الفلسطينيون يترقبون ترشح البرغوثي لمعركة الرئاسة

رفض عرضاً من «فتح» لخوض الانتخابات التشريعية

فلسطينيون يقضون أمسية يوم الجمعة على شاطئ مدينة غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يقضون أمسية يوم الجمعة على شاطئ مدينة غزة (إ.ب.أ)
TT

الفلسطينيون يترقبون ترشح البرغوثي لمعركة الرئاسة

فلسطينيون يقضون أمسية يوم الجمعة على شاطئ مدينة غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يقضون أمسية يوم الجمعة على شاطئ مدينة غزة (إ.ب.أ)

يسيطر اسم القيادي في حركة «فتح» الأسير في السجون الإسرائيلية، مروان البرغوثي، على النقاش في أروقة صناع القرار في رام الله، وداخل حركة «فتح» نفسها، وفي وسائل الإعلام الفلسطينية والإسرائيلية، وفي الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي، بصفته مرشحاً محتملاً للرئاسة الفلسطينية، حيث سيكون منافساً قوياً للمرشح الذي ستقترحه قيادة «فتح» لهذا المنصب.
وعلى الرغم من أن أي إعلان رسمي لم يصدر بعد عن البرغوثي نفسه، أو محاميه أو عائلته، فإن الأخبار التي تسربها بيئته القريبة، والصور التي تبثها زوجته في هذا التوقيت الحساس، وإعلان ناشطين سلفاً أنهم يقفون خلفه في انتخابات الرئاسة، بالإضافة إلى الرغبة السابقة المعروفة لدى الرجل، وتسريبات نشرها الإسرائيليون، كلها مؤشرات تجعل ترشحه إلى انتخابات الرئاسة واستمراره حتى النهاية هذه المرة أقرب من انسحابه، كما حصل في عام 2005.
وقال عضو المجلس الثوري لحركة «فتح» حاتم عبد القادر، أمس، إن البرغوثي يتجه للترشح للانتخابات الرئاسية، وليس لديه الرغبة في خوض الانتخابات التشريعية التي ستحصل قبل الرئاسية بشهرين. وأضاف في تصريحات بثتها مواقع فلسطينية: «البرغوثي كان واضحاً في موقفه، خلال زيارة عضو اللجنة المركزية حسين الشيخ له في أسره، وأكد أنه مع خوض فتح قائمة واحدة موحدة يتم اختيارها بطريقة ديمقراطية نزيهة، وتحمل برامج قادرة على قيادة الشعب الفلسطيني في المرحلة المقبلة».
وأضاف: «البرغوثي أكد أنه لن يشكل قائمة أخرى ضد القائمة الرسمية، على أن تعتمد الشفافية والنزاهة، وهو ليس لديه رغبة في الترشح للانتخابات التشريعية». وتابع: «موقفه أنه لن يقبل أن يتصدر قائمة لفتح أو قائمة باسمه، وعزوفه عن هذا لأن من يريد الترشح للرئاسة يجب ألا يكون نائباً في التشريعي، والمسافة الزمنية بين الانتخابات التشريعية والرئاسية شهران، بمعنى أنه يجب أن يستقيل قبل ترشحه للرئاسة، بحال ترشح وفاز بالتشريعي». وأكمل: «لذلك عزف عن التشريعي متوجهاً للترشح للرئاسة». وأكد عبد القادر أن زيارة الشيخ للبرغوثي لن تكون الأخيرة، موضحاً أن وفداً من اللجنة المركزية لـ«فتح» سيزوره ويبحث معه هذا الأمر.
ويؤكد حديث عبد القادر ما ذهبت إليه وسائل إعلام إسرائيلية بخصوص عدم حصول اتفاق بين البرغوثي والشيخ.
وكان الشيخ، المقرب من الرئيس محمود عباس، قد التقى البرغوثي في سجنه قبل يومين، في زيارة استثنائية سمحت بها إسرائيل لمناقشة مسألة الانتخابات التشريعية والرئاسية القريبة.
وقالت القناة الإسرائيلية (12) إن الرئيس محمود عباس طالب البرغوثي الذي يقضي حكماً بالسجن 5 مؤبدات و40 عاماً في أحد السجون الإسرائيلية، بالتنازل عن ترشحه للانتخابات الرئاسية الفلسطينية، وعرض عليه مقابل ذلك الحصول على المكان الأول في قائمة «فتح» للانتخابات البرلمانية، وحجز 10 أماكن في القائمة وفقاً لاختياراته، ومنح عائلته مساعدات اقتصادية.
