«آي ماك» الجديد من «آبل».. عودة إلى أجهزة «بي سي» ومجدها السابق

يصمم بشاشة جميلة عالية الوضوح ويناسب المحترفين

«آي ماك» الجديد من «آبل».. عودة إلى أجهزة «بي سي» ومجدها السابق
TT

«آي ماك» الجديد من «آبل».. عودة إلى أجهزة «بي سي» ومجدها السابق

«آي ماك» الجديد من «آبل».. عودة إلى أجهزة «بي سي» ومجدها السابق

قبل عام من وفاته سئل ستيف جوبز في أحد المؤتمرات عن توقعاته حول مستقبل سوق الكومبيوترات الشخصية. وكان جوبز وبوصفه مؤسسا ورئيسا تنفيذيا لـ«آبل» في أواخر السبعينات على رأس من ساهم في ولادة صناعة الكومبيوترات الشخصية (بي سي). لكنه وفيما بعد وبعد أن ازدادت مبيعات «آيفون» و«آيباد» بشكل هائل، خرج بوصف للأعمال التقنية على أنها قد دخلت «عصر ما يعقب الـ«بي سي»، فهل كان يعتقد فعلا أن الكومبيوترات المكتبية واللابتوب باتت على شفير الانقراض؟
وكان قد عرض نوعا من التشبيه بقوله: «عندما كنا مجتمعا زراعيا، كانت جميع المركبات عبارة عن شاحنات، لأنها هي التي نحتاجه في المزارع»، ولكن مع زوال هذا المجتمع، وقيام الناس في المناطق المدنية بشراء السيارات العادية، تجزأت سوق السيارات إلى فئات متميزة. فقد كان منها ما هو سهل الاستخدام، لا تحتاج نسبيا إلى أي صيانة، وذلك للسائقين العاديين كل يوم، ثم هنالك المركبات القوية، مثل الشاحنات للأشخاص الذين بحاجة إلى قضاء أعمالهم. إذن الكومبيوترات المكتبية واللابتوب ستكون كالشاحنات، كما تكهن جوبز: «فهي ستظل حولنا، وسيظل لها قيمة كبيرة، لكنها ستكون قيد الاستخدام من قبل شخص واحد من أصل الكثيرين».

* نهوض الكومبيوتر
وبعد مرور 4 سنوات، أثبتت توقعات جوبس صحتها. إذ تقدر بينيديكت إيفانز المحللة في مؤسسة «أندرسن هوروتز» لاستثمار رؤوس الأموال أن عدد الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية التي هي قيد الاستخدام على نطاق العالم كله، بنحو مليارين في العام الفائت، وهو ما يفوق عدد الأجهزة المكتبية واللابتوب. لكن كما جادل جوبز، فإن نمو عدد الأجهزة الجوالة لم يفض إلى موت هذه الأجهزة، ففي العام الماضي شرع هبوط مبيعات أجهزة «بي سي» بالتوقف ليستقر عند مستوى معين. وبصورة ما، شهد العام الماضي انتعاشا للكومبيوترات الشخصية بعدما اكتسبت هذه المعدات قوة مدهشة جديدة حولتها إلى الأفضل مما سبق.
فقد رأينا نهضة «كرومبووك» Chromebook، جهاز اللابتوب الذي يشغله نظام «غوغل»، والذي يعمل على نظام تشغيل يعتمد على متصفح «كروم ويب»، والذي يباع أحيانا بسعر 200 دولار. ولكونه رخيص السعر، وسهل الصيانة، شرع هذا الجهاز يشق طريقه في القطاع الأدنى من سوق الكومبيوترات في العام الفائت. وقد أثبت جدواه وشعبيته في قطاع التعليم بعد حصوله على تقدير المعلمين وذوي التلاميذ نظرا إلى تصميمه البسيط.
وردا على التهديد هذا الذي فرضه «كرومبوك»، أطلقت «مايكروسوفت» من جهتها نسخة من نظام تشغيلها «ويندوز» التي شرع صناع الكومبيوترات باعتمادها في الأجهزة غير المكلفة. فـ«هيوليت - باكرد» مثلا أطلقت «ستريم 11» Stream 11 الذي هو عبارة عن لابتوب «ويندوز» بسعر 200 دولار، والذي يأتي باشتراك مجاني مع تطبيقات «مايكروسوفت أوفيس»، فضلا عن سعة تخزين على الشبكة تبلغ تيترابايت واحد.
ويمكن التفكير في «كرومبوك»، وكذلك الأجهزة العاملة على «ويندوز» غير المكلفة، والهواتف الجوالة، والأجهزة اللوحية، على أنها سيارات الأعمال التقنية، لكن في العام الماضي ساعدت أجهزة «كرومبوك» والأجهزة العاملة على «ويندوز» صناعة «بي سي» أن تظل ثابتة أمام ارتفاع مبيعات الهواتف. لكن السؤال الذي يتردد هو جدوى ذلك على المدى الطويل؟ أي إلى متى ستظل قدرة صانعي أجهزة الـ«بي سي» مستمرة على البقاء والاستمرار، عن طريق بيع أجهزة رخيصة السعر؟

