ليبيا: غموض حول مصير السراج وتاريخ عودته

مصر لإعادة فتح سفارتها في طرابلس

صورة وزعها محمد سيالة وزير الخارجية بحكومة الوفاق لاجتماعه بالوفد المصري الزائر لطرابلس
صورة وزعها محمد سيالة وزير الخارجية بحكومة الوفاق لاجتماعه بالوفد المصري الزائر لطرابلس
TT

ليبيا: غموض حول مصير السراج وتاريخ عودته

صورة وزعها محمد سيالة وزير الخارجية بحكومة الوفاق لاجتماعه بالوفد المصري الزائر لطرابلس
صورة وزعها محمد سيالة وزير الخارجية بحكومة الوفاق لاجتماعه بالوفد المصري الزائر لطرابلس

فيما يتواصل الغموض حول مصير رئيس حكومة «الوفاق» فائز السراج، بدا أمس أن مصر بصدد إعادة فتح سفارتها جزئياً في العاصمة الليبية طرابلس، بعد إغلاق دام نحو 7 سنوات.
وفي إطار الانفتاح المصري المتصاعد على المنطقة الغربية بليبيا، حلّ أمس وفد أمني دبلوماسي مصري بالعاصمة طرابلس، في زيارة تستغرق عدة أيام، هي الثانية من نوعها لوفد مصري خلال أقل من شهرين، وذلك بهدف التمهيد لإعادة فتح السفارة المصرية.
ونقلت وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، عن مصدر مصري مطلع، أن وصول الوفد إلى طرابلس «يأتي في إطار العمل على التحضيرات الفنية، الخاصة باستئناف الوجود الدبلوماسي المصري في ليبيا خلال الفترة المقبلة»، مشيراً إلى أن «الزيارة تتعلق بالإجراءات والترتيبات اللوجيستية الخاصة بعملية الإعداد لهذا الوجود، ودراسة توقيت عودة العمل بكل من السفارة المصرية في طرابلس، والقنصلية المصرية في بنغازي».
وقال محمد القبلاوي، المتحدث باسم وزارة الخارجية بحكومة الوفاق، إن الوفد المكون من دبلوماسيين وأمنيين «سيبدأ بالعمل على الشؤون القنصلية». فيما أفاد بيان لمحمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة الوفاق، الذي التقى في طرابلس الوفد المصري، برئاسة السفير محمد ثروت، مدير مكتب وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن «الاجتماع بحث ترتيبات إعادة افتتاح السفارة المصرية، ومختلف موضوعات تفعيل العلاقات بين البلدين الشقيقين».
ونقل عن أعضاء الوفد أن الزيارة تتعلق بالبدء في «خطوات عملية في إعادة افتتاح مقر السفارة المصرية، بما سيسهم في تعزيز العلاقات القائمة بين البلدين الشقيقين، وخاصة في مجال تقديم الخدمات، والتسهيلات القنصلية للمواطنين في البلدين». وأكد سيالة حرصه على تقديم التسهيلات اللازمة كافة للوفد المصري لإعادة افتتاح السفارة، مبرزاً أن تعليماته للخبراء من الجانب الليبي ركزت على التعاون الكامل مع أشقائهم في كل احتياجاتهم لبدء العمل.
وقدّم وفد مصر التهنئة بمناسبة اختيار السلطة التنفيذية الجديدة، مؤكداً حرص القاهرة على أمن واستقرار ليبيا، متمنياً للحكومة الجديدة كل التوفيق في إنجاز متطلبات واستحقاقات هذه المرحلة، وصولاً إلى موعد تنظيم الانتخابات المقرر في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وكان شكري قد أبلغ سيالة خلال لقائهما الأخير بالقاهرة الأسبوع الماضي، قرب افتتاح سفارة القاهرة في طرابلس، «لتسهم في تفعيل آليات التعاون الثنائي، والدفع قدماً بالعلاقات بين البلدين»، وفق بيان للخارجية المصرية.
في غضون ذلك، استمر أمس الغموض حول منح السراج صلاحياته بشكل مفاجئ إلى نائبه أحمد معيتيق، قبل توجهه إلى جهة غير معلومة خارج البلاد، اعتباراً من أول من أمس.
وهذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها السراج تكليفاً مماثلاً، في سابقة لم تحدث منذ توليه منصبه نهاية عام 2015. ولم يعلق معيتيق على هذا القرار. كما واصلت حكومة الوفاق تجاهله، وامتنعت عن توضيح مقر الإقامة الحالي للسراج، وما إذا كان يعتزم العودة مجدداً أو البقاء في الخارج، مع اقتراب مراسم تسليم السلطة إلى رئيس المجلس الرئاسي الجديد، محمد المنفي، بينما روّج مقربون من السراج رواية عن خضوعه لعملية جراحية بأحد مستشفيات إيطاليا.
وخلافاً لما كان متوقعاً، لم يبادر السراج إلى الاتصال هاتفياً بالمنفي، أو رئيس حكومته المكلف عبد الحميد دبيبة، واكتفى بإصدار بيان مقتضب رحّب فيه باختيارهما من ملتقى جنيف مؤخراً.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.