الحلقة (2): الموجة الثانية للثورة في مصر وتونس

«الشرق الأوسط» تنشر حلقات من كتاب «من بوعزيزي إلى داعش: إخفاقات الوعي والربيع العربي» (2 - 9)

الحلقة (2): الموجة الثانية للثورة في مصر وتونس
TT

الحلقة (2): الموجة الثانية للثورة في مصر وتونس

الحلقة (2): الموجة الثانية للثورة في مصر وتونس

* كان الهتاف بـ«إسقاط المرشد أو إسقاط النظام» في مصر وتونس باكورة الموجة الثانية من الثورات
* عادت مظاهرات ودعوات تدعو لعودة العسكر إنقاذا للبلاد وترسيم خطة انتقالية جديدة
* واستمرت احتجاجات ومظاهرات أعضاء النيابة العامة في مصر اعتراضا على تعيين السلطة التنفيذية للنائب العام الجديد مصرة على إسقاطه

تواصل «الشرق الأوسط» نشر حلقات من فصول كتاب «من بوعزيزي إلى داعش: إخفاقات الوعي والربيع العربي»، من تأليف الكاتب والباحث السياسي المصري هاني نسيره الذي يعمل حاليا مديرا لمعهد العربية للدراسات بقناة «العربية» بدولة الإمارات. ورصد المؤلف في كتابه الصادر عن «وكالة الأهرام للصحافة» - والتي حصلت «الشرق الأوسط» على حق نشر حلقات من فصوله - سنوات الثورات العربية الأربع وتابع الكاتب تشابهاتها واختلافاتها، وحاول تفسير أسباب تعثر ثورات ونجاح أخرى في إسقاط من ثارت بوجهه، حين اشتعلت من جسد بوعزيزي بتونس ومن أشباهه في مصر، إلى الانتقال من دعوى الربيع العربي ووعده وأمنياته إلى حقيقة «داعش» الداهمة.
وفيما يلي الحلقة الثانية من الكتاب:

* بداية مشتعلة
* كانت تونس باكورة الموجة الأولى من الثورات العربية عام 2011، واستلهمتها مصر في نفس العام سريعا، وبمقابل ذلك كانت ثورة 30 يونيو سنة 2013 المصرية التي أسقطت وأنهت حكم الإخوان المسلمين بالكامل، باكورة موجتها الثانية فاستلهمتها تونس التي شهدت في يونيو ويوليو سنة 2013 مظاهرات شبيهة بمظاهراتها تنادي بنهاية حكم الإسلاميين. وكما كانت أحداث الاتحادية في مصر زخما أودى بجلاديه كان مقتل محمد البراهمي بـ14 رصاصة أمام منزله على يد متطرفين زخما أودى بحكومة النهضة!
هذا بينما انتظر الليبيون كذلك انتهاء فترة المؤتمر الوطني العام الذي سيطر عليه هؤلاء ليثوروا في وجوههم من جديد، وأكد ثورتهم فوز القوى المدنية بانتخابات البرلمان الليبي التي عقدت في يونيو سنة 2014، ولكن ما هي الأزمات التي صنعها الإسلاميون وهم في الحكم أو الحكومة وسقطت بعد ذلك بهم؟ فكانت سببا في إنتاج هذه الموجة الثانية؟
في الشهور الأربعة الأولى من عصر مرسي، صدر عن منظمة حقوقية مصرية، معتمدا على وثائق وشهادات حية، تقرير بعنوان «القتل مستمر» يمتد رصده من بداية يوليو 2012 وحتى نهاية أكتوبر من العام نفسه. وقد وقعت الحالات الموثقة في هذا التقرير على نطاق 11 محافظة، وكانت حصيلة تلك الحالات التي تم رصدها، والتي لا تمثل إلا عينة من الانتهاكات المستمرة بشكل يومي على يد الشرطة: مقتل 11 شخصا عن طريق الاستخدام غير القانوني للقوة أو الإطلاق العشوائي للرصاص في المجال العام، وتعذيب ثلاثة أشخاص آخرين حتى الموت داخل أقسام الشرطة، بالإضافة إلى العديد من حالات التعذيب وسوء المعاملة في الأقسام وأماكن الاحتجاز الأخرى التابعة للشرطة، كما يضم التقرير قائمة بسبع حالات أخرى وقعت خلال الفترة المذكورة لوفيات داخل السجون وأقسام الشرطة توجد بها شبهة تعذيب أدى إلى الوفاة، وهذا مثال لا حصر من واقع المشهد في مصر، وهذا خلال الشهور التالية من حكم مرسي التي وصلت في نوفمبر وديسمبر عام 2012 لقمة تأزيماتها واستمرت طوال الشهور الثلاثة الأولى من عام 2013.
لذا من المهم ألا يمر عبورا ما شهدته مصر في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير سنة 2013 الماضي وقبلها، والتي هتف الكثيرون بإسقاط النظام والرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين بقوة فيها، وانتفضت أغلب محافظات مصر ضد نظام الرئيس محمد مرسي، وهو ما اعتبره العديد من المراقبين - مؤيدين ومعارضين - محاولة أو مخاض ثورة ثانية تولد في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير سنة 2011
وكذلك ينبغي ألا يمر عبورا إقدام شاب تونسي على حرق نفسه في 12 مارس سنة 2013 والذي توفي بعدها بيوم في نفس المشفى الذي قضى فيه بوعزيزي، في محاولة بوعزيزية جديدة ضد حكم النهضة، قامت على أثرها تظاهرات في شارع الحبيب بورقيبة والقصبة، وعاد الهتاف من جديد وعاد الغضب والاحتقان والعنف الناتج عن توالد الأزمات ولكن هل يمكن تكرار نفس التجربة حرفيا كما كان في موجة الثورات الأولى سنة 2011.
كان الهتاف بـ«إسقاط المرشد أو إسقاط النظام» في مصر وتونس باكورتي ما يسمى الربيع العربي، باكورة الموجة الثانية من الثورات، كانت أولى علامات نجاحها سقوط طلاب الإخوان والنهضة في الانتخابات الطلابية في مارس سنة 2013، ثم في عدد من النقابات، التي سيطروا عليها لأكثر من عقد، وهو ما فسر استمرار نزيف المصداقية الذي أصاب جماعة الرئيس المعزول والكثير من الإسلاميين منذ مشاركاتهم في البرلمان المنحل في يونيو سنة 2014، حتى توليهم الرئاسة، ففي عهدهم لم تكن تخلو أي مدينة يزورها مسؤول من حكومتيهما من مظاهرة ضده بل عادت تظاهرات ودعوات تدعو لعودة العسكر إنقاذا للبلد وترسيم خطة انتقالية جديدة كما شاهدت مصر في مظاهرات يوم الجمعة 15 مارس سنة 2013، ولكن حاول الجيش والقوات المسلحة التوسط في الحوار بعد أحداث الاتحادية في ديسمبر سنة 2013 ولكن رفضت رئاسة الإخوان توسطه بينها وبين القوى المدنية التي رفضت الحوار معها.

