صحوة تشيلسي تحت قيادة توخيل... صدفة أم بداية عهد جديد؟

لامبارد لم يمتلك خبرة سابقة تشير إلى قدرته على استعادة توازن الفريق وتصحيح مساره

فرحة الانتصارات تعود مجدداً إلى تشيلسي (إ.ب.أ)
فرحة الانتصارات تعود مجدداً إلى تشيلسي (إ.ب.أ)
TT

صحوة تشيلسي تحت قيادة توخيل... صدفة أم بداية عهد جديد؟

فرحة الانتصارات تعود مجدداً إلى تشيلسي (إ.ب.أ)
فرحة الانتصارات تعود مجدداً إلى تشيلسي (إ.ب.أ)

هناك بعض الأندية في عالم كرة القدم لا تهتم فقط بجودة اللاعبين وما إذا كانوا قادرين على وضع الكرة في الشباك أكثر من منافسيهم أم لا، فهذه النوعية من الأندية، خاصة الأندية الكبرى التي تفكر فيما هو أكثر من مجرد البقاء في المسابقة التي تلعب فيها، تبحث عما هو أكثر من ذلك بكثير، وتضع أولوية كبرى للطريقة التي تلعب بها، وليس فقط للنتائج التي تحققها.
وهذا هو السبب في أن بعض مشجعي مانشستر يونايتد، على سبيل المثال، يشعرون بالقلق الشديد عندما تتم الإشارة إلى أن ناديهم لم يعد يلعب بفلسفة معينة أو لم تعد له هوية واضحة داخل الملعب، على عكس ما كان عليه الأمر في الماضي. وهذا هو السبب أيضاً الذي جعل مشجعي نيوكاسل يونايتد يشعرون بقدر أقل من الإحباط عندما كان النادي يلعب تحت قيادة المدير الفني الإسباني رافائيل بينتيز، بالمقارنة بما عليه الوضع الآن تحت قيادة ستيف بروس، حتى لو كانت النتائج متكافئة تقريباً، حتى وقت قريب، حيث كان هذا الجمهور يشعر على الأقل في ذلك الوقت بأن هناك خطة أكبر للعمل وهوية واضحة للفريق.
وهذا هو السبب أيضاً الذي يجعل عشاق ليدز يونايتد يشعرون بالسعادة الغامرة بسبب الأداء الذي يقدمه الفريق تحت قيادة المدير الفني الأرجنتيني مارسيلو بيلسا. إن كل نادٍ من هذه الأندية يبحث عن هوية خاصة به، أو «بصمة وراثية» تميزه عن الآخرين، إن جاز التعبير، ويريد كل جمهور أن يشعر بأن ناديه متفرد ومتميز عن الآخرين، وأن النجاحات التي حققها بهذه الطريقة هي أشياء استثنائية لا يمكن للآخرين تحقيقها بنفس الشكل.
لقد كانت هناك فترة كان فيها كل لقب للدوري الإنجليزي الممتاز مميزاً وله مذاق خاص. وخلال الـ30 عاماً التالية للحرب العالمية الثانية، حصل 13 فريقاً مختلفاً على لقب الدوري الإنجليزي، ولم يتم الاحتفاظ باللقب سوى في ثلاث مناسبات فقط، ولم يفز به أي فريق أكثر من خمس مرات. لكن الآن، وفي ظل تركيز القوة والأموال بين مجموعة صغيرة من الأندية، لم يعد الفوز بلقب الدوري كافياً. ربما يكون الوضع في إنجلترا أفضل حالاً مما هو عليه في بلدان أخرى لا تشهد الكثير من المنافسة بين الأندية، مثل فرنسا أو إيطاليا أو ألمانيا، لكن لا أحد يريد أن يعتقد أن الدوري الإنجليزي الممتاز ناجح لمجرد أنه الأغنى والأكثر ثراء! وبالتالي، أصبحت هناك أهمية قصوى لضرورة تحقيق الفوز بالشكل الذي يعكس هوية النادي والفلسفة التي يعتمد عليها على المدى الطويل.
أو على الأقل هذه هي الطريقة التي ينظر بها قطاع معين من الجماهير إلى الأمور. وهذا هو السبب الذي أدى إلى وجود انقسام واضح بين جمهور تشيلسي في أعقاب قرار إقالة المدير الفني الإنجليزي الشاب فرانك لامبارد. وبالطبع، كانت الأجيال الأكبر سناً أكثر تعاطفاً مع لامبارد وأكثر رغبة في استمراره في قيادة الفريق. ومن المؤكد أن أولئك الذين يحرصون على تحديد هويتهم على أنهم «مشجعون يذهبون لحضور المباريات في الملعب» كانوا مجمعين على أن لامبارد لم يحصل على الوقت الكافي وأنه أقيل من منصبه قبل الأوان.
ومن الواضح أن هذا التوتر أصبح سمة من سمات العولمة، حيث ينقسم جمهور تشيلسي، على سبيل المثال، إلى قسمين؛ الأول هو المجتمع المحلي في المدينة والجمهور الذي يشاهد مباريات الفريق في الملعب، والثاني هو الجمهور الدولي الذي يتابع مباريات الفريق عبر القنوات الفضائية. ويرى القسم الأول أن هناك ما يمكن وصفه بـ«الخيط المقدس لتشيلسي»، والذي يمتد من ميسون ماونت إلى ديدييه دروغبا إلى جيانفرانكو زولا إلى كيري ديكسون إلى بيتر أوسغود وما قبل ذلك (ويبدو هذا صحيحاً بالنسبة لجميع أندية النخبة، وليس تشيلسي فقط).
وهذا هو السبب الذي يجعل فرانك لامبارد يحظى بأهمية وشعبية كبيرة لدى جمهور تشيلسي. إنه أحد أعظم لاعبي تشيلسي عبر التاريخ، كما أن الفريق الذي كان يشرف على قيادته يضم أربعة لاعبين من أكاديمية الناشئين بالنادي - تامي أبراهام، وكالوم هدسون أودوي، وريس جيمس، وميسون ماونت – بالإضافة لوجود فيكايو توموري، وبيلي غيلمور على الأطراف. وبالتالي، لا يمكن إنكار أن «هوية تشيلسي» كانت موجودة وواضحة تحت قيادة لامبارد. ولو نجح لامبارد في هذه التجربة، كان جمهور النادي سيفخر بأن هذا النجاح جاء بـ«صناعة محلية» وبمدير فني من أبناء النادي وليس مديراً فنياً من الخارج، وبالتالي كان ذلك سيصبح أكثر أهمية مثلاً من الفوز بلقب الدوري الأوروبي تحت قيادة مدير فني مثل رفائيل بينتيز أو ماوريسيو ساري.
لكن يجب أن نعرف أن الحلم لا يمكن تحقيقه لمجرد أنه جذاب وممتع. ربما كان يمكن للامبارد، بمرور الوقت، أن يجد حلولاً للمشاكل التي كان يعاني منها تشيلسي في الهجمات المرتدة السريعة والضربات الثابتة، ويضع خطة مناسبة تساعد الفريق على تقديم أداء قوي في الناحية الهجومية، ويمنح مزيداً من الثقة للاعبين الذين يقدمون مستويات سيئة حتى يستعيدوا مستواهم المعروف، ويجد طريقة للرد على الهزائم بشكل لا يتضمن إلقاء اللوم على لاعبيه، وإثارة غضبهم في نهاية المطاف.
أو ربما لم يكن بإمكان لامبارد أن يحقق النجاح حتى لو حصل على مزيد من الوقت. وتتمثل المشكلة بهذا الصدد في أن تعيين مدير فني مبتدئ تتلخص كل خبراته التدريبية في عام واحد فقط يشير إلى أنه لا يوجد دليل أو تجربة سابقة على قدرته على استعادة توازنه وتصحيح المسار بعد فترة من الوقت. (رغم أن لامبارد يأتي في المرتبة الرابعة بين المديرين الفنيين الذين استمروا لأطول فترة في قيادة تشيلسي في عهد مالك النادي رومان أبراموفيتش).
لكن حلم نجاح تشيلسي تحت قيادة لامبارد كان مغرياً، وهذه هي المشكلة التي قد تواجه المدير الفني الألماني توماس توخيل في قيادة البلوز. لا يوجد شك في أن توخيل يعد أحد أبرز المديرين الفنيين في عالم كرة القدم في الوقت الحالي، لكنه ليس فرانك لامبارد، لأنه ليس من أبناء تشيلسي.
وبالفعل، انتقد هاري ريدناب – عم لامبارد – قرار تشيلسي بإقالة المدير الفني الشاب وتعيين «الألماني» بدلاً منه. من المؤكد أن كل هذه الانتقادات ستختفي لو نجح توخيل في قيادة تشيلسي في إنهاء الموسم ضمن المراكز الأربعة الأولى والتأهل لدوري أبطال أوروبا، أو إذا نجح في قيادة الفريق للفوز بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي أو دوري أبطال أوروبا هذا الموسم. ومن الصعب أن نحكم على مشاعر جمهور تشيلسي المتعاطف مع لامبارد بعد الانتصار، الذي تحقق خارج ملعبه على شيفيلد يونايتد، وهو الثالث في أربع مباريات في مسابقة الدوري منذ تولي توخيل المسؤولية خلفاً للامبارد، لكن من الواضح أن توخيل «عندما بدأ مهمته، كان يعمل في بيئة معادية له... وعليه أن يبرهن الآن أن هذه البيئة المعادية كانت على خطأ وأن النتائج التي حققها حتى الآن ليست صدفة».


