«ثلاثي آستانة» يتمسك بـ«الدستورية» وهدنة إدلب

بيدرسن يلتقي لافروف اليوم قبل زيارة دمشق

المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن يلتقي سوسان في سوتشي أول من أمس  (روسيا اليوم)
المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن يلتقي سوسان في سوتشي أول من أمس (روسيا اليوم)
TT

«ثلاثي آستانة» يتمسك بـ«الدستورية» وهدنة إدلب

المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن يلتقي سوسان في سوتشي أول من أمس  (روسيا اليوم)
المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن يلتقي سوسان في سوتشي أول من أمس (روسيا اليوم)

أكدت روسيا وتركيا وإيران في ختام الجولة الـ15 من المفاوضات في إطار «مسار آستانة» توجهها لدفع عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف، وشغل هذا الملف حيزاً أساسياً في البيان الختامي، الذي تحدث عن «مناقشة تفصيلية شاملة» أجرتها الأطراف الحاضرة في جولة المفاوضات. ولفت البيان إلى توافق بين «ضامني وقف النار» على استمرار العمل بالهدنة في منطقة إدلب، وعدم السماح بانزلاق الوضع نحو تفجير مواجهات عسكرية جديدة.
وعقدت الوفود المشاركة في ثاني أيام جولة المفاوضات محادثات ثنائية ومتعددة، قبل أن تنضم إلى الجلسة العامة التي تم خلالها الإعلان عن الوثيقة الختامية. وتضمّن البيان بعد الإشارات التقليدية في مقدمته إلى التزام الأطراف باحترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، تأكيداً على أولوية ملفي دفع عمل اللجنة الدستورية التي خصص لها أربعة بنود من مجموع بنود الوثيقة الـ17. وأكدت الأطراف التزامها بتعزيز مسار الحوارات في إطار اللجنة، والعمل مع الأطراف السورية ومع المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن بهدف تذليل الصعوبات وتوفير المناخ المناسب لإنجاح عمل اللجنة. وأكدت الأطراف، أن عمل «الدستورية» يجب أن يبنى على الحوار البنّاء والتوافقات من دون تدخل خارجي.
وشكّل ملف إدلب العنصر الثاني الأبرز على جدول الأعمال، وانعكس ذلك في الوثيقة الختامية التي شددت على «ضمان الالتزام بالهدنة وتنفيذ الاتفاقات السابقة المتعلقة بوقف النار». علماً بأن هذا كان ملفاً خلافياً، بسبب تأكيد الوفد الحكومي في وقت سابق أن اتفاق وقف النار الموقّع قبل عام قد انتهى. وأكد البيان أيضاً، على أنه «لا حل عسكرياً» للوضع في سوريا، مشدداً على اعتماد مرجعية قرارات الأمم المتحدة والقرار 2254.
وتطرق إلى الوضع في شمال وشرق سوريا، مشدداً على أهمية ضمان وحدة الأراضي السورية و«رفض كل المحاولات لخلق واقع جديد على الأرض»، وجدد رفض «الاستيلاء غير المشروع على عائدات النفط في شمال شرقي سوريا». وأعلنت أنقرة، أن الدول الثلاث «رفضت الأجندات الانفصالية التي تستهدف وحدة أراضي سوريا ووحدتها السياسية وتشكل تهديداً للأمن القومي لدول الجوار». وتابعت «تم لفت الانتباه إلى الطبيعة غير المقبولة للمحاولات الانتهازية غير المشروعة الجارية على الساحة السورية بحجة محاربة الإرهاب».
وأدان البيان الأنشطة الإرهابية المتزايدة في سوريا والتي أدت إلى مقتل أبرياء، وأعرب عن قلقه إزاء تزايد الهجمات التي تطال المدنيين شمال شرقي سوريا. وأكد ضرورة التزام الأطراف بالحفاظ على التهدئة على الأرض بموجب الاتفاقات المتعلقة بإدلب.
كما أدانت الدول الضامنة لعملية «آستانة» أيضاً، «الهجمات العسكرية الإسرائيلية المستمرة على سوريا والتي تنتهك القانون الدولي والقانون الإنساني».
وتضمن البيان بنوداً حول الوضع الإنساني، وأهمية أيضال المساعدات إلى كل الأطراف، بما في ذلك في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، وأكد أهمية دفع ملف عودة اللاجئين. وحدد موعداً تقريبياً لعقد الجولة المقبلة من المفاوضات في منتصف العام في عاصمة كازاخستان نور سلطان.
وفي مؤتمر صحافي ختامي، لفت لافرنتييف إلى أن واشنطن «لم تبلور بعد سياستها تجاه سوريا»، معرباً عن أمل في إطلاق «محادثات بنّاءة» مع واشنطن حول الملف السوري. وأضاف، أن موسكو تتطلع أيضاً إلى أن تغير الإدارة الجديدة النهج الذي سارت عليه واشنطن في السنوات الماضية والذي اعتمد على مبدأ الضغط ومحاولات عزل سوريا سياسياً واقتصادياً.
ورأى المبعوث الرئاسي الروسي، أن «رفع العقوبات وفتح الحوار مع دمشق من شأنه أن يحفز الحكومة السورية على تنشيط التحرك في مجالات التسوية السياسية».
وحول الضربات الإسرائيلية، لفت لافرنتييف إلى أن موسكو تأمل في أن «يصغي الجانب الإسرائيلي إلى تحفظاتنا ودعواتنا للتوقف عن التصعيد»، محذراً من أن «صبر الحكومة السورية قد ينتهي وقد ترد بضربة جوابية على القصف المتواصل ما يهدد بدوامة عنف وتصعيد كبير لذلك نتواصل مع إسرائيل وندعو لتجنيب المنطقة هذا التصعيد».
وأشار إلى «حوارات جرت بين الإسرائيليين والروس لتخفيف التوتر ونزع فتيل التصعيد»، وتعد هذه أول مرة يصدر فيها تأكيد رسمي روسي لإجراء حوارات سورية - إسرائيلية برعاية من جانب موسكو.
إلى ذلك، حذر كبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني علي أصغر حاجي، الذي رأس وفد بلاده إلى سوتشي، أنه «إذا تعرض المستشارون العسكريون الإيرانيون في سوريا للهجوم، فإن إسرائيل ستواجه رداً قاسياً»، مشدداً على أن المستشارين الإيرانيين «ينشطون في سوريا ضد الإرهاب».
في الأثناء، أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، أنه سيتوجه بعد زيارته موسكو اليوم إلى دمشق، حيث يواصل المشاورات حول عمل اللجنة الدستورية السورية. وقال بيدرسن «سأجري مشاورات الخميس مع وزير الخارجية (سيرغي) لافروف. وأنا أنتظر هذه المباحثات، وبعد زيارتي لموسكو سأتوجه إلى دمشق، وبعد ذلك سنرى كيف ستسير المشاورات».
وبدت تعليقات بيدرسن متشائمة حول عمل «الدستورية»، وقال إن المشاورات التي أجراها في سوتشي، بما في ذلك مع وفود الحكومة والمعارضة، خلصت إلى أن «اجتماعات اللجنة الدستورية لا يمكن أن تستمر بعد الاجتماع الأخير»، مشدداً على أن «التغييرات مطلوبة قبل أن نتمكن من الاجتماع مرة أخرى».
وأعرب بيدرسن عن أمله بأن تتمكن موسكو والإدارة الأميركية الجديدة من دفع عملية التسوية في سوريا.

