قوانين للدفاع عن خصوصية البيانات

منح المستخدمين حقوقهم لوقف مشاركة معلوماتهم الشخصية

قوانين للدفاع عن خصوصية البيانات
TT

قوانين للدفاع عن خصوصية البيانات

قوانين للدفاع عن خصوصية البيانات

يحتاج الناس اليوم إلى السيطرة على كيفية استخدام بياناتهم. وبفضل ولاية كاليفورنيا، أصبحوا اليوم أمام مسارٍ واعدٍ في هذا الاتجاه.
توصلت الحكومة الأميركية، الشهر الماضي، إلى تسوية مع تطبيق إلكتروني تستخدمه النساء لمتابعة دوراتهن الشهرية، بسبب ادعاءات تقول إنه شارك المعلومات الصحية الخاصة بمستخدماته مع شركتي «غوغل» و«فيسبوك». ووقع تطبيق آخر متخصص في مشاركة الصور تسوية ثانية، بعد ادعاءات مفادُها أنه استخدم صور الناس لتطوير نظام تعرف على الوجه.

حماية الخصوصية

لم يواجه صانعو هذه التطبيقات المتاعب لأنهم قاموا بهذه الأفعال المريبة، بل لأنهم لم يفصحوا عن أنشطتهم. وفي الولايات المتحدة، لا توجد ضوابط قانونية لما يمكن للشركات أن تفعله بمعلومات الناس الشخصية، ما دام أنها لا تعمد إلى تضليل زبائنها.
ولكن هذا الأمر ليس مريحاً، أليس كذلك؟ لذلك، عمدت ولاية كاليفورنيا أخيراً إلى تبني قانون خصوصية جديد بدأ، رغم غرابته وعيوبه، بفرض وسائل مؤثرة تعزز قوة الأميركيين في السيطرة على أشكال استخدام بياناتهم.
وكانت هيئة التجارة الفيدرالية قد كشفت أن التطبيق النسائي «فلو هيلث» (Flo Health) نكث بوعده لمستخدميه بالحفاظ على خصوصيتهم، عندما شارك بيانات حساسة، مثل حالات نساء حوامل، مع شركات أخرى.
وتنص بنود التسوية التي وقعها التطبيق مع الحكومة على أنه بات اليوم مجبراً على الحصول على موافقة مستخدماته قبل مشاركة معلوماتهن الصحية (وكان التطبيق قد نفى ارتكاب أي خطأ، وقالت الشركة المطورة له إنها لا تشارك بيانات المستخدمات الصحية دون إذن). ويجب أن يكون للناس حق اختيار الشركات التي يأتمنونها على بياناتهم الشخصية، ما دام أنها واضحة بشأن نشاطاتها. ولكن هذه الشركات تعمل غالباً على مبدأ «كل شيء أو لا شيء» لإرباك المستخدمين: إما توافقون على «مستند خصوصية» غير واضح صادر عن الشركة، أو لا يمكنكم استخدام تطبيقنا أو موقعنا.
قد يبدو الأمر غريباً أن يصبح تطبيق «فلو» قادراً على نشر معلومات خاصة عن النساء بعد اعتماده لسياسة خصوصية جديدة، ولكن الأمور غالباً ما تسير بهذه الطريقة في الولايات المتحدة. لذلك، تستطيع الشركات أن تقوم بما يحلو لها فيما يتعلق ببيانات مستخدميها ما دام أنها ذكرت نشاطاتها في سياسة الخصوصية.

حقوق المستخدمين

ولكن قانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا الذي دخل حيز التنفيذ قبل عامٍ، بدأ يرسم مساراً بديلاً واعداً في هذا المجال. فقد أصبح يحق لسكان الولاية، وجميع الأميركيين في بعض الحالات، بموجب هذا القانون، أن يطلبوا من الشركات الكبرى إطلاع الناس على البيانات التي تجمعها عنهم، والجهات التي تشاركها معها. كما أصبح يحق لهم أن يفرضوا على الشركات أن تحذف البيانات، وأن تحجم عن بيعها (ولكن حتى الساعة، لا يوجد إجماع حول التعريف القانوني لكلمة «بيع»).
هذا القانون ليس مثالياً، وهو ينطوي على بعض التعقيد، لأنه يجبر الناس على الذهاب إلى كل شركة يشكون في أنها تحتفظ ببياناتهم لحذفها أو تقييد أشكال استخدامها لها.
ولكن قانون كاليفورنيا طرح أيضاً إمكانية وجود «الوكلاء القانونيين» الذي يمكنهم أن يمارسوا حقوق حماية البيانات بالنيابة عن المستخدمين. وبهذه الطريقة، يصبح بإمكان المستهلكين اختيار مساعد قانوني متخصص بالخصوصية يعمل بالنيابة عنهم، بدل تعبئة 100 استمارة للطلب من 100 شركة لكي تحذف بياناتهم.
ولكن الفكرة الغريبة في هذا الطرح هي أن مساعد الخصوصية يمكن أن يكون متصفحاً إلكترونياً يملأ فيه المستخدمون مربعاً لمرة واحدة، ليحصل كل موقع يزورونه على ملاحظة آلية تمنعه من نشر أو بيع المعلومات الشخصية التي يجمعها.

* خدمة «نيويورك تايمز»



شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».