تبرئة ترمب تعزز الانقسام الجمهوري وتثير تساؤلات حول مستقبله

بايدن يحذر من «هشاشة الديمقراطية» ويترقب تمرير أجندته في الكونغرس

بيلوسي لدى عقدها مؤتمراً صحافياً بعد انتهاء محاكمة ترمب السبت (أ.ف.ب)
بيلوسي لدى عقدها مؤتمراً صحافياً بعد انتهاء محاكمة ترمب السبت (أ.ف.ب)
TT

تبرئة ترمب تعزز الانقسام الجمهوري وتثير تساؤلات حول مستقبله

بيلوسي لدى عقدها مؤتمراً صحافياً بعد انتهاء محاكمة ترمب السبت (أ.ف.ب)
بيلوسي لدى عقدها مؤتمراً صحافياً بعد انتهاء محاكمة ترمب السبت (أ.ف.ب)

أسدل الستار على آخر مواجهة بين الكونغرس الأميركي بمجلسيه مع الرئيس السابق دونالد ترمب، في تصويت شاء الجمهوريون ألا يسجل عليهم فيه أنهم أول حزب يدين رئيسه ويصوت على إدانته. لكن انشقاق 7 من أعضائهم، وانضمامهم إلى 50 ديمقراطياً في مجلس الشيوخ، يعطي إشارة واضحة إلى أن الحزب الجمهوري منقسم بين التمسك بترمب وقلب صفحته، كما يطرح تساؤلات حول مستقبل الحزب والاستراتيجية التي سيعتمدها لاستعادة الغالبية في الانتخابات النصفية بعد عامين.
انتقادات لاذعة
سبق تصويت الشيوخ، السبت، تصريحات بالغة الدلالة من شخصيات جمهورية وازنة عبرت عن خيبتها من المضي وراء «الأوهام» التي أطلقها ترمب، على حد قول نيكي هايلي، مندوبة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة السابقة واحدة من كبار مؤيديه.
كذلك فإن تصريح كبير الجمهوريين في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل، على الرغم من تصويته على تبرئة ترمب، كان شديد اللهجة ضد الرئيس السابق، حيث قال ماكونيل إن ترمب «مسؤول عملياً وأخلاقياً عن إثارة الأحداث التي أدت إلى التمرد»، وأضاف أن ترمب يبقى «مسؤولاً في نظام المحاكم، ولم يفلت من أي شيء بعد كأي مواطن عادي»، ما يمهد الطريق لكيفية تعامل الجمهوريين مع الدعاوى التي بدأت تتجمع ملفاتها في وجه ترمب، من ولاية جورجيا إلى العاصمة واشنطن ومدينة نيويورك.
وبدوره، قال السيناتور بات تومي إن ترمب «أضر بسمعته بشدة، وسيذكر في التاريخ أنه لجأ وهو رئيس إلى خطوات غير قانونية لمحاولة التمسك بالسلطة»، فيما أكد السيناتور جون ثون أن التصويت «لم يكن على الإطلاق» تأييداً من الجمهوريين للغة ترمب وسلوكه، مضيفاً أن «الأرضية بدأت تنفتح قليلاً الآن للآخرين». وقال ثون: «من المؤكد أن الرئيس السابق يريد الاستمرار في القيام بدور، لكنني أعتقد أنه ستكون هناك فرص لظهور قادة جدد يمكنهم صياغة رؤية جديدة».
ونقلت وسائل إعلام أميركية عدة عن جمهوريين أنهم لم يعدوا ينظرون إلى ترمب على أنه زعيم الحزب، كما نُقل عن شخصيات جمهورية بارزة، بمن فيهم أولئك الذين صوتوا على براءته، تخطيطهم لمستقبل بعيداً عن تأثيراته، خصوصاً أن شخصيات سياسية جمهورية وازنة أعربت عن رغبتها في الترشح لمنصب الرئاسة في 2024.
وترافق ذلك مع نشر استطلاعات رأي أجرتها مؤسسات عدة، أفادت كلها بأن غالبية الأميركيين البالغين يدعمون منع ترمب من الترشح للمناصب العامة، حيث قال 53 في المائة إنه لا ينبغي السماح له بالترشح، في حين قال 50 في المائة إنهم كانوا سيصوتون لإدانته في محاكمة عزله، لو كان لهم الحق في التصويت. كما وجد استطلاع لـ«إبسوس رويترز» أن 71 في المائة من البالغين يعتقدون أن ترمب مسؤول جزئياً عن أعمال الشغب، فيما أعلن نصف الجمهوريين الذين شاركوا في هذا الاستطلاع أن ترمب مسؤول بشكل ما عن أحداث 6 يناير (كانون الثاني).
نفوذ مستمر