* أولا: أزمات الدولة الأصولية بين مصر وتونس:
* كما هي الأصولية منظومة وعد! تستند للماضي المثالي وتبني باسترجاعه ما تراه مستقبلا مأمولا، كانت دولتها كذلك دولة وعود، ولم تكن دولة واقع اصطدمت به واصطدم بها، كادت تسقطه فأسقطها..
شهد العام الأول من حكم الإخوان في مصر أو النهضة في تونس أزمات هددت المجتمع المصري والتونسي واصطدمت بمفهوم الدولة المعاصرة ومؤسساتها، قضاء وإعلاما ومكونات اجتماعية وسياسية، رأت المجتمع والدولة مجتمع دعوة بالمعنى الديني ومعارضة غير مقبولة بالمعنى السياسي.
بدأت الأزمة مصريا مع الإعلان الدستوري الذي حصن قرارات مرسي في 21 نوفمبر الماضي، وما ترتب عليها من إجراءات، رغم العنف في الخطاب ولغة التخوين الوطني والتفكير الديني السائدة، وكذلك مع مشاهد الحضور المسلح والأزمة التشريعية والدستورية والاقتصادية والاجتماعية في مصر ومعها أزمة مختلف مؤسسات الدولة دون حل أو رؤية قادرة على الحل، يؤثر البعض معها البحث عن المجهول أو البحث بعيدا عن الأنقاض!
واشتعلت الأزمة أكثر مصريا مع الذكرى الثانية للثورة المصرية في 25 يناير سنة 2013، وللثورات ذكريات ونفحات تنشط فيها دائما، سواء في الموجة الأولى أو الموجة الثانية، ربما باستثناء ما تحول منها لما يشبه الحرب الأهلية سوريا وليبيا ويمنيا.
دفعت الذكرى الثانية للثورة المصرية المعارضين في الداخل، والمراقبين في الخارج، للحديث عن أزمة انهيار دولة القانون، بما فيهم وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي - الذي أصبح الرئيس المنتخب فيما بعد - في تصريحه المنشور في 29 يناير الماضي الذي أكد فيه نصا أن «الصراع السياسي في البلاد قد يؤدي إلى انهيار الدولة» ثم ازدادت الأحداث احتداما وصراعا وسقط عشرات القتلى في الذكرى الثانية للثورة وكذلك الذكرى الثانية لمذبحة بورسعيد التي راح ضحيتها في فبراير سنة 2012 سبعون شهيدا، مما يجعل الأزمة المصرية أكثر عمقا من مجرد الأزمة السياسية والدستورية والتشريعية، الماثلة في قرارات غير توافقية للرئيس المعزول الذي حصن قراراته في إعلانه الدستوري في 21 نوفمبر الماضي، وحصن معه التأسيسية المطعون في دستوريتها - وما نتج عنها - وتم تأجيل الحكم إلى جلسة 3 مارس سنة 2013، وكذلك استحواذ النظام الجديد على بنى الدولة وهياكلها واستهدافه لاستقلال القضاء والتشريع ومحاصرة أنصاره للهيئات القضائية مرات عديدة، بما فيها المحكمة الدستورية العليا، وهجومها على مقار لأحزاب وقوى المعارضة..
وبينما كان التوريث على سبيل المثال واحدا من أبرز تهم ومبررات الإسقاط لمبارك خصوصا وكذلك بن علي والقذافي وعلي عبد الله صالح، فقد استبدلت بالتوريث وشائج قرابات السلطة الجديدة ومصالحها، كما لم تحدث تحولات ملحوظة في مسارات ومستويات التنمية، وقد ارتفعت ديون مصر لأعلى مستوى لها على مدار تاريخها وهو 1.6 تريليون جنيه، و«وصل احتياطي النقد الأجنبي خلال شهر فبراير (شباط) عام 2013 إلى 13.5 مليار دولار، وهو ما يكفي بالكاد لتغطية واردات مصر لمدة ثلاثة أشهر» ويتراوح الاحتياطي السائل بالفعل بين ستة وسبعة مليارات دولار فقط، مما زاد صعوبة الحصول على الواردات بما فيها المواد الخام التي يحتاجها المصنعون المصريون، وشهدت البورصة المصرية تراجعا بنسبة 5 في المائة بداية مارس سنة 2013، مستشعرة خطرا يلوح في الأفق، وما يفعله الرئيس محمد مرسي لوقف هذا التراجع ليس بالكثير. وظل مرسي مترددا لمدة عام في التفاوض على حزمة إنقاذ قدرها 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، وهو مبلغ تحتاجه مصر بشدة، ويماطل مرسي لقلقه من الغضب الشعبي تجاه الإصلاحات التي يريدها صندوق النقد الدولي ومنها خفض الدعم، الذي يستنفذ 25 في المائة من ميزانية الدولة، وتذهب 50 في المائة من الميزانية لدفع فوائد الديون ورواتب العاملين في القطاع العام.
كما امتدت هذه الأزمة فكريا مع صعود فتاوى القتل وبعض وجوه العنف الديني في مصر وتونس، وانتشار الاحتجاجات وموجات العصيان المدني في بعض المناطق وقطاعات مهمة كالشرطة ورجال الأمن، وتهديد الأمن القومي الحدودي أو المصالح الحيوية كالموانئ والقناة، فضلا عن استمرار الأزمة السياسية والدستورية بعد إقرار الدستور الجديد أواخر شهر ديسمبر سنة 2012 رغم كونه أكثر اعتدالا. كذلك كان الصعود السلفي الجهادي الذي حاول أن يفرض أحكامه على الشارع في ظل حكم الإخوان والنهضة! ويمكننا التدليل على الأزمة العميقة للتسلطية الناشئة بأزمة الحكم في مصر مع مؤسستي القضاء والإعلام وكذلك مع قضية المدنية والمواطنة.

