الصحة هدفاً إقليمياً للتنمية المستدامة في البلدان العربية

جائحة «كورونا» تكشف التفاوت في نظم الرعاية الصحية

الصحة هدفاً إقليمياً للتنمية المستدامة في البلدان العربية
TT

الصحة هدفاً إقليمياً للتنمية المستدامة في البلدان العربية

الصحة هدفاً إقليمياً للتنمية المستدامة في البلدان العربية

الصحة بصفتها هدفاً إقليمياً للتنمية المستدامة هي موضوع الحلقة السادسة من سلسلة المقالات عن الصحة والبيئة في البلدان العربية. ويستند هذا المقال إلى الفصل الخاص بالعلاقة بين الصحة والتنمية في تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) الذي صدر مؤخراً. وقد أشرفت على تأليف الفصل الدكتورة ريما حبيب، رئيسة قسم الصحة البيئية في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت، بالاشتراك مع الباحثتين ناتالي الحداد وشيلبي سورديك.
وتواجه نُظم الرعاية الصحية في معظم الدول العربية عدداً من التحديات، تتمثل في: قلة عدد الأطباء، ومحدودية البيانات عن مرافق الرعاية الصحية، ونقص الاستعداد للطوارئ، إلى جانب ضعف الميزانيات المخصصة للقطاع. وقد ظهرت هشاشة هذه النُظم مع تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) التي من المتوقع أن تترك آثارها المنهجية الشديدة -وربما الكارثية- على العالم العربي.
ويناقش تقرير «الصحة والبيئة» الذي صدر عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) الدوافع البيئية الرئيسية التي لها تأثير كبير على مختلف جوانب صحة الإنسان، ويستعرض التقدم الذي أحرزته الدول العربية في تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة الذي ينطوي على «ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية والرفاهية للبشر من جميع الأعمار».
ويلخّص التقرير كذلك التحديات التي تواجه الدول العربية في تحقيق هذه الأهداف، ويقترح إطاراً متكاملاً للصحة والتنمية المستدامة، ويوصي بآفاق جديدة للعمل المحلي والإقليمي، إلى جانب نهج التغطية الصحية الشاملة لتحقيق الصحة للجميع.
- كيف تتحقق «الصحة للجميع»
يشتمل الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة على تسعة مقاصد لعدد من المؤشرات التي تضم: صحة الأم، وصحة الطفل، والأمراض المعدية وغير المعدية، وتعاطي المخدرات، وإصابات ووفيات حوادث الطرق، والصحة الجنسية والإنجابية، والتغطية الصحية الشاملة، والصحة البيئية. وهو يلحظ أربع وسائل للتنفيذ مع مقاصد محددة، تتعلق باعتماد أطر لمكافحة التدخين، والابتكار في الطب والتحصين، وبناء القدرات والدعم المالي للصحة، والتأهب والاستجابة للمخاطر الصحية.
وتتأثر الصحة في الدول العربية بالحالة الاجتماعية والسياسية في كل بلد. وتعد التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، وغياب الاستقرار السياسي، وطغيان النزاعات المسلحة، وندرة الموارد، عوامل ضاغطة تترك بصمتها على الصحة العامة.
وتؤدي الاضطرابات النفسية، كالاكتئاب والقلق، إلى جانب التهابات الجهاز التنفسي السفلي، إلى زيادة سنوات العمر الضائعة بسبب اعتلال الصحة في منطقة شرق البحر المتوسط. كما يسجل مرض السكري، من بين أمراض أخرى غير معدية، زيادة في العالم العربي، مما يستوجب التدخل للسيطرة على هذا المرض الذي بلغ حد «الوباء».
وتنتشر أمراض سرطانات الرئة والمثانة والبروستات والثدي والقولون والمستقيم والكبد على نحو واسع في مختلف البلدان العربية. ولا تزال هناك تفاوتات في معدلات الإصابة والوفيات بين الدول، حيث يسجل لبنان أحد أعلى معدلات الإصابة بجميع أنواع السرطان في منطقة شرق البحر المتوسط.
