العراق لا يزال في «القائمة الحمراء» الأميركية وبأقل تمثيل دبلوماسي

واشنطن تمنع رعاياها من السفر إليه بسبب الاضطرابات الأمنية

TT

العراق لا يزال في «القائمة الحمراء» الأميركية وبأقل تمثيل دبلوماسي

على الرغم من أن السياسيين الديمقراطيين وبعض الأصوات الجمهورية عارضت خطوة إدارة الرئيس ترمب السابقة، في خفض التمثيل الدبلوماسي في العراق لموظفي السفارة الأميركية ووكالة التنمية الدولية الأميركية، فإن إدارة الرئيس جو بايدن رأت المضي قدماً في هذا الأمر بسبب الاضطرابات الأمنية التي يواجهها الأميركيون في العراق.
وعلى مواقع وزارة الخارجية لا يزال العراق ضمن القائمة الحمراء للدول التي يُمنع السفر إليها، وذلك منذ أن أُدرج في تلك القائمة مطلع العام الماضي، بعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني بمسيّرة أميركية في مطار بغداد، وتحذّر وزارة الخارجية رعاياها من الذهاب إليه.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية أميركية، أن السفير الأميركي في بغداد، ماثيو تولر، لا يزال على رأس العمل في البلاد منذ عام 2019 ولم يغادرها، مع عدد قليل من الموظفين الدبلوماسيين، ولم يتم استبدال سفير آخر به على غرار بقية السلك الدبلوماسي في الدول الأخرى الذين تم تعيينهم خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب.
وأكدت المصادر أن السفارة الأميركية في بغداد لا تزال تعمل، إلا أن ضمان سلامة موظفي الحكومة الأميركية والمواطنين الأميركيين وأمن المنشآت، هو من بين أعلى أولويات إدارة الرئيس بايدن، كما أن الخطر الذي قد يواجه الرعايا الأميركيين والدبلوماسيين وكذلك الشركات، لا يزال قائماً في العراق. وأضافت المصادر: «يتعرض المواطنون الأميركيون في العراق لخطر العنف والاختطاف، وتنشط العديد من الجماعات الإرهابية المتمردة في العراق، وتهاجم بانتظام قوات الأمن العراقية والمدنيين، كما تهدد الميليشيات الطائفية المواطنين الأميركيين والشركات الغربية في جميع أنحاء العراق، وذلك من خلال الهجمات بالعبوات الناسفة التي تحدث في العديد من مناطق البلاد، بما في ذلك بغداد».
كانت وزارة الخارجية الأميركية في الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس السابق ترمب، قد قلّصت عدد موظفيها في الوكالة الدولية للتنمية، على الرغم من الأصوات التي حذرت من أن هذا الخفض في أعداد الموظفين بالوكالة الإغاثية ربما يضر بالمساعدات المخصصة للعراق التي تقدّر بنحو مليار دولار، وهي ضمن برنامج المساعدات الخارجية. وتلعب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية دوراً مهماً في المهام الأميركية الشاملة في سوريا والعراق، والتي تأخذ على عاتقها دعم السكان المحليين في العراق وسوريا، إذ خصصت الولايات المتحدة نحو 960 مليون دولار من المساعدات للعراق في السنة المالية 2019، و197 مليون دولار في السنة المالية 2020 حتى الآن، وفقاً لبيانات من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
ولا تزال رؤية إدارة بايدن حيال العراق غير واضحة، على الرغم من تأكيدات مواصلة التعاون مع الحكومة العراقية في محاربة التنظيمات الإرهابية المتطرفة مثل «داعش» وغيره. ولم تكشف الإدارة الجديدة بعد عن سياستها في العراق، وماذا سيحدث للقوات الأميركية التي انخفضت في آخر أيام الرئيس السابق دونالد ترمب إلى 2500 جندي.
وفي الأيام الأولى من تولي بايدن منصبه، بعث خمسة نواب برسالة إليه طالبوه فيها بإلغاء تصريح الكونغرس لعام 2002 باستخدام القوة العسكرية ضد العراق على الفور، حاثّين الإدارة الجديدة على تلافي أي حرب قادمة في المنطقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».