«مساحات العمل المشتركة» ملجأ الشباب الليبي من انقطاع الكهرباء والإنترنت

مساحة العمل المشتركة «نقطة» (أ.ف.ب)
مساحة العمل المشتركة «نقطة» (أ.ف.ب)
TT

«مساحات العمل المشتركة» ملجأ الشباب الليبي من انقطاع الكهرباء والإنترنت

مساحة العمل المشتركة «نقطة» (أ.ف.ب)
مساحة العمل المشتركة «نقطة» (أ.ف.ب)

تجذب مساحات العمل المشتركة الشباب الليبيين في بلد يشهد انقطاعاً متكرراً في الكهرباء والإنترنت، مما أدى إلى زيادة عدد هذه الأماكن في طرابلس التي توفّر لهم اتصالاً أكثر ثباتاً بتلك الخدمات.
مع تدهور الوضع في ليبيا التي تواجه انقسامات وتدخلات خارجية منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011. ازدهرت مساحات العمل المشتركة، لا سيما في العاصمة حيث يعيش أكثر من نصف السكان.
وتشهد طرابلس انقطاعاً متكرراً وطويلاً لخدمات الإنترنت والكهرباء والمياه. ولذلك يلجأ مشغلو مساحات العمل المشتركة إلى ابتكار الحلول: مولدات كبيرة، ألواح شمسية، محوّلات، وأحياناً يتحولون إلى مزودين للإنترنت.
وتتعدد مراكز العمل المشتركة من «نقطة» و«فرست سنتر» و«سبايس 340» و«هايف سبايس» و«مساحة»، وكلّها تجذب زبائن شباب خصوصاً، يأتون بحثاً عن تغذية إبداعهم أو إطلاق مؤسساتهم الخاصة ولقاء أشخاص يتشاركون معهم الاهتمامات نفسها.
يؤكد يوسف الريان مدير الأعمال والمشاريع في مساحة عمل «نقطة»، وهي من بين أولى مساحات العمل المشتركة التي تأسست في طرابلس أواخر عام 2017 أن الزبائن لا يأتون فقط بحثاً عن الخدمات التي يوفرها المكان، بل لأنهم يرتاحون فيه أيضاً. هو نفسه كان يقصد هذا المكان الواقع في شارع تجاري في طرابلس، قبل أن يبدأ العمل فيه.
على مدخل المبنى ذي الطوابق الثلاثة، رُفعت لافتة كُتب عليها «أهلاً بكم في مساحتكم».
بمجرد دخوله، ينقطع الزائر عن الضجيج الخارجي الناجم عن أبواق السيارات والازدحام.
تتنوع خدمات المكان أيضاً بما يتوافق مع احتياجات الزبائن، حيث توجد مكاتب خاصة، وقاعات اجتماع ومساحات مشتركة، أو غرف «هادئة» مع محطات عمل وإنترنت عالي السرعة وخزائن مؤمنة.
يعمل البعض في الخارج على الشرفة المطلة على الشارع أو في المقهى.
يقول محمد المحجوب البالغ من العمر 23 عاماً وهو من رواد المكان: «من غير المعقول بالنسبة لي أن أبقى ساعات طويلة في نفس المكان كل يوم... لا أستطيع حتى أن أتخيل نفسي ولو بعد عدة سنوات مكبلاً في وظيفة من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثالثة أو الرابعة بعد الظهر».
وأضاف: «كل ما يلزمني هو إنترنت سريع وكهرباء وتكييف في الصيف... مع شباب يعملون في نفس المجال يفهمون ما أفعل وغالباً ما يعلمونني أشياء جديدة».
ينظم المشغلون الرئيسيون لهذه المساحات مسابقات أو ورشات عمل متنوعة، تمولها أحياناً شركات أو منظمات مثل الأمم المتحدة.
ويقول يوسف الريان: «خلقنا مجتمعاً من الفريلانسرز (الموظفين المستقلين)، لنكون حلقة وصل بين المستثمرين ورجال الأعمال وأصحاب المشاريع الصغرى».
منعت الحرب في وقت من الأوقات هذا المجتمع من التلاقي.
ومع بدء عملية الجيش الوطني الليبي في أبريل (نيسان) 2019. أغلقت كل مساحات العمل المشتركة لأنه «لم يكن بإمكاننا أن نعرف كيف سيمتد الضرب العشوائي... هل ستقع علينا (قذيفة)؟»، كما يشرح الريان.
وبين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020. حاولت قوات الجيش الوطني الليبي السيطرة على العاصمة حيث مقر حكومة الوفاق الوطني، لكن العملية أخفقت.
وأرغم سكان عين زارة إحدى ضواحي العاصمة التي شهدت قتالاً عنيفاً، على مغادرة بيوتهم بسبب الحرب.
تقول مديحة العماري (24 عاماً) طالبة الطب التي نزحت مع عائلتها إن «السلامة الجسدية وحدها لا تكفي، ومع غياب الإنترنت والكهرباء، باتت مساحات العمل المشترك مكاناً يمكن لي فيه الحفاظ على سلامة صحتي النفسية أيضاً».
انتعشت مساحات العمل المشتركة مع تحول سكان طرابلس إلى العمل عن بعد بسبب وباء «كوفيد - 19»، ومع توجه طلاب إليها سئموا من المقاهي المليئة «بالضجيج والدخان والشبّان»، كما تقول منارة العالم التي أسست عملاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
من جهته، يقول الريان: «كانت الفتيات يأتين مع أهاليهن أو آبائهن للتحقق من أجواء المكان»، مضيفاً أنهم كانوا يطمئنون على الفور للمساحة.
يؤكد الريان الالتزام الواسع بتدابير الوقاية من «كوفيد - 19»، الذي سجلّ أكثر من 128 ألف حالة إصابة في ليبيا بينها أكثر من ألفي وفاة.
ويصف الموظفون كما روّاد «نقطة» المكان أنه بمثابة «عائلة صغيرة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».