لا «هدايا انتخابية» أميركية لنتنياهو

مصدر إسرائيلي: عليه استيعاب وجود تغيير في واشنطن

تفكيك 5 خيم وهدم وحدات صحية لفلسطينيين جنوب الخليل (وفا)
تفكيك 5 خيم وهدم وحدات صحية لفلسطينيين جنوب الخليل (وفا)
TT

لا «هدايا انتخابية» أميركية لنتنياهو

تفكيك 5 خيم وهدم وحدات صحية لفلسطينيين جنوب الخليل (وفا)
تفكيك 5 خيم وهدم وحدات صحية لفلسطينيين جنوب الخليل (وفا)

في الوقت الذي تحاول فيه إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، التأكيد على أنها تعتبر العلاقات مع إسرائيل الدولة والجيش، علاقات تحالف استراتيجي بلا إنقاص، تبدي تحفظا حيال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو بشكل خاص، وتبث الرسائل بأن العلاقات الوثيقة مع الرئيس السابق، دونالد ترمب، عهد مضى وانقضى. وأن عادة «تقديم الهدايا» الأميركية لمساندته في المعركة الانتخابية، قد توقفت.
ومع أن أنصار نتنياهو، في إسرائيل والولايات المتحدة، يمارسون ضغوطا لكي يجري الرئيس بايدن المكالمة الهاتفية التقليدية، فإن مقربين منه يبثون الرسائل بأن عليه الانتظار بصبر. وحاول السفير الأميركي الأسبق لدى إسرائيل، دان شابيرو، الذي يتوقع أن يشغل منصبا رفيعا في إدارة بايدن، أن يخفف من وطأة امتناع بايدن عن محادثة نتنياهو قائلا: «تأخر مكالمة الرئيس بايدن، لا تعكس عدم أهمية إسرائيل بالنسبة للإدارة الأميركية الجديدة، وستتم في غضون أيام».
وكانت مصادر سياسية في البلدين قد أكدت أن بايدن لم يكلم نتنياهو، لأنه يريد توصيل رسالة، مفادها، أنه «غير متعجل للتقرب منه، خصوصا في فترة الانتخابات»، وأنه «لا يتعجل الخوض في الملف الإسرائيلي - الفلسطيني الشائك». وكان هناك من اعتبرها «محاولة تجفيف نتنياهو حتى يعيد قدميه إلى الأرض، ويعيش الواقع المتغير في الولايات المتحدة». ونقل على لسان شخصية إسرائيلية رسمية تقيم علاقات مع واشنطن، قوله، إن «البيت الأبيض يحاول إفهام نتنياهو بأن عليه استيعاب وجود تغيير ما، إزاءه، في واشنطن».
ونشر السفير الإسرائيلي السابق، داني دانون، تغريدة على حسابه في تويتر كتب فيها: «هل حان الوقت أخيراً للاتصال بزعيم إسرائيل، أقرب حليف لأميركا؟». ووقع عليها بلقبه «مندوب إسرائيل السابق في الأمم المتحدة»، كي يعطيها وزنا سياسيا. وفي لسعة سياسية واضحة، نشر رقم هاتف ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية. ونشرت المندوبة الأميركية السابقة في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، المعروفة بتقربها من اليمين الإسرائيلي، أن «إدارة بايدن تتجاهل صديقاً مثل إسرائيل، في حين تتودد إلى عدو مثل إيران».
وقال رئيس المنظمة الأميركية اليهودية التقدمية «جي ستريت»، جيرمي بن عامي، إنه «من الواضح أننا في وضع مختلف تماماً. صحيح أن لبايدن علاقة شخصية قديمة وطيبة مع إسرائيل، إلا أن فريق الرئيس الجديد هو نفسه الذي كان يتولى زمام الأمور، بين الأعوام 2009 و2017 في إدارة باراك أوباما، التي كانت علاقتها مع إسرائيل أكثر توتراً». ويختم بن عامي بالتأكيد على أنه «في ظل إدارة ترمب، منح الإسرائيليون ضوءاً أخضر لفعل ما يريدون في الضفة الغربية والمضي قدماً في ضم المستوطنات، ونأمل أن يصطدموا بضوء أحمر في أقرب وقت ممكن».
وأما الباحثة في «مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي»، ميشال دن، فربطت بين عدم الاتصال وبين موضوع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقالت، حسب وكالة الصحافة الفرنسية: «الرئيس أوباما جعل حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، أولوية في السياسة الخارجية منذ بداية ولايته، من دون أن يحقق نتيجة تذكر. ويعني ذلك أن واشنطن تريد حالياً أن تتأنى، بصرف النظر عن العلاقات الشخصية».
