الرواية... من مخيال البراءة إلى جحيم الحرب

لؤي حمزة عباس يفكك «شفرات الأشياء الصغيرة»

الرواية... من مخيال البراءة إلى جحيم الحرب
TT

الرواية... من مخيال البراءة إلى جحيم الحرب

الرواية... من مخيال البراءة إلى جحيم الحرب

الأشياء الصغيرة «اليومية»، وربما المهملة والهامشية، التي تحفل بها حياتنا هي ما تلفت انتباه القاص الروائي لؤي حمزة عباس في روايته القصيرة (النوفيلا) الموسومة «حقائق الحياة الصغيرة» (2021)، فالروائي لا يبحث عن الأشياء والأحداث الكبيرة، لكنه يمنح هذه الأشياء الصغيرة حجماً مكبراً، كأنه يضعها تحت عدسة مكبرة، حيث يروح يستنطقها ويستغور عالمها الداخلي، ويفكك شفراتها السرية، لكي تنبض بالحياة، وتمنح الفرصة للقارئ لأن يتلقاها بعفوية وبراءة، وربما يعيد اكتشافها وتأويلها وصولاً إلى أنساقها المغيبة التي تنقله من عالم الأشياء الصغيرة إلى فضاء الأشياء، والدلالات والأحداث الكبرى...

- الروائي الغائب
أحداث الرواية بكاملها تطل عبر منظور بطلها الصغير، غير المسمى، الطالب في المدرسة الابتدائية. ومن خلال سرد مبأر عبر ضمير الغائب الذي هو ليس جزءاً من السرد كلي العلم، بل هو شكل سردي موضوعي مبأر يسميه تودروف بـ«أنا الراوي الغائب»، حيث يمكن بسهولة استبدال الضمير الغائب «هو» بالضمير «أنا». ويلاحق بطل الرواية الصغير، عبر مخيال الطفولة البريء، أحداث عالمه الصغير الذي يتسع لاحقاً عندما يصبح جندياً ينام في خنادق الحرب وسواترها، بكثير من العفوية والبراءة، وأحياناً ينقل لنا مشاهد حياته من خلال «عين كاميرا» تدون بحيادية اللقطات المختلفة، وهو نهج يعتمده الروائي في أغلب قصصه ورواياته. وبطل الرواية في رؤيته وسرده مشبع بكم هائل من الحكايات الفولكلورية والقصص الخرافية والميثولوجية، من خلال حكايات جدته له أو من خلال الكتب التي يقرأها لجدته عن قصص الأنبياء، فضلاً عن قراءاته الخاصة وولعه بشكل خاص بالكتب التي تحدثه عن مدن العالم الساحرة، والتي حدثه عن بعضها ابن عمه البحار (سليم). وفجأة، يجد هذا البطل الصغير نفسه وقد أصبح جندياً في واحد من أنفاق الحرب المجنونة في شرق البصرة التي شنها صدام حسين لتأكل الأخضر واليابس، لكن وعي البطل الصغير البريء العفوي التلقائي، وربما الميثولوجي، يظل مهيمناً على وعي الجندي الصغير وهو يواجه آلة الحرب المرعبة.
ولم يكن البطل الصغير وحيداً في مواجهة العالم، بل كان يقف دائماً إلى جانبه صديقه جرذً ما، وغالباً ما يعامله معاملة المعرف بـ«أل التعريف» الدال على النوع، حيث يخاطبه ويصغي إليه، بل يستنجد به أحياناً للانتقام له من بعض زملائه الذين يعنفونه أو من بعض معلميه القساة، ومنهم المعاون عباس والمعلمون الذين يرتدون السفاري الزيتوني تشبهاً بالحزبيين في ذلك الوقت. كان يكتب للجرذان لتنتقم له، ثم يتوجه لأقرب فتحة من فتحات جحورها في حديقة المنزل أو تحت العتبة... ليرمي ما يكتب كلما ضايقه أحد الطلاب... ويكتب اسم الطالب أو المدرس عليها... ثم يلف الورقة ويرميها، وكأنه يحاكي سكان الكهوف القدامى في رسومهم البدائية داخل الكهوف وهم يصوبون سهامهم نحو طرائدهم، أو مثلما يفعل بعض السحرة للانتقام من شخص ما بكتابة اسمه والدعاء عليه لكي يحققوا فعل الانتقام.
ظل بطل الرواية طيلة حياته يشعر بالتماهي مع عالم الجرذ الصغير وهو يتذكر حكاية جدته. ولكن ما سر علاقة البطل بالجرذ؟ وهو سؤال أثاره البطل في حواره مع ابن عمه سليم، ولماذا الجرذ بالذات؟ وهو سؤال ظل مفتوحاً (ص 51).
يخيل لي أن البطل الصغير اختار الجرذ صديقاً وظلاً وتوأماً لكي يستطيع أن يحادثه ويبثه همومه، ربما بسبب نزعته الانطوائية وخشيته من الآخرين الذين قلما يقيم معهم حوارات واسعة. وربما يذكرنا هذا الاختيار برواية «كاتم الصوت» لمؤنس الرزاز، وبطلها يوسف الذي شعر بحاجته إلى شخص يقدم له اعترافاته، فاختار «سلافة» الصماء التي بدأ يبثها أسراره وهمومه. ويقدم الروائي مونولوجاً داخلياً للبطل المجند وهو يخاطب الجرذ: «أراقبك وأنت تتحرك، أستعيد مع كل حركة من حركاتك جانباً من حياتي... إنها أبواب حياتي التي قفزت فيها من الطفولة إلى الحرب» (ص 91). كأن البطل يشعر بأن عمره قد خطف مثل جرذ خائف عندما صار جندياً.
رواية لؤي حمزة عباس «حقائق الحياة الصغيرة» ليست مجرد ملاحقة لمراحل نمو بطل الرواية الصغير منذ أن كان فتى صغيراً في الدراسة الابتدائية حتى صار جندياً داخل جحيم الحرب، فهي ليست رواية التربية العاطفية التي كتبها غوستاف فلوبير، وليست مناسبة لتمييز مراحل «طقوس العبور» عبر المراحل العمرية المختلفة، بل هي أولاً وقبل كل شيء رواية عن الحرب، وعن الاستبداد والديكتاتورية. فالحرب تتقافز في الرواية، تماماً مثلما تتقافز الجرذان عبر التاريخ وفي خنادق الحرب، لكن الحرب لم تطل برأسها وثائقياً، وإنما من خلال أصدائها وصواريخها التي كانت تسقط على رؤوس الأبرياء وبيوتهم الآمنة، وتعيد تأسيس تقاليد عسكرة المجتمع وتدمير قيمه، كما نجد ذلك في إشاعة روح العنف والقسوة لدى الأجيال الجديدة من خلال قيام طلبة المدرسة الابتدائية بقيادة الطالب المشاكس شهاب الوحش بعملية اصطياد الجرذان والحيوانات الصغيرة، والتلذذ بتعذيبها وقتلها وحرقها. وهو مشهد ذكره بشخصية صدام حسين في طفولته، عندما كان يتلذذ بقتل الحيوانات الصغيرة، التي تومئ إلى شخصية عدوانية سادية.

