حضت ألمانيا إيران على الامتناع عن تقويض تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في وقت قالت فيه الحكومة الإيرانية إن الخطوة لا تعني إنهاء التعاون مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة، رافضة في الوقت نفسه اتخاذ «الخطوة الأولى» والعودة لالتزاماتها النووية، في تحدٍّ لآمال الرئيس الأميركي جو بايدن في إحياء الاتفاق.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني في اتصال هاتفي مع نظيره السويسري غي بارميلين، إن {استراتيجية طهران واضحة للغاية في الاتفاق النووي}، مشدداً على أن رفع العقوبات عملياً وليس على الورق فقط من قبل الولايات المتحدة سيدفع بلاده إلى التراجع عن {تقليص الالتزامات}.
وأوضح روحاني أن {الكرة في ملعب الولايات المتحدة وعندما تترك العقوبات جانباً، سيعود كل شيء إلى المسار الصحيح}، معلناً رفض بلاده إعادة فتح الاتفاق النووي والتفاوض عليه لأن ذلك غير ممكن وانتهاك للقرار الدولي 2231.
ونسبت الرئاسة الإيرانية إلى الرئيس السويسري قوله إن بلاده تعمل على نقل أموال إيران المجمدة في بعض دول العالم إلى قناة السلع الإنسانية التي اطلقتها سويسرا العام الماضي.
إلى ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، في مؤتمر صحافي أمس، إن «وقف التنفيذ الطوعي لـ(البروتوكول الإضافي) لا يعني إنهاء التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وتعهد بأن تبلغ بلاده الوكالة التابعة للأمم المتحدة مسبقاً بأي خطوة تنوي القيام بها في البرنامج النووي. وألقى ربيعي باللوم على الأطراف الغربية في الاتفاق النووي، وقال إن «الخطوة على خلاف رغبتنا وبسبب قصور أميركا عن إلغاء العقوبات وتنفيذ تعهداتها وفق القرار (2231)». وخاطب واشنطن وحلفاءها في لندن وباريس وبرلين، قائلاً: «نأمل أن تستفيد من الفرصة القصيرة المتبقية، وألا تسمح بتعقيد الحلول الدبلوماسية في خلاف لا ضرورة له».
في برلين، قال مصدر دبلوماسي، أمس، إن ألمانيا تحذر إيران من عرقلة مهمة المفتشين الدوليين. وصرح لوكالة «رويترز» بأن «عرقلة إيران عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لن تكون مقبولة بالمرة» وأضاف: «نحث إيران على الامتناع عن هذه الخطوة، ونحن على اتصال وثيق فيما يتعلق بهذه القضية مع شركائنا؛ بمن فيهم الولايات المتحدة». وأضاف أن على إيران المساهمة في وقف التصعيد لمنح الدبلوماسية فرصة.
وقالت الإدارة الأميركية الجديدة إنها تريد الرجوع إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 إذا عاد الإيرانيون للوفاء بالتزاماتهم. وقالت واشنطن أيضاً إنها تريد التشاور مع حلفائها في الشرق الأوسط بشأن مثل هذه التحركات.
لكن سفير إسرائيل في واشنطن، جلعاد إردان، أشار، أمس، إلى احتمال عدم تواصلها مع الرئيس الأميركي جو بايدن حول استراتيجية التعامل مع برنامج إيران النووي.
وقال إردان لـ«راديو الجيش الإسرائيلي»: «لن نتمكن من المشاركة في مثل هذه العملية إذا عادت الإدارة الجديدة إلى ذلك الاتفاق»، وزاد: «نعتقد أنه إذا عادت الولايات المتحدة للاتفاق نفسه الذي انسحبت منه بالفعل، فستفقد كل سطوتها». واقترح الدبلوماسي الإسرائيلي «فرض عقوبات معرقلة، من خلال الإبقاء على العقوبات الحالية؛ بل وفرض عقوبات جديدة، إضافة إلى توجيه إنذار عسكري يعتد به - وهو ما تخشاه إيران - وهو ما يمكن أن يجلب إيران إلى مفاوضات حقيقية مع الدول الغربية ربما تسفر في النهاية عن اتفاق قادر حقاً على منعها من المضي قدماً» في إنتاج أسلحة نووية.
وفي أحاديث غير رسمية، أثار مساعدو نتنياهو تساؤلات حول ما إذا كان التواصل مع نظرائهم الأميركيين قد يأتي بنتائج عكسية على إسرائيل من خلال إعطاء إشارة خاطئة بموافقتها على أي اتفاق جديد في حين أنها تعارض ذلك، حسب «رويترز».
من جانبه، صرح مجيد تخت روانتشي، سفير إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، بأن تقليص إيران التزامات الاتفاق النووي يأتي «في إطار المادة 36»، مضيفاً أن بلاده «لم تخرج من الاتفاق حتى تريد الآن العودة إليه»، مشيراً إلى أن المادة المذكورة تفيد بأنه «عندما يرتكب أحد أعضاء الاتفاق انتهاكاً صارخاً وخطيراً، تمنح إيران خيار التخلي نهائياً أو جزئياً عن بعض التزاماتها، ونحن اخترنا الخيار الثاني».