* معارك مع القضاء والإعلام:
* يبدو أن التسلطية الناشئة، بنظامها الآيديولوجي والتنظيمي، تخشى بشكل رئيسي القضاء كسلطة دستورية حاكمة وضابطة والإعلام كسلطة شعبية، ولا تريدهما إلا متحيزة لها ولمصالحها وممارستها بشكل رئيسي، ورغم أن القضاء هو من أشرف على كل الانتخابات التي فاز فيها الإسلاميون قبل الثورة مثل انتخابات 2005 أو الانتخابات النقابية، وكذلك على أربع اختيارات شعبية كبيرة منذ ثورة 25 يناير في مصر، بدءا من الاستفتاء على التعديلات الدستورية حتى الانتخابات الرئاسية، إلا أنه منذ حكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان في 14 يونيو تعالت نوبات التشنج والاتهام للقضاء من قبل الإسلاميين سلطة وقوى في الآن نفسه، وبدأوا يتلبسون قميص المحاكمات الثورية واتهامات المؤسسات القضائية على طريقة شباب الثورة في اتهام المؤسسة القضائية ورجالاتها وأنهم من بقايا النظام السابق، رغم أنهم من كانوا يرفضون ذلك أثناء انعقاد جلسات البرلمان المنحل!
ورغم أن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي أتى لناخبيه محمولا على وعود إنقاذ الثورة والفصل بين السلطات واحترام أحكام القضاء، واحترام الدستور، إلا أن أول قراراته كان لصالح جماعته أو عشيرته - التعبير الأثير لديه - في 8 يوليو معبرا عن ذلك ومصطدما بالمحكمة الدستورية العليا التي أقسم أمام جمعيتها العمومية على احترام الدستور، حيث أصدر القرار رقم 11 لسنة 2012 بعودة مجلس الشعب ويلغي قرار حله ويدعوه للانعقاد وأيده فيه عدد من المثقفين الذين عارضوه فيما بعد، وخاصة بعد الأزمة الدستورية، ولكنه تراجع عن هذا القرار يوم 11 يوليو.
ولكنه عاد لنفس المنطقة ثانية وبنفس التوجه مراوغا في 11 أكتوبر حيث أصدر قرارا بتعيين النائب العام عبد المجيد محمود سفيرا لمصر في الفاتيكان، والقضاة (النادي والمجلس الأعلى للقضاء) والنائب العام يرفضون، وأزمة تصر على تراجع الرئيس، واعتبر صدور القرار يوما أسود في تاريخ القضاء المصري.
ولكن بعد ذلك بيومين فقط 13 أكتوبر تراجع مرسي ثانية عن قراره واستقبله مع وفد من القضاء بحجة سوء الفهم، بعد ثورة وخضة كبيرة في أوساط القضاء، بشكل عنيف قادها نادي قضاة مصر وعدد كبير من ممثلي استقلال القضاء وانضم لهم بعض رموز القضاء مثل المستشار طارق البشري.
ثم أعاد الكرة ثالثة بإعلانه الدستوري الجديد في 21 نوفمبر سنة 2012 والذي أقال فيه النائب العام عبد المجيد محمود وحصن فيه قراراته السابقة واللاحقة وأصدر الرئيس محمد مرسي إعلانا دستوريا تضمن عدة مواد أهمها إعادة التحقيق في كافة قضايا القتل للمتظاهرين والتعذيب وإعادة التحقيق والمحاكمات في جرائم قتل الثوار وفقًا لقانون حماية الثورة، وهو ما يستحيل حدوثه ما لم تتوفر أدلة جديدة، كما اتضح في مادته الرابعة تمرير مشروع الدستور استعجالا حيث عدل وفقه المادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس سنة 2011 لتكون مدته ستة شهور من تاريخ تشكيل التأسيسية وليس ثمانية شهور كما كان ينص الإعلان الدستوري المشار إليه.
وقد جاءت المادة الخامسة من هذا القرار تغولا وإلغاء واضحا لدور القضاء واستقلاله، حيث تنص تنصيصا على أنه «لا يجوز لأية جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور». كما صدر قرار من الرئاسة نشر في الجريدة الرسمية بتعيين نائب عام جديد بديلا للنائب العام السابق، وقرار آخر بمنع معاشات استثنائية لأسر الشهداء، وهو ما أتى متأخرا بمثابة لذة آخر الطعام الدسم، الذي تفجرت بسببه أزمات القضاء، وهو ما أعقبه عمومية طارئة للقضاء يوم 23 نوفمبر، وأخرى للصحافيين ومليونية واعتصام في التحرير، وتعليق محكمة النقض لعملها يوم 29 نوفمبر، وعمت المظاهرات ميادين مصر وتمت اشتباكات الاتحادية الأولى، واستقال على أثرها عشرة مستشارين من مستشاري الرئيس، وغيرها من الأحداث كان من أبرزها تعليق محكمة النقض لعملها في 29 نوفمبر الماضي بأغلبية 231 عضوا من أعضائها ومعارضة 19 عضوا فقط.
واستمرت احتجاجات وتظاهرات أعضاء النيابة العامة في مصر اعتراضا على تعيين السلطة التنفيذية للنائب العام الجديد مستمرة ومصرة على إسقاطه، رغم محاولات وزير العدل غير الناجعة لإيجاد مخرج آمن للمشكلة، رميا للكرة في ملعب المجلس الأعلى للقضاء والعكس، وقد أعلن نادي القضاة رفضه الإشراف على الاستفتاء على الدستور وهو ما التزم به غالبية القضاء الجالس أو العالي، بما يوازي 14 ألف قاض من بين 16500 قاض كثير منهم من معاوني النيابة المعينين حديثا، المهددين في وظائفهم حال لم يستجيبوا للإشراف.
وتونسيا نشب في ديسمبر سنة 2012 خلاف حاد في المجلس التأسيسي ضد ما أراده أعضاء حركة النهضة في المجلس التأسيسي من أنه لا يجب على هذه الهيئة أن تكون مستقلة، ويرى العديد من المراقبين أنه كان ثمة سعي جاد من النهضة للسيطرة على القضاة وإرهابهم في ظل عدم وجود هيئة لتسيير القضاء، ما برحت تعتمد سياسة «العصا والجزرة» مع القضاة، فإما «الإقصاء والعزل» وإما «إطاعة الأمر» وقد حاول إلغاء صفة الاستقلال عن الهيئة العدلية التي تماثل المجلس الأعلى للقضاء في مصر، مؤكدين أن هذه الهيئة يجب أن تكون تابعة للسلطة التنفيذية مباشرة، لكن رفض نواب المجلس التأسيسي المدنيون هذه التبعية المدعاة وحافظوا على استقلال القضاء في مسودة الدستور. وقد استمر النزاع بين النهضة الأكثر مرونة من الإخوان والقوى المدنية الأخرى خاصة مع صعود الإرهاب في جبل الشعانبي وعمليات أنصار الشريعة في عدد من الأماكن وانتهى بخروج ناعم للنهضة من الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط بقيادة مهدي جمعة في 10 يناير سنة 2014 رغم ما أبدوه من عدم رغبة في ذلك طوال الفترة السابقة.
ولكن لا بد أن نشير إلى أن النهضة وحكومتها في تونس كانت أكثر مرونة وأقل قدرة ووطأة - إن لم تكن أقل رغبة - على حسم الأمور في تونس التي تقوى قواها المدنية ووعيها المدني الشعبي، قياسا لحكم الإخوان ومرسي في مصر الذي نجح سريعا في حرق المراحل، وتجاوزها رغم اعتراضات المعارضة وتحفظات مؤسسات رقابية وقضائية أخرى على ما خطه من مسار ومرجعية دستورية، فتونسيا وتحديدا في مارس 2012 تخلت النهضة عن مطلب بالتنصيص ضمن الدستور الجديد الذي يعكف على صياغته المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان المؤقت) وهو ما أصاب التيارات الإسلامية بخيبة أمل كبيرة بعد تخلي النهضة عن مطلبها، وموافقتها على مقترحات المعارضة بالإبقاء على الفصل الأول من دستور 1959 الذي يقول إن «تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها»، كذلك تراجعت النهضة مرة أخرى في أغسطس (آب) 2012 وتحديدا «لجنة الحريات والحقوق» بالمجلس التأسيسي، تحت ضغوط واحتجاجات وتظاهرات المعارضة العلمانية ومنظمات المجتمع المدني، عن اعتماد مشروع قانون تقدمت به حركة النهضة وينص على مبدأ «التكامل» بين الرجل والمرأة عوضا عن «المساواة»، ورأى المحتجون أن عبارة «تكامل» قابلة لأكثر من تأويل وقد تكون مدخلا لضرب المكاسب الحداثية للمرأة التونسية التي تحظى بوضع حقوقي فريد من نوعه في العالم العربي بفضل مجلة الأحوال الشخصية الصادرة في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي حكم البلاد من 1956 إلى 1987. وقد دعت «هيئة التنسيق والصياغة» المكلفة بمراجعة ما يتم تضمينه في الدستور من مشاريع قوانين قبل أن يعتمدها المجلس، أن ينص الفصل 28 من باب الحقوق والحريات على «مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، والمحافظة على تكافؤ الفرص، مع اعتماد معيار الكفاءة»، إضافة إلى «تجريم العنف ضد المرأة».
وفي 17 أكتوبر 2012 أعلنت حكومة الجبالي (التي استقالت على وقع اغتيال شكري بلعيد في 19 فبراير سنة 2013) موافقتها على مطالب الصحافيين الذين نفذوا، في اليوم المشار إليه، إضرابا عاما هو الأول في تاريخ الصحافة التونسية، لتطبيق المرسومين 115 و116 اللذين ينظمان قطاع الصحافة والإعلام، بعد أن رفضت تطبيقهما المرسومين، رغم أنهما نشرا في الجريدة الرسمية بعدما صادقت عليهما الحكومة السابقة برئاسة الباجي قايد السبسي في نوفمبر 2011، وقال مراقبون إن الحكومة تعمدت عدم تطبيق المرسومين حتى يتسنى لها تعيين مقربين منها على رأس وسائل الإعلام العمومية «خدمة لأجنداتها السياسية والانتخابية». وينظم المرسوم 115 «حرية الصحافة والطباعة والنشر» فيما ينص المرسوم 116 على «إحداث الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري»، وهي هيئة «تعديلية» تتولى تعيين مسؤولي المؤسسات السمعية والبصرية العمومية وتحمي استقلاليتها إزاء السلطات.
ويرى محللون أن النهضة أخطأت التقدير عندما اعتقدت أنها تستطيع فرض مواقفها ومشاريعها على بقية الطبقة السياسية والمجتمع المدني في تونس بحجة امتلاكها «شرعية» انتخابات 23 أكتوبر 2011.، لذا تغبط النهضة حكم مرسي في مصر الذي استطاع فرض ما أراد وتحصين ما أراد من قرارات وجمع كل الصلاحيات بيده فترة طويلة من الوقت.
كذلك زادت حدة القمع للإعلام والمؤسسات الإعلامية، قبل نجاح الموجة الثانية من الثورات، تجاه حريات الرأي والتعبير، مثالا دالا على ذلك ما حدث في مصر فجر يوم التاسع من مارس سنة 2013 من هجوم جماعة «حازمون» على إحدى صحف المعارضة (جريدة الوطن) أو مقر جريدة «الوفد» وحزبها، الأقدم والأكثر عراقة في تاريخ مصر الحزبي الحديث، يوم 15 ديسمبر سنة 2012، أو حصار مدينة الإنتاج الإعلامي المصرية الذي بدأ قبل ذلك بأسبوع في 7 ديسمبر من نفس العام.
وهو ما نراه يقف وراء نفس الذهنية التي هاجمت قناة «نسمة» التونسية في 10 أكتوبر سنة 2011 أو اقتحمت قناة «العاصمة» الليبية في 8 مارس 2013، وتعدت على مراسل إحدى القنوات، واحتجبت صحف ليبية في 9 مارس اعتراضا على هذا الحادث، كما لا يمكن فصل هذه الحوادث عن نحو مائة قضية حرية رأي وتعبير في بلد كمصر بعد الثورة، ما بين حجب وحظر وقتل وتعد وغلق قناة أو صحيفة واحتجاب 11 صحيفة مستقلة وحزبية يوم 4 ديسمبر سنة 2012 اعتراضا على الإعلان الدستوري للرئيس محمد مرسي في 21 نوفمبر وتداعياته حتى حصار المحكمة الدستورية العليا قبل ذلك بيومين وفي مارس تم الاعتداء على الصحافيين أثناء تغطيتهم للتظاهرات أمام مكتب الإرشاد في 16 مارس سنة 2013 وهو ما توالت حلقاته ولا تزال في مصر.
وفي نفس السياق لم تختلف أزمة الإعلام التونسي كثيرا عن أزمة الإعلام المصري، فحسب مركز تونس لحرية الصحافة تعرض 36 صحافيا لانتهاكات خلال شهر ديسمبر 2012، وأكثر من 50 صحافيا تعرضوا لانتهاكات مماثلة في شهر يناير الماضي، سواء عبر إحالتهم للقضاء، أو الاعتداء عليهم. كما تزايد عدد الدعاوى القانونية، المرفوعة ضد الصحافيين بتهمة «انتهاك القيم الإسلامية»، كما تمت محاكمة 6 صحافيين في شهر ديسمبر 2013 أي بمعدل محاكمة كل 6 أيام، وهو ما لم يحدث في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وفيما يتعلق بالقنوات التلفزيونية، تعرضت قناة «الحوار» الخاصة التي يملكها الناشط الحقوقي الطاهر بن حسين، والتي تنتقد بشدة سياسة حركة النهضة لمضايقات مختلفة.
وفي السادس من فبراير عام 2013 قتل المناضل والناشط السياسي المعارض لحكومة النهضة في تونس شكري بلعيد برصاصتين غادرتين أمام منزله، وفق فتاوى لتيارات سلفية صاعدة تستحل دمه، أعطتها سلطة الإسلاميين مساحات حاضنة ومتفاعلة معها، وأكدت المعارضة على أن من فتح قصر قرطاج لأمثال هؤلاء هو المسؤول عن اغتيال بلعيد، الذي يعد الثاني في تاريخ تونس بعد الاستقلال، ثم اغتيل بعده محمد البراهمي في 25 يوليو سنة 2013 وهو ما فتح الباب بقوة نحو التغيير ونحو خروج ناعم للنهضة من الحكم..