في المقابل، لقيت تبرئة ترمب ترحيباً واسعاً لدى جناح من الحزب لا يزال يتمسك به ويراهن عليه لاستعادة الغالبية في الكونغرس عام 2022. وقال السيناتور ليندسي غراهام لشبكة «فوكس نيوز» إن الرئيس ترمب «متحمس لإعادة بناء الحزب الجمهوري، وتنظيم حملات لاستعادة مجلسي النواب والشيوخ في 2022»، في حين أشار السيناتور ماركو روبيو، أحد أبرز المرشحين الرئاسيين، إلى أن «ترمب لا يزال الجمهوري الأكثر شعبية في البلاد». أما النائبة الجمهورية مارغوري تايلور غرين التي أثارت جدلاً واسعاً بعد أيام من توليها مهامها في مجلس النواب، فقالت إن «الحزب الجمهوري هو حزب ترمب».وسارع ترمب إلى تأكيد استمرار انخراطه في الحياة السياسية مباشرة بعد تبرئته، إذ قال في بيان مكتوب: «إن حركتنا التاريخية والوطنية، وشعار لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى، قد بدأت للتو». وأضاف: «في الأشهر المقبلة، لدي الكثير لأشاركه معكم، وأنا أتطلع إلى مواصلة رحلتنا المذهلة معاً لتحقيق العظمة الأميركية لجميع أفراد شعبنا».
ولا يزال من المبكر القول إن قبضة ترمب على الحزب الجمهوري قد تراجعت، في الوقت الذي تشير فيه إحصاءات حديثة إلى أن نسبة تأييد الجمهوريين لترمب، خصوصاً في القواعد الشعبية، لا تزال مرتفعة جداً. وقد تحدثت مؤسسة «غالوب» عن 82 في المائة من الجمهوريين لا يزالون يدعمون ترمب، فيما وجد إحصاء لجامعة «مونماوث» أن 72 في المائة من الجمهوريين ما زالوا يؤمنون بمزاعم ترمب عن تزوير الانتخابات. وبناء على هذه الاستطلاعات، وجد كثير من النقاد والمحللين أن تبرئة ترمب جاءت جزئياً بسبب خوف الجمهوريين من مواجهة قاعدة ترمب. لكن من بين الأعضاء الجمهوريين السبعة الذين صوتوا في مجلس الشيوخ على إدانة ترمب، يواجه عضو واحد إعادة انتخابه عام 2022، هي السيناتورة ليزا ماركوفسكي من ولاية ألاسكا. كما أعلن اثنان منهم (باتريك تومي من ولاية بنسلفانيا، وريتشارد بور من ولاية كاليفورنيا) عدم ترشحهم لعضوية مجلس الشيوخ مرة ثانية، فيما الباقون يواجهون انتخابات مؤجلة حتى عام 2026، وبالتالي هم بعيدون عن التأثر السياسي.
«ديمقراطية هشة»
وعلى الرغم من ذلك يواجه الحزب الجمهوري أخطاراً سياسية كبيرة قد تؤثر على مستقبله الانتخابي، في خضم الانقسامات المتنامية في صفوفه.
وبعيداً عن نشاط كثير من الهيئات والشخصيات الجمهورية المعارضة لترمب، يواجه الجمهوريون تهديد العشرات من الشركات والمانحين الجمهوريين بالتوقف عن تقديم الدعم المالي لحلفاء ترمب في الكونغرس، ما يهدد بقطع التدفقات المالية عن مرشحي الحزب في مجلسي الشيوخ والنواب في انتخابات التجديد النصفي عام 2022.
أما الديمقراطيون، فيرون أنه رغم تبرئة ترمب، فإن النظرة إليه من الآن فصاعداً ستحكمها أحداث 6 يناير (كانون الثاني). كما أن كثيراً منهم دعموا انتهاء المحاكمة في وقت قياسي، رغم تبرئة ترمب، وذلك للتركيز على تمرير أجندة الرئيس جو بايدن السياسية والاقتصادية. وسيكون بإمكان مجلس الشيوخ التحرك سريعاً لتثبيت الشخصيات التي عينها بايدن في حكومته، والعمل على أجندته التشريعية، في وقت تواجه فيه البلاد الأزمة الناجمة عن «كوفيد-19» وتداعياتها الاقتصادية الشديدة.
وفي تعليقه على تبرئة ترمب، قال بايدن، في بيان: «هذا الفصل المحزن في تاريخنا يذكرنا بأن الديمقراطية هشة». وتابع: «رغم أن التصويت النهائي لم يؤدِ إلى إدانة، فإن مضمون التهمة ليس موضع خلاف. حتى من عارضوا الإدانة، مثل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ (ميتش) ماكونيل، يعتقدون أن دونالد ترمب مذنب (بالتقصير المخزي في أداء الواجب) وأنه (عملياً وأخلاقياً مسؤول عن إثارة) العنف الذي انطلق عنانه في الكابيتول (مقر الكونغرس)».
ومن جانبها، قالت كابري كافارو التي كانت عضوة في مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن تبرئة ترمب قد تشكل (صرخة تعبئة) لأنصاره، لكن إرث ترمب قد يقتصر بالنسبة لكثيرين على أحداث 6 يناير (كانون الثاني)، بغض النظر عن تبرئته».
وتابعت كافارو: «سيكون هناك أميركيون ممن يعتقدون أن ترمب لعب دوراً ما، وقد ينعكس أيضاً على أنشطته العقارية والمالية، لكن يبدو أنه لا خيار لديه سوى مواصلة محاولاته للخوض في العمل السياسي».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».