«فيكتوريا آند ألبرت» يفتح خزانة مقتنياته للجمهور

أجبرت الجائحة كافة المنشآت الفنية في العالم على إغلاق أبوابها أمام زوارها، وهو أحد الجوانب السلبية للفيروس، ولكن لكل أزمة هناك جانب آخر يمكن وصفة بالضوء الكامن خلف السحب الداكنة، وهو بلا شك توجه تلك المؤسسات لتكثيف نشاطها الإلكتروني وتدعيم مواقعها على الإنترنت بشكل كبير جداً. ومع تعذر النشاط الفعلي على أرض الواقع تحول النشاط للفضاء الإلكتروني، المعارض أصبحت متاحة بنقرة فأرة الكومبيوتر والمتاحف فتحت أبوابها افتراضياً عبر جولات بالفيديو لمعارضها وقاعاتها. قد لا يكون ذلك الوضع الأمثل، لكنه حل مطلوب في هذه الأوقات. يجب القول إن التوجه للفضاء الإلكتروني ليس جديداً على المتاحف، ولكن الواقع الذي فرضته حالات الإغلاق أجبر المتاحف على الإسراع في عمليات تجديد المواقع وتدعيمها.
بالأمس أعلن متحف «فيكتوريا آند ألبرت» في لندن عن توفير 1.2 مليون قطعة من مقتنيات المتحف الشهير على الموقع تحت منصة «استكشف المجموعة» (Explore the Collections)، وهي مبادرة كان المتحف يعمل عليها منذ فترة بهدف تدشين مركز للبحوث في شرق لندن، إضافة إلى فرع جديد للمتحف هناك. الموقع يجمع بين المعلومات والقصص والصور التي تقدم للمتصفح محتويات المتحف، عبر موقع مصمم بشكل جديد يسمح للمتصفح بالبحث عن مواضيع وقطع خاصة، أو يقدم مقترحات مختلفة تعتمد على اهتمامات كل شخص.
القسم الجديد يتوجه للباحث والمصمم والمتصفح المحب للفنون عبر المعلومة والقصة وأيضاً المقالات والمدونات ومقاطع الفيديو، وهو ما يمنح كل قطعة حياة خاصة بها، ويدعم تجربة الزائر الافتراضي للمتحف.
الانطباع الأول لتصفح قسم «استكشف المجموعة» على الموقع الإلكتروني للمتحف جيد جداً، فالعرض غني جداً ومنظم بشكل كبير، وتتفرع المنصة الجديدة لعدة أقسام مثل: «أماكن»، «فضاءات»، «شخصيات»، «فترات زمنية» وغيرها. في كل فئة أمامنا الكثير من الفئات الفرعية وكل منها يدخلنا إلى عالم من الإبداع مدعم بالصور والقصص والمعلومات. على سبيل المثال، في قسم الفن الإسلامي نرى قطعاً من مجموعة المتحف، وأغلبها موجود في قاعة «جميل للفن الإسلامي» بمقر المتحف. نستعرض هنا بعض إبداعات الصانع الإسلامي مثل إبريق من الكريستال الصخري من أشهر ما صنعه الحرفي في القاهرة المملوكية أو علبة دائرية من العاج من مدينة الزهراء بالأندلس أو سجادة «أردبيل» من إيران من القرن الـ16 وغيرها. كل قطعة لها صفحة خاصة تستعرض بالصور والتفاصيل كل جوانب القطعة مدعمة بالمعلومات التاريخية والتعليقات الفنية.
الأقسام الأخرى تتناول فئات أخرى مثل شخصيات فنانين ومصممين، هناك تصنيفات تدخلنا لتصاميم الأزياء عبر الأزمنة المختلفة، فالمتحف معروف بتخصصه في مجال الأزياء، ويثبت ذلك بامتلاكه مجموعات ضخمة من الملابس والأحذية والحقائب وغيرها. عبر فئة «ملابس الزفاف» نرى نماذج من فساتين زفاف في القرن التاسع عشر بتصاميم ثرية ومحافظة ومن القرن العشرين أيضاً تصاميم لنورمان هارتنيل الذي صمم فستان زفاف الملكة إليزابيث، أو تصميم باذخ لرداء زفاف هندي وكيمونو زفاف ياباني. في قسم الأحذية استعراض لتصاميم من 3000 عام حتى الآن ومن مختلف أنحاء العالم، من أحذية عثر عليها على طريق الحرير في القرن الأول قبل الميلاد إلى أحذية ارتدتها النساء في البندقية في القرن الـ16 وصولاً لمبتكرات ألكساندر ماكوين وتصميم متميز للمعمارية الراحلة زها حديد.
من الأقسام المستحدثة قسم «التجاوب السريع» (رابيد ريسبونس)، الذي يجاري أحداث الحياة المعاصرة ويعتمد على جمع القطع المرتبطة بالأحداث الحالية، مثلاً قبعة صوفية من مظاهرات ضد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، أو لباس سباحة «بوركيني» أو جهاز لتحليل الحمض النووي الذي يبتاعه الشخص لمعرفة تاريخ سلالة العائلة وغيرها من القطع التي تعكس حالة معينة. ولا شك أن هناك الكثير من القطع التي ستنضم إلى هذا القسم لتعبر عن متغيرات الحياة تحت ظل «كورونا»، وهو ما بدأت المتاحف في العالم بالعمل عليه عبر الطلب من الجمهور بالتبرع وإرسال القطع التي تعكس تأثير الجائحة مثل الرسومات والأقنعة وغيرها.
تقول كاتي برايس رئيس قسم الإعلام والديجيتال والنشر بالمتحف عن إعداد الأرشيف الرقمي، «في العامين الأخيرين قمنا بإعادة تخيل للطريقة التي نريد بها تقديم المعلومات عن القطع المتفردة في مجموعتنا. فمن حقائب اليد إلى رسومات رافييل فنان عصر النهضة إلى المجوهرات وصولاً إلى الكيمونو الياباني، أردنا الاحتفال وتقديم القصص والروايات حول الثقافة المادية. متحف (فيكتورريا آند ألبرت) يحوي فوق الـ2.3 مليون قطعة، ولكننا لا نستطيع عرضها كلها في مبنى المتحف، وبالتالي هذا المشروع هو حول توفير أكبر قدر ممكن لأكبر عدد ممكن من الناس».