وبدورها، قالت وكالة الطاقة الذرية إن إيران أخطرتها بوقف تنفيذ البرتوكول الإضافي في 23 فبراير ضمن اجراءات إضافية تنوي التخلي عنها، حسب رويترز.
وأبلغت إيران الوكالة الدولية، أول من أمس، بأنها ستمنع عمليات التفتيش المفاجئة بدءاً من الأسبوع المقبل إذا لم تنفذ الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي التزاماتها.
وفي أحدث إجراءات التراجع عن الالتزامات، أعلنت طهران مطلع الشهر الماضي، بدء إجراءات تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة التي كانت تعتمدها قبل اتفاق 2015 الذي حدّ مستوى التخصيب عند 3.67 في المائة.
والأسبوع الماضي، بدأت إنتاج اليورانيوم المعدني؛ لأول مرة منذ امتلاكها برنامجاً نووياً، في خطوة أثارت انتقادات من الثلاثي الأوروبي في الاتفاق النووي.
وأتت الخطوة بناء على قرار للبرلمان الإيراني في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، طلب فيه أيضاً من الحكومة تعليق الالتزام الطوعي بـ«البروتوكول الإضافي» لـ«معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية»، بدءاً من 21 فبراير (شباط) الحالي، في حال عدم رفع العقوبات.
ورد ربيعي على سؤال بشأن الموعد النهائي لرفع العقوبات، بأن «المادة السادسة» من «قانون البرلمان»، نظراً لعدم رفع العقوبات، تلزم الحكومة ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية بتعليق تنفيذ «البروتوكول الإضافي»، والذي يخفض عمليات التفتيش الإضافي لـ«معاهدة حظر الانتشار النووي».
وقال ربيعي: «لا يستغرق الأمر وقتاً كثيراً... عندما يحين الموعد، يمكننا وقف التنفيذ الطوعي فوراً»، وقال: «إيران عضو في (معاهدة حظر الانتشار)، ووفقاً لتعهداتها، سيبقى جزء أساسي من عملية الرقابة؛ أي ذلك الذي ليس في إطار (البروتوكول الإضافي)».
وجاء ذلك غداة مشاورات جرت بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ونظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، بعدما أبدت الدوحة استعدادها لتقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن بشأن الملف النووي.
وأشار بعض الصحف الصادرة في طهران، أمس، إلى أن «الاتفاق النووي» كان ضمن محاور مباحثات الوزير القطري. وكتبت صحيفة «جوان» الناطقة باسم «الحرس الثوري»، في عنوانها الرئيسي: «تقطير الاتفاق النووي عبر قطر»؛ وذلك في إشارة ضمنية إلى خطة فريق بايدن لخفض العقوبات الأميركية وإعادة طهران لالتزاماتها النووي، بدل التجاوب مع الطلب الإيراني بإلغاء العقوبات على دُفعة واحدة بصفة نهائية.
ورجحت صحيفة «آرمان ملي» تقارب المواقف بين «الشرق والغرب» في الأيام المتبقية على تنفيذ التهديد الإيراني، لكنها ناشدت الدول الأخرى: «امنعوا الخروج من (البروتوكول الإضافي)». وتساءلت عن الموقفين الصيني والروسي إذا ما أقدمت إيران على تلك الخطوة.
وسيؤدي تعليق تطبيق «البروتوكول» إلى اتخاذ طهران إجراءات؛ منها وقف السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة منشآت غير نووية، لا سيما عسكرية، في حال كانت لديهم شكوك بأنها تستخدم لنشاطات نووية الطابع.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، مساء الاثنين، عن متحدث باسم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل ماريانو غروسي، قوله أول من أمس، إن الأخير «سيقدم تقريراً لمجلس (حكام المنظمة)، وإنه على تواصل مع السلطات الإيرانية».
ولوح وزير الأمن الإيراني، محمود علوي، الأسبوع الماضي بتغيير مسار البرنامج النووي الإيراني إذا استمرت الضغوط الغربية. وقال إن الضغوط يمكن أن تدفع بطهران إلى التصرف «كقطّ محاصر» والسعي لحيازة أسلحة نووية، ولمح إلى إمكانية التراجع عن فتوى «المرشد» علي خامنئي بحرمة امتلاك الأسلحة النووية.
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، نفى ذلك، واستشهد بفتوى خامنئي، قائلاً: «إيران لم ولن تسعى أبداً لحيازة أسلحة نووية».
ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، أبو الفضل عمويي، أن وزير الأمن لم يحضر اجتماعاً للجنة البرلمانية، للرد على أسئلة النواب بشأن تصريحاته، بسبب زيارة يقوم بها، دون أن يقدم تفاصيل.
وعلوي ثاني وزير من الحكومة يتغيب عن مواجهة اللجنة البرلمانية بينما تقترب إيران من أيام حساسة في الملف النووي.
والأحد الماضي، قال متحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية، إن ظريف لم يحضر اجتماعاً مقرراً مع اللجنة حول تنفيذ القانون الجديد بسبب «وعكة»، لكن الوزير استقبل، الاثنين، نظيره القطري.
برلين تحض طهران على الامتناع عن تقويض التفتيش الدولي
برلين تحض طهران على الامتناع عن تقويض التفتيش الدولي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة