت من هجماتها العشوائية دون الالتفات إلى المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني والمخاطر المترتبة على السكان المدنيين.
وعبرت المنظمات عن قلقها من مخاطر وقوع كارثة إنسانية وشيكة قد تحل بالمدينة جراء الهجوم العسكري، إذ تضم أكثر من 90 مخيماً للنازحين يقطنها نحو 2 مليون نازح، منهم 965 ألف طفل و429 ألف امرأة، فرّوا من المحافظات القريبة خلال سنوات النزاع إلى مأرب التي كانت تعد مكاناً آمناً نسبياً.
وأبرزت المنظمات أنّ هجوم جماعة الحوثي تسبب بعرقلة وصول المساعدات الإغاثية إلى النازحين، عدا عن تهديد حياتهم على نحو مباشر، فضلا عن أن الهجوم قد يجبرهم كذلك على الفرار بشكل جماعي من المدينة دون ممرات آمنة، وبلا أي ضمانات بعدم تعرّضهم لعمليات انتقامية حال سيطرت جماعة الحوثي عليها قبل أن يفرّوا منها.
وأشارت هذه المنظمات الحقوقية إلى أنّ الهجوم على مأرب يبعد فرص التوصل لحل سلمي للنزاع في البلد الذي يشهد أسوء أزمة إنسانية في العالم، إذ أصبح نحو 80 في المائة من اليمنيين يعتمدون على المساعدات الإغاثية، و50 في المائة من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية، وقد يموت مئات الآلاف منهم بسبب نقص المساعدات الإنسانية التي تراجعت على نحو كبير خلال العامين الماضيين.
ودعت المنظمات في خطابها المشترك الاتحاد الأوروبي إلى التدخل العاجل لوقف هجوم جماعة الحوثي على مدينة مأرب، تماشيا مع قرار البرلمان الأوروبي الأخير بتاريخ 11 فبراير (شباط) 2021 بشأن الوضع الإنساني والسياسي في اليمن.
على الصعيد الميداني أفادت المصادر العسكرية في الجيش اليمني بتمكن القوات الحكومية والمقاومة الشعبية من كسر هجمات للميليشيات الحوثية شمال غربي مأرب بالتزامن مع ضربات لطيران تحالف دعم الشرعية استهدفت تعزيزات الجماعة وآلياتها.
وقال الموقع الرسمي للجيش (سبتمبر.نت) إن القوات تخوض معارك متواصلة للأسبوع الثاني على التوالي، في جبهات عدة غرب محافظة مأرب وشمالها الغربي، وسط تكبد ميليشيات الحوثي خسائر بشرية ومادية كبيرة.
ويوم الأربعاء أفادت المصادر العسكرية بأن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية مسنودين بمقاتلات تحالف دعم الشرعية نفذوا عمليات عسكرية نوعية وكمائن محكمة، أسفرت عن مصرع عشرات العناصر من الحوثيين في جبهات متفرقة غرب مأرب وشمالها الغربي.
وأكد موقع الجيش سيطرة القوات على مواقع مهمة إثر معارك ضارية خاضتها مع الميليشيات من بينها مواقع ملبودة في جبهة الكسارة شمال غربي مأرب، كما أكد مقتل 20 مسلحا حوثيا في كمين نفذه الجيش والمقاومة الشعبية في جبهة مدغل.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.