- تناص مع «الأمير الصغير»
رواية لؤي حمزة عباس رواية تحتاج إلى قارئ خاص، ربما قارئ يمتلك روح طفل صغير برئ، مثل بطل الرواية ومخياله السحري الميثولوجي، وربما يمتلك أيضاً مخيال بطل رواية «الأمير الصغير» لأنطوان سانت أوكزبيري التي ذكرها لحبيبته الافتراضية (بلقيس)، وأخبرها عن هذا الأمير الصغير الذي يعيش بعيداً وحيداً على كوكبه: «تصوري أميراً وحيداً على كوكب بعيد، كل شيء صغير على كوكبه، وليس لديه سوى زهرة يرعاها، تحدثه ويحدثها»، حيث نكتشف أن هذا الأمير الصغير الذي كان بحجم نبتة صغيرة يعشق وردة، وكان يحادثها ويبثها همومه وأحلامه، لكنه في لحظة معينة يكتشف أنها قد خذلته عندما قررت أن تهجره وترحل بعيداً إلى كوكب آخر. وهذه الموتيفة الصغيرة ربما تذكرنا بعلاقة بطل الرواية الصغير بجارته (بلقيس) التي أحبها عن بعد من طرف واحد، ولم يجرأ على الاعتراف لها بحبه أو الاقتراب منها، مما دفعها إلى إقامة علاقة عاطفية مع ابن عمه البحار (سليم)، عندما فوجئ بهما وهما في موقف عاطفي ساخن، مما جعله يتهمهما بالخيانة لحبه غير المعلن، وهو أمرٌ قد ضاعف من غضبه، وربما دفعه إلى قتل الجرذ بحجر دون أن يحس بالأسف والحزن.
يخيل لي أن قصة أو (نوفيلا) «الأمير الصغير» كانت تمثل بصورة أو بأخرى النص الغائب للرواية الذي أقام معه المؤلف تناصات كثيرة، مثلما أقام تناصات أخرى مع العشرات من قصص الأطفال والحكايات الميثولوجية والشعبية، فضلاً عن تناصاته مع كتاب «الجرذ: والتاريخ الطبيعي والثقافي» تأليف جوناثان بيرت، ترجمة معن أبو الحسن، منشورات «كلمة» أبوظبي 2011.
وفي هذه الرواية، يرتفع الروائي لؤي حمزة عباس بمستوى منظوره السردي في التقاط نماذج الحياة اليومية الصغيرة التي تمثل هامشاً اجتماعياً، ويتجنب المتن المركزي الرسمي خاصة. ولكي يظل بعيداً عن المركز، نراه يعمد في الغالب إلى خلق أبطال صغار بمخيال بريء منفتح، ويمنحهم الفرصة لإعادة قراءة التاريخ الثقافي والاجتماعي والسياسي لمدينة البصرة وأناسها، ربما كناية عن العراق نفسه. ولكي يعمق الإحساس بالبراءة، نراه يبتعد إلى حد كبير عن الإسقاطات السيكولوجية، ويحرص على تقديم منظر محايد موضوعي من خلال لقطات سريعة أشبه ما تكون بلقطات سينمائية وامضة، أو من خلال بناء بنية لمشهد روائي، ولكن غالباً عبر ترك «عين كاميرا» مفتوحة، من خلال منظور البطل المبأر الذي يتلقى إشارات العالم الخارجي وشفراته وعلاماته بعفوية وشفافية، ويتحول الوصف الروائي، خاصة في مظهره الشيئي الذي رسخته تقاليد «مدرسة النظر» في الرواية الفرنسية الجديدة، إلى عنصر مهم في تدعيم المنظور الموضوعي المحايد لمخيال البطل الصغير المنبهر بمرئيات العالم ورموزه وحكاياته.
لقد عمد الروائي إلى تجميد حركة الزمن عند مخيال البطل الصغير غير المسمى (كعادة المؤلف)، وكما فعل في روايته «مدينة الصور» التي بقي فيها بطل الرواية يمتلك وعياً طفولياً عندما أصبح شاباً، ويدفعنا إلى استذكار بطل سالنجر في «حارس حقل الشوفان» وليم كولفيلد. فرغم مرور الزمن الذي جعل من هذا الفتى الصغير جندياً في خنادق الحرب المجانية، فإن السرد المهيمن منذ بداية الرواية حتى نهايتها يتسم بوعي البطل الصغير ومخياله من فترات النضج اللاحقة، فقد كانت تومض بين فترة وأخرى، وظلت هي الأخرى محكومة إلى حد كبير بمخيال البراءة والعفوية والموضوعية الذي استهل به البطل الصغير سرده لحياته ولعالمه ومدينته البصرة.
لؤي حمزة عباس، روائي من طراز خاص، تعلم الشيء الكثير من محمود عبد الوهاب ومحمد خضير وفؤاد التكرلي، وحكايات الجدات، ومن تراث أدب الأطفال وكتب الفولكلور والميثولوجيا، فضلاً عن الرواية العالمية، واختار أن يكون حارس مخيال البراءة والطفولة والصدق بطريقة سردية باهرة.



