السودان يحذر إثيوبيا من افتعال حرب تهدد استقرار الإقليم

اتهم أديس أبابا بالتصعيد والاعتداء على أراضيه مجدداً

السودان يحذر إثيوبيا من افتعال حرب تهدد استقرار الإقليم
TT

السودان يحذر إثيوبيا من افتعال حرب تهدد استقرار الإقليم

السودان يحذر إثيوبيا من افتعال حرب تهدد استقرار الإقليم

اتهمت الحكومة السودانية إثيوبيا بالاعتداء مجدداً على الأراضي السودانية، ودخول أراضٍ تتبع قانوناً للسودان، ما عدته انتهاكاً مباشراً لسيادة البلاد وسلامة أراضيها، محذرة من تأثير الاعتداء على الأمن والاستقرار في الإقليم.
وقالت وزارة الخارجية السودانية، أمس، في بيان يعد الأول من نوعه منذ اندلاع التوتر بين السودان وإثيوبيا، إن الاعتداء الإثيوبي على الأراضي السودانية يعد تصعيداً مؤسفاً «لا يمكن قبوله».
وجاء في بيان الخارجية السودانية: «يدين السودان ويستنكر العدوان الذي قامت به إثيوبيا، بدخول قواتها إلى أراضٍ تتبع له قانوناً، في انتهاك مباشر لسيادة السودان وسلامة أراضيه، ولقيم الجوار والتعامل الإيجابي بين الدول، بما يعزز الاستقرار والأمن».
ووصف البيان التصعيد بالأمر المؤسف، وقال: «هو تصعيد يؤسف له، ولا يمكن قبوله»، وحذر من انعكاسات ذلك العدوان على أمن واستقرار المنطقة، مضيفاً: «السودان يحمل إثيوبيا المسؤولية كاملة عما سيجر إليه عدوانها من تبعات»، وتابع: «اتساقاً مع خياراته، فإنه (السودان) يطلب منها (إثيوبيا) الكف فوراً عن تعديها على أراضيه».
ودعا البيان إثيوبيا للعدول للحوار، والحرص على إكمال إعادة تخطيط الحدود المتفق عليها، ووضع العلامات الدالة عليها.
بيد أن البيان لم يحدد طبيعة العدوان الجديد، أو مكانه أو حجمه، وما إن كان قد ألحق خسائر في القوات السودانية، على الرغم من اللغة الجديدة التي لم تستخدم في البيانات السودانية منذ اندلاع الأحداث.
وفي غضون ذلك، توالت الحملات الشعبية المساندة للجيش السوداني الذي يدافع عن الحدود الشرقية، وتسلم أمس القائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الذي يشغل في الوقت ذاته منصب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، دعماً للقوات المسلحة من بنك أم درمان الوطني بمبلغ 20 مليون جنيه.
وعد البرهان الدعم الذي قدمه البنك استمراراً للدور الذي يضطلع به البنك في المجالات المختلفة، لا سيما المتعلقة بأمن البلاد واستقرارها ووحدتها.
وتشهد المنطقة توتراً أمنياً منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في أعقاب إعادة الجيش السوداني نشر قواته داخل منطقة الفشقة، وطرد الميليشيات الإثيوبية التي كانت تسيطر عليها، في أعقاب هجوم نفذته ميليشيات إثيوبية مدعومة بقوات فيدرالية على قوات سودانية، وإلحاق خسائر في الأرواح بين قوات الجيش السوداني، بينها ضابط برتبة رائد، وعدد من المدنيين.
ومنذ ذلك الوقت، حدثت اشتباكات متفرقة بين القوات على جانبي الحدود، قتل جراها عدد من أفراد الجيش السوداني والمدنيين. وفي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة السودانية أن قواتها لم تعتد على الأراضي الإثيوبية، وأنها تدافع عن أراضيها وحدودها المرسمة منذ عقود، ترد إثيوبيا بأن الجيش السوداني اعتدى على أراضيها.
ويتمسك السودان بالمناطق التي أعاد السيطرة عليها، ويرفض الانسحاب منها، ويؤكد عدم وجود «نزاع حدودي» مع إثيوبيا، وأن المشكلة تنحصر في وضع العلامات الحدودية وتقريبها من بعضها، تبعاً لاتفاقيات دولية وثنائية موقعة بين البلدين.
وتشترط إثيوبيا لحل المشكلة عبر التفاوض انسحاب الجيش السوداني من الأراضي التي أعاد سيطرته عليها، وتزعم أنها أراضي إثيوبية، وهو الأمر الذي ترفضه الخرطوم، وتقول إنها لن تنسحب من «شبر واحد من أراضيها».
ووصف عضو مجلس السيادة الفريق أول شمس الدين كباشي، في مقابلة تلفزيونية بثتها فضائية «العربية» الأسبوع الماضي، العدوان الإثيوبي على الأراضي السودانية في الفشقة بأنه يشبه «الاستيطان الإسرائيلي».
وأوضح كباشي أن إثيوبيا تواصل اعتداءاتها وحشد قواتها على الحدود، وقال: «ما ينقص إثيوبيا هو الشجاعة فقط لإعلان الحرب». وتعهد بعدم تراجع القوات السودانية عن «شبر من الأراضي التي استعادتها بمنطقة الفشقة من الجانب الإثيوبي»، وتابع: «استعاد السودان نسبة 90 في المائة من أراضيه، وتبقت ثلاث مناطق فقط يأمل أن تحل بالتفاوض، وألا يضطر لنزعها بالحرب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».