إدلب: نازح في السبعين يعود إلى مقاعد الدراسة

النازح عبد الكريم البكري (69 عاماً) على مقعد الدراسة في إدلب (الشرق الأوسط)
النازح عبد الكريم البكري (69 عاماً) على مقعد الدراسة في إدلب (الشرق الأوسط)
TT

إدلب: نازح في السبعين يعود إلى مقاعد الدراسة

النازح عبد الكريم البكري (69 عاماً) على مقعد الدراسة في إدلب (الشرق الأوسط)
النازح عبد الكريم البكري (69 عاماً) على مقعد الدراسة في إدلب (الشرق الأوسط)

احتلت صورة رجل «سبعيني» سوري يؤدي امتحانات مدرسية مع تلامذة بعمر أحفاده في شمال غربي سوريا، عدداً من مواقع التواصل الاجتماعي، ولاقت تفاعلاً واسعاً على مواقع الناشطين السوريين.
«التلميذ» هو الحاج عبد الكريم البكري (69 عاماً)، وهو مهجر من بلدة التمانعة جنوب شرقي محافظة إدلب، ويدرس تخصص التاريخ السنة الثانية، وحاصل على علامات عالية في امتحاناته.
وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه حصل على الشهادة الثانوية من مدرسة بن رشد في مدينة حماة عام 1974. وبسبب الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي كان تعاني منها أسرته حالت بينه وبين متابعة التعليم، وفضل الاهتمام المطلق بوالده وإخوته لسنوات طويلة، ليتزوج بعدها ويبني أسرة من 8 أفراد، معتمداً على الزراعة والتدريس بالوكالة في مدارس حكومية.
وأضاف، أنه نزح وأسرته قبل نحو عام من بلدته التمانعة جنوب إدلب «جراء حملة عسكرية قامت بها قوات النظام، نحو المناطق الشمالية من المحافظة، لتستقر به الأوضاع في مدينة إدلب بعد رحلة نزوح استمرت لعام متنقلاً بين عدد من المدن والمناطق».
ويتابع، أن شعوره بالاستقرار وتوفر الأجواء المناسبة للدراسة في المنزل وتعاون زوجته وأبنائه له، «أمور دفعته إلى السعي لحقيق حلمه في مواصلة التعليم والتسجيل في جامعة إدلب قسم التاريخ. نجح في السنة الأولى في الجامعة بمعدل 79.4 ويعتبر معدل جيد جداً، لينتقل بعدها إلى مقاعد السنة الثانية، بكل إصرار وثقة بنفسه وأنه قادر على الحصول في النهاية على شهادة جامعية باختصاص التاريخ لحبه وشغفه قراءة التاريخ».
ولفت، أنه لاقى ترحيباً كبيراً وتشجيعاً من إدارة الجامعة والمدرسين، وأيضاً لاقى ذات الترحيب من الطلاب، واعتبر ذلك «تحفيزاً للشباب السوري على التعليم»، مشيراً إلى أنه أهدى الجامعة أكثر من 120 كتاباً من مكتبته الخاصة، وهي كتب ثمينة غير موجودة في المكتبات الحالية. وقال إن العلم لا يقتصر على عمر أو سن محددة، وعلى الجميع أن يتعلموا مهما كانت المصاعب والعقبات، لأنه بالعلم ترتقي الشعوب».
على صعيد آخر، أطلقت «هيئة تحرير الشام» سراح أميركي يقدم نفسه على أنه صحافي، لكن يشتبه بارتباطه بتنظيمات متشددة في شمال غربي سوريا، بعد ستة أشهر من اعتقاله، وفق ما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وقال إن «هيئة تحرير الشام عمدت إلى الإفراج عن بلال عبد الكريم... بعد أكثر من 6 أشهر على اعتقاله في ريف إدلب» بموجب وساطة «من وجهاء المنطقة».
وتمّ اعتقال عبد الكريم (49 عاماً)، وهو أميركي، في بلدة أطمة قرب الحدود التركية في أغسطس (آب) (أغسطس) الماضي، بعد أسبوع من نشره حينها مقابلة مع زوجة البريطاني توقير شريف الذي اعتقلته الهيئة أيضاً ويقدّم نفسه على أنه عامل إغاثة. واتهمت الزوجة في المقابلة الفصيل بسجن زوجها تعسفياً وممارسة التعذيب بحقه.
وحكمت هيئة تحرير الشام حينها على عبد الكريم، واسمه الحقيقي داريل لامونت فيلبس، بالسجن لمدة عام ونصف العام، بحسب «المرصد».
ودخل الأخير إلى سوريا عام 2012 آتياً من ليبيا. وعمل مع وسائل إعلام بارزة مثل «سي إن إن» قبل أن يؤسس قناته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأثارت المقابلات التي أجراها مع فصائل ومقاتلين متطرفين الشكوك حول علاقته بها، في وقت كان دخول صحافيين أجانب إلى المنطقة محفوفاً بالمخاطر.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم