«دفاتر مايا» اللبناني يشارك في «برلين السينمائي»

جوانا حاجي توما: هدفنا نقل مرحلة الثمانينات لشباب اليوم

مشهد من فيلم «دفاتر مايا» يجتمع فيه عدد من المراهقات في الثمانينات
مشهد من فيلم «دفاتر مايا» يجتمع فيه عدد من المراهقات في الثمانينات
TT

«دفاتر مايا» اللبناني يشارك في «برلين السينمائي»

مشهد من فيلم «دفاتر مايا» يجتمع فيه عدد من المراهقات في الثمانينات
مشهد من فيلم «دفاتر مايا» يجتمع فيه عدد من المراهقات في الثمانينات

يصنّف «مهرجان برلين» السينمائي المعروف باسم «برليناري» من بين الأكثر شهرة عالمياً. ويشهد انعقاده بين 9 و19 فبراير (شباط) من كل عام نسبة عالية من الزوار، مما يجعله من أهم المهرجانات السينمائية منذ تأسيسه في عام 1951.
مؤخرا أُعلن عن لائحة الأفلام المشاركة في الدورة الـ71 للمهرجان. وعلى الرغم من الظروف الصحية التي يمر بها العالم بسبب الجائحة، قرر المهرجان المضي بنشاطاته. ويقام القسم الأول من النشاطات افتراضياً بين 1 و5 مارس (آذار) المقبل. فيما سيُتخذ القرار المناسب للجزء الثاني المنتظر من الجمهور، ومحوره عروض الأفلام، والتي تقام بين 9 و20 يونيو (حزيران) المقبل.
ولأول مرة منذ 39 عاماً سيشارك لبنان في هذا المهرجان من خلال الفيلم السينمائي «دفاتر مايا» (Memory box)، للثنائي جوانا حاجي توما وخليل جريج. ويأتي هذا الإعلان بالنسبة للشركتين المنتجة للفيلم «أبوط برودكشن» والموزعة له «إم سي» بمثابة إصرار على دور لبنان الثقافي في المنطقة.
ويتناول الفيلم قصة «مايا» وهي امرأة لبنانية انتقلت للعيش في كندا منذ أكثر من 30 سنة. ولا تزال تقيم في مونتريال مع ابنتها المراهقة «أليكس». وعشية عيد الميلاد، تتلقّى «مايا» شحنة، وهي كناية عن صندوق في داخله دفاتر وأشرطة كاسيت وصور، مما شكّل مفاجأة لها. فهي كانت قد أرسلتها قبل سنوات طويلة (في عام 1982) من بيروت إلى صديقة عزيزة لها تعيش في باريس. ترفض «مايا» فتح الصندوق ومواجهة ذكرياتها. لكنّ مقتنيات الشحنة من صور ومذكرات تثير فضول الابنة «أليكس»، فتغوص في هذا الأرشيف وفي أسرار حياة أمها، فتدخل ما بين الخيال والواقع عالم مراهقة والدتها خلال الحرب اللبنانية، مكتشفةً ألغاز الماضي الخفي.
صُوّر الفيلم بين لبنان وكندا، واختارت مخرجته وزوجها بلدتها الأم «بيت مري»، وشوارع من بيروت، إضافةً إلى مناطق أخرى في مونتريال لتنفيذه. أما مشاهد الحرب اللبنانية، فاقتصرت على صور فوتوغرافية كان سبق وصوّرها المخرج خليل جريج واحتفظ بها في أرشيفه الخاص. وتعلق جوانا حاجي توما: «إنها صور فوتوغرافية تمثل حقبة من الحرب اللبنانية بين أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، التقطها زوجي الذي أتشارك معه في إخراج الفيلم، وفي حياتنا الطويلة معاً. فنحن نعرف بعضنا منذ كنا في عمر التاسعة عشرة. يومها لم نكن نعلم ماذا سيكون مصير هذه الصور، ولكن شاءت الصدف أن تشكل عنصراً فنياً من عناصر فيلم (دفاتر مايا)».
وتتابع «مايا» في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ترتكز فكرة الفيلم على مراسلات وُجدت بعد 30 عاماً. كنا نتبادلها؛ صديقتي وأنا، على مدار ست سنوات. وهو ما ولّد لدي وزوجي الرغبة في صناعة هذا الفيلم. فهدفنا هو نقل حيثيات هذه المرحلة لابنتي (عليا) ولآخرين من أبناء جيلها. فأصداء هذا الماضي كانت غريبة بالنسبة لنا في هذا الوقت الذي نشهد خلاله أزمات وانهيارات لا سابق لها».
وعن مدى استخدامها قصة واقعية في فيلم سينمائي تقول: «ثمة جزء من هذه القصة حقيقي، تحضر تفاصيله في أشرطة تسجيلية وصور ومراسلات صوتية. وعندما رغبت ابنتنا أن تقرأها وتكتشفها، رسم الأمر عندنا علامات استفهام كثيرة. فماذا يعني أن تقرأ الابنة قصة والدتها؟ وكيف ستتلقف محتواها والمرحلة التي تدور فيها؟ ولكي لا تأتي قصة الفيلم قريبة إلى قصتي... أوكلنا مهمة كتابتها إلى سيناريست فرنسية كي تحمل الاستقلالية، بحيث لا تكون نسخة عن قصتي، ولكنها تحمل تفاصيل كثيرة لها علاقة بحياتي». وعن ردّ فعل ابنتها عندما قرأت هذه الذكريات تقول: «لم أسمح لابنتي (عليا) بقراءتها، ووعدتها بأن تستكشفها في سياق فيلم نصنعه، والدها وأنا، كهدية لها ولأبناء جيلها. انتهينا من تنفيذ الفيلم في عام 2019 لم يكن الوباء قد وصل إلينا بعد، ولا توالت علينا الأزمات إلى هذا الحد في لبنان والعالم. وعندما شاهدته (عليا) بكت تأثراً، فهي استمتعت بأحداثه إلى حدّ كبير».
