السودان: مظاهرات في مدن عدة احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية

TT

السودان: مظاهرات في مدن عدة احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية

اندلعت مظاهرات في مدن سودانية عدة، أمس، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية، صاحبتها أعمال تخريب، وحرائق طالت بعض المقار الحكومية وممتلكات المواطنين، وعمليات نهب وسلب للمحال التجارية؛ وهو ما دفع حكومات الولايات إلى فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال، وتعليق الدراسة إلى حين استباب الوضع الأمني.
وتصاعدت الاحتجاجات والاضطرابات الأمنية مع إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة، التي ينتظر أن تؤدي اليمين الدستورية اليوم (الأربعاء) أمام رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، وبحضور رئيسة القضاء، نعمات عبد الله.
وفي أول تعليق له، تعهد وزير المالية السوداني المعين حديثاً، رئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، بالقضاء على صفوف الوقود والخبز، وتوفير الدواء بأسعار ميسرة.
كما شهدت مدينة نيالا بجنوب دارفور، أمس، مظاهرات عنيفة بسبب ارتفاع أسعار الخبز وانعدامه في المخابز، وانتقلت الاحتجاجات إلى داخل الأحياء والسوق المركزية بالمدينة.
وأصدرت لجنة أمن الولاية أوامر بفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال بالمدينة، وتعليق الدراسة في مرحلتي الأساسي والثانوي، على خلفية المظاهرات وأعمال الشغب التي شهدتها المدينة. في حين أكد حاكم الولاية، موسى مهدي، في تصريح لوكالة السودان للأنباء، أن قوات الشرطة تمكنت من تفريق المظاهرات وأعمال شغب في نيالا، بعد أن قام محتجون بمحاولة الاعتداء على المحال التجارية بسوق نيالا. مبرزاً أن قوات الأمن ضبطت أسلحة وذخائر بحوزة متظاهرين تم توقيفهم، وسجلت خسائر قليلة في الممتلكات، لكن من دون وجود خسائر في الأرواح.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الأمن استخدمت الغاز المسيل للدموع، والرصاص الحي لتفريق الحشود الكبيرة، التي خرجت إلى شوارع نيالا احتجاجاً على انعدام الخبز وغلاء أسعاره. موضحين، أن بعض المجموعات تسللت وسط الحشود السلمية بهدف القيام بأعمال نهب، وسلب المتاجر والمخازن الخاصة بالسوق العامة،. إلا أن قوات الشرطة اعترضت طريقهم، وحالت دون وقوع أعمال تخريب للممتلكات العامة والخاصة. وذكرت مصادر محلية، أن المدينة تشهد انتشاراً مكثفاً لقوات الشرطة وبعض وحدات الجيش، وقوات الدعم السريع؛ تحسباً لتجدد المظاهرات المستمرة لقرابة الأسبوع.
في سياق ذلك، أعلنت حكومة ولاية شمال دارفور فرض حالة حظر التجوال في العاصمة (الفاشر)، من الساعة السادسة مساءً وحتى صبيحة اليوم التالي، وإغلاق المدارس لثلاثة أيام، كما اتخذت إجراءات مشددة لتأمين المواقع الاستراتيجية والمؤسسات الحكومية، والأسواق وتفعيل قانون الطوارئ.
وقالت حكومة الولاية في بيان، أمس، إن المظاهرات السلمية التي اندلعت في الفاشر عرفت تواجد عدد من المخربين، وأصحاب الأجندات السياسية، لتتحول إلى أعمال شغب وعنف وتخريب؛ الأمر الذي أدى إلى إتلاف وحرق الممتلكات العامة والخاصة، وفشل محاولات الأجهزة الأمنية في تفريق الجموع الحاشدة.
كما أوضح البيان، أن المخربين أحرقوا ونهبوا عدداً من مكاتب الأجهزة الحكومية والمقار التجارية في السوق الكبيرة، وعدداً من سيارات الشرطة.
وفي مدينة بورتسودان، الواقعة شرق البلاد، خرج المئات من طلاب المدارس في مظاهرات بسبب الأزمة المستفحلة لدقيق الخبز، والناجمة عن إضراب أصحاب المخابز عن العمل بسبب تعرفة أسعار الخبز المدعوم من الدولة.
وقالت وكالة أنباء السودان الرسمية، إن الاحتجاجات أدت إلى تعطيل الدراسة، وإغلاق معظم المحال التجارية تحسباً للمظاهرات. مشيرة إلى أن بعض المتظاهرين رشقوا مقر الحكومة بالحجارة، وأشعلوا النار في إطارات السيارات بعدد من الشوارع الرئيسية.
وتعهد حاكم ولاية البحر الأحمر، عبد الله شنقراي، الذي خاطب المتظاهرين، بمعالجة الخلل الداخلي الذي صاحب قضية الخبز، وحل مشكلة أصحاب المخابز لاستمرار عمل المخابز.
كما شهدت مدينتا الأبيض بولاية شمال كردفان، والقضارف شرقي البلاد، خلال الأيام الماضية احتجاجات وأحداث عنف وفوضى، تشير أصابع الاتهام إلى تورط أعوان النظام المعزول في استغلال المظاهرات السلمية للقيام بأعمال تخريب لإسقاط الحكومة الانتقالية.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.