لقاءات قيادات كردية مع النظام تفضي إلى تفاهمات أولية

مصادر روسية: دمشق لدمج «قسد» مع الحفاظ على خصوصيتها

جندي أميركي ضمن دورية في حقول السويدية بمحافظة الحسكة السورية (أ.ف.ب)
جندي أميركي ضمن دورية في حقول السويدية بمحافظة الحسكة السورية (أ.ف.ب)
TT

لقاءات قيادات كردية مع النظام تفضي إلى تفاهمات أولية

جندي أميركي ضمن دورية في حقول السويدية بمحافظة الحسكة السورية (أ.ف.ب)
جندي أميركي ضمن دورية في حقول السويدية بمحافظة الحسكة السورية (أ.ف.ب)

كشفت مصادر روسية مطلعة، عن التوصل إلى «تفاهمات أولية» بين النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تسيطر على منطقة الجزيرة السورية وشرق الفرات بدعم أميركي، وذلك خلال مفاوضات جرت في دمشق خلال الأيام الماضية، بين شخصيات قيادية أمنية وحكومية في النظام السوري، ووفد من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بينهم شخصيات عسكرية وأخرى مسؤولة عن ملف النفط، إضافة إلى وفود شعبية عشائرية وأكاديمية واجتماعية، كردية وعربية، من الجزيرة السورية.
وكشفت المصادر الروسية، عن أن دمشق لا تمانع الطرح الروسي بإيجاد خصوصية لقوات «قسد»، ضمن جسم قوات النظام، وأن تكون لـ«الإدارة الذاتية»، خصوصية، وفق فقرات قانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011 وتعديلاته في عام 2015. وبما يتماشى مع دستورية هذا القانون، التي تنص على وحدة الأراضي السورية والمحافظة على ثرواتها الوطنية.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية (سبوتنيك)، عن مصادر خاصة، قولها إن «التفاهمات الأولية» التي تم التوصل إليها بين دمشق والقيادات الكردية، تتعلق بإطلاق سراح المعتقلين من العسكريين والمدنيين لدى «قسد»، وإزالة جميع المظاهر والتبعات «التي خلفها الحصار الجائر»، الذي فرضته «قسد» على مناطق سيطرة النظام في مدينتي الحسكة والقامشلي، ورفع علم الجمهورية السورية فوق الدوائر والمؤسسات الرسمية الحكومية، بعد أن تتم إعادتها وإعادة موظفيها إليها، خصوصاً تلك التي تم الاستيلاء عليها خلال الفترة الماضية، والواقعة في الأحياء ومناطق سيطرة من «قسد».
وبحسب المعلومات، تركزت مطالب دمشق على العمل بشكل سريع على استئناف شحن وإيصال القمح المخزن في مراكز الدولة (المؤسسة العامة للحبوب) في القامشلي، إلى المناطق الداخلية، وزيادة إمدادات النفط الخام إلى مصفاتي حمص وبانياس، لتلبية احتياجات السوريين في مناطق سيطرة النظام من المحروقات. كما تم مناقشة تعزيز دور الحكومة بدمشق في مناطق شرقي الفرات، وجرى مناقشة ملف النفط، والوجود الأميركي والانتخابات الرئاسية، في سوريا، إضافة إلى ملفات أخرى. ووصفت الوكالة الروسية، اللقاءات التي جرت في دمشق، بـ«البناءة والإيجابية»، واعتبرتها نجاحاً مهماً للمساعي الروسية الحثيثة في هذا المضمار.
في السياق، كشف مصدر كردي سوري مطلع، أن وفداً من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية، عاد إلى قامشلي، بعد التوصل إلى «تفاهمات أولية» مع مسؤولي النظام السوري برعاية روسية في دمشق، مؤكداً أن وفداً كبيراً من «قسد» سوف يزور دمشق لإكمال المحادثات.
وقال المصدر لـ«باسنيوز»، إن الوفد توصل إلى تفاهمات أولية مع مسؤولين في النظام برعاية روسيا، تتعلق بإطلاق سراح المعتقلين، ورفع علم النظام فوق الدوائر والمؤسسات الرسمية، وتفعيل التفاهمات السابقة التي تتعلق بإدارة المناطق المشتركة بين الطرفين في الحسكة وقامشلي وحلب.
وأوضح المصدر، أن «مسؤولي النظام عرضوا مجموعة مطالب، تتعلق بتعزيز دور النظام في مناطق شرقي الفرات، وملف النفط، والوجود الأميركي والانتخابات الرئاسية في سوريا، إضافة إلى ملفات أخرى».
وأكد المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح للإعلام، أنه وفد كبير «سوف يزور دمشق قريباً جداً لإكمال المحادثات مع مسؤولين كبار للنظام». وأوضح المصدر، أن «وفد (قسد) سوف يجري محادثات جدية هذه المرة حول مطالب النظام، مقابل إمكانية شرعنة الإدارة الذاتية وفق قانون الإدارة المحلية في سوريا، وإيجاد آلية للاعتراف بقوات سوريا الديمقراطية للحفاظ على خصوصيتها ضمن جيش النظام إضافة إلى مواضيع أخرى».
من جهتها، أفادت «سبوتنيك»، بأن اللقاءات التي جرت في دمشق استمرت أربعة أيام، بين قياديين أمنيين وحكوميين في دمشق مع وفد من «قسد» ضم القياديين، إلهام أحمد، ومحمد العمر مسؤول ملف النفط والاقتصاد في التنظيم، إضافة لمسؤولين عسكريين،
وجاءت تلك اللقاءات، بحسب «سبوتنيك»، حصيلة «جهود روسية» عقب مفاوضات جرت مع الجانب الروسي في قاعدة «حميميم»، بعد أيام من زيارة قيادي عسكري روسي رفيع المستوى لمحافظة الحسكة، ولقائه قائد تنظيم «قسد»، مظلوم عبدي، في ريف القامشلي، كما أجرى الوفد الروسي لقاء آخر مع الجانب التركي في ريف رأس العين.
هذا ولم يرشح عن دمشق أي معلومات حول تلك اللقاءات، فيما نشرت وسائل إعلام موالية لدمشق، عقب مغادرة الوفد الكردي، دمشق، مساء السبت، بياناً شديد اللهجة صادراً عن قبائل وعشائر عربية في الجزيرة السورية، يدين ممارسات «قسد» و«سياسة التجويع الممنهج» و«الحرمان من التعليم» و«الاعتقالات التعسفية والهمجية» بحق الأهالي في الجزيرة السورية. ووقع على البيان، الشيخ مشعل بنيان عبد الكريم الجربا، وزعماء من قبائل شمر سنجارة، وأبناء قبائل عربية في سوريا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.