من جانبه، لفت أيمن سوسان، رئيس وفد الحكومة السورية، إلى التركيز خلال اللقاءات التي أجراها في سوتشي على أن «وجود قوات الاحتلال الأميركي والتركي يشكل العامل الأساس الذي يعيق عودة الاستقرار بشكل كامل إلى سوريا ودحر الإرهاب وإنهاء الحرب الظالمة ويشجع الحركات الانفصالية وما تقوم به من جرائم بحق أهلنا في منطقة الجزيرة السورية».
وقال إن هذا المحور كان أساسياً في الحوارات الثنائية «مع الأصدقاء الروس والإيرانيين والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والوفد العراقي».
لكنه شدد في الوقت ذاته على «قناعة بأنه يمكن تحقيق المزيد من النتائج الإيجابية وعلى مختلف الصعد في حال التزام النظام التركي بالتفاهمات مع الجانب الروسي وخاصة لجهة القضاء على التنظيمات الإرهابية وإنهاء الوضع الشاذ في منطقة خفض التصعيد بإدلب».
وبين سوسان، أن وفد الحكومة جدد خلال الاجتماعات التأكيد على أهمية الابتعاد عن تسييس الموضوع الإنساني في سوريا وأهمية وصول المساعدات إلى مستحقيها دون أي تمييز أو تسييس، وفي ظل الاحترام الكامل لسيادة سوريا، وعلى أهمية عدم وصول هذه المساعدات إلى المجموعات الإرهابية، كما تم التأكيد على إدانة الإجراءات القسرية أحادية الجانب غير الشرعية التي يفرضها الغرب على سوريا في انتهاك سافر لمبادئ القانون الدولي الإنساني وأبسط حقوق الإنسان وتنعكس بشكل سلبي على حياة المواطن السوري ولقمة عيشه.
في المقابل، دعا رئيس وفد المعارضة السورية أحمد طعمة، إلى دفع الجهود من أجل «الخروج من المأزق الذي حدث في الجولة الخامسة في اجتماعات (الدستورية)».
مشدداً على أهمية «الانتقال إلى مرحلة الصياغة». وأشار طعمة إلى أن المعارضة السورية كانت أكثر من تضرر من الجماعات المتطرفة و«نحن نحاربهم منذ اللحظة الأولى وسنستمر في مواجهتهم».
كما أعرب طعمة عن قلقه تجاه الوضع الاقتصادي في سوريا، وزاد «الوضع الاقتصادي في سوريا يقلقنا ونضغط للتوصل لحل سياسي للتخفيف من المعاناة الاقتصادية (..) نريد أن تركز العقوبات الاقتصادية على النظام فقط».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.