الحوثيون يعوّضون انكسارهم في مأرب بقصف مخيمات النازحين

الجماعة تعزز حشودها والحكومة تحذّر من تدهور الوضع الإنساني

عائلة نازحة في مخيم للنازحين قرب الحديدة أمس (أ.ف.ب)
عائلة نازحة في مخيم للنازحين قرب الحديدة أمس (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعوّضون انكسارهم في مأرب بقصف مخيمات النازحين

عائلة نازحة في مخيم للنازحين قرب الحديدة أمس (أ.ف.ب)
عائلة نازحة في مخيم للنازحين قرب الحديدة أمس (أ.ف.ب)

وسط تحذيرات أطلقتها الحكومة اليمنية أمس (الاثنين) من تدهور الأوضاع الإنسانية في محافظة مأرب جراء الهجمات الحوثية المتواصلة منذ أكثر من أسبوع، عوّضت الجماعة انكسار زحوفها غربي المحافظة وجنوبها باستهداف مخيمات النازحين بالصواريخ، بحسب ما أكدته مصادر حكومية رسمية.
وأشارت مصادر ميدانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» إلى تواصل المعارك أمس في جبهات مديرية صرواح غرب مأرب حيث استعادت قوات الجيش اليمني والقبائل المساندة لها زمام المبادرة بإسناد من مقاتلات تحالف دعم الشرعية التي تولت استهداف الآليات القتالية للجماعة والحشود المسلحة القادمة من صنعاء.
وفي وقت تعالت فيه الأصوات السياسية المطالبة للقوات الحكومية بتعزيز العمليات العسكرية لاستكمال تحرير مأرب وتأمينها من الهجمات الحوثية، قال وزير الخارجية في الحكومة الشرعية أحمد عوض بن مبارك في تصريحات أمس إن الجماعة لا تكترث للخسائر الكبيرة في صفوفها.
وأضاف الوزير اليمني في تصريحاته خلال لقائه في الرياض السفير الفرنسي لدى بلاده جان ماري صافا أن الجماعة الحوثية «تدفع بأعداد كبيرة من المغرر بهم إلى المحرقة في مأرب، ومستمرة بتجنيد الأطفال وقصف المناطق السكنية بالصواريخ الباليستية».
وفي حين أشار بن مبارك إلى احتضان محافظة مأرب ملايين النازحين الذين فروا من مناطق سيطرة الميليشيا، قال إن استمرار الهجمات الحوثية «سيؤدي إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في المحافظة».
في السياق نفسه، أفادت مصادر ميدانية (الاثنين) بأن الجماعة الحوثية عقب انكسارها في جبهات صرواح ومراد غرب مأرب وجنوبها تعمدت قصف مخيمات النازحين في منطقة الزور بمديرية صرواح بصاروخ باليستي وصواريخ «كاتيوشا» وسط مخاوف متصاعدة من تهديد حياة أكثر من 20 ألف نازح.
وفي أول تعليق حكومي، ندد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بأشد العبارات باستهداف الحوثيين المتعمد للمخيمات في محافظة مأرب، بما في ذلك مخيم الزور بمديرية صرواح.
وقال الإرياني: «إن استمرار ميليشيا الحوثي في استهداف التجمعات السكنية ومخيمات النزوح بمحافظة مأرب عمل إرهابي وجريمة حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويخالف القوانين والمواثيق الدولية، ويشكل خطراً حقيقياً على سلامة وحياة أكثر من مليون نازح فروا من بطش وإجرام الميليشيا من مختلف المحافظات التي تقع تحت سيطرتهم»، بحسب تعبيره. واستغرب مما وصفه بـ«استمرار صمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن مارتن غريفيث إزاء تصعيد ميليشيا الحوثي في جبهات مأرب، واستهدافها المتعمد للمناطق والأحياء السكنية ومخيمات النازحين».
وحذر الإرياني في سلسلة تعليقات على «تويتر» من أن موجات نزوح المدنيين منذ بدء الحرب، تضع البلد أمام «كارثة إنسانية غير مسبوقة».
ميدانياً، أفاد الإعلام العسكري للجيش اليمني بأن الميليشيات الحوثية فقدت تماسكها بعد أسبوع من الهجمات على مأرب، وهو ما دفعها لاستقدام المزيد من مجنديها لإسناد عناصرها الذين أجبروا على التراجع عقب خسارتهم المئات خلال أيام.
وذكر الموقع الرسمي للجيش اليمني (سبتمبر نت) أن مقاتلات تحالف دعم الشرعية استهدفت بغارات جوية تعزيزات قتالية كانت في طريقها لمواقع ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، غرب محافظة مأرب.
وأسفرت الغارات - بحسب الموقع - «عن تدمير معدات وعربات قتالية كانت في طريقها إلى مواقع الميليشيات بجبهتي صرواح والمخدرة، كما أسفرت الغارات عن مقتل عناصر الميليشيا ممن كانوا على متن العربات».
كما أفادت المصادر العسكرية الرسمية بأن المعارك تواصلت في جبهات مديريات صرواح وأن الجيش أسقط الأحد طائرة مسيّرة مفخخة تابعة للميليشيا الحوثية، أثناء تحليقها باتجاه مواقع عسكرية في الجبهة.
من جهته، أكد قائد اللواء 143 مشاة في الجيش اليمني العميد ذياب القبلي أن جبهات جنوب مأرب وغربها وشمالها الغربي «أصبحت بمثابة المقبرة الجماعية، التي التهمت حشود وقطعان الميليشيا الحوثية الإرهابية، ممن زجت بهم إلى محارق الموت والهلاك»، بحسب ما نقل عنه الموقع الرسمي للجيش.
وأضاف القبلي أن «حشود الميليشيا الإرهابية التي ظلت تحشدها خلال الأشهر الماضية في محاولة بائسة ويائسة منها لتحقيق أي تقدم ميداني على أطراف محافظة مأرب، أصبحت متناثرة على جبال المحافظة وفي وديانها وشعابها».
وتقول الحكومة اليمنية إن الميليشيات الحوثية تسعى من خلال تصعيدها غير المسبوق باتجاه محافظة مأرب النفطية، إلى جانب خروقها المتصاعدة للهدنة الأممية في محافظة الحديدة، لإفشال مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة بدعم من المجتمع الدولي، وذلك تنفيذاً من قادة الجماعة لتعليمات طهران.
على صعيد ميداني آخر، أفادت المصادر الرسمية بأن قوات اللواء التاسع مشاة جبلي التابع لمحور علب في محافظة صعدة الحدودية (شمال) شنت يوم الاثنين هجوماً نوعياً استهدف مواقع وتحصينات الحوثيين في تباب الصماء شمال مديرية باقم. وبحسب ما نقلته وكالة «سبأ» الحكومية عن ركن استخبارات اللواء التاسع العقيد مروان الكمالي، فقد «نفذ الجيش عملية نوعية استهدفت تعزيزات وتحصينات الحوثيين في (تباب الصماء) الواقعة على الخط الدولي بمديرية باقم، أسفرت عن تدمير آليات عسكرية ومصرع 6 عناصر من الميليشيات الحوثية وإصابة آخرين بجروح مختلفة».


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.