مقالات ذات صلة

إيمري: فورست منافس حقيقي في السباق على المراكز الأولى

رياضة عالمية أوناي إيمري (إ.ب.أ)

إيمري: فورست منافس حقيقي في السباق على المراكز الأولى

قليلون هم الذين كانوا يتوقعون منافسة نوتنغهام فورست على المراكز الأربعة الأولى، في بداية موسم الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غاري أونيل (رويترز)

مدرب ولفرهامبتون: فرص خسارة وظيفتي تزيد مع كل «نتيجة سيئة»

قال غاري أونيل مدرب ولفرهامبتون واندرارز إنه غير مكترث بالتكهنات بشأن مستقبله بعد هزيمة فريقه الرابعة على التوالي في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية خرج سيتي بالفعل من كأس الاتحاد الإنجليزي ويحتل المركز 22 في جدول دوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوارديولا: لن أرحل في هذه الظروف... لست نادماً على تمديد عقدي

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه لا يشعر بأي ندم بعد تمديد عقده لمدة عامين رغم معاناة الفريق الحالية.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية إيساك لاعب نيوكاسل يحتفل بهدفه في ليستر سيتي (رويترز)

هدف جوتا ينقذ ليفربول من فخ فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

أحرز ديوغو جوتا لاعب ليفربول هدف التعادل في اللحظات الأخيرة لينقذ فريقه، الذي أنهى المباراة بعشرة لاعبين، بالتعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أموريم سيخوض أول ديربي مع اليونايتد في الدوري الإنجليزي (رويترز)

ديربي «مانشستر» اختبار حقيقي لأموريم مع الشياطين الحمر

يرغب البرتغالي روبن أموريم، المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد الإنجليزي لكرة القدم، في أن يرى تحسناً وروحاً قتالية، من فريقه المتطور، الذي سيواجه مانشستر سيتي

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».