نقص العمالة يهدد إنعاش الاقتصاد الروسي

القيود تقلّص أعداد المهاجرين المهرة

يعد انكماش القوة العاملة في روسيا إحدى أبرز عقبات عودة الانتعاش الاقتصادي (رويترز)
يعد انكماش القوة العاملة في روسيا إحدى أبرز عقبات عودة الانتعاش الاقتصادي (رويترز)
TT

نقص العمالة يهدد إنعاش الاقتصاد الروسي

يعد انكماش القوة العاملة في روسيا إحدى أبرز عقبات عودة الانتعاش الاقتصادي (رويترز)
يعد انكماش القوة العاملة في روسيا إحدى أبرز عقبات عودة الانتعاش الاقتصادي (رويترز)

تصطدم آمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عودة اقتصاد روسيا إلى النمو بسرعة بعقبة خطيرة، وهي انكماش القوة العاملة في روسيا.
ويعاني أصحاب العمل، خاصة في قطاع التشييد، لإيجاد الأعداد الكافية من العمال المطلوبين لشغل الوظائف الخالية لأن القيود المفروضة لاحتواء جائحة فيروس كورونا المستجد قلصت أعداد العمالة المهاجرة في البلاد.
واضطرت الشركات من مختلف المجالات، بدءاً من تعدين الذهب إلى تشييد المباني، لزيادة الأجور لجذب العمالة المحلية. وبحسب المسح الذي أجراه اتحاد شركات التشييد في روسيا، رفع نحو نصف هذه الشركات أجور العمال.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن أندريه ريابنسكي، رئيس مجلس إدارة شركة «إم آي سي غروب» للتشييد، ومقرها في العاصمة الروسية موسكو، قوله إن الشركة زادت الأجور بنسبة 15 في المائة في المتوسط، وهو ما ساعدها في جذب العمال. وأضاف ريابنسكي: «كنا نواجه صعوبة في إيجاد العمالة المدربة قبل الجائحة، ولكن الأمر ازداد صعوبة الآن».
ويأتي ذلك في حين يراهن الكرملين والرئيس الروسي على تعافي الاقتصاد بسرعة لتهدئة الغضب الشعبي المتزايد من تراجع الدخول، وارتفاع أسعار المستهلك. ورغم نجاح اللقاح الروسي «سبوتنيك في» المضاد لفيروس كورونا المستجد، فإن البلاد ما زالت بعيدة عن تحقيق هدفها الطموح، وهو تطعيم 60 في المائة من السكان بحلول منتصف العام الحالي.
وقد رفعت روسيا بالفعل أغلب القيود التي سبق فرضها لاحتواء جائحة كورونا، كما ارتفعت مؤخراً أسعار النفط الخام، وهو ما سيساعد في تعافي الاقتصاد، ويعزز الآمال في نموه خلال الربع الثاني من العام الحالي، لكن وتيرة النمو ستظل محدودة من دون توافر العمالة الكافية لتشغيل ماكينة الاقتصاد.
ووفقاً لخدمة «بلومبرغ إيكونوميكس» للتحليلات الاقتصادية، فإن نقص العمالة سيخفض معدل نمو الاقتصاد الروسي بمقدار 25 نقطة أساس تقريباً كل سنة خلال السنوات العشر المقبلة.
يذكر أن روسيا تعتمد في العادة على الأيدي العاملة القادمة من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق المجاورة لتلبية الطلب المتزايد على العمالة مع انتعاش الاقتصاد، لكن أغلب الحدود ما زالت مغلقة منذ أكثر من عام. يقول يفيغني فينوكوروف، كبير خبراء الاقتصاد في «يوروسيان ديفلوبمنت بنك»، إن العمال المهاجرين يمثلون عادة نحو 7 في المائة من إجمالي قوة العمل في روسيا، ويساهمون بنحو 6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
أما أنطون غلوشكوف، رئيس اتحاد شركات البناء الروسية «نوستروي»، فيقول إن «مواقع البناء ما زالت تعاني من نقص العمالة، رغم حقيقة أن الشركات زادت الأجور... وهذا سيؤدي في النهاية إلى ارتفاع تكلفة التشييد».
وتعرضت قوة العمل المنكمشة في روسيا كذلك لضربة إضافية بعد أن أصبحت روسيا ثالث أكبر دولة في العالم من حيث عدد وفيات فيروس كورونا المستجد، ليتراجع عدد سكانها خلال العام الماضي بنحو 700 ألف نسمة، وهو أكبر تراجع لعدد السكان منذ 15 عاماً.
تقول صوفيا دونيتس، كبيرة خبراء الاقتصاد في مؤسسة «رينيسانس كابيتال» في موسكو، إن الأشخاص الأكبر سناً قد يختارون عدم العودة إلى سوق العمل بسرعة بعد رفع قيود كورونا، في ظل ارتفاع المخاطر الصحية في البلاد.
ومن ناحيته، يقول سكوت جونسون، المحلل الاقتصادي في «بلومبرغ إيكونوميكس»، إن «الجائحة أدت إلى زيادة الطلب على العمال في القطاعات الرئيسية، رغم أن القيود أدت إلى الحد من تدفق الناس إلى سوق العمل. وعلى المدى الطويل، تنكمش قوة العمل في روسيا، وهو ما سيصبح عقبة هيكلية أكبر في طريق النمو بمجرد التعافي من تداعيات الجائحة».
وبحسب بحث أجراه يفغيني فارشافر، رئيس الأكاديمية الرئاسية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة، فإن هناك طلباً مرتفعاً على العمال المهاجرين الذين تقاضوا أجراً أعلى من العمال الروس خلال الربع الأخير من العام الماضي. وبلغ متوسط دخل العامل الأجنبي في روسيا 47 ألف روبل (630 دولاراً) شهرياً، مقابل 34 ألف روبل شهرياً للعامل الروسي في المتوسط.
ومع ذلك، فإنه من شأن التوسع في التطعيم ضد فيروس كورونا وإعادة فتح الحدود أن يساعد في التخفيف من حدة نقص العمالة، لكن من غير المتوقع القيام بعمليات تطعيم على نطاق واسع ولا فتح الحدود خلال الأشهر المقبلة. وفي الوقت نفسه، فإن كثيراً من دول آسيا الوسطى التي تعد مصدراً كبيراً للعمالة المهاجرة في روسيا لا يمكنها حتى الآن الوصول إلى أي لقاح. تقول دونيتس: «سيكون إحدى النتائج الرئيسية للوباء بالنسبة لسوق العمل في روسيا استمرار التراجع في العرض، مما سيواصل الضغط على الأجور».



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.