* ذكورية وتمييز معاد للمرأة والأقليات:
* ورغم أن المرأة كانت فاعلا في الثورات، وبرزت وجوهها في كل منها مصريا وتونسيا ويمنيا وسوريا وليبيا، فإن وضعية المرأة بعد الثورات لا تعبر ولا تترجم هذا الاستحقاق الواجب، أو الحق الطبيعي، فتم تهميشها في القوائم الحزبية للإسلاميين في مصر، لم تتجاوز نسبة مشاركتها في البرلمان المنحل قبل تولي الرئيس المعزول 2 في المائة حيث حصلت على 8 مقاعد فقط من أصل 498 مقعدا، كما غابت عن تشكيلة الحكومة الأولى لمرسي، وتعاطى معها الدستور تعاطيا ذكوريا وبطركيا مثاليا..
بينما نجدها في تونس رغم إقرار قاعدة التناصف في انتخابات المجلس التأسيسي، تعاني من التشدد السلفي، ومن إصرار النهضة على إقرار تعدد الزوجات كما حدث في ليبيا من أول يوم لتحريرها من نظام القذافي، كما يعارض الكثير من الإسلاميين في تونس - المعتدلين وغير المعتدلين - الحفاظ على المكاسب التي حققتها المرأة في العصر البورقيبي وفي مقدمتها مجلة الأحوال الشخصية.
وكذلك يمكن الحديث عن الطوائف أو الأقليات الدينية أو المذهبية كالشيعة والبهائيين - لم يعترف الدستور المصري بهما بعد الثورة - كان آخرها مشهد السحل الطائفي في مايو سنة 2013 لبعض المتشيعين المصريين في محافظة الجيزة.
نتجت الموجة الثانية من الثورات من أسباب عامة صنعت حالة احتقان شعبي، مسيس في بعض أجزائه، بمعنى انتمائه لرؤى وقوى سياسية معينة شأن جبهة الإنقاذ أو المعارضة التونسية، ولكن كانت في غالبيتها غير مسيسة تدفعها أسبابها الاقتصادية وأزمتها المعيشية بشكل رئيسي، وفي مقدمتها مشهد انهيار الدولة، وفي مقدمتها المؤسسة القضائية مع عدم احترام السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الدولة لأحكامها أو نظامها العريق، وكيل الاتهامات لقضاتها متى أتت الاتهامات بغير ما تود السلطة وحلفاؤها، أو قطاع الشرطة.. الذي يرفض أن يكون طرفا في الصراع السياسي بين السلطة والمعارضة، وقبل ذلك وبعده عدم وضوح أي توجه تصالحي أو ديمقراطي جاد لدى السلطة التي بدا أنها تشتهي التسلطية التي كانت ضحيتها في عهود سابقة.

(يتبع غدا بالحلقة الثالثة)
* ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة

الحلقة (1): اتجاهات الثورات العربية في 4 سنوات


اليمن يتجاوز الحالة المدارية الماطرة بأقل الخسائر

السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
TT

اليمن يتجاوز الحالة المدارية الماطرة بأقل الخسائر

السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)

بأقل الخسائر تجاوز اليمن الحالة المدارية التي ضربت الأجزاء الشرقية من البلاد خلال اليومين الماضيين، وأعلن عن تسجيل حالة وفاة واحدة، واقتصرت الأضرار على الطرقات والأراضي الزراعية التي جرفتها السيول المتدفقة، وسط تأكيد مركز الأرصاد الجوية استمرار الحالة المطرية.

يأتي هذا في حين طلبت السلطة المحلية بمحافظة مأرب من السكان الذين يقطنون منازل أو خياما في ممرات السيول الإخلاء الفوري لهذه المواقع خشية تضررها، حيث تتوقع الأرصاد الجوية هطول أمطار غزيرة وتدفق السيول خلال الساعات المقبلة.

السيول جرفت الطرق في اليمن وألحقت أضراراً كبيرة بالأراضي الزراعية (إعلام حكومي)

وفي محافظة المهرة تفقد المحافظ محمد علي ياسر الأعمال الجارية لفتح الطرقات عقب السيول التي تدفقت في عدد من الأودية إثر المنخفض الجوي الذي تأثرت به المحافظة خلال الأيام الثلاثة الماضية، خاصة في وادي الجزع (المدخل الشمالي لمدينة الغيضة والواقع على الخط الدولي الساحلي).

وأثنى المحافظ على الجهود التي تقوم بها مؤسسة الطرق والجسور ومكتب الأشغال العامة في فتح الطرق وتصفية ممرات السيول أمام حركة السير، وطالب بمضاعفة الجهود في إصلاح وصيانة بقية الطرق المتضررة بما يمكن من انسيابية الحركة وتسهيل تنقل المواطنين. وأكد استعداد السلطة المحلية لتقديم المزيد من الدعم وتذليل الصعوبات التي تواجه عمل مؤسسة الطرق.

وفاة واحدة

في محافظة حضرموت ذكرت السلطات المحلية أن شخصا فارق الحياة في مدينة المكلا عندما جرفته السيول، وهي حالة الوفاة الوحيدة المسجلة حتى الآن، فيما جرفت السيول عددا من السيارات ومساحات من الأراضي الزراعية في وادي حضرموت تحديدا.

وأصدرت غرفة الأرصاد والتنبؤات بحضرموت تنبيها أكدت فيه استمرار تدفق السيول في أجزاء واسعة من مديريات الهضبة الغربية والجنوبية، وأكدت أن الأمطار الغزيرة تتوسع على تلك المناطق مع نشاط للسحب الركامية.

بدوره أكد المركز الوطني اليمني للأرصاد والإنذار المبكر أن 8 من محافظات البلاد شهدت خلال اليومين الماضيين أمطارا متفاوتة الشدة، حيث سجلت محطات الرصد الجوي مستوى الأمطار في بعضها، ومنها مدينة المكلا (56 ملم) ومنطقتي المعافر (10.5 ملم)، والضالع (0.4 ملم)، أما في المناطق خارج نطاق محطات الرصد الجوي فقد هطلت أمطار متفرقة، بعضها غزيرة على ساحل حضرموت وأجزاء من محافظات إب والبيضاء وأبين وشبوه وحضرموت والمهرة.

سيول تتدفق في قلب مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت (إعلام محلي)

ونبه المركز إلى استمرار هطول الأمطار الرعدية متفاوتة الشدة على أجزاء متفرقة في 12 محافظة يمنية مصحوبة بسيول جارفة، واضطراب بحري في عدد من السواحل، خلال الساعات المقبلة، وذكر أن هطول الأمطار الرعدية متفاوتة الشدة سيؤدي إلى تدفق السيول على صحار وهضاب وسواحل محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، إضافة إلى أجزاء متفرقة من محافظات ريمة وذمار وإب وتعز والضالع وأبين والبيضاء ومأرب ومرتفعات لحج.

وبين المركز أن الأمطار المتفاوتة الشدة ستشمل أيضا أجزاء من محافظات صعدة وحجة والمحويت وعمران وصنعاء، في غرب وشمال البلاد، وطالب السكان في المناطق التي ستشهد أمطار غزيرة بعدم الوجود في بطون الأودية ومجاري السيول أثناء وبعد هطول الأمطار، والبقاء بعيدا عن العواصف الرعدية والرياح الشديدة وتساقط حبات البرد، حفاظا على سلامتهم.

كما نبه سائقي المركبات للتدني في مدى الرؤية الأفقية، بسبب هطول الأمطار وتشكل الضباب، وإمكانية حدوث الانهيارات الصخرية خاصة في المناطق الجبلية، ونصح بعدم عبور الجسور الأرضية أثناء تدفق السيول، كما حذر الصيادين ومرتادي البحر من اضطراب البحر وارتفاع الموج على السواحل الشرقية والجنوبية ومضيق باب المندب.

تدابير في مأرب

في محافظة مأرب اليمنية حذرت لجنة الطوارئ من يسكنون في الأودية وبالقرب من ممرات ومجاري السيول ‏من تدفق السيول، ودعتهم إلى الابتعاد الفوري والعاجل عن تلك المناطق، وتجنب البقاء فيها أو الاقتراب منها، حفاظا على الأرواح والممتلكات، وحملت كل من يخالف هذه التعليمات المسؤولية الكاملة.

رجل يتفقد سيارة انقلبت بسبب الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة في مدينة المكلا اليمنية (رويترز)

ووفق تقرير أصدره صندوق الأمم المتحدة للسكان مطلع العام الحالي تضرر أكثر من 300 ألف شخص خلال العام الماضي جراء الظروف المناخية القاسية، واستمرار الصراع، وأجبروا على ترك منازلهم في معظم أنحاء اليمن.

وأكد الصندوق الأممي أن تفاقم الصراع والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ، مثل الأعاصير والفيضانات والأمطار الغزيرة؛ أديا إلى تضرر 45 ألف أسرة تتكون ممّن 319445 شخصا؛ حيث أجبر هؤلاء على الفرار من منازلهم في 20 محافظة.