بثروتها الضخمة ونفوذها الواسع... بيونسيه تخترق قائمة أقوى نساء العالم

احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)
احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)
TT

بثروتها الضخمة ونفوذها الواسع... بيونسيه تخترق قائمة أقوى نساء العالم

احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)
احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)

يهتزّ منزل بيونسيه على وقع الفضيحة التي تلاحق زوجها جاي زي. هو متهمٌ من قِبَل سيّدة باعتداءٍ مشتركٍ عليها، تورّطَ فيه وزميله شون ديدي عام 2000.

لكن رغم الرياح التي تعصف بالبيت الزوجيّ، وهي ليست الأولى في العلاقة المستمرة منذ 27 عاماً، فإنّ الفنانة الأميركية حرصت على الظهور مبتسمةً إلى جانب زوجها قبل أيام، وذلك في العرض الأول لفيلم «Mufasa - Lion King». جاءت الابتسامة العريضة على شرف ابنتهما بلو آيفي، التي تخوض تجربتها السينمائية الأولى.

بيونسيه تتوسّط زوجها جاي زي وابنتها بلو آيفي في العرض الأول لفيلم «موفاسا» (إ.ب.أ)

النجمة رقم 35 على قائمة «فوربس»

واجهت بيونسيه تحدياتٍ كثيرة في كلٍ من حياتها الخاصة ومسيرتها المهنية، وقد لعب ذلك دوراً في تكوين شخصيةٍ صلبة لديها. لم يأتِ اختيارُها من بين أقوى 100 امرأة لعام 2024 عبَثاً من قِبَل مجلّة «فوربس»، وهي ليست المرة الأولى التي تخترق فيها المغنية البالغة 43 عاماً، قوائمَ تتصدّرها رئيسات جمهورية ورائدات أعمال.

احتلّت بيونسيه المرتبة الـ35 في قائمة «فوربس» السنوية، التي تصدّرتها رئيسة المفوّضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تليها كلٌ من رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، ورئيسة إيطاليا جورجيا ميلوني، ورئيسة المكسيك كلوديا شينباوم. أما من بين زميلاتها المغنّيات فقد سبقتها تايلور سويفت إلى المرتبة 23، فيما حلّت ريهانا في المرتبة الـ76.

800 مليون دولار و32 «غرامي»

تختار فوربس نجمات قائمتها بناءً على 4 معايير، هي الثروة، والحضور الإعلامي، والتأثير الاجتماعي، ومجالات السلطة. وتبدو بيونسيه مطابقة للمواصفات كلّها، بما أنّ ثروتها تخطّت الـ800 مليون دولار، وهي في طليعة الفنانات ذات الأثر السياسي والثقافي والاجتماعي.

إلى جانب كونها إحدى أكثر المشاهير ثراءً، تُوّجت بيونسيه بأكبر عدد من جوائز «غرامي» محطّمةً الرقم القياسي بحصولها على 32 منها خلال مسيرتها. وهي لم تكتفِ بلقب فنانة، بل إنها رائدة أعمال أطلقت شركاتها وعلاماتها التجارية الخاصة على مرّ السنوات. تذكر «فوربس» أن مصدر ثروتها الأساسي هو الموسيقى، إلى جانب مبادراتها الفرديّة، وتلفت إلى أنّ بيونسيه صنعت نفسها بنفسها، مع العلم بأنها لم تتابع أي اختصاص جامعيّ، بل تركت المدرسة قبل التخرّج فيها.

حطّمت بيونسيه الرقم القياسي بحصولها على 32 جائزة «غرامي» حتى عام 2023 (أ.ب)

طفلة القدَر

جاء العِلمُ في حياة بيونسيه على هيئة والدةٍ بدأت مصفّفةَ شَعر ثم فتحت صالونها الخاص، وعلى هيئة والدٍ كان يعمل مدير مبيعات في إحدى الشركات، قبل أن يصبح مدير أعمال ابنته. منهما تلمّست المنطق التجاري.

أما فنياً، فقد لمع نجمُها للمرة الأولى في مسابقةٍ مدرسيّة، عندما غنّت وهي في السابعة لتتفوّق على مَن هم في الـ15 والـ16 من العمر. فما كان من والدها سوى أن يترك وظيفته ويتفرّغ لإدارة أعمالها والفريق الغنائي الذي انضمّت إليه في الثامنة من عمرها، والمكوَّن من فتياتٍ صغيرات. تحوّل الفريق ذاتُه عام 1996 إلى «Destiny’s Child» (طفل القدَر)، لتنطلق معه رحلة بيونسيه نحو العالميّة.

فريق Destiny’s Child الذي انطلقت منه بيونسيه عام 1996 (فيسبوك)

صنعت الليموناضة

بعد انفصال الفريق، لم تتأخر بيونسيه في استئناف رحلتها الفنية منفردةً، فخاضت التمثيل والغناء. إلا أن تلك الرحلة لم تكن اعتياديّة، إذ سرعان ما ارتفعت أسهُمُها وبدأت تُراكِم الإصدارات، والحفلات، والجولات العالمية، والأدوار السينمائية، والجوائز، والألقاب.

لم يحصل ذلك بالصُدفة، بل بكثيرٍ من المثابرة. عندما طُلب منها مرةً أن تفسّر نجاحها غير المسبوق، أجابت بيونسيه: «صحيحٌ أنني مُنحت الليمون، لكنّي صنعت الليموناضة». يُنقل عمّن يواكبون تحضيراتها من كثب، أنها تُشرف على كل تفصيلٍ متعلّقٍ بألبوماتها وحفلاتها، هذا إلى جانب انخراطها المباشر في عمليّة التأليف والتصميم. تشهد على ذلك جولتها العالمية الأخيرة Renaissance والتي تحوّلت إلى ظاهرة اقتصادية.