وأضافت القناة أن «البرغوثي لم يقدم حتى الآن رداً نهائياً على العرض، لكنه في الأيام الأخيرة يبدو مصمماً على تولي الرئاسة. ووفقاً لتصريحات أدلى بها لمقربين مؤخراً، فإن خطته تشمل انتخابه خلال العملية التي ستجري في 31 يوليو (تموز) المقبل، وبعد يوم من الانتخابات الشروع بإضراب مفتوح عن الطعام، بهدف خلق ضغوطات دولية قوية على إسرائيل لإطلاق سراح الرئيس الفلسطيني المنتخب». وتوجه البرغوثي للرئاسة ليس جديداً، إذ رشح نفسه من السجن مقابل عباس في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية الأخيرة عام 2005، قبل أن ينسحب لاحقاً تحت الضغوط.
وعملياً، فإنه لا أحد في حركة «فتح» قد يشكل صداعاً لعباس إذا ما نوى الترشح للرئاسة مجدداً بقدر البرغوثي الذي يحظى بشعبية كبيرة داخل الحركة، خصوصاً بين الشباب الذي أعطوه في مؤتمرات الحركة أعلى الأصوات، ويرى كثيرون أنه يستحق هذا المنصب.
والبرغوثي (63 عاماً) معتقل منذ 2002 في إسرائيل، وقد حُكم عليه بالسجن لمدة 5 مؤبدات وأربعين عاماً بتهمة قيادة كتائب «شهداء الأقصى»، الذراع العسكرية لحركة «فتح»، المسؤولة عن قتل إسرائيليين خلال انتفاضة الأقصى الثانية التي اندلعت عام 2000.
وتسعى مركزية «فتح» التي يترأسها عباس إلى الاتفاق مع البرغوثي حول كل شيء يخص الانتخابات، تجنباً لمواجهة داخلية قد تلحق بها الضرر أمام منافسيها.
ويقول مسؤولون في الحركة إن انتخاب معتقل في السجون الإسرائيلية ليس شيئاً عملياً نهائياً، بغض النظر عن الأهمية التي يحظى بها الشخص داخل الحركة.
وأرسلت حركة «فتح» عدة رسائل مبكرة حول وحدتها، وطالبت بعدم «ملاحقة الإشاعات». وقال أمين سر اللجنة المركزية لـ«فتح»، اللواء جبريل الرجوب، إن الحركة ستذهب إلى الانتخابات بقائمة موحدة، وإن مرشح «فتح» للرئاسة سيتم اختياره وفقاً لشرطين: الأول قدرته على الفوز بالانتخابات، والثاني أن يشكل قاسماً مشتركاً للجبهة التي تريد الحركة أن تخوض فيها الانتخابات.
وأعلن وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ أنه تشاور مع عضو مركزية «فتح» الأسير كريم يونس، في إطار التحضيرات للانتخابات المقبلة. وأكد الشيخ أنه في أثناء حديثه مع البرغوثي أو يونس، تم الاتفاق على الحاجة إلى الارتقاء فوق الجراح والمصالح الفئوية والأنانية، وخلق قائمة موحدة لحركة فتح، دون استبعاد أو تهميش.
لكن وسط كل هذه الجلبة، وفي الوقت الذي حاولت فيه السلطة القول إنه لا يوجد أي خلاف مع البرغوثي، أرسلت زوجته المحامية فدوى البرغوثي رسالة وصفت بالذكية عندما نشرت صورة لزوجها وهو مكبل داخل سجنه يرتدي الزي الخاص بالأسرى الفلسطينيين، وكتبت معلقة عليها: «واثق الخطوة يمشي ملكاً»، وهي صورة حظيت بكثير من الدعم ومعلقين طالبوه بعدم التراجع عن الترشح لانتخابات الرئاسة.
وستحتاج حركة «فتح» إلى حسم كل ذلك قبل الوصول إلى انتخابات التشريعي في مايو (أيار) المقبل.
وناقشت مركزية «فتح» هذه المسألة في اجتماع ترأسه عباس أمس. وبحث الاجتماع الوضع الداخلي للحركة، وآليات اختيار المرشحين للانتخابات، لكن الحركة حتى الآن لم تسم مرشحها لانتخابات الرئاسة الفلسطينية الذي لا يتوقع كثيرون أن يكون شخصاً آخر غير الرئيس محمود عباس، إذا لم يتدخل ظرف قاهر يمنعه من ذلك.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.