ليبيون يأملون طي «صفحة الانقسامات» في ذكرى «17 فبراير»

جانب من احتفالات الليبيين بالذكرى العاشرة لـ«ثورة 17 فبراير» أمس في طرابلس (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات الليبيين بالذكرى العاشرة لـ«ثورة 17 فبراير» أمس في طرابلس (أ.ف.ب)
TT

ليبيون يأملون طي «صفحة الانقسامات» في ذكرى «17 فبراير»

جانب من احتفالات الليبيين بالذكرى العاشرة لـ«ثورة 17 فبراير» أمس في طرابلس (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات الليبيين بالذكرى العاشرة لـ«ثورة 17 فبراير» أمس في طرابلس (أ.ف.ب)

وسط تحضيرات واسعة للاحتفال بالذكرى العاشرة لـ«ثورة 17 فبراير (شباط)» في عدد من المدن الليبية، عبّر سياسيون ونشطاء ومواطنون عن أمنياتهم في أن تطوي هذه المناسبة أجواء الانقسام السياسي، والعمل على إشاعة مناخ التفاؤل والتصالح بين المواطنين، خصوصاً بعد الاتفاق على سلطة تنفيذية جديدة.
واستبقت الحكومة المؤقتة بشرق ليبيا نظيرتها بغرب البلاد، معلنةً أن اليوم وغداً عطلة بمناسبة ذكرى «الثورة»، في وقت حرص فيه فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، على الوقوف بنفسه على الاستعدادات لتأمين الاحتفالات في العاصمة، حيث تجوَّل وسط فريق أمني في ميدان الشهداء في العاصمة. وقالت وزارة الداخلية في بيانها أمس، إن باشاغا تفقّد نقطة الميدان بقسم المرور بمديرية أمن طرابلس والمستشفى الميداني، واستمع لشرح المسؤولين حول سير العملية الأمنية والخدمية داخل الميدان، والاستعدادات التي أُجريت من أجل «خلق أجواء آمنة طيلة فترة الاحتفالات».
ولاحت الرايات والأعلام مبكراً في شوارع وميادين غالبية المدن الليبية، خصوصاً في طرابلس، ابتهاجاً بالذكرى العاشرة لـ«الثورة»، التي ينظر إليها بعض مؤيديها على أنها تتواكب هذا العام مع «إبعاد شبح الحرب عن العاصمة، ووجود سلطة تنفيذية مؤقتة جديدة، مكلّفة العمل على وصول البلاد إلى محطة الانتخابات الوطنية مع نهاية العام».
وعَلَت لافتات الاحتفال بالثورة وعناقيد الإنارة التي زيّنت البلديات، كما ازدانت شوارع بالعاصمة وجرى صيانة أعمدة الإنارة، وبدأ مصرف ليبيا المركزي في تداول عملات جديد من فئة 5 دنانير، تزامناً مع العيد العاشر لـ«الثورة». وقال صلاح المرغني، وزير العدل الليبي الأسبق، إنه «رغم الجراح والسقوط في درك المظالم، فإن ذكرى (17 فبراير) تبقى في أصلها ثورة من أجل الحرية، والحقوق المقدسة لكل الليبيين دون استثناء»، متمنياً أن يأتي العام القادم، «وقد تحررت ليبيا من القواعد الأجنبية والاحتلال والتبعية والفساد، وقمع القريب والبعيد لضعيفها وعابرها، واستعادت عافيتها وعدالتها وتخلصت من أدرانها».
بدوره، دعا محمد عمر بعيو، رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، إلى «التسامح والتصالح، والبدء في عِقد فبراير ثانٍ لما فيه خير للبلاد»، وقال إن «مرور عشر سنوات من عمر الثورة، بكل ما لها وما عليها، وأيّـاً تكن تسميتها وتوصيفها وتعريفها، تبقى حقيقة فـبراير الكبرى التي لا مراء فيها، أنها تغيير جذري حاد لواقع قام، ثم ساد وباد». وأضاف بعيو في تعليقه على مناسبة الذكرى العاشرة لثورة 17 فبراير: «نستقبل فبراير الحادي عشر بأفضل وعود ومواعيد، مما ودّعتنا به عشريتها الأولى. فقد تغير الليبيون كثيراً، وجنحوا إلى السلم جميعاً، وما بقي من قلة قليلة من غربان الخراب لا تأثير لها اليوم، إلاّ إذا ألقينا السمع إليها، وأسلمنا القياد لها».
وفيما لا يزال أنصار النظام السابق ينظرون لـ«17 فبراير» على أنها «نكبة حلّت على البلاد، قادها الحاقد والخائن والعميل»، بمساعدة قوات «ناتو»، بدأت عديد المدن، خصوصاً في غرب البلاد، مثل مصراتة والزاوية وتاجوراء وغريان، في الاحتفال. وقال عبد الله سليماني أوحيدة، وهو مصور تلفزيوني: «نحتفل بذكرى ثورة 17 فبراير برفع راية الاستقلال، ولن نخذل الشهداء الذي سقطوا برصاص الخيانة، عندما خرجوا وطالبوا بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية».
من جانبه رأى مصطفى الزائدي، أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية، أن ضروريات هذه المرحلة «الشروع في إطلاق مصالحة مجتمعية تتجاوز الحاقدين، وتلغي سياسة الانتقام، وتقوم على العدالة التامة بين الليبيين، بعيداً عن الأكاذيب التي روجت عام 2011».
ووضع الزائدي مجموعة من الأولويات، التي قال إنها محل توافق المواطنين، ومن بينها «الإفراج الفوري عن القيادات السياسية والعسكرية والأمنية والجنود والضباط والرجال والنساء، الذين اعتُقلوا منذ 2011 دون إجراءات قانونية، سواء في أثناء الاعتقال أو التحقيق أو المحاكمة، وبتهم ملفقة ومزورة»، كما شدد على «ضرورة الإفراج عن المعتقلين كافة نتيجة الحروب والصراعات، التي نشبت بعد 2011، باستثناء الإرهابيين».
وفيما أكد الزائدي العمل الفوري لإعادة النازحين وتأمينهم، ومعاقبة مَن يعرقل ذلك، تمسك باتخاذ إجراءات فورية لمواجهة الفساد، والدعوة لـ(مؤتمر وطني جامع)، تشترك فيه الأطراف الحقيقية، والنخب الفكرية والثقافية والأكاديمية، والفعاليات الاجتماعية والاقتصادية، بهدف وضع أسس ثابتة وراسخة لبناء ليبيا الجديدة، التي تقوم على التوافق الوطني الشعبي، وفقاً للعدل والمساواة بين المواطنين.
في سياق ذلك، عرض «متحف الشهداء» في مدينة مصراتة (غرب) بعض المقتنيات التي قال إنها تخص الرئيس الراحل معمر القذافي، والتي تنوعت ما بين قبعة عسكرية، وحذاء، وبعض ملابسه، وكرسي نوهت إدارة المتحف إلى أن «كتيبة التدخل السريع عثرت عليه في منزله بسرت».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.