هذا فنياً، أما نفسياً فلم يكن صعود بيونسيه الصاروخيّ مهمة سهلة. كان عليها مصارعة خجلها وشخصيتها الانطوائيّة لسنوات عدة، لكنها استلهمت تجارب نجماتٍ سبقنها. تقول إنها تأثرت بمادونا، ليس كأيقونة موسيقية فحسب، بل كسيّدة أعمال كذلك؛ «أردت أن أسير على خطاها وأن أبني إمبراطوريتي الخاصة».

تذكر بيونسيه مادونا من بين السيّدات اللواتي ألهمنها (فيسبوك)

صوت المرأة

لا تخترق بيونسيه عبثاً قوائم تضمّ أفضل رئيسات مجالس الإدارة، ومديرات الشركات الناجحة، فهي أثبتت أنها سيدة أعمال متفوّقة. أسست شركة الإنتاج الخاصة بها عام 2010 تحت اسم Parkwood Entertainment، وهي تقدّم مروحة واسعة من الخدمات في قطاع الترفيه؛ من إنتاج الأفلام، والموسيقى، والبرامج التلفزيونية، وصولاً إلى إدارة أعمال الفنانين، والتسويق، والتصميم الإلكتروني.

وفي عام 2024، أطلقت مستحضر Cecred للعناية بالشَعر، في تحيّةٍ إلى والدتها الحلّاقة، وفي استكمالٍ لمشاريعها التجاريّة.

بيونسيه ووالدتها تينا نولز (رويترز)

وظّفت بيونسيه نفوذها الفني والمالي في خدمة قضايا اجتماعية وإنسانية تؤمن بها. منذ أولى سنوات انطلاقتها الموسيقية، ناصرت قضايا النساء من خلال كلمات أغاني Destiny’s Child وأغانيها الخاصة لاحقاً. عام 2011، تحوّلت أغنية «Who Run The World? Girls» (مَن يحكم العالم؟ الفتيات) إلى نشيدٍ تردّده النساء حول العالم.

إلّا أنّ الأمر لم يقتصر على الكلام والألحان، بل امتدّ إلى الأفعال. عبر مؤسستها الخيريّة Bey GOOD، تدعم بيونسيه تعليم الفتيات من خلال تأمين الأقساط المدرسية لهنّ. وعبر تلك المؤسسة وحضورها على المنابر العالمية، تحمل بيونسيه لواء المساواة بين الجنسَين.

تحمل بيونسيه قضية تمكين المرأة من خلال أغانيها وأنشطتها الاجتماعية (فيسبوك)

تهمةٌ تهزّ عرش «الملكة بي»؟

تُعَدّ بيونسيه اليوم من أجمل سيّدات العالم، إلّا أنّ ثقتها بنفسها لم تكن دائماً في أفضل حال. في الـ19 من عمرها كانت تعاني من الوزن الزائد وتتعرّض للانتقادات بسبب ذلك. أثّر الأمر سلباً عليها إلى أن استفاقت يوماً وقررت ألّا تشعر بالأسف على نفسها: «كتبتُ Bootylicious وكانت تلك البداية لتحويل كل ما منحتني إياه الحياة، إلى وسيلةٍ أمكّن من خلالها نساءً أخريات».

انسحبَ أثر بيونسيه الاجتماعي على السياسة، فهي تشكّل صوتاً وازناً في المشهد الرئاسي الأميركي. ساندت باراك أوباما، وهيلاري كلينتون، كما تجنّدت إلى جانب كامالا هاريس في معركتها الرئاسية الأخيرة، مقدّمةً لها إحدى أغانيها كنشيدٍ رسمي للحملة.

بيونسيه في أحد تجمّعات كامالا هاريس الرئاسية (رويترز)

تشكّل مسيرة بيونسيه الفنية والمهنية بشكلٍ عام موضوع دراسة في عددٍ من الجامعات الأميركية. لكنّ الأمجاد لا تلغي التحديات، فهي تقف اليوم إلى جانب زوجٍ متهمٍ باعتداءٍ على امرأة. وإذا صحّت التهمة، فإنّها تقف بالتالي إلى جانب ما يناقض القضايا التي تبنّتها طوال مسيرتها الحافلة.