غوتيريش يطالب بـ«محاسبة» مهاجمي البعثات الدبلوماسية في العراق

TT

غوتيريش يطالب بـ«محاسبة» مهاجمي البعثات الدبلوماسية في العراق

أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن استمرار الهجمات على البعثات والقوافل الدبلوماسية في العراق «لا يزال يشكل مصدر قلق بالغاً»، مطالباً الحكومة العراقية بـ«محاسبة» المسؤولين عن تلك الهجمات أمام القانون، ملاحظاً بـ«قلق بالغ» أيضاً استمرار الإفلات من العقاب، لا سيما فيما يتعلق باختطاف المتظاهرين والنشطاء وتعذيبهم واغتيالهم. وأبدى استعداد المنظمة الدولية لتقديم الدعم اللازم للانتخابات المبكرة في البلاد.
وفي أحدث تقرير له حول تنفيذ القرار 2522 والتقدم المحرز في التفويض الممنوح لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق (أونامي)، رحب غوتيريش بإتمام التشريعات اللازمة «للتمكن من مواصلة التحضيرات لإجراء انتخابات مبكرة»، لكنه أشار إلى أنه «لا يزال هناك عمل مهم يتعين القيام به، بما في ذلك اعتماد قانون المحكمة الاتحادية العليا والتوصل إلى اتفاق بشأن عضوية المحكمة، وهما أمران ضروريان للتصديق على نتائج الانتخابات»، مؤكداً أن مسؤولية ضمان استمرار الأعمال التحضيرية، بما في ذلك اختيار موظفي الانتخابات، واستمرار خلوها من التدخل السياسي في جميع المراحل «تقع على عاتق جميع أصحاب المصلحة العراقيين»، لأن «ذلك أمر حيوي لبناء الثقة في الانتخابات ونتائجها». وقال أيضاً: «تقع على عاتق الجميع مسؤولية المساعدة في تهيئة بيئة تفضي إلى انتخابات شاملة وشفافة وذات صدقية»، مبدياً التزام الأمم المتحدة الأمم بقوة بتقديم دعم انتخابي معزز للانتخابات المقبلة.
ولاحظ الأمين العام أن اقتصاد العراق «لا يزال يتضرر بسبب غياب الإصلاحات الأساسية، وانخفاض أسعار النفط العالمية، وجائحة (كوفيد - 19)»، معتبراً أن مقترحات الحكومة العراقية في شأن الإصلاح الاقتصادي «تشكل خطوة أولى مشجعة صوب التصدي لذلك التحدي». وأكد أن «الإسراع بتنفيذ الإصلاحات المقترحة أمر لا غنى عنه، ولا بد أن يتوافر له توافق آراء سياسي واسع النطاق حتى يتسنى له النجاح». وحض الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان ومجلس النواب على «التعاون وتجاوز الخلافات بينها من أجل مصلحة جميع المواطنين العراقيين»، نظراً للحاجة الملحة إلى إيجاد حلول مستدامة. وأثنى على «الجهود الجماعية التي يبذلها العاملون في مجال الرعاية الصحية والمسؤولون الحكوميون في البلد للحد من معدل انتقال العدوى من خلال توفير الدعم المنقذ للأرواح وزيادة الاختبارات، وغير ذلك من التدابير».
واعتبر غوتيريش أن استمرار الهجمات على البعثات والقوافل الدبلوماسية في العراق «لا يزال يشكل مصدر قلق بالغاً»، مطالباً الحكومة العراقية بـ«بذل مزيد من الجهود المتضافرة، بالعمل مع كل الجهات الفاعلة المؤثرة، من أجل ضمان حماية جميع البعثات الدبلوماسية والموظفين الدبلوماسيين في العراق، ومعالجة الانتهاكات الأمنية على نحو حازم وسريع، ومحاسبة المسؤولين عن تلك الهجمات أمام القانون». وشدد على أنه «يتعين على كل الجهات الأمنية الفاعلة أن تتعاون مع حكومة العراق في جهودها الرامية إلى تعزيز سيطرة الدولة». وكذلك أفاد بأن التحديات التي يواجهها العراقيون الذين يحاولون ممارسة حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي «لا تزال تشكل مصدر قلق بالغاً آخر»، معتبراً أنه «يتعين على الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان حماية واحترام حرية التعبير وحرية التجمع السلمي». ولاحظ أن «استمرار الإفلات من العقاب، لا سيما فيما يتعلق باختطاف المتظاهرين والنشطاء وتعذيبهم واغتيالهم، لا يزال يشكل مصدر قلق»، داعياً الحكومة إلى «ضمان المساءلة الجنائية»، بالإضافة إلى «تحديد مصير وأماكن وجود المتظاهرين والنشطاء الذين ما زالوا مفقودين».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».