وبحسب ما ذكر التقرير فإن الغالبية العظمى أو ما نسبته 75 في المائة من إجمالي المتضررين، كانت بسبب الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ التي أدت إلى نزوح 239 ألف شخص نتيجة الفيضانات ونحو 37 ألف شخص بسبب الأعاصير، كما حدث في محافظات المهرة وحضرموت وسقطرى التي ضربها إعصار «تيج» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
TT

جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)

فرضت الجماعة على مزارعي المحافظة جبايات جديدة، في وقت ينوي فيه التجار ورجال الأعمال الإضراب الشامل وتنظيم احتجاجات على الزيادات الجمركية.

ويعتزم التجار في مناطق سيطرة الجماعة تنفيذ إضراب شامل واعتصامات في المراكز الجمركية بسبب رفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، تطبيقاً لقرار القيادي في الجماعة رشيد أبو لحوم المعين وزيراً للمالية في حكومتها غير المعترف بها.

وكان أبو لحوم منح التجار المستوردين مهلة ستة أشهر لبدء الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، والتوقف عن الاستيراد عبر ميناء عدن الذي يخضع للحكومة الشرعية، وهو القرار الذي يصفه العديد من الباحثين الاقتصاديين بأنه غير قانوني أو دستوري، وسيؤدي إلى رفع أسعار جميع السلع التي تدخل عبر البر من المناطق المحررة.

جبايات على «القات»

أخيراً فرضت الجماعة الحوثية جبايات جديدة على المزارعين وتجار نبتة «القات» (نبتة يتناولها اليمنيون على نطاق واسع وتصنف بأنها مخدرة في الكثير من الدول) في عدد من المحافظات بنسبة تصل إلى 500 في المائة بمسمى الضرائب، ما أدى إلى توقف الكثير منهم عن مزاولة أنشطتهم.

وذكرت مصادر محلية في محافظات إب والبيضاء والضالع أن تجار نبتة «القات» فوجئوا خلال أيام عيد الفطر بالرسوم الجديدة التي فرضت عليهم، واضطروا لدفعها خشية أن يتم منعهم من البيع، خصوصاً وأن العيد يعد موسماً لازدهار تجارتهم، نظراً لإقبال اليمنيين على الإكثار من تعاطي هذه النبتة خلال الإجازات.

وفي حين تراجعت الجماعة عن هذه الزيادات لاحقاً في محافظة الضالع، أقرتها في بقية المحافظات كرسوم ضريبية بنسبة 500 في المائة، بعد أن توقع التجار والمزارعون أنها ستكون مؤقتة بسبب العيد، وطمع مشرفي وقيادات الجماعة في مقاسمتهم الأرباح التي يحصلون عليها في مثل هذا الموسم.

أسعار «القات» في اليمن ترتفع بسبب الزيادات الضريبية وتباهي أثرياء الحرب بتعاطي أغلى أنواعه (أ.ف.ب)

وفسر الناشط الاجتماعي اليمني جابر اليزيدي، وهو من سكان مديرية دمت التابعة لمحافظة الضالع، تراجع الجماعة الحوثية عن هذه الزيادة لتخوفها من تراجع إيراداتها من الجبايات والضرائب المفروضة على نبتة «القات» في محافظة الضالع، إذا ما أوقف مزارعو الأجزاء المحررة من المحافظة بيع «القات» للتجار في الأجزاء الواقعة تحت سيطرة الجماعة بسبب هذه الزيادات، حيث لا تستطيع الجماعة معاقبة هؤلاء المزارعين.

وأضاف اليزيدي لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تخشى أيضاً من ردة فعل سكان الأجزاء الواقعة تحت سيطرتها من المحافظة، خصوصاً وأن مديرية دمت شهدت في الأعوام السابقة احتجاجات متنوعة بسبب الجبايات والضرائب المتزايدة والأوضاع المعيشية، وظهرت أخيراً بوادر احتجاج ومطالبة السكان بصرف الرواتب.

هجرة المزارعين

تعد الضالع إحدى أكثر المحافظات اليمنية إنتاجاً لنبتة «القات»، في حين يعد «القات» المزروع فيها من أكثر الأنواع جودةً، ويُباع بأسعار باهظة في مختلف محافظات جنوب البلاد التي تندر زراعته فيها، غير أنه لا يصل إلى المحافظات الشمالية إلا بشكل محدود، حيث تنتشر زراعة أنواع مختلفة منه.

ويقول ناشط اجتماعي في محافظة إب لـ«الشرق الأوسط»، إن الجبايات التي تعمل الجماعة الحوثية على زيادتها بشكل دوري على مختلف المزروعات، خصوصاً «القات»، أجبرت الكثير من المزارعين والباعة على ترك هذه المهنة والتوجه إلى مهن أخرى أو الهجرة خارج المحافظة أو خارج البلاد.

وأشار الناشط، الذي طلب التحفظ على اسمه، إلى أن قرية أقاربه التي لا يزيد تعداد سكانها عن ألف شخص، شهدت خلال السنوات الماضية هجرة ما يزيد على 200 من شبابها ممن كانوا يعملون في زراعة وتجارة «القات» إلى خارج البلاد، بسبب زيادة الأعباء عليهم نتيجة فرض الإتاوات المتزايدة.

الضرائب الحوثية تسببت في الإضرار بالمزارعين وتجار «القات» (أ.ب)

وينبه الباحث الاقتصادي عبد القادر المقطري إلى أن الجبايات والضرائب التي تفرض على زراعة وتجارة نبتة «القات» تؤدي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على العائلات التي ليست لها موارد اقتصادية سوى هذا النشاط، ورغم زيادة أسعار هذه النبتة، فإن الإقبال على تناولها لا يتراجع، نظراً لصعود طبقة تثري من تجارة الحرب والفساد.

ويذهب المقطري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تجارة الحرب والفساد ساهما في زيادة أسعار نبتة «القات»، بعيداً عن الإتاوات والضرائب المفروضة عليها باستمرار، نظراً لأن الطبقات التي نشأت عنهما يتنافس أفرادها في الحصول على أجود الأنواع والتباهي بذلك خلال «جلسات المقيل»، حيث يتم مضغ النبتة.

إلا أن هذه الزيادات الهائلة في الأسعار لا تصل إلا لنسبة محدودة من كبار التجار، وهم في الغالب باعة الأنواع الباهظة الثمن، بينما يعاني صغار التجار والمزارعون من تضاؤل هامش الربح باستمرار نظراً للضرائب والجبايات المفروضة وغيرها من الأعباء المفروضة عليهم.


هيئة بحرية بريطانية: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر

طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
TT

هيئة بحرية بريطانية: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر

طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)

قالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري، اليوم (الجمعة)، إنها توصي السفن التجارية في «الخليج العربي وغرب المحيط الهندي»، بالبقاء في حالة حذر تأهبا لزيادة نشاط الطائرات المسيرة في المنطقة.

وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم، إنه لا توجد مؤشرات حالياً على أن سفناً تجارية كانت الهدف المقصود للضربة الإسرائيلية ضد إيران.


زعيم الحوثيين يتبنّى مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين يتبنّى مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

تبنّى زعيم الجماعة الحوثية في اليمن عبد الملك الحوثي، الخميس، مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتباهى بالرد الإيراني على إسرائيل، مهدداً باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.

وفيما يدعي الحوثي أن هجمات جماعته نصرة للفلسطينيين في غزة، جدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي تفنيد هذه السردية الحوثية، متهماً الجماعة وحلفاءها في لبنان والعراق بتنفيذ أجندة إيران.

الجماعة الحوثية سخرت الموارد والأموال للتعبئة العسكرية على حساب ملايين الجوعى (إعلام حوثي)

وفي خطبة بثها تلفزيون المسيرة (الذراع الإعلامية للجماعة)، تبنى الحوثي تنفيذ 14 هجوماً في البحر الأحمر وصولاً إلى المحيط الهندي، وفق زعمه باستخدام 36 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة، قال إنها استهدفت 8 سفن، ما يرفع عدد السفن المستهدفة إلى 98 سفينة.

وخصص الحوثي مساحة واسعة من خطبته لمديح الرد الإيراني على إسرائيل، مدعياً مشاركة ما يسمى «محور المقاومة» في هذا الرد في إشارة إلى جماعته «حزب الله» اللبناني، والفصائل العراقية الموالية لطهران.

وبخلاف الرواية الإيرانية الرسمية التي أكدت أن ردها على إسرائيل كان بسبب مقتل جنرالاتها في الضربة التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، زعم الحوثي أن الرد كان من أجل مناصرة فلسطين.

وشدّد الحوثي على أتباعه للتظاهر والاحتشاد في صنعاء والمناطق الخاضعة للجماعة، الجمعة، كما دعا إلى استمرار عمليات التعبئة والتجنيد، بعد توقفها خلال إجازة عيد الفطر.

ويقول الجيش الأميركي إن الحوثيين هاجموا السفن في 122 مناسبة، وإن قواته نفذت قرابة 50 ضربة على الأرض لتقليص قدرات الحوثيين ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.