* «آي ماك»
فإذا ما توجهت صوب «آبل»، هنالك جهاز «آي ماك» الجديد العالي السعر، الذي كشفت النقاب عنه في الخريف الماضي، ذو الشاشة الجميلة العالية التحديد. فإذا كانت أجهزة «كرومبوك»هي السيارات، فإن «آي ماك» الجديد هو أفضل شاحنة في العالم. فقد صنع ليناسب المحترفين، وليس المستخدمين العفويين. وهو يمهد طريقا أمام عودة صناعة أجهزة «بي سي» إلى سابق عهدها التي عانت كثيرا منه.
ومع تحول الهواتف والأجهزة اللوحية إلى أدوات أكثر قوة وفائدة، وشرعت في ملء المزيد من أوقاتنا، توجب على منتجي أجهزة «بي سي» إنتاج كومبيوترات تستغل شكل هذه الأجهزة، وحجمها وقوتها. وتوجب عليهم العثور على مميزات جديدة التي لا يمكن محاكاتها أو تقليدها من قبل الهواتف الذكية. ومع وجود شاشة فيها لا يمكن مقارنتها مع أي جهاز كومبيوتري آخر، يمكن اليوم شراء «آي ماك» الجديد هذا الذي يحتوي على مثل هذه الشاشة. لذلك اعتبرت هذا الجهاز هو المفضل لدي، من بين عشرات الأجهزة التقنية الجديدة التي قمت بتجربتها في العام الفائت.
وقد أثبت إنتاج المعدات والأجهزة المتطورة العالية الجانب أنه أمر مثمر بالنسبة إلى «آبل». ففي الربع الثالث من عام 2014. أصبحت «آبل» خامسة أكبر مسوقة لأجهزة «بي سي» في العالم، وفقا إلى تقديرات مؤسسة الأبحاث «آي دي سي». وعلى الرغم من أن حصتها في السوق قد تقلصت بسبب جهاز «بي سي لينوفو» العامل على «ويندوز»، وأجهزة «هيوليت - باكرد»، و«ديل»، و«إيسر»، يتوقع أن تحصد اليوم نحو نصف أرباح صناعة «بي سي». «فالشركة ناجحة في عملها جدا، وأعتقد أنها ستستمر في النجاح»، وفقا إلى توم مينيلي الذي يدرس سوق أجهزة الـ«بي سي» في مؤسسة «آي دي سي».
ويقول مينيلي، إن توفر الهواتف الذكية قد زاد من جاذبية أجهزة «ماك». فلكون أن الأفراد شرعوا يتحولون أكثر إلى الأجهزة الجوالة، باتوا ينتظرون أكثر لدى استبدالهم لأجهزة «بي سي». فالفترة الطويلة التي امتلكوا خلالها لهذه الأجهزة قبل التفكير بتغييرها من شأنها تبرير شراء أجهزة «آبل» الراقية المتطورة. إذ يقول هؤلاء المستهلكون: «حسنا، لأننا سنستخدم هذا الجهاز لفترة 5 سنوات، أو أكثر، يتوجب علينا شراء واحد جيد وممتاز، وقد استفادت (آبل) من ذلك كثيرا»، كما يضيف مينيلي.

* شاشة مطورة
وجهاز «آي ماك» الجديد هذا مزود بشاشة «ريتينا 5 كيه» قياس 27 بوصة، مما يعني أنها بتحديد 5000 سطر أفقي، ونحو 15 مليون بيكسل عبر الشاشة برمتها. وهذا يعني أنها 7 أضعاف ما تجده في التلفزيونات العالية التحديد، وعدة ملايين أكثر مما تجده في التلفزيونات الحديثة العالية التحديد جدا.
وكل هذه البيكسلات تكون صورة بوضوح عالي جدا، فالنصوص تلمع، والصور وكأنها تقفز وتبرز من مكانها، وعند عودتك لاستخدام الكومبيوتر ذي الشاشة العادية، تطالبك عيناك بالعودة إلى هذه الشاشة الأولى، وهذا ما دفعني بجنون إلى شراء جهاز «ريتينا 5 كيه آي ماك» خاص بي.
ومثل هذه الآلات ليست رخيصة، فسعرها يبدأ بـ2500 دولار، أي أكثر بـ700 دولار عن سعر «آي ماك» بشاشة عادية غير «ريتينا» قياس 27 بوصة، وأكثر بآلاف الدولارات من سعر كومبيوتر مكتبي عادي. بيد أن «ديل» طرحت شاشة «5 كيه» مستقلة من المقرر بيعها بسعر 2500 دولار، وهو سعر كومبيوتر «آبل» برمته، غير أنه إثر الإعلان عن «آي ماك»، قامت «ديل» بتخفيض سعر الشاشة إلى 2000 دولار. لكن لدى إقران هذه الشاشة بكومبيوتر يكون من القوة الكافية لكي يتولى أمرها، يتوجب عليك إنفاق أكثر مما ستنفقه على جهاز «آبل» الكامل. فإذا كنت تبحث عن كومبيوتر مكتبي بشاشة بهذه الجودة، فما يزال على جهاز «آبل» المكتبي مراحل طويلة يتوجب قطعها. ومن غير المحتمل أن تقوم «آبل» ببيع «آي ماك» الجديد بكميات كبيرة، فهو مخصص لنخبة من المصورين، ومحرري الفيديوهات، ومنتجي الرسوم المتحركة، والمنتجين الرقميين، أي الأشخاص الذين يقضون فترات طويلة على أجهزتهم، والمستعدين أن ينفقوا مبالغ كبيرة على أجهزة متطورة.
في أي حال إذا كنت من مستخدمي الكومبيوتر العاديين من الذين يتصفحون الإنترنت، والكشف على البريد الإلكتروني، والقيام بالعمال الخفيفة الأخرى، فلن تكون بحاجة إلا إلى جهاز مثل «كرومبوك»، أو جهاز لوحي، وقد تستطيع قضاء كل هذه الأعمال حتى بواسطة الهاتف.

* خدمة «نيويورك تايمز»



شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».