اتهامات للمصارف اللبنانية بـ«الاستيلاء» على نصف المساعدات الخارجية

بسبب دفعها للجمعيات الأهلية على أساس سعر للدولار أقل من سعر السوق

TT

اتهامات للمصارف اللبنانية بـ«الاستيلاء» على نصف المساعدات الخارجية

بعد عام على الإجراءات التي فرضتها المصارف اللبنانية على المودعين والتضييق على السحوبات، بدأ الحديث عن امتناع بعض المصارف عن دفع الحوالات المالية التي تدخل في إطار المساعدات الخارجية لعدد من الجمعيات بالدولار، وتسديدها حسب سعر منصة مصرف لبنان، أي ما يقل عن 50 في المائة من قيمتها الحقيقية في السوق السوداء، الأمر الذي دفع عضو «اللقاء الديمقراطي» (يضم نواب الحزب التقدمي الاشتراكي) النائب بلال عبد الله إلى تقديم إخبار إلى القضاء المختص.
وقال عبد الله إن مجموع الهبات والقروض والمساهمات المقدمة للمؤسسات الدولية في لبنان ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية الذي يُقارب المليار دولار، صُرف بالعملة اللبنانية على أساس سعر 3900 ليرة، بينما سعر الدولار في السوق السوداء يقترب من 9 آلاف، متسائلاً عن القانون أو التعميم الذي أجاز أن يستفيد النظام المصرفي بنصف المبلغ المقدم إلى الشعب اللبناني.
واعتبر عبد الله، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن هناك علامات استفهام تطرح حول التعامل مع هذه المساعدات، وعن الجهة المستفيدة على حساب المواطن اللبناني، مضيفاً أنه ربما هناك من يريد أن ينتفع مصرف لبنان من هذه المساعدات أو أن يبقى سعر الصرف في السوق السوداء مرتفعا، إذ إن ضخ هذه المبالغ بالدولار كان ليسهم في ضبط سعره.
وأشار إلى أن هذه الآلية قد تكون اعتمدت مع المساعدات التي أتت إلى اللبنانيين عقب انفجار مرفأ بيروت، ولذلك يجب على القضاء التحرك؛ حماية للمواطنين، إذ لم تسلم حتى المساعدات المقدمة لهم من الخارج.
وليس بعيداً عن ذلك، كان لبنان شهد سجالاً متعلقاً بتحديد سعر صرف الدولار للقرض الذي وافق عليه البنك الدولي بقيمة 246 مليون دولار، بهدف دعم الأسر الأكثر فقراً، حتى تم مؤخراً الاتفاق على صرفه للمستفيدين على أساس سعر أعلى 60 في المائة من منصة مصرف لبنان، أي 6240 ليرة للدولار.
وفي الإطار، يوضح مصدر وزاري أن تحديد سعر صرف مساعدات هذا القرض جاء بالاتفاق مع البنك الدولي، باعتبار أن المال قرض وليس هبة، ما يعطي الحكومة فرصة التفاوض على طريقة دفعه للمواطنين، مضيفاً، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن تحديد هذا السعر كان انطلاقاً من حاجة مصرف لبنان للدولار الجديد، دعماً للمعدات الطبية، ولا سيما في الوضع الاستشفائي الحالي.
وفيما يتعلق بالمساعدات الخارجية، أوضح المصدر أن الدولة لم يصل إليها شيء ليتم صرفه أصلاً، وما وصل كان للجمعيات غير الأهلية، وبالتالي هي تحدد وبالاتفاق مع المصارف كيفية تسلم الأموال وعلى أي سعر صرف، إذ لا علاقة للحكومة بالأمر.
وصرف هذه الأموال بالليرة اللبنانية، سواء كانت قرضاً أو هبات، لا يؤثر سلباً على المستفيد وحده كونه يخسر جزءاً من قيمة المبلغ، بل أيضا يسهم برفع نسب التضخم في البلاد، حسبما أكد الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، مشيراً، في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن هذا يعني ممارسة «هيركات» غير «مقونن» حتى على هذه الأموال والتي هي أصلا «دولار جديد» أي لا تدخل ضمن الإجراءات التي نصت عليها تعاميم مصرف لبنان.
وأضاف أبو سليمان، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن اعتماد هذه الآلية يعني المزيد من الهدر، إذ إن فرق الأموال على سبيل المثال في موضوع قرض البنك الدولي الذي يصل إلى 30 في المائة من قيمته، في حال تم اعتماد سعر 6240 ليرة للدولار، سيذهب إلى دعم المواد الأساسية كالمحروقات والتي لا يصل منها سوى 20 في المائة إلى العائلات المحتاجة، فيما يضيع الباقي بين التهريب والمستفيدين غير المحتاجين إلى الدعم.
ولفت أبو سليمان، في هذا الصدد، إلى إضافة سعر جديد لصرف الدولار، وهو سعر صرف المساعدات الإنسانية، ليصبح هناك 4 أسعار صرف (رسمي، والسوق السوداء، ومنصة مصرف لبنان، ودولار المساعدات الإنسانية).



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».