مقاتلة من طراز «إف 18» على متن حاملة طائرات مشاركة في حماية الملاحة من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

وطبقاً للقيادة المركزية الأميركية، أثرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من عشر شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي للمساهمة في حماية السفن دون توجيه ضربات مباشرة للحوثيين.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفَّذت أكثر من 400 غارة على الأرض ابتداء من 12 يناير الماضي لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

في مقابل ذلك، أُصيبت 16 سفينة على الأقل خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

نفي سردية الحوثيين

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في تصريحات لوسائل إعلام مصرية، عدم وجود أي علاقة بين الحوثيين في البحر الأحمر وادعاءاتهم بمناصرة غزة.

وقال العليمي إن «المليشيات الحوثية وحلفاءها في العراق ولبنان والمنطقة يستخدمون قميص غزة لخدمة المصالح والأجندة الإيرانية، مدللاً على ذلك بالتناغم بين النشاط الذي تقوم به الميليشيات في العراق والنشاط الذي تقوم به الميليشيات في سوريا ولبنان واليمن، وفقاً لمصالح إيران والحوارات غير المعلنة بينها وبين المجتمع الغربي».

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف: «نحن نعرف أن هناك حوارات مستمرة بين الغرب، وبين إيران وهي تطرح شروطها بوضوح بما فيها رفع العقوبات مقابل وقف التصعيد».

وأشار إلى حرص بلاده على إحداث تحول في الاستراتيجيات لصالح المنطقة ولصالح اليمنيين، وضد المشاريع التخريبية والتدميرية في المنطقة، إلى جانب الحرص على تماسك المجتمع الدولي في مجلس الأمن، وإبقاء العلاقات جيدة مع كل الأطراف.

وتابع: «لا نريد أن يدخل اليمن في صراع أو طرف في الصراعات الدولية، فنحن لدينا من الهموم ما يكفي، وبالتالي نحاول أن نحقق نوعاً من التوازن في علاقتنا الخارجية لكي نحقق أهدافنا في استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط الانقلاب، وتحقيق سلام شامل وعادل يعتمد على المرجعيات».

وأوضح العليمي أن الجماعة الحوثية بدأت منذ نشأتها في الثمانينات القيام بأعمال إرهابية، ثم شكلت بعد ذلك ما أطلق عليه الشباب المؤمن، ثم حشدت عناصرها ومونتهم بالأسلحة والأموال من إيران، وبدأت بمواجهة الدولة في عام 2004.

وتعرض رئيس مجلس الحكم اليمني لمشروع الحوثيين السياسي، المتمثل في أحقيتهم بالحكم سواء في اليمن أو في المنطقة العربية، ووصفه بـ«العنصر العقائدي في مشروعهم السياسي»، مشيراً إلى سعيهم إلى إعادة نظام الإمامة في اليمن بدعم إيراني.

مدمرة غربية تشارك في التصدي للهجمات الحوثية (الجيش الإيطالي)

وأعاد التذكير باستغلال الحوثيين لما عرف بالربيع العربي وما تلاه من ترتيبات لمرحلة الانتقال السياسي في اليمن من أجل الانقلاب على الدولة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي دعت إليه المبادرة الخليجية، وشارك فيه الحوثيون بنحو 36 عضواً، وصولاً إلى مشاركتهم في إعداد مشروع مسودة دستور اليمن الجديد.

وقال العليمي إن إيران حققت عبر الحوثيين أهدافها بالقضاء على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وأدخلت اليمن في النفق المظلم والصراع والحرب الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.

واتهم إيران بأنها تستخدم القضايا العربية العادلة لأغراض غير عادلة وغير أخلاقية بما في ذلك زعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية، مشيراً إلى أن القضية اليمنية واحدة من هذه القضايا التي تستخدمها إيران لتحقيق مصالحها على حساب مصلحة الشعب اليمني والمصلحة العربية عموماً.

وقال العليمي: «نحن لدينا معلومات عن كيفية استغلال إيران لميليشياتها سواء في اليمن أو في سوريا أو في العراق أو في لبنان لتحقيق مصالحها سواء فيما يتعلق بالعقوبات، وفك الحظر عن الأرصدة، أو فيما يتعلق ببرنامجها النووي، ومستقبل نفوذها في المنطقة».

وأضاف «أعتقد أن المصالح الإيرانية اليوم هي التي تتحكم بميليشياتها في المنطقة ومنها اليمن، حيث تغلب مصلحة إيران على مصالح هذه الشعوب، وهي الكارثة الكبرى التي يجب أن نواجهها اليوم جميعا». وفق تعبيره.


زعيم الحوثيين: نفّذنا 14 عملية في أسبوعين وصولاً إلى المحيط الهندي

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين: نفّذنا 14 عملية في أسبوعين وصولاً إلى المحيط الهندي

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)

قال عبد الملك بدر الدين الحوثي، زعيم جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران، اليوم (الخميس)، إن الحوثيين نفّذوا 14 عملية بالبحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وصولاً إلى المحيط الهندي في غضون أسبوعين، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف في خطاب بثه التلفزيون: «لا خطر على الملاحة التابعة للدول الأوروبية التي لا تتجه إلى العدو الإسرائيلي ويمكنها المرور بأمان وسلام».


اليمن: حملات الانقلابيين استهدفت 3200 منشأة تجارية في 40 يوماً

متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
TT

اليمن: حملات الانقلابيين استهدفت 3200 منشأة تجارية في 40 يوماً

متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)

شنت الجماعة الحوثية خلال 40 يوماً حملات استهدفت نحو 3200 منشأة تجارية في صنعاء ومدن أخرى، بهدف الابتزاز وفرض الجبايات، وتمكين أتباعها من مفاصل العمل التجاري في مقابل التنغيص على غير الموالين لها.

وكشف تقرير صادر عن مسؤولي الجماعة المعينين في وزارة الصناعة ومكاتبها في المحافظات الخاضعة لهم، عن نزول فرق ميدانية في شهر رمضان الماضي استهدفت أكثر من 2237 منشأة تجارية، بينما استهدفت خلال إجازة عيد الفطر نحو 965 منشأة بحجة تسجيل مُلاكها مخالفات ورفضهم للتعليمات، وعدم التزامهم بقائمة الأسعار التي فرضتها الجماعة.

مركز جباية استحدثه الحوثيون على مقربة من إحدى المدن الخاضعة لهم (إعلام محلي)

وحلت العاصمة المختطفة صنعاء في المرتبة الأولى من حيث عدد المنشآت التجارية التي ضربتها موجة الاستهداف الحوثي بواقع 1672 عملية دهم، تلتها محافظتا الحديدة وعمران بواقع 169عملية استهداف لكل منهما، فيما حلت صعدة (معقل الجماعة) بالترتيب الثالث بعدد 66 عملية استهداف بالجباية خلال إجازة العيد ضد ملاك منشآت تجارية، لتأتي بعدها تباعاً بقية المدن والمحافظات الخاضعة تحت سيطرة الجماعة.

ونقلت وسائل إعلام الجماعة تصريحات للقيادي نجيب العذري المعين في منصب مدير العمليات المركزية بوزارة الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، يؤكد فيها أن الحملة الميدانية في رمضان وإجازة عيد الفطر ضبطت أكثر من 3202 مخالفة بمنشآت تجارية متنوعة في عدة مناطق تحت سيطرتهم. زاعماً أن تلك المخالفات التي قيدتها الجماعة تركز أغلبها على عدم إشهار قائمة الأسعار.

لا استثناءات

في ظل استمرار حملات الابتزاز الحوثية، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة تنفذ منذ أيام أعمال جباية لم تستثنِ أحداً من التجار وملاك الأسواق والمطاعم والباعة المتجولين بمناطق متفرقة من صنعاء وضواحيها.

وطالت الحملات الحوثية في اليومين الماضين، عشرات المنشآت التجارية الكبيرة والمتوسطة والأصغر في صنعاء، حيث أفاد تجار لـ«الشرق الأوسط» بأن فرقاً حوثية ميدانية شنت حملات لجمع إتاوات نقدية وأخرى عينية بالقوة، تحت عناوين متعددة؛ أبرزها تمويل مشروعات الجماعة وجبهاتها القتالية.

حوثيون يداهمون مخزناً للأدوية في صنعاء (إعلام محلي)

وأكد نبيل، وهو اسم مستعار لأحد التجار في صنعاء أن ما وصفها بـ«فرق البطش الحوثية» داهمت في الأيام القليلة الماضية عدة محالّ وأسواق تجارية بمناطق متفرقة من المدينة، وباشر عناصرها بالاعتداء على عدد من الملاك واختطاف آخرين، إلى جانب فرض مبالغ مالية بحق مجموعة ثالثة من التجار.

واتهم التاجر وزير الصناعة بحكومة الحوثيين غير المعترف بها محمد شرف المطهر بالوقوف خلف جرائم التعسف والابتزاز والنهب المنظم الذي يتعرض له التجار ولا يزالون.