يعدّ فيلم «دفاتر مايا» روائياً طويلاً يتضمن التشويق والرومانسية ويمزج بين الواقع والخيال، ضمن قصة يكفي أن يعرف مشاهدها مسبقا أنها حقيقية كي يتحمس لمتابعتها. كما أن اختيار المهرجان لفيلم أجنبي من هذا النوع كان لافتاً في ظل بحث اللجان السينمائية عادةً عن عنصرَي الغرابة والغموض في عروضها الحديثة. وتعلّق جوانا في معرض حديثها: «عندما جاءتنا الموافقة من إدارة المهرجان على مشاركة فيلم (دفاتر مايا) شعرنا بسعادة كبيرة. فالقيّمون على المهرجان عبّروا عن إعجابهم به ووصفوه بـ(فيلم استثنائي). وإضافةً إلى تركيزنا كمخرجين؛ زوجي خليل وأنا، على القصة وتفاصيلها، لجأنا إلى ممثلين رائعين أدركوا حجم المهمة الموكلة إليهم. فهم ينقلون أحاسيس ومشاعر وحيثيات حقبة تأثرنا جميعنا بها في لبنان. فكان أداؤهم عفوياً يخرج من أعماقهم، لا سيما أننا كمخرجين لا نسلّم الممثلين في أفلامنا أي سيناريو أو نص. فنحضّرهم ونطلعهم على المحتوى، ونتركهم يعبّرون عنه على طريقتهم. وهو ما اتّبعناه في جميع أفلامنا، كي نحافظ على قدرة الممثل على التعبير فتبدو أكثر طبيعية».
أجيال مختلفة من اللبنانيين ستتفاعل مع هذا الفيلم الذي يتكلم الممثلون فيه العربية والفرنسية، كما يتطلب سياقه. وعندما يرى الفيلم النور في صالات السينما، بعضهم سيستعيد ذكرياته ويتأثر بها، وبعضهم الآخر من جيل الشباب سيكتشف مرحلة سمع عنها ولا يعرفها». لقد بحثنا كثيراً قبل تصوير الفيلم في طبيعة هذه الذكريات، وكيف يجب أن نقدمها ببساطة، كي يتم استيعابها ممّن يجهلها. توقفنا عند اللغة والتاريخ والأماكن والأحلام والمراهقة. مزجناها في خليط يخرج عن المألوف، لنقدم منتجاً يحمل الحب والمعرفة. وذكريات قد لا يتسنى لأحد أن يعيش ما يشبهها في عالمنا اليوم».
وعن كيفية ترجمة قصة حقيقة في شريط سينمائي، تقول جوانا المتفائلة بالأصداء التي سيتركها الفيلم في المهرجان لـ«الشرق الأوسط»: «لقد ترجمناها في مشاهد مشبّعة بذكريات عشناها من جديد لمجرد اطلاعنا عليها في عمرنا اليوم. مع العمر نتغير وتصبح أفكارنا وأحلامنا الماضية تخصّان فقط المرحلة التي شهدتها. فكان من الصعب أن نغوص من جديد في عالم مضى. ولذلك عندما تقرأ الابنة (أليكس) في الفيلم كل هذه المذكرات، تعيش ما بين الواقع والخيال. وهذا الأمر يترك وقعه الجميل على الفيلم، كون الابنة المراهقة ترسم مراهقة والدتها وتكملها على طريقتها في لغة سينمائية وثيقة. فبرأيي الأفلام السينمائية لا تموت، ولكن خوفنا الوحيد هو أن يتأخر عرضه في الصالات بسبب الجائحة».
تجسّد في الفيلم دور الأم الممثلة ريم التركي، وتؤدي منال عيسى دور الفتاة المراهقة، فيما أُسند دور ابنة «مايا» إلى الممثلة بالوما فوتييه. وتوضح جوانا: «كنا تواقين للعمل مع منال عيسى، فهي ممثلة رائعة، وبحثنا عنها كثيراً لأنها لا تعيش في لبنان. أما ريم التركي فنتذكرها بأفلام المخرج المصري يسري نصر الله. وهي تغيب عن السينما منذ فترة طويلة، وسعدنا بمشاركتها في الفيلم. وكذلك الأمر بالنسبة لحسن عقيل، فهو ممثل محترف لديه حضوره الأخّاذ أمام الكاميرا. أما بالوما فكانت خير من يجسد شخصية ابنة (مايا)، فهي بالفعل تعيش بين كندا ولبنان، تفهم العربية ولا تتقنها، تماماً كما يتطلب الدور». وعن سبب عدم إعطاء الدور لابنتها عليا خصوصاً أنها تناسب الدور بعمرها تقول: «ابنتي عليا لا تحب التمثيل أبداً، فهي تفضل أن تشاهد الأفلام. أما ابني رمزي فأعتقد أنه سيحمل هذه الموهبة ويتقنها في المستقبل».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».