ووفقاً لبيانات سنة 2017 الصادرة عن معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن، توجد مجموعة من الأسباب وعوامل الخطر الرئيسية التي تؤثر في سنوات الحياة الصحية المفقودة في العالم العربي، أهمها أمراض نقص التروية القلبية، واضطرابات حديثي الولادة، والتهابات الجهاز التنفسي السفلي، وأمراض الإسهال، واضطرابات تعاطي المخدرات، والتشوهات الخلقية، والإصابات المرورية، والسكتات الدماغية، واضطرابات الصداع، وآلام أسفل الظهر، والسكري، وفيروس نقص المناعة (الإيدز).
وتحتل الأمراض غير المعدية وإصابات الطرق والصحة العقلية المرتبة الأولى في البلدان ذات الدخل المرتفع، في حين تزداد وطأة الأمراض المعدية وأمراض حديثي الولادة في البلدان المنخفضة الدخل. أما أهم عوامل الخطر التي تؤدي إلى اعتلال الصحة في البلدان ذات الدخل المنخفض، فهي سوء التغذية، والمياه والصرف الصحي والنظافة، وتلوث الهواء. ويقابلها في البلدان ذات الدخل المرتفع ارتفاع مؤشر كتلة الجسم (البدانة)، وارتفاع ضغط الدم، وتعاطي المخدرات، وارتفاع نسبة الغلوكوز في البلازما في أثناء الصوم، والتدخين.
وتزداد المخاوف بشأن صحة السكان في العالم العربي مع تفشي الأمراض المعدية الناشئة، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) وجائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، مما يعطل الإجراءات لتحسين الصحة وتحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة.
- أثر كورونا على النُظم الصحية
بعد أسابيع من ظهور فيروس «كورونا» المتجدد، أعلنت منظمة الصحة العالمية تحوُّله إلى جائحة تشكل حالة طوارئ صحية عامة، وتثير قلقاً دولياً، وتشكل خطراً وجودياً على البلدان ذات النُظم الصحية الضعيفة. وقد انتشر الفيروس في جميع الدول العربية، وعدد الحالات في ازدياد دائم. ومؤخراً، ارتفعت أعداد الإصابات والوفيات الناتجة عن فيروس كورونا بشكل ملحوظ في معظم الدول العربية، بحيث إن الأعداد المتراكمة في العالم العربي قاربت 4 ملايين في منتصف شهر فبراير (شباط)، إلى جانب نحو 70 ألف وفاة. وقد استمر مركز أنظمة العلوم والهندسة في جامعة جونز هوبكنز في تسجيل ما بين 12 و26 ألف إصابة يومياً منذ 4 أشهر في الدول العربية. فقد سجلت بعض الدول العربية أرقاماً قياسية بعدد الإصابات اليومية، مثل الإمارات ولبنان، التي تخطت 3 آلاف إصابة في اليوم الواحد في بعض الأحيان، وتجاوزت 6 آلاف في لبنان، وهو من الأعلى في العالم نسبة إلى عدد السكان. أما معدل الوفيات فتعدى 2 في المائة في 45 في المائة من الدول العربية. وتظهر اختلافات ملحوظة بين الدول، بحيث حصلت اليمن على أعلى نسبة وفيات (29 في المائة)، تتبعها سوريا والسودان ومصر بنسبة 5-6 في المائة، بينما سجلت قطر والإمارات والبحرين ودول الخليج الأخرى ولبنان النسب الأقل في معدلات الوفيات (أقل من 1 في المائة). هذا الاختلاف في نسب الوفيات ليس مفاجئاً، نظراً إلى الاختلاف الكبير بين البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المرتفعة الدخل في الموارد والبنية التحتية الصحية وخدمات الرعاية الصحية المتاحة لرعاية المرضى المصابين ودعمهم. ومن جهة أخرى، يؤشر انخفاض عدد الحالات المبلغ عنها في اليمن، في مقابل الأعداد الأعلى المبلغ عنها في الدول المجاورة، إلى الاختلاف الكبير في قدرة إجراء فحوصات تشخيص المرض.
ويشير تقرير «أفد» إلى أن تفشي فيروس كورونا المستجد كشف عن العواقب الوخيمة للنُظم الصحية الهشة، وعدم الاستعداد للطوارئ في معظم الدول العربية، وكذلك ضعف القدرة على حشد الموارد لصالح الصحة العامة ورعاية المرضى في البلدان العربية المنخفضة الدخل أو ذات الدخل المتوسط الأقرب إلى المنخفض.
- العلاقة بين الصحة والاقتصاد
يزداد عبء المرض في الدول العربية التي يميل دخلها إلى الانخفاض، في مقابل تلك التي تتمتع بدخل أعلى، رغم التاريخ والثقافة المشتركين بين بعض البلدان. وفي مقابل التقديرات الواردة في إحصاءات منظمة الصحة العالمية لسنة 2016، زادت الأمراض غير المعدية ومعدلات وفيات تلوث الهواء بمرور الوقت في جميع البلدان العربية. ومن ناحية أخرى، انخفض معدل الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في البلدان ذات الدخل المرتفع أو المتوسط، وتراجعت معدلات الانتحار في البلدان التي يميل دخلها إلى الانخفاض.
