البرهان: وقعنا «اتفاقات إبراهيم» لاقتناعنا بقيم التسامح والتعايش

رئيس مجلس السيادة السوداني يخاطب قمة إسرائيل الطلابية الشبابية

خاطب رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان قمة شبابية في إسرائيل مؤكداً أن توقيع حكومته لـ«اتفاقات أبراهام» يعود إلى اقتناعها بأهمية نشر قيم التسامح والتعايش بين الشعوب (أ.ب)
خاطب رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان قمة شبابية في إسرائيل مؤكداً أن توقيع حكومته لـ«اتفاقات أبراهام» يعود إلى اقتناعها بأهمية نشر قيم التسامح والتعايش بين الشعوب (أ.ب)
TT

البرهان: وقعنا «اتفاقات إبراهيم» لاقتناعنا بقيم التسامح والتعايش

خاطب رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان قمة شبابية في إسرائيل مؤكداً أن توقيع حكومته لـ«اتفاقات أبراهام» يعود إلى اقتناعها بأهمية نشر قيم التسامح والتعايش بين الشعوب (أ.ب)
خاطب رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان قمة شبابية في إسرائيل مؤكداً أن توقيع حكومته لـ«اتفاقات أبراهام» يعود إلى اقتناعها بأهمية نشر قيم التسامح والتعايش بين الشعوب (أ.ب)

أرجع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان توقيع حكومته لـ«اتفاقات إبراهيم» مع الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى اقتناعها بأهمية نشر قيم التسامح والتعايش بين الشعوب بمختلف أديانهم وأعراقهم، وذلك أثناء مخاطبته عبر تقنية «فيديو كونفرانس» لقمة شبابية في إسرائيل.
وقال البرهان في خطاب لتجمع طلابي تنظمه الدولة العبرية إن السودان وقع «اتفاقات إبراهيم» انطلاقاً من سعيه الصادق إلى تأكيد وإرساء قيم السلام والتسامح والتعايش السلمي، واحترام الحريات والأديان، وقبول الآخر. وأضاف: «تلك الرؤى، كانت هي الحادي لنا في توقيع اتفاقات إبراهيم، مع الولايات المتحدة الأميركية في الخرطوم يناير (كانون الثاني) الماضي».
وينظم طلاب إسرائيليون «قمة إسرائيل»، وهي حركة دولية مخصصة للنقاش في حرم الجامعات بين إسرائيل وطلاب وشباب العالم، وتستهدف الطلاب غير المنتسبين للحرم الجامعي الإسرائيلي، ويشارك فيها متحدثون عالميون، وترافقها معارض مهنية وفرص للتبادل الأكاديمي، وتهدف لتوسيع آفاق الطلاب في دولة إسرائيل، وترعاها جامعتا هارفارد وكولومبيا الشهيرتان.
وشارك في قمة هذا العام، والتي عقدت خلال الفترة (7 - 11) فبراير (شباط) الحالي، عدد من الشخصيات السياسية بينهم رئيسة جورجيا سالومي زورابيشيفيلي، ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ورؤساء سابقون، وعدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، وعلماء وأستاذة جامعات، وأبرزهم المدير التنفيذي لشركة «موديرنا» صانعة «لقاح كورونا»، إلى جانب مدافعين عن حقوق الإنسان، ومديرين في وسائط التواصل الاجتماعي.
وللمرة الأولى في تاريخ السودان، يشارك طلاب وشباب سودانيون في مثل هذا التجمع الإسرائيلي، إلى جانب طلاب من دول عربية وإسلامية. ولم يحدد البرهان أو السلطات السودانية كيفية اختيار هؤلاء الطلاب أو عددهم، أو أشكال مشاركتهم، واكتفى إعلام مجلس السيادة بالقول إن القمة نظمها طلاب جامعيون.
وأوضح البرهان، في كلمته، إن بلاده تستشرف عهداً جديداً، يبنيه الشباب والطلاب، باعتبارهم المحرك الفعلي للثورة السودانية. وقال: «التسامح يمثل أسمى قيم الإنسانية، وهو واجب إنساني وأخلاقي وسياسي، يحتاج إليه الجميع لتعيش المجتمعات في سلام وإخلاء ومحبة». وشدد على أهمية دور الشباب في بناء السودان، قائلاً: «السودان يستشرف عهداً جديداً، سيبنيه شبابه وطلابه، الذين يمثلون الغالبية من السكان، ويعدون المحرك الحقيقي للثورة السودانية التي انتهجت شعار الحرية والسلام والعدالة».
وحمل البرهان الشباب السودانيين المشاركين في القمة المسؤولية عن تبليغ رسالة السودان للعالم، والممثلة في رؤية البلاد المستقبلية في نشر السلام والازدهار على كوكب الأرض. وأضاف: «رؤيتنا في الدولة هي انتهاج خط التسامح العالمي، وإرساء مفاهيم السلام العالمي، والمساهمة في النهضة العالمية والمحلية، من خلال تبادل الخبرات مع دول المنطقة والدول الصديقة».
وجدد البرهان خلال الكلمة التي قدمها للقمة تأكيده عزم السودان على إرساء قيم السلام والتسامح والتعايش السلمي، واحترام الأديان والحريات وقبول الآخر، وأن دافع حكومته لتوقيع «اتفاقات إبراهيم مع الولايات المتحدة الأميركية يستند إلى هذه القيم الإنسانية في التسامح والتعايش السلمي واحترام الأديان وقبول الآخر».
ويعد البرهان من دعاة التطبيع مع إسرائيل، فقد فاجأ السودانيين بعقد مباحثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة عنتيبي الأوغندية في فبراير (شباط) 2020، بوساطة من الرئيس الأوغندي يوري موسفيني. وأثارت تلك المحادثات جدلاً مستمراً إلى اليوم.
وتوجت جهود البرهان بتوقيع «اتفاقات إبراهيم» في يناير الماضي، لينضم إلى مجموعة دول عربية وإسلامية، وقعت تلك الاتفاقات وطبعت علاقتها بإسرائيل، منهياً بذلك قطيعة بين السودان وإسرائيل منذ القمة العربية التي عقدت بالخرطوم 1967 وعرفت بقمة اللاءات الثلاث «لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف بإسرائيل».
ومارست إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، ضغوطاً عنيفة على الحكومة السودانية لتطبيع علاقتها بإسرائيل، ورهنت حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بذلك، وبعد رضوخ الخرطوم للضغوط الأميركية رفعت إدارة ترمب السودان من القائمة التي وضع فيها منذ عام 1993 على خلفية استضافته لزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن.
ومنذ لقاء البرهان - نتنياهو، جرت مياه كثيرة تحت جسر العلاقات السودانية - الإسرائيلية، استعاد خلالها طيران «العال» حق عبور الأجواء السودانية، وزارت وفود إسرائيلية عديدة السودان، وكان آخرها زيارة وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين للخرطوم نهاية الشهر الماضي حيث أجرى مباحثات مع مسؤولين سودانيين بينهم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وزير الدفاع ياسين إبراهيم وآخرون لم يكشف النقاب عنهم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.