بعد 7 سنوات... ناج إيزيدي يدفن رفات والده ضحية «داعش»

تيكران كاميران يوسف يقف على قبر والده في كوجو شمال العراق (رويترز)
تيكران كاميران يوسف يقف على قبر والده في كوجو شمال العراق (رويترز)
TT

بعد 7 سنوات... ناج إيزيدي يدفن رفات والده ضحية «داعش»

تيكران كاميران يوسف يقف على قبر والده في كوجو شمال العراق (رويترز)
تيكران كاميران يوسف يقف على قبر والده في كوجو شمال العراق (رويترز)

كان تيكران كاميران يوسف يبلغ من العمر 15 عاماً عندما حاصر مقاتلو تنظيم «داعش» قريته في شمال العراق، واعتقلوا السكان، وقتلوا عدة مئات منهم، بما في ذلك والده وشقيقه وجده وعمته. وبعد قرابة سبع سنوات، عاد يوسف إلى قرية كوجو في قضاء سنجار ليعيد دفن رفات والده و103 من الإيزيديين الآخرين الذين ألقى «داعش» جثثهم في مقابر جماعية، وتم تحديد هوياتهم الآن من خلال عينات الحمض النووي.
لكن ذكريات المجزرة التي وقعت في أغسطس (آب) 2014 ما زالت تطارد يوسف الذي يبلغ الآن 22 عاماً ويعيش في ألمانيا. يقول يوسف لـ«رويترز»، «كانت أشد اللحظات ألماً حينما فصلوني عن والدي. كانت تلك آخر مرة رأيته فيها». ولم يتم التعرف بعد على باقي القتلى من أقارب يوسف. ويقول: «أن نتمكن من دفنهم بعد سبع سنوات في المكان الذي قُتلوا فيه... يعني لنا الكثير».
وقتل «داعش» أكثر من ثلاثة آلاف وسبى سبعة آلاف امرأة وفتاة منهم، وشرد معظم أفراد هذه الأقلية التي يبلغ عددها 550 ألفاً من موطن أسلافهم في شمال العراق. واكتشف فريق الأمم المتحدة المعني بالتحقيق في جرائم التنظيم المتشدد في العراق ما يربو على 80 مقبرة جماعية في سنجار، واستخرج الجثث المدفونة في 19 منها منذ مارس (آذار) 2019. وتعرف حتى الآن على هوية 104 جثث من خلال فحص عينات الحمض النووي.
وقال كريم خان رئيس الفريق، «يمكنك أن تتبين (حجم) المنطقة التي سيطر عليها (داعش) تقريباً بعدد المقابر الجماعية في المنطقة».
وخلال السنة ونصف السنة التي قضاها في قبضة «داعش»، تم نقل يوسف عدة مرات، واستخدم كدرع بشري في الموصل. يحكي يوسف: «علمونا أن قتل اليزيديين حلال... عملوا على تشكيل أفكارنا».
ومع اشتداد قصف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة للأراضي التي هيمن عليها المتشددون بشمال العراق، خشي يوسف أن يُقتل أو يُجبر على القتال في صفوف التنظيم. وفي أوائل عام 2016، فر إلى كردستان العراق مع أمه وشقيقته. وذكر يوسف: «في البداية كان الأمر صعباً جداً... نفسياً، كنت مشوشاً. كنت أقول لنفسي يجب ألا أنسى ما علمني إياه تنظيم (داعش)».
ومنذ عام، لجأ يوسف وأمه وشقيقته إلى ألمانيا بمساعدة «إير بريدج إيراك»، وهي منظمة غير ربحية تهتم بعلاج وإعادة تأهيل الإيزيديين الناجين من أسر «داعش» خارج العراق.
وحضر الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في الرابع من فبراير (شباط)، جنازة رسمية أقيمت في بغداد لمائة وأربعة من الضحايا الإيزيديين الذين تم تحديد هوياتهم، قبل دفنهم في كوجو التي لا تزال مهجورة يخيم عليها الدمار والخراب. وينتظر قانون الناجيات الإيزيديات من أسر تنظيم «داعش» موافقة البرلمان العراقي، لكنه يستثني الرجال والفتية مثل يوسف الذين سقطوا أيضاً في قبضة التنظيم.
ويطالب الإيزيديون بالمزيد، بما في ذلك الاعتراف القانوني بمعاناتهم على أنها إبادة جماعية. وقال خان «لا يوجد هيكل قانوني معمول به في العراق يتيح للقضاة البت بأن أفعال (داعش) تشكل عملاً من أعمال الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب»، مضيفاً أن تفويض فريق الأمم المتحدة المعني بالتحقيق في جرائم التنظيم بالعراق هو تقديم أدلة لإحالة الجناة للمحاكمة في نهاية المطاف.
وعاد نحو 30 في المائة من سكان قضاء سنجار منذ رحيل التنظيم، لكن المنطقة لا تزال تعاني من عدم الاستقرار السياسي ونقص الخدمات الأساسية.
وعند قبر والده في كوجو، وقف يوسف محاطاً بإيزيديين آخرين مكلومين معظمهم من الأرامل، وقال إن الطائفة لا تريد سوى العدالة. وأردف: «نريد أن يرى العالم أن هناك أقلية في العراق تعاني... نريد من العالم أن ينظر إلينا كبشر لهم حقوق مثل سواهم من البشر».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.