الكاظمي يوفد رئيس «الأمن الوطني» إلى الكوت للتهدئة

غداة مقتل متظاهر في مركز واسط الجنوبية

مظاهرة للحراك العراقي جرت في مدينة الناصرية مؤخراً (رويترز)
مظاهرة للحراك العراقي جرت في مدينة الناصرية مؤخراً (رويترز)
TT

الكاظمي يوفد رئيس «الأمن الوطني» إلى الكوت للتهدئة

مظاهرة للحراك العراقي جرت في مدينة الناصرية مؤخراً (رويترز)
مظاهرة للحراك العراقي جرت في مدينة الناصرية مؤخراً (رويترز)

دفع اضطراب الأوضاع مؤخراً في محافظة واسط (180 كيلومتراً) جنوباً، نتيجة موجة الاحتجاجات الجديدة وسقوط أحد المتظاهرين قتيلاً، برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى تكليف رئيس جهاز الأمن الوطني عبد الغني الأسدي، بزيارة المحافظة، أمس، للوقوف على طبيعة ما يجري هناك ولقاء جماعات الحراك للنظر في مطالبهم وتحقيق الاستقرار الغائب في المحافظة؛ طبقاً لمصادر حكومية.
وذكر المكتب الإعلامي لجهاز الأمن الوطني في بيان، أن رئيسه الأسدي «التقى بمتظاهري واسط فور وصوله المحافظة، وأكد أن التظاهرات حق مكفول ولا يمكن لأحد منع المواطن من حقه». وقال الأسدي بحسب البيان: «جئت بكل عزيمة وقوة لكي أقف معكم في الخطوات التي تسهم بعملية الاستقرار وتحقيق المطالب، وهناك جهات تحاول حرف التظاهرات عن مسارها السلمي». وأكد «السعي للوصول إلى حلحلة للمشاكل والمطالب وفقاً للطرق المشروعة».
وتشهد محافظة واسط منذ أيام قطع طرق ومظاهرات مطالبة بإقالة المحافظ محمد جميل المياحي، وأسفرت المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن، مساء الثلاثاء، عن مقتل المتظاهر فؤاد الماجدي متأثراً بثلاثة إطلاقات نارية أصيب بها من مكان قريب، طبقاً لتقرير الطب الشرعي.
ويقول الناشط والمحامي سجاد سالم؛ الذي حضر لقاء الأسدي مع ممثلين عن الحراك، إنه «وعد بتحقيق مطالبنا المتمثلة في إقالة المحافظ، لكننا لا نعول كثيراً على وعود من هذا النوع. نفَس الحكومة الاتحادية طويل، ولا ندري متى تتخذ قراراً في ذلك». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «اللقاء مع رئيس جهاز الأمن كان إيجابياً بشكل عام. وعدنا خيراً، وتدخل لإطلاق سراح نحو 70 متظاهراً اعتقلتهم قوات الأمن، ووعد بإيقاف الملاحقات الأمنية ضد الناشطين».
وتابع: «من جهتنا؛ تمسكنا بمطلب إقالة المحافظ، وقطعنا وعداً بإيقاف المظاهرات لحين انتهاء مراسم عزاء الناشط فؤاد الماجدي الذي قتل (أول من) أمس، وقلنا بصريح العبارة إننا سنواصل المظاهرات مع عدم الاستجابة لمطالبنا».
وفي إطار عمليات الاستهداف المتواصلة للناشطين في الحراك، تعرض منزل الناشط إحسان الهلالي في الناصرية، أمس، لإطلاق نار كثيف من قبل مسلحين مجهولين. وقال مصدر من الشرطة في محافظة ذي قار، إن «منزل الناشط إحسان الهلالي تعرض لإطلاق نار بسلاح من نوع (بي كيه سي) من قبل ملثمين يستقلون سيارة (بيك أب نيفارا) من دون لوحات تسجيل». وذكر أن «المسلحين كتبوا عبارة (مطلوب دم) على جدران المنزل، ولم يترك المسلحون أي أثر لهم؛ حيث قاموا بجمع ظروف الرصاص الفارغة قبل الهروب من محل الحادث، وفُتح تحقيق من قبل الاستخبارات و(مكافحة الإرهاب)».
وكان عباس العراقي؛ شقيق الناشط سجاد العراقي الذي اختطف في مدينة الناصرية نهاية سبتمبر (أيلول) 2020 وما زال مصيره مجهولاً، وجّه، أول من أمس، رسالة إلى «اللجنة الدولية لشؤون اللاجئين»، طالبهم فيها بالكشف عن مصير شقيقه وبقية المختطفين في العراق.
وفي الناصرية أيضاً، أقدم العشرات من خريجي الكليات والمعاهد، أمس، على غلق جسر النصر وسط الناصرية للمطالبة بالتعيين. وتعدّ الخطوة، بحسب ناشطين ،«تصعيدية اتبعها الخريجون بعد تسويف الاستجابة لمطالبهم من قبل الجهات المعنية، وبعد أشهر متواصلة من التظاهر أمام (شركة نفط ذي قار)».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.