وكان السفير شابيرو، الذي يعمل باحثًا في مركز دراسات الأمن القومي في تل أبيب، منذ ترك السفارة سنة 2016، قد عرض موقف الإدارة الجديدة في واشنطن من إسرائيل والصراع مع الفلسطينيين، في محاضرة قدمها، مساء الأربعاء، أمام منتدى أصدقاء معهد «وايزمان» الإسرائيلي. قال فيها، إن بايدن سيواصل طرح حل الدولتين لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كخيار استراتيجي وفق معادلة «دولتين لشعبين»، مستبعدا في الوقت نفسه، تعيين مبعوث خاص في البيت الأبيض، لهذا الشأن. كما عبر شابيرو، الذي يعتبر مقربا من بايدن، عن تفهم الإدارة الأميركية الجديدة «لأهمية الهجمات التي تنفذها إسرائيل في سوريا»، مشددا على أن التوقعات الأميركية، تشير إلى أنه «أمام إيران أقل من ستة أشهر لتطوير سلاح نووي».
وتوقع شابيرو أن يجري الرئيس الأميركي، المكاملة الهاتفية التي طال انتظارها إسرائيليا، مع نتنياهو «في الأسبوع المقبل»، وقال: «تحدث بايدن حتى الآن مع عشرة زعماء أجانب: كندا والمكسيك وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، وكذلك الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، وحلفاء في آسيا بالإضافة إلى روسيا». وفسر هذا التصرف، بالقول: «بايدن حرص في أيامه الأولى في المنصب على التركيز على القضايا الأكثر إلحاحًا بالنسبة له، وهي ترتيب العلاقات مع الحلفاء الذين سيواجهون - إلى جانب الولايات المتحدة - التهديدات الروسية والصينية. لا دور لإسرائيل في ذلك. هذا لا يعني أنها ليست مهمة».
وأكد شابيرو، على أن بايدن أصر على أن يتحدث وزير الخارجية الأميركي، مع نظيره الإسرائيلي، وأن يتحدث وزير الدفاع الأميركي مع نظيره الإسرائيلي. وهو يحاول تعزيز العلاقات. وهذا قد حصل».
وحول الملف الإيراني قال إن «بايدن يرى في إيران نظاما خطيرا يسعى لامتلاك أسلحة نووية، وتوسيع نطاق نفوذه على خلايا إرهابية». وأضاف: «نحن نعلم مدى أهمية قيام إسرائيل بهجمات في سوريا. إن بايدن ليس في عجلة من أمره، ويمارس الضغط على الإيرانيين. لكن هناك خلافات مع إسرائيل بشأن مسألة مدى الصواب في العودة إلى الاتفاق النووي. إذ أن بايدن يريد التوصل إلى اتفاق طويل الأمد يضمن رقابة أقوى لمنع إيران من الوصول إلى قنبلة (نووية)».
وتطرق للشأن الفلسطيني، فقال، إن بايدن ملتزم بحل الدولتين، لكنه لا يرى فرصة لدفع المفاوضات بمشاركة القادة الحاليين الذين فشلوا في المفاوضات السابقة، في ظل انعدام الثقة بين الطرفين. وأضاف «في رأيي، لن يعين بايدن مبعوثًا خاصًا للتعامل مع إسرائيل والفلسطينيين، لكنه سيحاول تشجيع الطرفين على اتخاذ خطوات إيجابية، والامتناع عن اتخاذ خطوات سلبية مثل توسيع البناء في المستوطنات، وتقديم رواتب للأسرى الفلسطينيين (وصفهم بالإرهابيين)، وغير ذلك. وسيحاول حشد الدول العربية التي بدأت تطبيع العلاقات مع إسرائيل في هذا السياق».
ونوه شابيرو بأن «بايدن ملتزم بأمن إسرائيل وكان يعتبر حتى السيناتور الأقوى الداعم لها. ويرى أن الولايات المتحدة تدافع عن شرعية إسرائيل دوليا، سواء في الأمم المتحدة أو في محاكم لاهاي (المحكمة الدولية) وفي مواجهة أنشطة المقاطعة (BDS). والعلاقات الأمنية الوثيقة بين البلدين ستستمر. وبايدن يدعم اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.