وفي دراسة أجريت على مدى 25 سنة، أظهرت وفيات الأمهات انخفاضاً ملحوظاً في معظم البلدان العربية، ومع ذلك لا تزال المعدلات مرتفعة نسبياً في البلدان التي يميل دخلها إلى الانخفاض. وبين سنتي 2016 و2019، أظهرت بعض البلدان انخفاضاً في معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة، وفي معدلات وفيات الأطفال حديثي الولادة.
وتتباين معدلات الوفيات بسبب سوء نوعية المياه والصرف الصحي والنظافة بين الدول العربية، وهي الأعلى في الصومال. ومن الشائع نسبياً تدخين التبغ بين المواطنين العرب، ويسجل لبنان أعلى نسبة للمدخنين بمعدل 33.8 في المائة.
ويحذر تقرير «أفد» من الزيادة الملحوظة لمعدلات الوفيات الناتجة عن تلوث الهواء في العالم العربي بين سنتي 2016 و2019، فمن بين كل 100 ألف شخص ارتفعت الوفيات من 32.2 إلى 50.9 في العراق، ومن 29.7 إلى 51.4 في لبنان، ومن 13.5 إلى 53.9 في عُمان، ومن 9 إلى 47.4 في قطر. وتبرز الزيادة المقلقة في معدل الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء أهمية حماية البيئة، بصفتها جانباً أساسياً لتحسين الصحة في المنطقة.
ورغم وجود تطور إيجابي في عدد من المؤشرات، بما في ذلك تراجع معدلات الإصابة بالملاريا ومعدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة والمواليد، فإن مؤشرات أخرى ظلت من دون تغيير نسبياً، مثل معدلات الإصابة بالسلّ، وتفاقم القليل منها، ومعدلات وفيات تلوث الهواء. وهذا يدل على أن الصحة في العالم العربي تتحسن على نحو متواضع، ولكن هناك مجالات معينة بحاجة إلى معالجة للنجاح في تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة.
وتواجه الدول العربية تحديات مختلفة تعيق قدرتها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وضمان «الصحة للجميع». وتشمل هذه التحديات الأوضاع السياسية والاقتصادية، لا سيما النزاعات المسلحة في عدد من البلدان التي كان لها تأثير إقليمي واسع النطاق.
وإلى جانب المعدلات المرتفعة للإصابات والوفيات، تؤدي النزاعات المسلحة في العالم العربي إلى تدمير النُظم البيئية والبنى التحتية، وتدهور النُظم الصحية، واضطراب خدمات الرعاية الصحية، وظهور أمراض تم القضاء عليها سابقاً، أو زيادة معدلات بعض الأمراض، كما في ظهور شلل الأطفال من جديد، وزيادة الإصابة بالليشمانيات في سوريا، واتساع المجاعة وانتشار الكوليرا في اليمن. وتتجاوز هذه النزاعات نطاقها الجغرافي لتؤثر على البلدان المجاورة بفعل آثارها الاقتصادية الإقليمية والأعداد الهائلة من اللاجئين الذين يعبرون الحدود بحثاً عن الملجأ الآمن.
وتمثل الأزمات البيئية عقبات أمام التقدم في العالم العربي، حيث يعد تلوث الهواء أحد أكثر المشكلات شيوعاً في المنطقة. كما تؤدي الإدارة غير الملائمة للمياه العادمة والنفايات الصلبة إلى عبء بيئي في بعض البلدان. وتشير التقديرات إلى أنه بحلول سنة 2030، سيقيم 70 في المائة من المواطنين العرب في المدن، مما يؤدي إلى زيادة الاكتظاظ.
وفي حين يشير تقرير «أفد» إلى أن جائحة «كورونا» ستؤثر سلباً على التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الدول العربية، من خلال زيادة معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات، وإجهاد أنظمة الرعاية الصحية والبنى التحتية، يخلص إلى أن نجاح العالم العربي في تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة يتوقف على اعتماد مقاربة أفضل على المستويين المحلي والإقليمي لخلق بيئة مناسبة تضمن الصحة والرفاهية للجميع. وهذا يستدعي التعاون بين الدول العربية عبر تبادل القدرات والموارد، والتأهب لحالات الطوارئ التي تؤثر على الصحة.