تعطيل الاقتصاد

مع مواصلة الجماعة الحوثية تعطيل ما تبقى من فاعلية الاقتصاد المحلي ووضع العراقيل أمام ما تبقى من منتسبي القطاع الخاص بمناطق سيطرتها بغية فرض كامل السيطرة عليه، أوضحت المصادر التجارية أن حملات الاستهداف الأخيرة ضد التجار، نُفذت بإشراف مباشر من قادة الجماعة المسؤولين عن قطاع الصناعة والتجارة في صنعاء وبقية المحافظات.

وأكدت المصادر أن حملات الاستهداف بالإغلاق وفرض الجبايات على ما تبقى من النشاط التجاري بمختلف أشكاله في مناطق سيطرة الجماعة يندرج في إطار النهج المنظم والواسع للقضاء على ما بقي من القطاعات الحيوية، وتمكين موالين للجماعة من الهيمنة التجارية.

وجاء تكثيف حملات الابتزاز في مناطق سيطرة الجماعة بالتوازي مع تحذيرات أممية بأن ملايين اليمنيين لا يزالون يعانون من الآثار المعقدة للعنف المسلح والأزمة الاقتصادية المستمرة، وتعطل مختلف الخدمات العامة، واحتياج نحو 21 مليون شخص إلى مساعدة إنسانية وخدمات حماية عاجلة.

العاملون في مختلف المهن يجبرهم الحوثيون على دفع الإتاوات (الشرق الأوسط)

وكان البنك الدولي وضع اليمن في أحدث تقرير له ضمن أكثر البلدان فقراً على مستوى العالم. وذكر أن بيانات الأمن الغذائي المتكامل تضع هذا البلد في مرتبة واحدة مع أفغانستان وهايتي والصومال وجنوب السودان والسودان ودول الساحل الأفريقي.

ووفقاً للتقرير الخاص بتقييم مستوى الفقر، فإن اليمن كان في الأساس بلداً فقيراً قبل اندلاع الحرب، ولهذا خلفت عشر سنوات من الصراع والأزمات آثاراً وخيمة على الظروف المعيشية، حيث يعاني الملايين من الجوع والفقر.


توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المناطق المحررة

منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
TT

توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المناطق المحررة

منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)

يعكف الحوثيون على تفعيل قرار سابق بفرض رسوم جمركية على كل البضائع المقبلة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة بنسبة 100 في المائة لإرغام المستوردين على تحويل بضائعهم إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتهم، وفقاً لمصادر يمنية مطلعة.

تأتي الخطوة الحوثية في الوقت الذي يعمل فيه مبعوث الأمم المتحدة والوسطاء من الإقليم على احتواء تداعيات خطوة الجماعة المتمثلة في سك عملة معدنية غير قانونية من فئة 100 ريال يمني.

وذكرت مصادر في القطاع التجاري لـ«الشرق الأوسط» أن الوسطاء من السعودية وسلطنة عمان يعملون على احتواء تداعيات الحرب الاقتصادية بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين عقب قيام الأخيرة بإصدار العملة المعدنية من طرف واحد، ورد البنك المركزي في عدن على ذلك بمنع تداول هذه الفئة، وتوجيهه البنوك التجارية بنقل إداراتها المركزية من صنعاء إلى عدن خلال شهرين.

عائدات ميناء الحديدة يستحوذ عليها الحوثيون بينما يعاني سكان المدينة من الفقر (إعلام محلي)

وبينت هذه المصادر أن جهود الوسطاء مستمرة، وأن هناك أفكاراً تناقش وبمشاركة من الأمم المتحدة لاحتواء المواجهة الاقتصادية بين الحكومة والحوثيين، وتشمل هذه النقاشات جوانب كثيرة من الوضع الاقتصادي بما فيها استئناف تصدير النفط الذي توقف بسبب استهداف الحوثيين موانئ تصديره، وقالت إنه لم يتم التوصل بعد إلى تفاهمات واضحة بهذا الخصوص.

وبالتزامن مع هذه الجهود ذكرت مصادر القطاع التجاري أن رشيد أبو لحوم وزير المالية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، وجه المنافذ الجمركية التي استحدثت في مناطق التماس مع مناطق سيطرة الحكومة الاستعداد لبدء تنفيذ قرار سابق برفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، على كل البضائع المقبلة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة، وهو القرار الذي أعلن عنه قبل ستة أشهر ومنح بموجبه التجار هذه الفترة لاستكمال تحويل استيراد البضائع إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة.

وذكرت المصادر أن القيادي الحوثي أبو لحوم يسعى ومنذ انتهاء فترة الأشهر الستة لتطبيق هذه الخطوة التي تهدف إلى رفع أسعار البضائع والسلع التي يتم استيرادها عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة لصالح البضائع التي يتم استيرادها عبر الموانئ التي تخضع لسيطرة الحوثيين، مع أن القانون اليمني لا يعطي الوزير ولا الحكومة غير المعترف بها حق فرض أي رسوم أو زيادة في الضرائب إلا بقانون، كما يمنع منح الإعفاءات إلا في حالات محددة وبشروط مشددة.

رفض للقرار

وفق المصادر اليمنية، فإن القطاع التجاري في مناطق سيطرة الحوثيين أكد أنه لن يرضخ لهذه الإجراءات التي وصفها بالتعسفية وغير القانونية، حيث يتهم القيادي الحوثي أبو لحوم بأنه كان السبب في ارتفاع أسعار جميع السلع من خلال مضاعفته رسوم ما يسمى بالنظافة والتحسين إلى أكثر من عشرة أضعافها خلال عام واحد، وأنه مستمر في مضاعفتها بمقدار مرتين كل عام، إلى جانب غيرها من الجبايات المرتبطة بالسلع والخدمات.

الحوثيون أغلقوا الطرق الرئيسية مع المناطق المحررة لإرغام التجار على الاستيراد عبر الحديدة (إعلام محلي)

ونبهت المصادر إلى أن قطاعاً كبيراً من التجار غادر إلى مناطق سيطرة الحكومة أو إلى الخارج، وأن هناك ممارسات يومية هدفها خلق طبقة جديدة من التجار مستفيدين من التسهيلات والامتيازات والإعفاءات التي يمنحها الحوثيون لهؤلاء التجار، وغالبيتهم ينحدرون من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة.

واتهمت المصادر في القطاع التجاري أبو لحوم ومعه القيادي الآخر محمد المطهر المعين في منصب وزير الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب الحوثية إلى جانب القيادي أحمد حامد الذي يشغل منصب مدير مكتب مجلس الحكم الحوثي، بالعمل على تدمير القطاع الخاص.

ويأتي التدمير الممنهج - وفق المصادر - من خلال فرض الرسوم والجبايات المضاعفة ومصادرة البضائع بحجة مقاطعة الشركات الغربية، بينما يعمل هؤلاء على تقديم التسهيلات والإعفاءات من الرسوم القانونية والجبايات لمجموعة من التجار الذين يعملون لصالح الجماعة أو بالشراكة مع قيادات فيها.

ووفق ما ذكرته المصادر التجارية اليمنية، فإن الخطوة الحوثية المتوقعة ستسبب حالة من الفوضى، وتراكم السلع في المنافذ مع نقص المعروض منها في الأسواق، وإنها لن تجبرهم على الاستيراد عبر موانئ الحديدة، كما أن كميات كبيرة تأتي من دول الجوار عبر البر، وبالضرورة أن تمر عبر مناطق سيطرة الحكومة التي تسيطر على كل المنافذ البرية.

مسلحون حوثيون في تجمع دعا له زعيم الجماعة بصنعاء (رويترز)

وكان الحوثيون أعلنوا في مطلع أغسطس (آب) الماضي رفع الرسوم الضريبية على السلع المقبلة عبر المنافذ البرية مع مناطق سيطرة الحكومة بنسبة 100 في المائة من إجمالي القيمة الجمركية، بعد أن فشلت الجماعة في إقناع المستوردين بالتحول نحو ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم، وبهدف زيادة الأموال التي يتحصلون عليها، والضغط على الجانب الحكومي مالياً بعد أن منعته من تصدير النفط منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022 عند استهداف موانئ التصدير بعدة هجمات.


البحر متنفس النازحين في غزة رغم القصف والدمار

أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
TT

البحر متنفس النازحين في غزة رغم القصف والدمار

أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)

دفع ارتفاع درجات الحرارة في دير البلح في قطاع غزة ناجي أبو وسيم وأسرته للهرب إلى البحر وقضاء بعض الوقت بعيداً عن خيم النزوح بعد أكثر من ستة أشهر من حرب مدمّرة متواصلة.

رصد تقرير لوكالة «الصحافة الفرنسية» وصول الآلاف الأربعاء إلى شاطئ بحر دير البلح في وسط قطاع غزة، بعضهم نزل إلى البحر للسباحة، فيما فضل آخرون البقاء على الشاطئ، واصطحب أحدهم حصاناً ركبوه، وأمكن رؤية جمل مع شبان آخرين.

وقال أبو وسيم «البحر متنفسنا الوحيد، أمضيت مع أسرتي ست ساعات على البحر، الأطفال كانوا فرحين».

وأضاف «هذا هدفنا الأول أن نخرجهم من أجواء الدمار، والقتل، والحرب، رغم أنهم يسمعون انفجارات في كل لحظة، والطائرات تجوب الأجواء».

