الحكومة السودانية الجديدة تؤدي اليمين الدستورية

من مراسيم أداء اليمين الدستورية لوزراء الحكومة الجدد بالقصر الجمهوري في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
من مراسيم أداء اليمين الدستورية لوزراء الحكومة الجدد بالقصر الجمهوري في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

الحكومة السودانية الجديدة تؤدي اليمين الدستورية

من مراسيم أداء اليمين الدستورية لوزراء الحكومة الجدد بالقصر الجمهوري في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
من مراسيم أداء اليمين الدستورية لوزراء الحكومة الجدد بالقصر الجمهوري في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

جدد رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، التأكيد على أن قطار التغيير ومسيرة الثورة في البلاد «ماضية ولن تتوقف لأنها محروسة بإرادة الشعب السوداني»، فيما وصف رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، الحكومة الجديدة بأنها تمثل «تحالفاً سياسياً عريضاً، لديه القدرة على إنقاذ البلاد من الانهيار والانزلاق».
وقال البرهان، في كلمة له عقب أداء وزراء الحكومة الجدد اليمين الدستورية بالقصر الجمهوري، أمس: «يجب ألا نخذل الشعب السوداني، وكفاه ما عاناه في الفترة الماضية»، مضيفاً أن السودان يمر بظروف عصيبة، يحتاج فيها إلى الوحدة والتماسك لإزالة كل العقبات التي تعوق مسيرة البلاد.
وأوضح البرهان أن الحكومة السابقة «بذلت قصارى جهدها، لكنها واجهت الكثير من المعضلات والعقبات، التي تحتاج إلى وحدتنا، والاصطفاف جميعاً لإزالة العوائق التي تعوق تقدم البلاد»، مشدداً على ضرورة «أن نتعاهد على العمل يداً واحدة لاستكمال أجهزة الدولة، والمضي في طريق الانتقال الديمقراطي».
بدوره، قال رئيس الوزراء: «نبدأ بالوزارة الثانية في عمر الثورة العظيمة في ظرف بالغ التعقيد، وتحديات كبيرة في الاقتصاد والأمن»، مضيفاً أن هذه الحكومة، التي جاءت بعد نقاش استمر لأشهر «تشكل أعرض تحالف سياسي لديه القدرة على إنقاذ البلاد، ووضع اللبنات الأساسية لتجنيب البلاد مآلات الانهيار والانزلاق».
وأضاف حمدوك أن الأيام المقبلة ستشهد التوافق على برنامج يعالج القضايا الأساسية في البلاد»، فيما قال وزير شؤون مجلس الوزراء، خالد عمر يوسف، إن مجلس الوزراء الجديد «يعبر عن التنوع الفريد في تاريخ البلاد، ونأمل في استكمال عملية السلام ليكون أكثر تمثيلاً لكل القواعد الاجتماعية والسياسية في البلاد».
وأضاف عمر يوسف، في أول مؤتمر صحافي للوزارة الجديدة، أن الحكومة الجديدة «توافقت على رؤية للبرنامج الانتقالي، يضع في أولوياته الإصلاح الاقتصادي، ومعالجة الضائقة المعيشية». مشيراً إلى أن الحكومة السابقة بدأت خطوات في اتجاه معالجة أزمات الاقتصاد الهيكلية، لم تثمر بعد، وأن التشكيل الحكومي الجديد سيضع هذه القضية في سلم أولوياته، كما سيعمل على الإصلاح الأمني والعسكري، وتوفير الأمان لكل المواطنين بالبلاد، وتحقيق العدالة الانتقالية الشاملة لإنصاف الضحايا ومحاسبة المجرمين، وتهيئة الأوضاع لإجراء انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية.
وأدى وزراء الحكومة السودانية الجدد في القصر الجمهوري بالخرطوم، أمس، اليمين الدستورية أمام رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، بحضور رئيسة القضاء مولانا نعمات عبد الله. وينتظر أن يؤدي ثلاثة من قادة الحركات المسلحة اليمين الدستورية أعضاء في مجلس السيادة الانتقالي.
في سياق ذلك، رحب رئيس البرلمان العربي، عادل بن عبد الرحمن العسومي، بتشكيل الحكومة السودانية الجديدة، التي اعتمدها مجلس السيادة الانتقالي. وأشاد رئيس البرلمان العربي، في بيان له، أمس، بهذه الخطوة، واعتبر أنها «تسهم في استكمال استحقاقات المرحلة الانتقالية، ومسيرة السلام في السودان».
ودعا العسومي الدول العربية ودول العالم إلى «الانفتاح الكامل في علاقاتها مع جمهورية السودان، وتعزيز هذه العلاقات على المستويات كافة، بما يصب في صالح تعزيز الأمن والاستقرار على أراضيه»، مجدداً التأكيد على الموقف الثابت للبرلمان العربي بشأن «الدعم التام والمتواصل لكل ما يسهم في تعزيز أمن السودان واستقراره، وبما يحقق تطلعات وآمال الشعب السوداني، نحو السلام والتنمية والازدهار».
وكان رئيس الوزراء السوداني قد تلقى، مساء أول من أمس، اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أعرب فيه عن التزام بلاده الراسخ بدعم الحكومة الانتقالية ذات القيادة المدنية في السودان.
كما أكد بلينكن، في أول مكالمة هاتفية له مع رئيس الوزراء السوداني، «التزام الولايات المتحدة الصارم» بدعم التحول الديمقراطي بالبلاد، والوفاء بكامل استحقاقاته، مُبيناً استمرار دعم حكومة الرئيس جو بايدن للسودان خلال الفترة الانتقالية لأجل تحقيق السلام الشامل بالبلاد، خصوصاً الدعم في المجال الاقتصادي، وتعزيز التعاون غير المشروط في جميع المجالات، حسبما أفادت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا).
من جانبه، أشار حمدوك، خلال الاتصال، إلى تطلع الحكومة السودانية للعمل المشترك مع الولايات المتحدة في مختلف القضايا، ومواجهة التحديات المشتركة بما يخدم مصالح البلدين، ويؤدي لترسيخ قيم السلام والاستقرار والتعايش بالبلاد والمنطقة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.