الشكوك تحيط بجدوى تكتيكات «داعش»

جاءت بنتائج عكسية في موضوع الرهائن

الشكوك تحيط بجدوى تكتيكات «داعش»
TT

الشكوك تحيط بجدوى تكتيكات «داعش»

الشكوك تحيط بجدوى تكتيكات «داعش»

نجح متطرفو «داعش» في استغلال رهائنهم؛ اليابانيين والأردني، لتحقيق 12 يوما من الدعاية العالمية، لكن بخلاف استنزاف مخزونهم من الرهائن الأجانب، هل نجح التنظيم حقا في تحقيق أي إنجاز؟
من جانبهم، أبدى محللون معنيون بدراسة الجماعات الإرهابية تشككهم حيال هذا الأمر، وقال كثيرون منهم إن التكتيكات التي اتبعها المسلحون جاءت بنتائج عكسية، خاصة في الأردن. الواضح أن المتطرفين قتلوا بالفعل الرهينتين اليابانيين، لكنهم أخفقوا في الوصول لأهدافهم المعلنة، وأولها الحصول على فدية 200 مليون دولار، وإطلاق سراح انتحارية عراقية سجينة ومحكوم عليها بالإعدام في الأردن.
ولم ينجح تهديدهم بقتل طيار أردني أسير لديهم (مع عجزهم عن تقديم دليل يؤكد أنه حي) في تحقيق الهدف المرجو المتمثل في تقويض الدعم للدور الأردني في التحالف الدولي الذي يقصف مواقع التنظيم. والآن، بدأ حتى المتشككون من الأردنيين في الاصطفاف حول حكومتهم والتنديد بالمتطرفين.
يأتي هذا التحول في وقت نفد فيه معين «داعش» من الرهائن الأجانب تقريبا، مع تراجع أعداد عمال الإغاثة والصحافيين الذين يجرؤون على الدخول للأراضي السورية. في أغسطس (آب) الماضي، عندما بدأت حملة القصف التي تقودها الولايات المتحدة، كان «داعش» يحتجز 23 رهينة غربية على الأقل. الآن، من المعتقد أنه يحتجز 4 رهائن يعتقد أن لديهم مكانة بارزة دوليا، منهم اثنان غربيان. ولا يزال المتطرفون يحتجزون عددا غير معروف من السوريين.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، نشرت الجماعة مقطعا مصورا يوضح قطع رأس الصحافي كنجي غوتو الذي تم احتجازه عندما توجه لسوريا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في محاولة للعثور على هارونا ويوكاوا، وهو مغامر ياباني اختفى هناك في أغسطس الماضي. ونشرت الجماعة مقطع فيديو يحمل صورة ثابتة ليوكاوا وهو مقطوع الرأس في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي.
بداية من 20 يناير، أجبر غوتو من قبل محتجزيه على تقديم مناشدة للنجاة بحياته، موجها نداءه لرئيس الوزراء شينزو آبي. وبالمثل، بعثت زوجته وأمه برسائل مناشدة في محاولة لإنقاذ حياته في أيامه الأخيرة.
وخلال اللحظات الأخيرة لغوتو، عمد قاتله عضو «داعش» المعروف باسم جون، نظرا للكنته البريطانية في الحديث بالإنجليزية، لاستفزاز آبي بقوله: «هذا السكين لن يذبح كنجي فحسب، وإنما سيمضي في عمله ويسبب مذابح أينما ظهر قومك».
ورد آبي بأن اليابان «ستتعاون مع المجتمع الدولي وستجعل الإرهابيين يدفعون الثمن»، وأضاف: «أشعر بغضب عارم حيال هذا العمل الإرهابي الخسيس، لن أسامح الإرهابيين قط»، أما المسؤولون الأردنيون فأبدوا قدرا أكبر من التحفظ مع بقاء الطيار الأردني في أيدي المتطرفين. ولا يزال العرض الأردني بمبادلته بالانتحارية ساجدة الريشاوي، قائما. إلا أن المجتمع الأردني شهد تحولا هائلا في توجهاته حيال التحالف الدولي الأسبوع الماضي، مع هيمنة الاهتمام بمصير الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، على البلاد وقبائلها القوية. ورغم أن الكثير من الأردنيين ذكروا بداية الأسبوع أن أزمة الرهائن كشفت تورط البلاد في حرب شخص آخر، فإنه يبدو أنهم غيروا رأيهم لاحقا، خاصة بعد ظهور الصور البشعة لقتل غوتو.
عن هذا، قال عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية بالأردن: «منذ اليوم الأول من انضمام الأردن للتحالف ضد (داعش)، ساد اعتقاد لدى قطاع من شعبنا بأن هذه ليست حربا. وشعر قطاع آخر بأن هذه الحرب ستندلع عاجلا أم آجلا، لذا فمن الأفضل خوضها في خلفية بلاد أخرى بدلا من الانتظار لخوضها داخل بلادنا».
وقال نايف المون، عضو البرلمان الأردني الذي ينتمي لبلدة الكساسبة: «أصبح الكساسبة داخل كل غرفة نوم في الأردن الآن. ولن نسمح لأي شخص باستغلال هذه القضية كي يقلبنا ضد الحكومة». وأضاف: «خلال اليومين الأخيرين، أتى أسلوب التعامل مع قضية الطيار بنتائج عكسية على (داعش). بدلا من تقسيم الأردن، أصبح الأردنيون أكثر اتحادا خلف حكومتهم».
من جانبها، أعربت أورا سزيكيلي، العالمة السياسية بجامعة كلارك في ماساتشوستس، التي تدرس الجماعات المتطرفة مثل «داعش»، عن اعتقادها بأن العناصر غير التابعة لدول، مثل «داعش»، «أقل تناغما واتساقا بكثير عما تود منا اعتقاده».
وأضافت أنه نظرا لأن المتطرفين لم تكن لديهم استراتيجية متناغمة حيال كيفية التعامل مع الرهائن؛ اليابانيين والأردني، فإن هدفهم الأكثر احتمالا كان العلاقات العامة؛ وحتى هذا أخفقوا فيه. وعن ذلك، قال كلارك مكولي، أستاذ علم النفس لدى «برين ماور كوليدج» الذي يدرس ظاهرة التحول للراديكالية السياسية: «قتل الرهينة الياباني الثاني كان خطأ كبيرا، ولم يجنوا مقابله شيئا. في كثير من الجوانب، يعد أمثال هؤلاء أسوأ أعداء أنفسهم. كل ما عليك هو إعطاؤهم الوقت والمساحة وسيؤدي تطرفهم لإثارة غضب قواعدهم ذاتها».
إلا أن حسن أبو هنية، المحلل السياسي المقيم بالأردن والمتابع للجماعات المتطرفة، فحذر من أن «داعش» لا يزال يحتجز الطيار - بافتراض أنه حي - وقد يستغل مصيره في تحويل الرأي العام الأردني.
يذكر أن المملكة الأردنية واحدة من أربع دول عربية تشارك في الضربات الجوية ضد «داعش».

* خدمة «نيويورك تايمز»



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.