تجّار المناطق المتضررة من انفجار المرفأ ينتظرون التعويضات

تُقدّر بـ200 مليون دولار... ومبادرة سياسية «لتجنّب موجة نزوح»

تجار في بيروت أمام محلاتهم المدمرة بعد انفجار المرفأ (إ.ب.أ)
تجار في بيروت أمام محلاتهم المدمرة بعد انفجار المرفأ (إ.ب.أ)
TT

تجّار المناطق المتضررة من انفجار المرفأ ينتظرون التعويضات

تجار في بيروت أمام محلاتهم المدمرة بعد انفجار المرفأ (إ.ب.أ)
تجار في بيروت أمام محلاتهم المدمرة بعد انفجار المرفأ (إ.ب.أ)

بادرت شخصيات سياسية إلى وضع خطة للتعويض على أصحاب المحال التجارية المتضررة جراء انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) الماضي، و«الوقوف إلى جانب الأهالي والتجار لتجنب موجة نزوح» من المنطقة التي لم يحصل التجار فيها حتى اللحظة على أي تعويض من الدولة، وذلك في وقت تحاصرهم فيه الأزمة الاقتصادية وانهيار قيمة الليرة، فضلا عن قرارات التعبئة العامة المتعلقة بـ«كورونا».
ويقول رئيس جمعية تجار الأشرفية طوني عيد إن «حال التجار في المناطق المتضررة يرثى له»، ذلك أنهم «لم يحصلوا حتى اللحظة على أي تعويضات من الدولة اللبنانيّة وما حصل بعضهم عليه كان إما من جمعيات وإما من غرفة التجارة والصناعة التي أصلحت واجهات بعض المحال»، مضيفا في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنّ التجار «موعودون بالمساعدات من الدولة ولكنّها لن تشكّل شيئا لأنّها ستكون على سعر صرف الدولار الرسمي وتغطي 60 في المائة من الأضرار ما يعني أنّ القيمة الحقيقة للتعويضات ستكون حوالي 10 في المائة لأنّ العملة فقدت 80 في المائة من قيمتها»، لافتاً إلى أن أعمال الصيانة التي يتكبّدها أصحاب المحال تكون على أساس سعر صرف الدولار في السوق السوداء (يتجاوز الـ8 آلاف ليرة حاليا).
ويتحدّث عيد عن أضرار أخرى لن تعوّض عليها الدولة وهي أضرار الإقفال بسبب التأخر في إعادة الترميم وأيضا بسبب إجراءات وباء «كورونا»، مستغربا كيف تقترح الدولة ومن خلال مشروع موازنة عام 2021 اعتبار المساعدات التي سيحصل عليها أصحاب المحال «دخلا» أي أنّه يتوجب عليها ضرائب. ويشير عيد إلى أنّ قيمة الأضرار التي تعرّض لها القطاع التجاري جرّاء انفجار المرفأ تقدّر بـ200 مليون دولار.
وأمام هذا الواقع يشير عيد إلى أنّ هناك 20 في المائة من المحال لم تعد أبدا إلى العمل و20 في المائة من المحال اكتفت بتصليح الواجهات وما هو أساسي، ففتحت أبوابها ومن ثمّ أغلقت لأنّها لا تملك السيولة التي تساعدها على الاستمرار في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة وقرارات الإقفال المتعلقة بـ«كورونا». أمّا الـ60 في المائة المتبقيّة من المحال فهي تفتح مرات وتقفل مرات أخرى، لذلك من الصعب الحديث عن عودة طبيعيّة للعمل في المناطق المتضرّرة.
ويشير عيد إلى أنّ هذه النسب كانت قبل الإقفال الأخير المتعلق بـ«كورونا» إذ يتوقّع ارتفاع عدد المحلات التي تتجه إلى الإقفال بعد عودة الحياة، موضحا أنّ جمعيّة التجار تحاول إعلاء الصوت والتواصل مع المعنيين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وكان وفد من نواب بيروت في تكتل «لبنان القوي» اجتمع بوفد من جمعية تجار الأشرفية - الرميل، خُصّصَ للبحث في آلية التعويض عليهم تزامناً مع التعويض على العائلات المتضررة.
وأوضح النائب نقولا صحناوي أنّ نوّاب المنطقة يحاولون دائما إيصال صوت التجّار، لافتا إلى أنّ التأخّر في التعويض «هو بسبب الآلية الموضوعة التي أعطت المنازل المتضررة من جراء الانفجار الأولويّة منعا لتهجير أهل المناطق المحيطة بالمرفأ، ولا سيما أنّ الدولة لا تملك الأموال الكافية للتعويض مرة واحدة فيما المساعدات الدوليّة التي وُعدوا بها لم يصل منها شيء».
ويلفت صحناوي في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ العمل حاليا يجري على الإسراع لإكمال مبلغ الـ300 مليار ليرة (200 مليون دولار وفق سعر الصرف الرسمي) المخصص للمنازل المتضرّرة لتبدأ مرحلة المحال التجاريّة، موضحا أنّه حتى اللحظة حرّر من المبلغ 100 مليار ليرة كمؤونة من رئيس الجمهورية ميشال عون، بالإضافة إلى 50 مليار ليرة حرّرت انطلاقا من القانون الذي أقرّ في مجلس النواب المتعلّق بالتعويض عن المتضررين جراء الانفجار، يُضاف إليها 50 مليار ليرة تمّ إيرادها في مشروع الموازنة. ويبقى 100 مليار ليرة من المقرر أن يؤمن منها 50 من المؤونة الخاصة برئيس الجمهورية و50 تسعى بلدية بيروت لتحويلها إلى الجيش حتى يوزعها على المتضررين، وهي تتواصل في هذا الشأن مع ديوان المحاسبة.
واعتبر صحناوي أنّه لا يمكن ترك التجّار وحدهم في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لذلك لا بدّ من البحث عن طرق تؤمّن الأموال لمساعدتهم بأسرع وقت ممكن لتجنب موجة نزوح لهؤلاء، مشددا على ضرورة تحرك المجتمع الدولي الذي لطالما أكّد أنّه جانب لبنان. وكان صحناوي قال في بيان إن «الهدف هو الوقوف إلى جانب الأهالي والتجار لتجنب موجة نزوح، وقد حان الوقت لتحرك المجتمع الدولي، الذي لطالما قال إنه إلى جانب لبنان».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.