مقالات ذات صلة

كيف أثّر وباء «كوفيد» على مرحلة البلوغ لدى الفتيات؟

يوميات الشرق امرأة ترتدي الكمامة خلال فترة انتشار الجائحة في كندا (رويترز)

كيف أثّر وباء «كوفيد» على مرحلة البلوغ لدى الفتيات؟

تسبب الإغلاق الذي فُرض بعد انتشار جائحة «كوفيد - 19» في توقف شبه تام للحياة، وشهد مئات الملايين من الأشخاص تغيُّرات جذرية في أنماط حياتهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك طفلة تتلقى جرعة من لقاح «موديرنا» لفيروس «كورونا» بصيدلية سكيباك في شوينكسفيل - بنسلفانيا (رويترز)

تقرير أميركي: وفاة 10 أطفال بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا»

قال مارتي ماكاري، مفوض إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية، اليوم (السبت)، إن البيانات أظهرت وفاة 10 أطفال؛ بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل في المكسيك يتلقى جرعة من لقاح الحصبة (رويترز)

لقاحات شائعة تمنع الأمراض المزمنة وبعض أنواع السرطان... تعرّف عليها

لا تقتصر فوائد اللقاحات على حمايتك من أمراض معدية محددة أو تخفيف حدة الأعراض عند الإصابة بالمرض، بل يمكنها أيضاً الوقاية من الأمراض المزمنة الشائعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شخص يجهز جرعة من لقاح «كوفيد-19» (رويترز)

تقرير: «الغذاء والدواء» الأميركية تربط وفاة 10 أطفال بلقاحات «كوفيد»

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس (الجمعة) أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية ذكرت في مذكرة داخلية أن 10 أطفال على الأقل لقوا حتفهم على «بسبب» لقاحات «كوفيد-19».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك اغلاق كورونا تسبب في ارتفاع كبير في عدد الرضع والأطفال الصغار الذين يعانون من مشاكل في النطق (رويترز)

دراسة: إغلاقات «كورونا» أعاقت قدرة الأطفال على تعلم الكلام

ارتبطت عمليات الإغلاق التي نتجت عن تفشي كوفيد 19 بارتفاع كبير في عدد الرضع والأطفال الصغار الذين يعانون من مشاكل في النطق وتعلم الكلام وغيرها من مشاكل النمو.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.