شركات أدوية تعتبر إسرائيل مختبراً لفاعلية لقاحاتها

أكثر من ربع السكان حصلوا على جرعتين من «فايزر»

جانب من حملة التطعيم في إسرائيل (إ.ب.أ)
جانب من حملة التطعيم في إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

شركات أدوية تعتبر إسرائيل مختبراً لفاعلية لقاحاتها

جانب من حملة التطعيم في إسرائيل (إ.ب.أ)
جانب من حملة التطعيم في إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلن وزير الصحة الإسرائيلي يولي إدلشتاين، أمس (الأحد)، أن أكثر من ربع سكان إسرائيل، البالغ عددهم 3.‏9 مليون نسمة، تلقوا الجرعة الثانية من اللقاح المضاد لـ«كورونا» الذي طورته شركتا «فايزر» الأميركية و«بيونتيك» الألمانية. وكتب الوزير يولي إدلشتاين على موقع «تويتر» أن ثلاثة ملايين و382 ألف إسرائيلي حصلوا على اللقاح، بينهم نحو 5.‏2 مليون حصلوا على الجرعتين، فيما من المقرر أن تبدأ إسرائيل تخفيف القيود مع خروجها تدريجياً من إغلاقها الثالث. وتفيد بيانات الصحة الإسرائيلية بأن معدّل الإقبال على اللقاحات بين السكّان العرب والجماعات اليهودية المتطرفة أقل من الإقبال العام بنسبة 41 في المائة.
ومنذ أيام، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام حشد من أنصاره في مهرجان انتخابي ليقول: «نحن بلد اللقاحات، لدينا ما يكفي ويزيد من الجرعات للجميع»، مفاخراً بأن بلاده تتقدّم بفارق كبير على جميع الدول في نسبة السكان الذين تلقّوا اللقاح، بينما تعاني معظم البلدان من نقص في كمية اللقاحات أو من تأخير في مواعيد تسلّمها.
ومنذ بداية حملات التطعيم في العالم والأنظار متجهة إلى إسرائيل لمعرفة الأسباب التي جعلتها تتقدم على غيرها من البلدان في سرعة توزيع اللقاحات، وتتحوّل إلى مختبر واسع لتحديد مدى فعاليتها في احتواء الوباء.
المعطيات الموضوعية الأولى التي دفعت شركات الأدوية لاختيار إسرائيل كمختبر واسع لتحديد مدى فعالية لقاحاتها، كانت عدد السكان نسبة إلى المساحة، وشبكة المواصلات المتطورة والنظام الصحي المتين المترابط عبر قاعدة بيانات تعمل بأحدث النظم التكنولوجية، علماً بأن هذه المواصفات تتمتّع بها أيضاً بلدان أخرى مثل النمسا وسويسرا وبلجيكا. لكن ما رجّح كفّة إسرائيل في خيار الشركات كانت التركيبة العرقية المتنوعة التي يتشكّل منها المجتمع الإسرائيلي، والرقابة الصارمة المفروضة على التنقّل والحركة عبر الحدود.
الحكومة الإسرائيلية تقول إن هذه المواصفات مجتمعة هي التي مكّنتها من التفاوض بسرعة مع شركات الأدوية وإبرام اتفاقيات مع «فايزر» للحصول على 10 ملايين جرعة من لقاحها، ومع «مودرنا» لشراء 6 ملايين جرعة، ومع «أسترازينيكا» للحصول على كميات لم تُحدّد بعد من اللقاحات. ويردّ وزير الصحة الإسرائيلي يولي إدلشتاين على الذين يتهمون الحكومة باستخدام المواطنين كحيوانات مخبرية لإجراء التجارب السريرية لحساب شركات الأدوية والحصول على معاملة تفضيلية، بقوله إن الحكومة لن تكشف للشركات سوى معلومات عامة عن المصابين، من غير إعطاء أسمائهم أو أي تفاصيل أخرى.
وقد دأب نتانياهو على توظيف سرعة تنفيذ خطة التلقيح في حملة الانتخابات المقررة أواخر الشهر المقبل، لكن بعد التساؤلات الكثيرة والاتهامات حول شروط العقود الموقعة مع شركات الأدوية اضطر مطلع هذا الشهر للاعتراف بأن الاتفاق مع «فايزر» ينصّ على تزويد الشركة بالبيانات الصحية للملقّحين مقابل معاملة تفضيلية في الحصول على اللقاحات. وكشفت الحكومة تفاصيل العقد الموقع مع الشركة، الذي ينصّ على أنه «اتفاق تعاون لتحديد النسبة المئوية من الملقّحين التي تتحقق عندها مناعة القطيع، ومتابعة تطور الجائحة وفقاً لمعدلات التلقيح عبر البيانات الوبائية، مثل عدد الإصابات المؤكدة والمصابين الذين يُعالجون في المستشفيات».
لكن الحكومة الإسرائيلية لم تكشف عن البنود التجارية في العقد الموقَّع مع «فايزر»، علماً بأن أحد المسؤولين في الشركة قال إن السعر تدرّجي وفقاً لحجم الطلبيّات وسرعة تسليمها. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع إلى وكالة «رويترز» مؤخراً، إن حكومته تدفع 30 دولاراً ثمناً لكل جرعة من لقاح «فايزر»، أي ضعف السعر الذي يدفعه الاتحاد الأوروبي. كما قال خبير في منظمة الصحة العالمية لـ«الشرق الأوسط» حول الحالة اللقاحية الإسرائيلية، إن تحويل حملة التطعيم إلى تجربة سريرية ضخمة تجاوزت حتى الآن ربع السكّان هي قرار سياسي معقّد جداً. وأضاف الخبير الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «لنفترض أننا أخذنا عيّنة من 500 ألف شخص، وأعطينا اللقاح لنصفهم وحقنة علاج وهمي للنصف الآخر كما يحصل عادة في التجارب السريرية. وإذا كان اللقاح فعّالاً، كما هو الحال مع لقاح «فايزر»، نكون قد حكمنا على النصف الذي تناول العلاج الوهمي بالتعرّض للإصابة ولعوارض خطرة تؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة، مضيفاً أن هذه التجارب السريرية، رغم قسوتها، هي السبيل الأساسي للتقدّم في تطوير اللقاحات والعلاجات الطبية عموماً.
والبيانات الأولى التي قدّمتها السلطات الصحية الإسرائيلية تفيد بأن اللقاحات تخفّض بنسبة الثلث احتمالات الإصابة بالفيروس، لكن خبراء منظمة الصحة يقولون إن تأكيد هذا الاستنتاج يحتاج لكمية أكبر بكثير من البيانات، خاصة بعد أن يكون السكان قد تناولوا الجرعة الثانية من اللقاح.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.