وتابع «إن شاء الله تنتهي هذه الحرب، ونرجع إلى مدينة غزة حتى لو على الركام».

أما محمود الخطيب (28 عاماً) النازح من مدينة غزة إلى منطقة الزوايدة قرب دير البلح، فوصف الخيمة بأنها «مثل الفرن»، في إشارة إلى الحر الشديد.

وأضاف «اليوم كانت فرصة أمامنا أن نتوجه إلى البحر بسبب الحرارة المرتفعة، اصطحبت زوجتي وأولادي... أفضل من الخيمة».

وتخوّف من فصل الصيف المقبل. «نحن مقبلون على فصل صيف حار. درجات الحرارة تقتلنا إلى جانب الحرب. ليس أمامنا سوى شاطئ البحر».

واستدرك «يكفي سبعة شهور من الحرب، لم يبق شيء، لا بيوت، ولا مال، ولا بنية تحتية، لا شكل للحياة، كل شيء معدوم».

ورصدت عدسة وكالة «الصحافة الفرنسية» أطفالاً يلهون على الشاطئ، وآخرين على الرمال، بينما كانت نسوة محجبات يلتقطن الصور.

علبة سردين

بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس، قتل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 33899 شخصاً في قطاع غزة، أكثر من 70 في المائة منهم من النساء والأطفال.

واندلعت الحرب عقب هجوم غير مسبوق نفذته حركة «حماس» على الأراضي الإسرائيلية، وأدى إلى مقتل 1170 شخصاً، معظمهم من المدنيين. فيما خطف أكثر من 250 شخصاً، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفي 34 منهم، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين.

ورداً على ذلك، توعدت إسرائيل بـ«القضاء» على «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007 وتصنّفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «إرهابية».

ومن بين الذين هربوا إلى البحر، يونس أبو رمضان الذي اصطحب زوجته وأولاده.

وقال «لا مفرّ أمامنا سوى التوجه إلى البحر، حاولنا أن ننسى ما نحن فيه، لكن الظرف صعب، إطلاق النار والقصف في كل مكان».

وأضاف أبو رمضان الذي نزح مع عائلته المؤلفة من عشرين شخصاً، بينهم أطفال من حي النصر في شمال قطاع غزة إلى دير البلح «نعيش في خوف، ورعب، ونتمنى أن نعود إلى بيوتنا في غزة».

أما زوجته أم رمضان فقالت إن خيم النزوح «مثل علبة السردين، تكدّس، وازدحام. لا نعرف الراحة، ولا الهدوء، الطيران من جانب، وقلق الأطفال من جهة ثانية».

وأضافت «البحر متنفسنا... شاهدنا كل الناس الموجودة في الخيم وقد نزلوا إلى البحر مثلنا، لأن الجو حار جداً».

ولم تخف السيدة خوفها من القصف الإسرائيلي. وتقول «نحن خائفون أن يتم قصفنا من البحر أيضاً، الزوارق الحربية الإسرائيلية قريبة من الشاطئ، لكن الله سلمنا، ونأمل أن تنتهي الحرب، ونعود إلى منازلنا».


ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيئ في سلطنة عمان إلى 21

غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيئ في سلطنة عمان إلى 21

غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)

قالت وكالة الأنباء العمانية، اليوم (الخميس)، إن عدد الوفيات جراء المنخفض الجوي الذي ضرب السلطنة ارتفع إلى 21، بعد العثور على امرأة عمانية مفقودة في منطقة الشريخة بولاية محوت، ورجل يحمل جنسية دولة آسيوية في ولاية صحم وقد فارقا الحياة.

وأضافت الوكالة الرسمية أن البحث لا يزال جارياً عن مفقودين اثنين آخرين.

كانت اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة في عمان قد أعلنت في وقت سابق من الأسبوع الحالي تعليق العمل في المدارس في أغلب أنحاء البلاد، واعتمدت حكومة دبي في الإمارات العمل عن بُعد لثلاثة أيام بعد موجة من الطقس السيئ ضربت المنطقة، وشهدت عواصف عاتية وأمطاراً غزيرة غير مسبوقة.

وعطل المنخفض الجوي مناطق واسعة في سلطنة عمان والإمارات وامتد تأثيره أيضاً إلى اليمن.

وأعلنت عمان والإمارات، أمس، انتهاء موجة الطقس السيئ، وأعاد مطار دبي الدولي تدريجياً فتح إجراءات تسجيل المسافرين المغادرين لرحلات طيران الإمارات وفلاي دبي بعد تعليقها بسبب الطقس.


وفرة الموارد الطبيعية في باكستان تفتح الباب لاستثمارات سعودية جديدة

وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
TT

وفرة الموارد الطبيعية في باكستان تفتح الباب لاستثمارات سعودية جديدة

وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)

قال نواف المالكي السفير السعودي لدى باكستان، إن اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص»، الذي عُقد أمس (الثلاثاء) بين الجانبين السعودي والباكستاني، أكّد على «ما تختص به باكستان من وفرة في الموارد الطبيعية مما يجعلها دولة مستهدفة للاستثمار في كثير من القطاعات المتاحة من خلال دراسة العروض المقترحة لإقامة استثمارات مشتركة بين السعودية وباكستان».

ووصل وزير الخارجية السعودي إلى باكستان (الاثنين)، في زيارة استمرت ليومين، على رأس وفد رفيع المستوى يتألّف من وزراء من القطاعات الرئيسية بما في ذلك الاستثمار، والمياه والزراعة، والبيئة، والصناعة، والموارد المعدنية، والطاقة، وقطاعات أخرى، لتسريع متابعة التفاهم الذي تم التوصل إليه بين رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال اجتماعهما الأخير في السابع من أبريل (نيسان) الحالي في مكة المكرمة، ولتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي بين البلدين، والتقى خلال زيارته الرئيس الباكستاني، ورئيس الوزراء؛ ووزير الخارجية، ورئيس الجيش الباكستاني. كما ترأس مع نظيره الباكستاني اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين».

وأضاف المالكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الزيارة تأتي «امتداداً للعلاقات الدائمة مع دولة باكستان الشقيقة، وهي تأكيد على عمق العلاقات بين البلدين وتطورها بشكل مستمر، ولتعزيز التعاون الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري، ودعم المستثمرين من البلدين لتوسيع أعمالهم التجارية في القطاعات كافة». وتابع أن زيارة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان والوفد المرافق له «جاءت لاستعراض سبل تعزيز علاقات التعاون المتينة في كثير من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي بين البلدين بما يسهم في الأمن والسلم الدوليين».

وتتجه السعودية وباكستان إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري ودعم المستثمرين لتوسيع أعمالهم في البلدين، وذلك خلال اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص»، الذي عقد في إسلام آباد، (الثلاثاء)، برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، ونظيره الباكستاني إسحاق دار.

القطاعات المستهدفة

وأكد وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار، على الروابط العميقة والمصالح الاستراتيجية المتبادلة بين باكستان والسعودية، وأبرز أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية الثنائية والدور الحيوي للاستثمارات السعودية في تعزيز هذه العلاقة.

وشرح كيف تهدف باكستان من خلال منصة «إس آي إف سي» إلى تبسيط عمليات الاستثمار وضمان اتخاذ القرارات بسرعة، وتعزيز بيئة استثمارية مزدهرة في باكستان.

وعرض فرص باكستان الوفيرة في قطاعات الزراعة وتكنولوجيا المعلومات والتعدين، داعياً المستثمرين السعوديين إلى المشاركة في شراكات مفيدة للجانبين.

وتحدث وزير الخارجية الباكستاني أيضاً عن ثقته بتعزيز الروابط بين البلدين، متصوراً نمواً اقتصادياً كبيراً وفوائد دائمة.

جانب من لقاء وزير الخارجية السعودي والوفد المرافق رفيع المستوى برئيس أركان الجيش الباكستاني (واس)

تحديد الفرص الاستثمارية

إلى ذلك، قدم المسؤولون في «إس آي إف سي» شروحات شاملة تشمل الإمكانيات والفرص الاستثمارية في القطاعات الرئيسية للاقتصاد الباكستاني، وعقد الجانبان جلسات نقاش مكثفة على مستوى الأداء لتحديد فرص الاستثمار في باكستان.

وكشف الجانب السعودي عن أهمية كبيرة واهتمام في تحسين بيئة الاستثمار في باكستان، وقدر دور «إس آي إف سي» في تسوية قضايا الاستثمار / الأعمال السابقة للسعودية بطريقة ودية، مبدياً اهتماماً كبيراً بالاستثمار في القطاعات الرئيسية في باكستان.

أما الجانب الباكستاني فأبدى دعمه وتسهيلاته في تسريع الاستثمارات متعددة المليارات من المملكة في إسلام آباد.

ووضع الجانبان آلية تنفيذ ثنائية لتنسيق وتنفيذ الشؤون المتعلقة بالاستثمار على مستوى الأداء لتحويل التزاماتهما السيادية إلى نتائج اقتصادية ملموسة.